Skip to main content

Full text of "رسالة في الطبيعة الإنسانية 2 # ديفيد ♦هيوم"

See other formats




تأليف: ديفيد هيو 
E E EE‏ 
ترجمة وتقديم: وائل 
علي سعيد 


رسالة ے الطبيعة الإنسانية 


رسالة 
4 الطبيعة الإنسانية 
الجرء الثاني 


في الاهواء 


تأليف : ديفيد هيوم 
ترجمة وتقديم: وائل علي سعيد 


منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب 
وزارة الثقافة - دمشق ۲٠٠۸‏ 


العنوان الأصلي للكتاب: 


A TREATISE 
OF HUMAN NATURE 
BEING AN ATTEMPT TO INTRODUCE THE EXPERIMENTAL METHOD OF 
REASONING INTO MORAL SUBJECTS 
BOOK TOW OF THE PASSIONS 
DAVID HUME 


EDITED WITH AN INTRODUCTION BY 
PALL S. ARDAL 


PROFESSOR OF PHILOSOPHY, QUEEN'S UNIVERSITY, 
AT KINGSTON, ONTARIO 


FONTANA\COLLINS 


رسالة في الطبيعة : في الأهراء = A treatise of human nature‏ / 
تأليف ديفيد هيوم؛ ترحمة وتقدم وائل علي سعيد .- دمشق: الميفة 
العامة السورية للکتاب» ۲۰۰۸ .- ج۲ (14؟ا ص) ؛ 4؟ سم. 


۱۹۲-١‏ هي و ر ۱٤-۴‏ هايو ر 


- العنوان 4- هيوم ۰ سعيد 
مكتبة الأسد 


الشكر والتقدير 


نتوجه بالشكر الجزيل إلى الأستاذ الدكتور موسى وهبة على رعايته 
الكريمة لهذا العمل؛ والأستاذ الدكتور طيب تيزيني على ملاحظاته القيمةء 
وأخواتي رنا وراميا ووسام ووئام ورزان: وكافة الأصدقاء الذين ساندوني 
لإنجازه ونخص منهم بالذكر محمد مطر ومحمد الخضر وعارف إبراهيم 
وهلا علي. 


ela all 


لها وحدها 
أماً ووطناً 


المقدمة: 

ولا ٠‏ جدوى البحث 

ثانياً: الظاهرة الإنسانية إقطاعيا. 
خالثاً؛ الظاهرة الانسانيّة برجوازياً 
رابعا: الفلسفة الأمبيرية 

خامسا: نقد المنهج الأمبيري 
سادسا؛ اللاأدرية عند هيوم 
سابها؛ عرض تحليئي تلكتاب 
ثامتا؛ دراسة نقدية للكتاب 


“31055 


المقدبمة 
أولاً؛ جدوى البحث: 


ولد الفيلسوف الإسكتلندي الأصل ديفيد هيوم 4 أدنبرة عام ٠۷١١(‏ م ) 
وتو فيها عام (771١م‏ )؛ وتمكننا حياته 4 هذه الفترة الزمتيّة من أن نلمح 2 
أعماله وبصورة واضحة الأفكار الرئيسة التي تشكل نظرة هذه المرحلة للإنسان 
بشكل خاص وللطبيعة واللّه بشكل عام. 

"نشر مجلدين من كتاب #8 الطبيعة الإنسانيّة الأؤل منها 2 المعرفة 
والثاني 4 الانفعالات.و# السنة التالية نشر المجلد الثالث والأخير 4 الأخلاق... 
ولكنه جاء معقد الأسثلؤب عسي الفهم؛ هلقي إعراضاً عاماً تآثر له هيوم تأثراً 
عميقاً... فخففه ويسره مأخرج كتاب محاولات فلسفية به الفهم الإنساني 
(1748) وضحت آراؤه عن ذي'قبل. ثم عدل عنوانه هكذا فحص عن الفهم 
الإتساني*". لكنني عدت إلى 'كتاب 2 الطبيعة الإنسانية" أو رسالة ب الطبيعة 
الإتسانية: مثلما فضلت أن أترجمه. لتقل الجزء الثاني 2 الأهواء وإخراجه 
باللفة العريية باعتياره الكتاب الأصل والأساسء من جهة ولتعذر فهم آراء هيوم 
4 القيمة ونظريته © الأخلاق بصورة جيدة من الكتاب الثاني مثلما يتم من 
التسخة الأصليّة من جهة أخرى؛ لأن تفسير هيوم النفسي لطبيعة القيمة غير 
موجود فيه فضلاً عن أنّْ بعض المصطلحات الهامة مثل التعاطف والخيرية 
والواجب تم بحثها فيه بصورة أقل ضبطاً منها 4 النسخة الأصليّة. 


)١(‏ كرم؛ يوسف» تاريخ الفلسفة الحديثة. بيروت: دار القلم؛ (د ت )» ص 177. لكنني آثرت 
ترجمة العنوان إلى رسالة 4 الطبيعة الانسانية كما هو مبين أعلاه. (المترجم) 
4~ 


يتبادر إلى الذهن مباشرة التساؤل: ما جدوى هذا العمل: وما الداعي 
إليه؟ تكمن جدواه الراهنة بصورة رئيسة 4# إغتاء المكتبة العربية بأحد النصوص 
الفلسفيّة الأم. وتمكين قارىئ العربيّة من قراءة الفلسفة. وثمّة فائدة تاريخية 2 
الوقوف على البواكير الأولى لملم النفس 2 العصر الحديث من جهة؛ ومن جهة 
أخرى ب بيان تأقّره بروح العصر وشروطه الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة 
على وجه العموم» ومن ثم تأْثَّرهِ بالمنهج الأمبيري على وجه الخصوص. بالإضافة 
إلى الوقوف على إحدى التجليات الأولى للفرديّة الإنسانية البرجوازية. هذه 
الفردية الحسيّة المستلدّة. ووضع هذا العمل © مكانه الصحيح باعتباره حلقة ب 
سلسة حلقات تطور علم النفس الإنسانيء الذي خضع مثله مثل غيره من العلوم 
للتطور التاريخي والتفاعل مع غيزه من الأنساق الفكرية كالفلسفة والبيولوجياء 
من جهة ومع الظروف الاجتماعية والاقتصادية من جهة أخرى. 

يأتي الجزء الثاني مل الأهواء جواباً على التساؤل التالي: كيف تجلّى 
البحث ل الظاهرة الإنسانية 4 العصر الحديث؟ ونلاحظ مباشرة أن هذا 
السؤال.ينقسم إلى عدة أسئلة؛ ما هي النظرة الجديدة للظاهرة الإنسانية عند 
البرجوازيّة 4 طورها الصاعدء وبماذا تختلف عن النظرة الإقطاعيّة للعصر 
الوسيط ب2 أورياة ويماذا تختلف الفلسفة الأمبيرية عن العقلانيّة ك هذا 
الخصوص؟ ويماذا يختلف فيلسوفنا هيوم عن أقرانه 2 الفلسفة الأمبيرية 2 
هذا الخصوص5 ومن الواضح أنْ هذه الأسئلة تغطي مساحة تفوق ما هو 
مخصص لبحثي؛ لذلك لم أتطرق لها جميعاً. 

وهنا لابدّ من التتبيه إلى أنّْ البحث اتجه صوب ربط الأفكار الفلسفية 
بشرطها التاريخي الاجتماعي والاقتصادي والسياسي؛ مما جعله يبدو للوهلة 
الأولى بحتاً 2 السيسيولوجيا أو الأيديولوجيا لكنه ليس كذلك» فالقراءة ب 
الظاهرة الإنسانية من موقع صراع الطبقات يعكس أفكار الطبقة السائدة؛ وهي 
١‏ صورتها عن ذاتها لذاتها. وهي صورة جميلة فاتةء فالإقطاعيون 4 نظر 
أنفسهم فرسانء والبرجوازيون دعاة العقل الإنساني وحملة لوائه. ؟. صورتها عن 
ذاتها تقدّم للطبقات الأخرى لكي تبجل وتُعظَّمء فالإقطاعيون نبلاء وسادة. 
والبرجوازيون رعاة الحريّة الإنسانية. *. صورتها عن الطبقات الأخرى تحط من 


اع سد 


قيمتها وتحضنها على الاستسلام لمصيرهاء؛ ففي الإقطاعية كانوا آهناناً ورعاعاً, 
و4 البرجوازيّة عمالاً طيبين آو سيئين. إذن كان الهدف الكبير تبرير واقع الحال 
المعاش من جهة وتكريسه من جهة أخرى # كلا الشرطين التاريخيين الإقطاعي 
والبرجوازي: مما يعني وجود اتصال وانفصال نسبيين ما بين الفلسفة 
والسيسيولوجيا والأيديولوجياء بالتالي لا يعدو الأمر أن يكون قراءة لتلك الأفكار 
مشخصة؛ وتلك الشخوص مفْكّرة. 

ثانياً: الظاهرة الانسانية إقطاعياً 

هيمن النظام الإقطاعي 2 العصور الوسيطةء كتشكيلة اجتماعية 
واقتصادية وسياسية لعبت فيه الكنيسة دور المنظّر الأيديولوجيء باعتبار أن 
رجالها وحدهم من يتمتع بحق التعلّم؛ من جهة ومن جهة أخرى لكونها تمثل دور 
الوسيط بين الله والإنسان: بحلّها للتناقض الذي بدا بين اعتيار الله مفارقاً 
للعالم من جهة واعتباره علّة مباشرة له من جهة أخرى. بالإضافة إلى مشاركة 
الكنيسة نفسها ك حق التملّك: الأمر الذي جعلها قَرة اقتصاديّة اجتماعية كبيرة 
وجعل منها حامية للنظام الإقطاعي ومنظراً أيديولوجياً له. فقد اتخذت ال ملكيّة 
ك النظام الإقطاعي لاثة أشكال أدت إلى قيام مجتمع تراتبي؛ "لذلك حيتما 
قامت بمهمّة تفسير كلمة الله. قامت 4 حقيقة الأمر بتكريس القيم الإقطاعيّة 
المتمشّة أساساً بالخضوع والاستسلام والانقياد وكبت الطبيعة البشرية والانسلاخ 
عن الحياة وخنق الحريّة واستتصال العقل و القضاء على كلّ مقومات الإبداع 
والتعآق بالخرافات» آي بكلمة واحدة اغتراب الإنسان عن نفسه وعن عالله(". 

من الوجهة الانطولوجيّة: أخذت الكنيسة عن الأفلاطونيّة الفكرة القائلة 
بالتباين والتناقض الشديدين بين عالم المحسوسات وعالم المعقولات: والإيمان 
بأنّ الأول لا قيمة له إلا بقدر ما يعكس الثاني, وترجم هذا للقول بمبدا الازدواج 
بين الروح والجسد, الأمر الذي ترثب عليه النظر إلى حياة الإنسان الطبيعية على 
أنْهها شرا يجب تجنبه والتخلّص منه 4 سبيل آمور أرفع شأناً. كذلك نظرت لهذه 


.85 خليل. حامد. مشكلات فلسفية. دمشقء. جامعة دمشق؛ (د ت )> ص‎ )١( 


= 


الطبيعة الأثقينيّة على أنّها طبيمة ثابتة لا يمكن تغييرها لأنْ الحكمة الإلهيّة التى 
ارتات ذلك حكمة ثابتة لا تتغيّر. وبالتالي ليس على الإنسان إلا التسليم بالأمر 
الواقع وعدم العمل على تطويرها أو الخروج منها. والأمر نفسه يتكرر فيما يتعأق 
بمسألة التفاوت الاجتماعي؛ إذ يتوجب على المرء القبول بموقعه الذي أختاره الله 
له والقعود عن محاولة تحسين أحواله وظروفه. 

ومن الوجهة الاجتماعيّة أو التركيب الاجتماعي» أولاً: نجد أنّ النظام 
الإقطاعي لم يتخذ الفرد وحدة أو أساساً للبنيان الاجتماعي؛ وإنّما كانت تلك 
الوحدة تتمتّل 2 المجموعة. سواء كانت الضيعة الإقطاعيّة أو القومونة أو النقابة 
التي تنظم آبناء الحرفة الواحدة. فكل فرد عضو 2 إقطاعيّة أو جماعة هي 
بدورها عضو ف المجموع؛ وله فيها وظيفة خاصة تكون تأديتها ضرورية لحياة 
العالم المسيحي بأكمله". الأمر الذي يعود إلى غياب الملكيّة الخاصٌة الفردية 
بوره حاسهة: 

ثانياً: و2 علاقة الإنسان والمجتمع؛ نجد أنْ المجتمع ينقسم إلى تراتبية 
هرميّة يخضع فيها الأدنى للأعلى خضوعاً مطلقاًء إذ تقوم هذه التراتبيّة على 
أساس لاهوتي يعتبر أن الخلاص من الطبيعة الفاسدة للإنسان لا يتحقق 
بالسلوك الفردي: بل يجب الاجتماع 2 جماعة يكون لكل ذرد منها وظيفة يتعين 
عليه إنجازها من أجل العالم المسيحي باكملهء مثلما يعمل كل عضو ف الجسد 
لصالح الجسد كله ضمن آلية للعمل تخضع فيها كل مرتبة للمرتبة التي تعلوها؛ 
آي أن الكنيسة أمعنت بسلخه عن عالمه الذي يعيش فيه وريطه بعالم أخروي 
يحقق الارتباط به أكبر ضمان لاستمرار النظام الاجتماعي القائم وحمايته: 
وتحقيق الخلاص الأخروي لهذا الإنسان. 

ومن الوجهة الدينية. نظرت إلى الطبيعة الإنسانية على آنها فاسدة 
بالأصل. بسبب تلوثها بالخطيئة الأولى التي ارتكبها آدم تا عصى ريه وأكل من 
الشجرةء وانتهى الأمر برذل الجسد وكبت كل ما هو طبيمي وإنساني © الإنسان: 
مثل الرغبة 2 العلاقات الاجتماعيّة أو محبة خيرات الطبيعة. وخنق الفرائز و 
)١(‏ مشكلات فلسفية؛ مرجع سابق» ص۲ . 

-١ ل‎ 


المشاعر بكافة أشكالها وإجهاض النزوع الطبيعي للإقبال على الحياة أو التفاؤل 
أو محبّة الجمال!". 

ترب على ما سبق اغتراب الإنسان عن مجتمهه وعالمه وعقله ونفسه. فقد 
وجد تياران الأول يمثله القديس أوغسطين ويقول بتبعيّة العقل للايمان بصورة 
صريحة: والثاني يمه القديس توما الأكويني ويقول بِأنْ العقل والإيمان يشكلان 
وسيلتين للمعرفة وتقوم كل منهما بشكل مستقل عن الأخرىء تكن إذا تعارضتا 
فإِنْ القول الفصل يكون للإيمان وحده. إذن النتيجة عند أوغسطين. هي اقتصار 
وظيفة المقل على التلقي السلبي الخالصء وخلوه على هذا الأساس من أيه 
فاعليّة إيجابيّة. أدى ذلك معرفياً إلى إقامة هوة كبيرة بين الإنسان والعالم» هوة 
جوهريّة تشكّل أرضاً خصبة للمذهب العقلي 4 المعرفة فالأفكار موجودة ب4 عقل 
الإنسان سلفاً. وليس ب العالم وكلّ ما عليه هو تحليلها قبل التجرية أو بدونهاء 
وتجلى ذلك بشكلين تمثّل الأول وصايا الكنيسة القائلة بأنّ معرفة حقائق هذا 
العالم وقوانينه كفر ينبغي تجنبه لأنّها تبعد الأفكار عن معناها الأساسي بالنسبة 
للإنسان وهو تأمّل اللاهوت. ‏ حين تمل الشكل الثاني 4 تفسيرات الكنيسة 
للعالم بأنّه ممتليّ بعدد لا متناه من الأرواح من الملائكة والجنْ والشياطين القادرة 
على القيام بأفعال تهدي الناس أو تضلهم. 

كذلك تجِنّى هذا الاغتراب أيضاً بمظهر حياتي معاشي نتيجة أثنينية 
الطبيعة الأنطولوجية للإنسان التي تسببت بوجود محبتين: محبة الذات إلى حد 
امتهان الله. ومحيّة الله إلى حد امتهان الذات؛ مما يؤدي إلى وقوع الإنسان ب4 
صراع مرير فيما بينهما. 

ثالثاً: الظاهرة الانسانيّة برجوازياً: 

إِنْ ملاحظة الفاعليّة والطاقة الإنتاجية البشريّتين © المجتمع الصناعي 
الحديث. والمشابهتين لإنتاجيّة وفاعليّة الآلات الصناعية: التي حطمت المستحيل, 
دفعت الفلاسفة إلى العمل على إنشاء علم للطبيعة الإنسانية. أقرب ما يكون إلى 
الفيزياء الإنسانية. يستبعد الأساس اللاهوتي الذي انتهى إلى استعباده واغترابه 


(۱) مشكلات فلسفية, مرجع سابق؛ ص 58 . 
م 1 


عن ذاته» ويكشف عن قوى تلك الطبيعة وطريقة عملها. "لقد تساءلوا إذا كان 
الكون مثل آلة ضخمة: يتكون من ذرات منفصلة تتحرّك آثياً وفقاً لعطالتهاء 
فلماذا لا تكون الطبيعة البشرية مماظة لتلك الآلة. وتسري عليها القوانين تفسهاء 
أو على الأقل ممائلةة"2"7. وقد عالج هؤلاء الفلاسفة علم الطبيعة الإنسانيّة من 
وجهتين أنطولوجيّة وأخرى اجتماعية. لكنهم تفاوتوا فيما بينهم ‏ النتائج التي 
توصلوا إليها؛ نتيجة لتفاوت مواقمهم الاجتماعيّة والطبقيّة. فالأوضاع 4 انجاترا 
عموماً كانت أكثر تحرراً من فرنسا وهولتدا. لأنّ التحولات الاجتماعيّة 
والاقتصاديّة والسياسية كانت أكثر تطوراً. من باقي البلدان الأوربية. لدرجة 
انفصال الكنيسة الإنكليزيّة عن الكنيسة الأم. 00 

الوجهة الانطولوجيّة: لقد وقف بعض الفلاسفةء ضد الأثنينيّة اللاهوتيّة 
2 الطبيعة الإنسانيّة, التي سادت #4 الفلسفة السكولائيّة: فلم يعد الإنسان مِؤَلّفاً 
من جسد وروح مختلفان بالطبيعة بصورة كليّة: بل كلاهما من طبيعة واحدة. 
وأختلف الفلاسفة ب تحديد هذه الطبيعة؛ هل هي مثالية أم مادية؟ لكن هيوم 
أتخذ لنفسه طريقاً ثالثاً ولم يحدد تلك الطبيعةء فكان لاأدرياً؛ يقول هيوم: "حيث 
تعتبر الآلام واللدّات الجسديّة مصدراً للكثير من الأهواء. عندما يشعر ويتأمّل 
الذهن بها سويةء لكن النشوء يكون أصلاً 2 الروح أو الجسد ى ناده بما يروق لك, 
من دون أي فكرة أو إدراك سابق."0. 

الوجهة الاجتماعية, أولاً: ركزت الدراسات مع صعود البرجوازية على 
الإنسان بما هو فردء وليس بما هو جماعة أو نوع. فقد أبرزت القلسفات الحديثة 
وأعلت من قيمة الإنسان الفرد 4 سياق نقضها للفلسفات الوسيطة التي ألفت 
وجود الإنسان من حيث هو فردء ليصير مجرد رقم أو جزء من وجود أكبر سابق 
عليهء هي الجماعةء فرذلت نزعات التفوق والامتياز والطموح عند الفرد, 
واعتبرتها من الخطايا التي تبعده عن ملكوت السماء. وأعلت من شأن الخضوع 


. مشكلات فلسفية: مرجع سابق ؛ ص۱۲۷‎ )١( 
اذهب إلى الصفحة [ 57 ].ولا بد من التتويه إلى أنتي أستخدمت عند الأقتباس أرقام‎ )۲( 
. الصفحات من الكتاب الأصلي والموضوعة ضمن قوسين معقوفين 4 النص المترحم‎ 
-]١ ع‎ 


والتواضع والقناعة والرضى بالنصيب ويما قسمه الله له حتى يضمن بذلك 
الغفران. وظهور البرجوازيّة كطبقة اجتماعيّة اقتصاديّة ذات مشروع إنساني 
تقدميء قائمة على اعتبار الملكيّة الخاصة الفردية آمراً مقدساًء فالمشاريع 
الصناعيّة مقترنة باسماء مالكيهاء فضلاً عن الاكتشافات العلميّة والفلكيّة 
والجغرافية. ل ا على يد نيكولاوس كويرنيكوس' 0 Nicolaus Copernicus‏ 
وجوردانو برونو(؟ 0«ں8 ممعله:ه01 وغاليلو غاليليا" | «Galileo Galilei‏ 
واختراع الآلات الميكانيكيّة التي دفمت بالصناعة إلى مواقع متقدمة جداً. كل هذا 
رفع من قيمة الفرد ليبدو صاحب التقدم والتهوض الاجتماعي؛ وهذا اتعكس 
بدوره على الفلسفة كما على الحياة الثقافية بمجملهاء الأمر الذي وجد تعبيره 
الفلسفي 2 كوجيتو ديكارت 18508181155. "كانت دعوة مقكري البرجوازية 
الصاعدة إلى التطوير المتعدد الجوانب للشخصية محدودة تاريخيًاًء ذلك أن 
التطور المتناسق كان 2 ذلك الحين ممكناً فقط لأشخاص معدودين: ومتعذراً 
بالنسبة إلى الشعب كله. ومن تلك الأيام تكشفت الثقافة البرجوازيّة عن إحدى 
سماتها الرئيسية الفردية. لكن التزعة الفردية كانت 4 ظروف ذلك العصر 
ظاهرة تقدميّة؛ إذ عبرت عن ضرورة تحرير الإنسان من قيود العصور الوسطى ‏ 
الطوائفية؛ والمراتبيّة؛ والكنسيّة"”. 

ثانياً : لم يعد المجتمع قائمأ على أساس مفاهيم ميتافيزيقية قبلية كمفهوم 
التراتبيّة الفطريّة عند أفلاطون أو مفهوم الإنسان الاجتماعي بالطبع عند 
أرسطوء أو على أساس مفاهيم لاهوتية غيبيّة كمفهوم الخطيثة والخلاص؛ بل 


)٠٥۳۲ .1475( )١(‏ عالم بولوني فلكي أول من قال 2 العصر الحديث ف أوريا بمركزية 
الشمس بالنسية إلى الكون و دوران الأرض حولها. 

)11٠١ 16448( )۲(‏ مفكر مادي آيطاني كبيرء سار بمذهب كويرتيكوس عن تركيب الكون 
شوطاً أبعدء و نتيجة لذلك أحرقته محكمة التفتيش . 

(EY 1014) (¥)‏ عالم أيطائي كيير راكد المنهج التجريبي ‏ الرياضي 2# دراسة الطبيعة و 
واضع المبادئ الركيسيّة للفهم الميكانيكي للعالم. 

)٤(‏ أويزرمانء ت» و آخرون؛ موجز تاريخ القلسفة, ترجمة توفيق أبراهيم سلوم (د؛ م)» دار 
الجماهير العريية و مكتبة ميسلون: ۱۹۷۲ ص؟ 7١‏ 


هفه- 


يقوم على أساس أرضي أولاً وعلمي بمقاييس ذلك الزمان. الأمر الذي يعني أنّ 
التراتبات الاجتماعية ليست مطلقة بل إِنّها قابلة للاختراق؛ والأهم من ذلك أنّ 
اختراقها لا يعني خروجاً عن الأخلاق أو الدين؛ بل هو حق طبيعي لكل إنسان, ٠‏ 
على الأقل 4 الطور الإنساني للبرجوازية. آم التراتبات الإنسانيّة فقد أزيحت 
تماماً فلم يعد هناك إنسان أفضل من آخر. بما هو إتسانء كما كان الأمر بين 
الإقطاعي النبيل والفلاح القن: إذ كان الأول أفضل من الثاني على الصعيد 
الإنساني والاجتماعي. 

الوجهة الدينية: ليست الطبيعة الإنسانيّة فاسدة كما قالت الكنيسة 
والفلسفات السكولاتيّة: بل على المكس هي خيرة بالفطرة عند هيوم: وعلى 
النقيض من هويز الذي قال أنْ الإنسان ذئب لأخيه الإنسانء إذ يقول: "الآن 
من المؤكد وجود رغبات وميول معينة ساكنة, تولّد على الرغم من أنّها أهواء 
حقيقيّة. اتفعالاً صفيراً ‏ الذهن؛ وهي معروفة بآثارها أكثر من الشعور أو 
الإحساس المباشر بها. وهذه الرغبات على نوعين؛ ١‏ إِمَا غرائز معينة 
مغروسة أصلاً 4 طبيعتناء مثل الخيريّة والحفيظة, ومحبّة الحياة, واللطف 
بالأطفال. 7 أو الشاهية العامة للخير. والصدود عن الشرء باعتبار ما هما 2 
ذاتهما ئيس إلا ". - 

.4 هذا السياق العام تؤكد دراسة الأهواء الإنسانية أن الظروف 
الاجتماعيّة الاقتصاديّة 4 المصور الوسطى التي أدت إلى إتتاج آنا معدم 
مسحوق لا قيمة له إلا من خلال الخضوع وتتفيذ أوامر الكنيسةء قد تفيّرت وأنْ 
علاقة جديدة للإنسان مع ذاته قد أعيد بنائها على أساس احترام عواطفه 
وانفعالاته“. متلما أميد بناء علاقة جديدة له مع الطبيعة. تحولّت من تأمل دقة 
الصنعة الإلهية إلى تحكّم وسيطرة لخدمة أغراضه". 


.]١84 [ اذهب إلى الصفحة‎ )١١( 
٠۹۸۲ (؟) لويس» جون؛ مدخل إلى الفلسفةء ترجمة أنور عبد الملك: ط٤ سيروت. دار الحقيقةء‎ 
م ص//.‎ 
. 8١ص (؟) مدخل إلى الفلسفة . مرجع سابقء‎ 
-5 اك‎ 


رابعاً؛ الفلسغة الأمبيرية؛ 

يتكون السستام الفلسفي من ثلاثة أنساق كبيرة هي نظرية الوجود 
. (الانطولوجيا) ونظريّة المعرفة (الفتوصولوجيا) ونظرية القيمة. ونظراً لارتفاع 
قيمة العلم مع صعود البرجوازية كتشكيلة اجتماعية اقتصادية سياسيّة, تعتمد 
على الصناعة بمثابتها عمودها الفقري: التي يرفدها العلم بأفضل الاختراعات 
والحلول المبتكرة. هيمنت نظريّة المعرفة ضمن هذه الانساق الثلاثة وتراجعت 
الأنطولوجيا التي كانت مهيمنة 4 العصور الوسطى والقديمة؛"وكان من جراء هذا 
الانقلاب الحاد؛ هذا الالتحام الاندماجي المصيري. أن تم انعكاس علاقة الهيمنة 
بين العلم والميتافيزيقيا 4 حقل إنتاج الفكر والمعرفة. فبعد أن كان العلم مشتقاً من 
الميتافيزيقيا وملحقاً بها على صورة فلسفة طبيعية. كما كان عليه الحال لدى 
أغلاطون وأسطو والفارابي وابن سينا والبيروني وتوما الأكويني» أضحى العلم 
مستقلاً يتطور بفعل ديناميته الداخلية؛ بل أضحت الفيزياء الأرسطية مشتقة منه 
وملحقة به إلى حد كبير. إذ لما بين غاليلو هلامية مفاهيم الفيزياء الأرسطية 
وبطلان مبادئ الميكانيكا الأريتطية وتناقضها مع السلوك العام.للأجسام المادية, 
بين 2 الوقت ذاته أن اشتقاق المفاهيم والعلاقات الطبيعية من مبادئ ميتافيزيقية 
محكمة ومقنعة لأجيال من البشر ليس ضمانة على صحتها ولا على مطابقتها 
للواقع: ومن ثم دل على بطلان هذا النهج القديم بے اشتقاق المعرفة". 

.١‏ الميتافيزيقيا الجديدة: 4 أحد جوانبها لقد رذل هيوم الفلسفات اليونانية 
والوسيطة على اعتبار أنّها فلسفات ميتافيزيقية تبحث 2 أمور تقع خارج نطاق 
التجرية الإنسانيّة, بالتالي لا يمكن إقامة الدليل على صحتها أو خطئهاء ولذلك 
لم يبحث ے2 الانطولوجياء يقول: "فنحن لا نستطيع آمنين أن نتخطى حدود 
التجرية" لكنه ‏ رذله الصريح والمعلن لتلك الميتافيزيقيا أستخدم واحدة أخرى 
مستقاة من روح العصرء تكن بصورة مضمرة. 


)١(‏ غصيب» هشام: نقد العقل الفربي (بحث) مجلة الطريق ؛ العدد الأول بيروت ؛ ۱م ص۱۹. 
(؟) سيد أحمد؛ محمود. " الاعتقاد الديتي عتد هيوم "(يحث). مجلة عالم الفكر . المجلد ۲۹ 

العدد الأول: الكويت؛ ۲۰۰۰ م » صة١١.‏ 
کک رسالة قي الطبيعة م - ۲ 


لقد تميّزت روح العصر العلميّة. بسيطرة التصور الآلي للكون؛ فكل شيء فيه 
منظم ومترابط ويسير بدقة متناهية وكل شيء يظهر ويختفي بسبب» من دون أن 
تكون هناك غاية من الظهور أو الاختفاء فالتصور الآلي للكون يستيعد الغائية ويركز 
على السبب» هذا من جهة ومن جهة أخرى كل شيء 4 حركة وتغيّر وتبدل؛ ولا مكان 
للسكون. فصارت الحركة أحد جوانب الميتافيزيقا الجديدة؛ أي التركيز على طريقة 
عمل الظاهرة؛ أو التساؤل عن كيفيّة عملهاء ب حين شكلت السببيّة الاستقرائيةء 
باعتبارها المميز الحاسم للعلم ‏ حينه . الرافد الكبير للحركة الصتاعيّة إذ 
يقدر الأستقراء على تقديم معلومات جديدة تصب ب النهاية ‏ مصلحة التطور 
الصناعي وتقدّم الحركة الاقتصاديّة. "إن قانون القصور الذاتي الحركي والنظريّة 
الحديثة 4 الحركة كانا بمثابة العامل الكبير الذي ساعد 2 القرن السابع عشر 
على إخراج الأرواح من العالم كما آنه فتح الباب إلى كون يعمل كالساعة"'. 

الفرق بين الميتافيزيقيا القديمة والجديدة: يعني ما سيق بمجمله القطيعة 
مع الفلسفة بما هي نشاطاً تأملياً من برج عاجي بعيد عن الواقع والحياة 
والانتقال إلى فلسفة تؤسس لنشاط إنساني يسعى لتحرير الإتسان من اللاهوت 
مثلما هو الحال 2 العقلانيّة. وتقدمه العلمي والصناعي مثلما هو الحال 4 
الأمبيرية. أي القطيعة مع شكل التفكير ذاك. وإنشاء منهج للتفكير يواكب 
متطلبات المرحلة؛ أي علم يقدم معارف تخدم التطور الصناعي الاقتصاديء على 
عكس الفلسفة اليونانية أو السكولائيّة غير القادرة على أداء هذه المهمّةء وهذا ما 
تجلّى 4 الفلسفة الأمبيرية؛ بينما أنصب الاهتمام 2 الفلسفة العقلانية على 
تحرير الإنسان وعقله من ريقة اللاهوت. لقد تربع الله ب هذا الثالوث على قمته 
ك العصر الإقطاعيء أما ب العصر البرجوازي فقد تم هدم هذا الثالوث وإنشاء 
ثالوث جديد يتربع فيه الإنسان على قمته. إذ لا سلطة فوق سلطة العقل؛ وهو 
غاية 4 ذاته. و هذا ما أسس له ديكارت فلسفياً فاستحق عن جدارة لقب أبو 
العقلانية الحديثة: 4 حين سبقته الاكتشافات الفلكية ك تحطيم سلطة الكتيسة 
وبالتالي التفكير الفيبي ليتريع الإنسان على رأس هذا الثالوث الجديد؛ وبالتالي 


(1) مدخل إلى الفلسفة. مرجع سابق» ص۷۸ . 


كان من الطبيمي أن ينصب اهتمام الفلاسفة على هذا الإنسان أو (الإله 
الجديد): إذ لا بد من دراسة كل ما يتصل بهء وهذا ما يسر اعتقاد هيوم 
بارتباط جميع العلوم بعلم الطبيعة البشرية. يقول هيوم: "جميع العلوم ترتبط 
بعلم الطبيعة البشريّة ... فالغاية الأساسيّة من المنطق تفسير مبادئ ملكتنا 
الاستدلالية ... وتعنى الأخلاق بدراسة السلوك الإنسانى ... والسياسة بدراسة 
حياة الناس من حيث هم متحدون"". ويقول أيضاً: "وقوانين الفن هذه مؤسسة 
على كيفيّات الطبيعة الإنسانية. وكيفيّة الطبيعة الإنسانيّة التي تستلزم ثباتاً 4 
كلّ عمل» هي التي تجعل العقل عاجزأ عن المرور 4 لحظة من انفعال ومزاج إلى 
انفعال و مزاج مختلفان تماماً"0". 

١‏ الأمبيرية: تقوم على اعتبار أن العقل الإنساني صفحة بيضاء. وهذا ما 
أسسه جون لوك لكن هل النفس صفحة بيضاء كذلك؟ من المؤكد أن هيوم لا 
يعتبرها كذلك. لكننا تجد أنه لم يحافظ على اتساقه المنطقي فأدعى وجود 
صفات و قوى نفسية فطرية منجزة. يقول: "بالإضافة للخير والشرٌء أو بكلمات 
أخرى الألم واللدّة؛ تثور الأهواء المباشرة بصورة متكررة من باعث أو غريزة 
طبيعيّة. لا يمكن تعليلها بشكق دقيق. ولدينا من هذا النوعء الرغبى ب إيقاع 
العقاب بأعدائناء والرّغبى 4 السعادة لأصدقائنا؛ والجوع: والشاهية الجنسيّة, 
وقليل من الشاهيات الجسديّة الأخرى.وتولّد هذه الأهواءد بقول صحيح ., الخير 
والشرٌء ولا تتطلق منهاء مثل الوجدانيّات الأخرى"". 

؟. الأستقراء: وهذا يعني هدم الطريقة القديمة التي تقوم على البحث 
عن الأسباب الأولى أو السبب الأول من مثل الإله أو المحرك الأول؛ وبتاء 
طريقة جديدة تقوم على البحث عن كيفيّة عمل الموجودات؛ أي الانتقال من 
سؤال ما سبب الظاهرة؟ أو من سؤال الماذا الاستنباطي إلى سؤال الماذا 
الاستقرائي؛ آي البحث عن السبب القريب الفيزيائي وليس السيب البعييد 


(1) " الاعتقاد الديتي عند هيوم " مصدر سابق؛ ص١٠١‏ - 
(۲) اذهب إلى الصفحة [9؟1]. 
(؟) اذهب إلى الصفحة [1۷۷]. 


الميتافيزيائيء حيث يتم التوصل إلى الأول بالأستقراءء بما هو الطريقة المميّزة 
الحاسمة للعلم الحديث؛ إبان تلك المرحلة من تاريخ العلم؛ ك حين يتم الوصول 
للثاني بالاستنباط ا مميّز الحاسم للفلسفة اليونانيّة أو السكولائيّة الميتافيزيقية 
فضلاً عن سؤال الكيف. أو كيف تعمل الظاهرةة وما كان هذا إل نتيجة لتطور 
علم الميكانيكا السريع؛ وفرضه إيقاعه على باقي الأنساق الفكريّة: وكلّ ذلك ب 
سياق التطور الاجتماعي الاقتصادي السياسي الثقلي؛ طالما أن العلم يشكل 
العمود الفقري لهذا التطور؛ يما قدّمه من اختراعات هامّة مثل الديناميت 
والمحرك اليخاريء وقبلاً كلّ الاكتشافات الجغرافية التي نشطّت الحركة 
التجارية:؛ والاكتشافات الفلكيّة التي هدمت ساطة الكنيسة وسلطة الإله, 
وأقامت بدلاً عنه سلطة العقل. وكمحصلة هامة لما سيق ظهر كتاب فرنسيس 
بيكون!؟ 886011 88431015 " الاورغانون الجديد أو العلامات الصادقة 
لتأويل الطبيعة" عام )١17*(‏ ضد كتاب أرسطو (الاورغانون) أو المنطق الصوري 
الذي سيطر على التفكير # العصور الوسطى بشكل مطلق» 2 إشارة واضحة أن 
هذا المنطق ما عاد قادراً على مواكية العصر الجديد. وصار الأورجانون الجديد 
أو المنطق الاستقرا تقرائي منهج الأمبيرية على يد كل من هويز 1100005 ولوك 
5 وهيوم 1117118 الذي اعتمد على تعاليمه اعتماداً واضحاً 4 إقامة 
التجارب 2 الفصل الثاني من الباب الثاني. وهؤلاء جميعاً انتهوا إلى أن المعرفة 
تقوم على المنهج الأمبيري» 4 مقابل المنهج العقلاني والعقلانيّة الحديثة التي 
بدآت مع دیکارت“ #2850811585 كتابه "مقالة 2 المنهج لإجادة قيادة 
العقل والبحث عن الحقيقة 4 العلوم" عام (1174). فكانت الحصيلة وجود 


4 فيلسوف أنكليزي أول من تحدث 4 المنهج الأستقرائي‎ )١1153-1011( فرنسيس بيكون‎ )١( 
الكتاب المذكور.‎ 
ق م ) فيلسوف يوناني و تلميذ أفلاطون أول من وضع علم المنطق‎ ۳۲۲ .۳٤۸( أرسطو‎ )۲( 
الصوري ب الكتاب المذكور.‎ 
فيلسوف و عالم رياضيات و طبيعيات فرنسي يعتبر راكد‎ )110١  ١095( رينيه ديكارت‎ )۳( 
الفلسفة الحديثة.‎ 
سر‎ 


منهجان 2 نظرية المعرقة؛ المنهج العقلاني» والمنهج الأمبيري ؛ وقد مثّل ديكارت 
وسبينوزا همام المنهج الأول؛ بينما مثل هوبز ولوك وهيوم الثاني. 

أهتم هيوم بدراسة علم الطبيعة الإنسانية وينحصر موضوع هذا العلم 
بتفسير مبادئ الطبيعة الإنسانيةء والمنهج الذي يفترضه هو ال منهج الأمبيري الذي 
يرتكز ما على الاستبطان الداخلي أو التأمّل الذاتي للظواهر العقليّة أو على 
الملاحظة الخارجية للسلوك البشري". ويقول هيوم: "أيضأ من الصحيح أن قلّة 
من الرجال فقط تقدر على تشكيل أنظمة صحيحة عن الأهواء. أو أنْ تتامّل 
طبيعتها العامة والأمور التي تتشابه فيها. لكن دون هذا التقدم 4 الفلسفة؛ لسنا 
عرضة لآخطاء عديدة بهذا الخصوصء بل منقادين وبشكل كاف بالخيرة العامة 
كما بنوع من التقديم» يخبرنا ما الذي سيشغل الآخرين؛ من خلال ما تشعر به 
شعوراً مباشراً 3 انفسنا". بعبارة أخرى تبداً المعرفة من المعطيات الحسيّة, 
وليس من الأفكار الفطرية التي زعم العقلانيون أن العقل الإنساني مزود بها منذ 
الولادة. فالعقل الإنساني صفحة بيضاء؛ لذلك نرى أن الأمبيريين يكثرون من 
الإحائة إلى ما تقدمه الخبرة أو التجربة من معلومات ومعطيات. 

تطور الأستقراء" مع تطور المنهج الأمبيري من فرنسيس بيكون إلى هيوم. 
فالأستقراء يتقوم بتتبع حالات جزئية عينيّة متعددة للوصول إلى الخاص الذي 
يجمعها ( القانون: الكيفيةء العلّة ) ويشكّل ماهيتها والوصول من ثم إلى العام 
والقفز من ثم إلى تعميمها على باقي الجزئيّات الأخرى. بعبارة أخرى البدء يتم 
من هذه الجزئيات أو من الانطباعات التي تخأفها على حواس الإتسان؛ وهذا هو 
هو ما يشكل ماهية الأمبيرية بالبدء من معطيات لاحقة للتجرية أو بعديّة. وهيوم 
باعتياره واحد من الفلاسفة الأمبيريين: تبدأ المعرفة عنده من الاتطباعات 
الحسيّة المختلفة باختلاف الأشياء. سعياً للوصول إلى العلةء لكنه وضع يده على 
مصادرة العليّة التي يقوم عليها الأستقراء فالعلاقة بين السبب والنتيجة مجرد 


. ٠١۹ص‎ : ”الاعتقاد الديني عند هيوم" . مرجع سابق‎ )١( 

(۲) اذهب إلى الصفحة [40] . 

(؟) مما لابد من قوله أن هيوم نم يستعمل كلمة الأستقراء دمتاءنخصة ج " ف الأهواء " . 
۲١ -‏ 


عادة ذهنيّة إنسانيّة تكونت بمراقبة حدوثهما مراراً وتكراراًء وعندما لم يمكثه 
منهجه من ضبط العلة بشكل موضوعي؛ اتجه صوب ما يؤسس لها ذاتياً. 
فصارت الفاهمة تنتقل من السبب إلى النتيجة بشكل حتمي ولهذا صارت 
الضرورة ذاتيّة مع هيوم وما يحدث مجرد تتابع زماني مطرّد أدى إلى توفع 
حدوث الثاني كلّما حدث الأول. "مسألة الأستقراء تدرس عادة على أنها تتألف 
من مسألتين: الأولى مسألة المبدأ أو المبادئ التي تقوم عليها فكرة المنهج 
التجريبي نفسه» وثانياً مسألة الضمان الذي يضمن لنا الانتقال من الحالات 
الجزئية المشاهدة إلى وضع القانون العام" كذلك 'فالمسألة الأولى هي مسألة 
المصادرة أو المبدأ الرئيس الذي يقوم عليه كل أستقراء... وكذلك الحال نجد أن 
المنهج الأستقرائي أو التجريبي يقوم هو الآخر على مبداآ عام أو مصادرة هي 
مبدا العلية"" وهكذا كان هيوم أول من نبّه إلى ما يحتويه الأستقراء من مصادرة 
على المطلوب: تتأئف من اعتبار أن إحدى الظاهرتين المترابطتين علة للأخرى بج 
حين أن هذا الترابطء حسب هيوم .. ليس أكثر من عادة نفسية للانتقال من 
الأولى إلى الثانية. لكنه لم يكن قادراً على إصلاح هذا الخطأ. 

؛ - التكميم: حيث تعتبر أي ظاهرة سواء أكانت ماديّة أم روحيّة شيئاً 
محسوساً قابلاً للقياس والتكميم. ويتم هذا بقياس عدة أمور ١‏ المدّة: الزمن 
اللازم لانقضاء الظاهرة ۲ - الامتداد: عدد الأشخاص الذين تشملهم الظاهرة؛ 
؟ - القرب: قرب الظاهرة مكاناً و زماناً من الذات العارفةء أو تباعدها. وقد 
تحدث هيوم عن ذلك ب2 الفصل السابع من الباب الثالث 4 بحثه عن أثار 
التباعد والتجاور 2 الزمان والمكان 4. الشدة: حدّة الظاهرة أو ضعفها؛ وقد تكلم 
هيوم عن ذلك عندما أشار إلى أن الموضوع نفسه يعطي أهواء مختلفة باختلاف 
قوة انطباعه. كذلك عندما تحدث عن أسباب الأهواء العنيفة 5 يقين وقوع 
الظاهرة ودرجة احتمالهاء 5 الخصوية وقدرتها على توليد ظواهر أخرى. ۷- 
النقاوة: خلّوها من ظواهر أخرى. 


190 بدوي» عبد الرحمن» مناهج البحث العلمي؛ ط؟ ؛ الكويت: وكالة المطبوعات, ۱۹۷۷ ص‎ )١( 
(؟) مناهج البحث العلمي. مرجع سابق؛ ص11‎ 
ا‎ 89- 


وكانت النتيجة لهذه النزعة الشديدة © التكميم انعدام الحديث عن أنواع 
اللدات ب الفلسفة الأمبيرية: فلم يفرقوا بين اللدّة المقليّة أو الحسيّة, بل هو 
نوع واحد من اللدّةء يختلف كمياً؛ أي أن التفاضل أو الأفضليّة تتحصر بكم 
اللّذة وليس بنوعها. و2 هذا تطرف كبير, الأمر الذي يرجع لعدم وجود فرق 
نوعي بين الفكرة والانطباع عند هيوم» بل هو فرق كمي فقط بك درجة الوضوح 
والحيويّة. لذلك ركز هيوم بحثه على طريقة اشتفال الأهواء؛ وعلى أسبابها. 2 
نطاق ما أطلق علية الانطباعات؛ ساعياً إلى الوقوف على الكم الدقيق أو 
القياس الدقيق لأي هوى. 

۵ ويعرّف هيوم الخبرة: "أيضاً من الصحيح أن قَلّة من الرجال فقط تقدر 
على تشكيل أنظمة صحيحة عن الأهواءء أو أن تتأمل طبيعتها العامة والأمور 
التي تتشابه فيها. لكن من دون هذا التقدم .4 الفلسفة: لسنا عرضة لأخطاء 
عديدة بهذا الخصوص؛ بل منقادين وبشكل كاف بالخبرة العامة كما بنوع من 
التقديم» يخبرنا ما الذي سيشغل الآخرين.من خلال ما نشعر به شعوراً مباشرأ 
2 أنفسنا"3'".إذن لا تتخطى الخبرة نطاق المعطيات الحسية الانطبناعيّة للإنسان 
الفردء بعبارة أخرى يقصي هيوم البعد الاجتماعي للمعرفة بصورة كاملة, إذ لا 
يمكن الوثوق بمعرفة الآخر والانطلاق منها. فالذات الإنسانية ذات فريدة 
باعتباره؛ وهذا ما وقع نتيجة لاستخدامه منهجاً ذو اتجاه ميتافيزيقي. لكن هيوم 
4 الفصل الثاني (تجارب تؤكد هذا النظام) من الباب الثاني يؤكد على إقامة 
تجارب يتم التحكم فيها بعناصر التجرية باستبعاد أحدها واستبقاء الآخر 
للوقوف على تأثيره و أهميته ووظيفته 4 الظاهرة موضوع البحث. و هذا ملمح 
متقدم بك فهم التجرية العلمية بما هي كذلك: بذ حينه؛ لكنه يبقى قاصراً لأن 
اليدء يبقى من الانطباعات الحسية. الأمر الذي يوضح بجلاء اعتماده على 
الاورغانون الجديد الذي أتى به بيكون. 


)١(‏ اذهب إلى الصفحة [5ة]. 


- - 


ومن الأسئلة التي يمكن أن تطرحها الفلسفة على علم النفس» ما طبيعة 
التفس؟ وما طبيعة الجسد؟ وما نوع وحدود العلاقة بين النفس والجسد؟ كذلك 
ما هو الانفعال؟ ما هو الألم؟ ما هي اللذّةة ما الفرق بين الهوى والانفعال والميل 
والعاطفة؟ لم يجب هيوم عن جميع هذه الأسثلةء أو لم يبحث فيها مباشرة لأنّها 
تنتمي كما أحسب إلى منهج التفكير 2 الفلسفة اليونانية والوسيطة؛ ‏ حين 
ركز على طريقة عمل الهوى وسبيه الفيزيائي المباشر. لكنه يقول: "فنحن لا 
نستطيع آمنين أن نتخطى حدود التجرية("؛ آي توجد حدود لقدرات العقل 
البشري لا يستطيع أن يتجاوزها. فا مواضيع التي تتخطى نطاق الخبرة أو تجاوز 
عالم الواقع الحسي لا يمكن معرفتهاء ولا يمكن بالتالي أن نقرّر وجودها أو أن 
نتكره: فنحن لا تستطيع معرفة أصل العالم وحقيقتهء ولا نستطيع معرفة أصل 
النفس من حيث أنَّها كيان مستقل له وجود متميز ودائم ولا نستطيع معرفة 
طبيعة أو ماهيّة الله فهذه كلها مواضيع تتجاوز حدود التجرية البشريّة: ولا يمكن 
أن يكون لدى الإنسان انطياعات عنها. 

ومما يحسب للأمبيرية أن نظرية الإدراك الحسي ودوره # التعلم بدآت 
بالظهور و النمو معهاء الثي اعتبرت أن المعرفة تيدأ من الحواس الخمسة؛ أي 
اعترفت بدور الجسد الإنساني 4 عملية المعرقة؛ 4 حين نرى أن أفلاطون العقلاني 
اعتبر الاحساسات مادة ثانوية 2 المعرفة يقتصر دورها على التذكير فقط. 

خامساً: تقّد المنهج الأمبيري: (كما تبدى عند هيوم): 

يقوم المنهج الأمبيري بالتقابل مع التظريء وبالتالي العقل عقلي لا أفق 
نظري له اعتقاداً بان الأفق النظري يسيء للحظة التجرية؛ إضافة إلى أن هيوم 
كان يرى أن العقل يتوقف عند الإحساس أي آن العقل حسي لا يرقى إلى مستوى 
التجريد والتعميم وعلى هذا الأساس. البنية الابستمولوجية لهذا العقل مأخوذة 
من واقع الحال المباشر وليس من مجموعة من العمليات العقلية الذهنية مما أدى 
إلى تجزئة العملية المعرفية من موقع أن هذه العملية لا يمكن تعميمها لأن التعميم 


.٠١۹ الاعتقاد الديني عند هيوم " ([بحث): مرجع سابق؛ ص‎ " )١( 
س4‎ 


يقوم على وجود أشياء مشتركة بين العمليات المعرفية؛ أي أنه منهج ميتافيزيقي 
يرتبط بالتوقف عند عملية التجريد والتعقيل والتعميم. 

بعبارة أخرى. يكمن الخطاً ا المنهج الأمبيري (هيوم نموذجاً) 2 القول 
بالخيرة كأساس للمعرفة الإنسانية أولا وأخيراً واستبعاد العنصر العقلي # 
تحصيل المعرفة بالتالي فإننا ندخل التجرية مرة وآثنتين وثلاثة لتعرف الصحيح 
من الخطأ بشكل اعتياطي من دون أن نحدد أهداف التجرية أو مخطط سيرها 
ولا أن نقوم بتفسير نتائجهاء وهذا الأمر مناط بالعقل أو دوره حيث ينظم تجارينا 
ويحدد أهدافها ويضعها على مستويات وصولاً للهدف الركيس. ضفي المنهج 
الأمبيري ندخل التجرية الثانية من دون أن نأخذ بعين الاعتبار نتائج التجرية 
الأولى أو أن نستهدي بها لثلا نكرر الأخطاء السابقة ونراكم معرفة فوق معرفة 
سابقة بمساعدة العقل الذي يبني من نتائج التجرية الأولى مفاهيم وقضايا 
يستخدمها 4 التجرية الثانية كسلاح أضل للوصول إلى نتائج أكثر تقدماً. فكلا 
المنهجين الأمبيري والعقلاني قاصر بمفرده."فجرب ما شئت أن تجرب ولكن المهم 
هو أن تفسر ما قمت به من تجارب وما قدمته لك هذه التجارب من نتائج وهذه 
مسآلة تتوف قف على ذهن العائم وحده7". 

ومن وجهة نظر مادية تاريخية جدلية نجد أن المنهج الأمبيري منهج مثالي 
ذو اتجاه ميتافيزيقي واضح. حيث تتبدى هذه المثالية ©ذ لاأدريته كما أوضحتا 
سابقاًء أما من حيث اتجاهه الميتافيزيقي غنجد أولاً: نجد آنه أنطلق من اللحظة 
الحاضرة التي وجدها # المجتمع البرجوازي الإنكليزي 4 الطور الديمقراطي 
للبرجوازيّة؛ قبل أن تنفصل الليبرائيّة عن الديمقراطيّة, ففي تلك اللحظة تحرر 
الإنسان ويرزت فرديته. فتم الظن عند هيوم أنْ هذه الطبيعة التي تشكل الإنسان 
البرجوازي هي هي الطبيعة الإنسانية على اختلاف الزمان والمكان. فالناس هم 
دائماً أنفسهم, لم يتغيروا منذ الأزلء ولم يتساءل هل كان الحال هكذا دائماً؟5 آو 
كيف صار هكذا؟ إذن أنطلق من القول بالهوية المطلقة. فالكيفيّات هي نفسها 
منذ الأزل تثير الأهواء نفسها. "إذا ألقينا بنظرنا على الطبيعة الإنسانية: وتأملنا 


)١(‏ مناهج البحث العلميء مرجع سابق: ص۱۷۹. 


هات 


استمرار المواضيع ذاتها 4 جميع الأمم والعصورء. 2 إثارة الزهو والضعة؛ وذلك 
على أساس قدرتنا على معرفة ما الذي سيتقص أو سيزيد هذا النوع من 
الأهواء عند رجل غريب بشكل دقيق جداً... فهل نقدر أن نتخيّل الرجال غير 
مكترثين كليةٌ لقوتهم أو لثراتهم آو لجمالهم أو لفُضلهم الشخصي. وان رزُهوهم 
وغرورهم لن يتأثرا بهذه المزاياء بينما تظلّ الطبيعة الإنسانيّة على حالها؟" 
وبذلك يستطيع هيوم أن يتحدث عن أهواء ساكتة فطرية هي ميله إلى الخير 
وابتعاده عن الشر ومحبتة للطفولة. بعبارة أخرى أسئس هيوم الخير والشرٌ على 
هذه القوانين التي أكتشفها ‏ الطبيعة الإنسانيّة. يقول"بالإضافة للخير والشن 
أو بكلمات أخرى الألم واللدّةء تثور الأهواء المباشرة بصورة متكررة من باعث أو 
غريزة طبيميّة: لا يمكن تعليلها بشكل دقيق. ولدينا من هذا النوع؛ الرغبى بإيقاع 
العقاب بأعدائناء والرغبى بالسعادة لأصدقائنا؛ والجوع: والشهوة الجنسيّة, 
وقليل من الشهوات الجسديّة الأخرى. وتولّد هذه الأهواء» بقول صحيح . الخير 
والشرّء ولا تنطلق منهماء مثل الوجدانيّات الأخرى"". 

ثانياً: يتحدث عن النفس والجسد بوصفهما شيء واحد ومن طبيعة 
أنطولوجيّة (وجودية ) واحدة. دون تمييز أو أعطاء آي خصوصية لأ منهما بك 
سبيل نقض الثنائيّة الأنطولوجيّة التي سادت مع الفلسفة السكولائية قوقع هيوم 
4 أحاديّة الجانب التي وقعت فيه الفلسفة السكولائيّة التي فصلت بين النفس و 
الجسد بصورة يصعب معها المرور من أحدهما إلى الآخر. يقول: " حيث تهتبر 
الآلام واللذات الجسديّة مصدراً للكثير من الأهواء» عندما يشعر ويتامل الذهن 
بها سويّة. لكن النشوء يكون أصلاً 4 الروح أو 4 الجسدء ناده بما يروق لك , 
من دون أي فكرة أو إدراك سابق.'(". إذن هذا التوحيد الكلّي بين الهويّات ما هو 
إلا الوجه الآخر للفصل الكلّي فيما بينهاء و4 الحالين لا يمكن الحديث عن 
علاقات تفاعل فيما بين النفس والجسد. فهما وإن كانا متجانسين. إلا أنهما 


. ]٤١[ اذهب إلى الصقحة‎ )١( 
. ]1۷۷ [ اذهب إلى الصفحة‎ )۲( 
. ]۲۷[ اذهب إلى الصفحة‎ )۳( 
و‎ 


متمايزان ‏ أنواعهماء بالتالي لابد من أخذ خصوصية كل منهما بالاعتبار والا 
انتهينا إلى نتائج مفلوطة. 

كما إِنّه يقتطع الإنسان والأهواء من سيرورتها وحركة نموها الداخليّة أو 
الخارجيّة» وينظر إليها كأشياء ثابتة مطلقة فالزهو والضعة والمحبّة والبفضة هي 
هي منذ الأزل وستبقى كذلك إلى الأبد. ولم يبحث 4 الإنسان من حيث حركة 
نموه. وحركة نموه هذه حركة تاريخانية: حيث تتفير أهواءه وعواطفه ومعارفه 
بتفير التشكيلة الاجتماعية. فنظر إلى الإنسان كشيء فريد 2 الكون لا يحمل أية 
علاقة بغيره تؤثر فيه من حيث هو إنسان؛ فاأهوائه من حيث هي أهواء مقررة 
سلفاً بصورة فطرية؛ فهل آهواء الرجل البدائي هي أهواء الرجل الإنكليزي به 
القرن الثامن العشرة يرى هيوم أنها كذلك. تكن هذا خاطئ لآن موضوع الهوى 
وسببه وطريقة التعبير عنه تختلف باختلاف الشرط التاريخي. 

لكن ك سياق الحديث عن العزل بين الهويّات» لا يمكن القول: أنْ هيوم 
تحدث عن اللدّة والألم كهويتين منفصلتين. فقد نوه إلى أن اللذة تتحول إلى ألم 
بالتعودء والألم إلى لذة. و هذا ملمح جدلي كبير يحسب لهيوم ويمكن اعتباره 
إحدى النقاط الإيجابيّة عنده. إذ يقول: "لكن لاشيء يملك تأثيراً 2 تكبير 
أهواتنا وتقليلها على حد سواء: وتحويل اللدّة إلى الألم. والألم إلى اللذة: أكثر من 
الود اتر : 

ثالثاً: جرد هيوم الظاهرة المدروسة؛ أي الأهواء الإنسانية من علائقها 
الواقعيّة ووضهها من ثم مكان الظاهرة الحقيقيّة. بدليل أن الضرورة والعليّة 
ذاتيّة عند هيوم تقع ضمن إطار ائذات وليست انمكاس لعلاقات موضوعية 
خارجيّة؛ لذلك ما أن انتهى من دراسة الأهواء 4 مجتمعه ووضع القضايا الكليّة 
التي تعبر عنهاء حتى أطلقها على جميع المجتمعات منطلقاً من هذه القضايا 
وليس من خصوصيات تلك المجتمعات. فامنهج الماركسي يقتضي الانطلاق من 
الجزتيّات الجديدة وإعادة بناء تلك الكليّات. أي النظرية . من جديد وئيس 
فرض تلك الكليات والعموميات وقسر الواقع للتطابق معهاء فهذه النظرية إنتاج 


 ]١177[ اذهب إلى الصفحة‎ )١( 
۷ 


تاريخي وبالتالي قابلة إِمّا للتطور أو الاندثار أو التحويرء 4 حين نرى أن هيوم 
أطلق نظريته على كل التاريخ مفلقاً الباب أمام إمكانية تصويبها أو تغييرها. 
باختصار لم يبحث هيوم 4 الأهواء من حيث هي ظواهر واقفيّة مشروطة 
تاريخياً وبهذا تكون عرضة لاتغير والتبدل حسب تبدل هذا الشرط؛ أي من حيث 
علاقاتها المادية المحسوسة. وبالتالي الاعتراف بها ككائن تاريخي موضوعيء بل 
بحثها من حيث هي ساكنة جامدة لا تتحرك. لذلك كان من الطبيعي أن يعطي 
نظريته هذه العمومية على كلّ التاريخ والمجتمعات. ويدعى هذا الأمر حسب 
الماركسيّة جدل النظرية والممارسة, الجدل الذي ألغاه هيوم ووضع محله انعكاساً 
ميكانيكاً صورياً. لذلك يتحدث هيوم عن صلاحيّة نظريته ومبادئه ب جميع 
الأحوال " إذن لا يمكن لهذه المبادئ الفطرية والبسيطة المؤسيسّة على هذه 
البراهين الصلبة؛ أن تفشل 4 إجبار الفلاسفة على استقبالهاء إلا إذا تعارضت 
مع بعض الاعتراضات التي أفلتت مني "20 

يمكن أن نلاحظ أهميّة هذا عندما نرى كيف يعمّم هيوم قوله: "لقد 
لاحظت مراراً أنْ الذين يتباهون بعراقة عائلاتهم؛ يفرحون عندما يقدروا على 
توحيد ظرف آمتلاك أكابرهم لأجيال عديدة وبشكل مستمر لنفس الحصّة من 
الأرض؛ مع ظرف آخر هو عدم تغيير عائلاتهم ملكيّاتها بصورة مطلقةء أو عدم 
استيطانها 4 بلد أو إقليم آخر. ولاحظت أيضاًء نهم عندما يقدروا على 
التباهي؛ بأنتقال هذه الأملاك عبر منحدر مركب بالكامل من الرجال؛ وعدم 
عبور الشرف والثروة عبر أية امرأة بصورة مطلقة؛ فان هذا يشكّل سبباً إضافياً 
للفرور”". من الواضح أن هذه الظاهرة تنتمي إلى المجتمع الأبوي. فإذا كان 
يوجد مجتمع أمومي يسبق هذا المجتمع الأبوي وتتمتع فيه المرأة بالسلطة و 
السيادة؛ فكيف سيقدر هيوم على المضي برأيهة 

رابعاً: قلب المعلول إلى علّة؛ فقد عمد هيوم إلى تفسير المجتمع بالإنسان. 
أي أن المجتمع ما هو إلا مجموع أفراده. فالسياسة تساوي دراسة حياة الناس من 


.]۷۹ [ اذهب إلى الصفحة‎ )١( 
 ]34[ (؟) اذهب إلى الصفحة‎ 
۲ - 


حيث هم متحدينء والأخلاق تساوي دراسة السلوك الإنساني. بالتالي ليس 
المجتمع شيكة معقدة من العلاقات السياسيّة والاقتصاديّة وا الثقافيّة التي تر تقي 
بالإنسان من حالته الحيوانيّة إلى حالته الإنساتيّة. وما ذاك إلا لأنّه درس حركة 
هذه العلاقات على أنّها حركة ميكانيكيّة آليّة تعود إلى نقطة انطلاقها دون آن 
يحدث آي فرق أو انتقال نوعي. يقول هيوم: "يجب أن نجيز يقيتاًء بان تماسك 
أجزاء المادة ينشآ عن مبادئ ضروريّة وطبيعيّة. مهما تكن الصعوية التي تجدها 
. تفسيرها؛ ومن أجل علّة مشابهة يجب أن نجيزء بان المجتمع الإنساني مؤسس 
على مبادئ مماظة؛ وعلّتنا ے الحالة التالية أقوى حتى من عتا 4 الحالة 
السابقة؛ لأا لا نلاحظ فقطء أن الرجال يسعون دائماً وراء المجتمع بل نقدر 
أيضاً أن نفسّر المبادئ التي تتأسئس عليها هذه النزعة الكونيّة. فهل اتحاد 
قطعتين مسطحتين من الرخام مع بعضهما بعضاًء أكثر يقيناً من اتحاد شابان 
همجيان من جنسين مختلفين يُقّيلان على القران؟ "' أي أن تكوّن المجتمع أمر 
مفروغ منه لأنّ اقتران الرجل بالأنئى أمر محتم لضرورات فطريةء وكأن المجتمع 
مساو لمجموع أفراده فقط. و2 هذا خطأ منطقي فضلاً عن خطته الأنطولوجي. 
فمن الخطأ أن نقول أن وجود الفرد سابق على وجود المجتمع: ون الأخير نتيجة 
للأول. إذ يتكون المجتمع والإنسان سوية عبر عملية جدلية تاريخية يتبادلان 
التأثير فيهاء محققين تراكمات تاريخيّة تتجلّى بانتقال المجتمع من حالة إلى أخرى. 

سادساً: اللاأدريّة عند هيوم: 

يورد لينين 2 كتابه الماديّة والمذهب النقدي التجريبي مقطعأ من كتاب 
هيوم مبحث ل الفاهمة يقول فيه: "يمكننا أن نعتبر من الجليّ أن الناس يميلون 
بحكم الفريزة الطبيعيّة أو بحكم الاستعداد إلى تصديق احساساتهم وأننا يدون 
أي تفكير أو حتى قبل أن نلجأ إلى التفكير. نفترض دائماً العالم الخارجي الذي 
لا يتوقفا على إدراكنا. والذي سيظل موجوداً حتى وإن زلنا نحن و جميع الكاثنات 
الأخرى القادرة على الإحساسء أو قضي علينا. وحتى الحيوانات تسترشد برآي 


. ]١54[ اذهب إلى الصفحة‎ )١( 
-۹- 


مماثل وتحتفظ بهذا الإيمان ‏ المواضيع الخارجية 2 جميع أفكارها وخططها 
وأعمالها... ولكن هذا الرأي العام والأولي عند جميع التاس سرعان ما تحطمه 
آتفه فلسقة تعلّمنا أنه لا يمكن أن يكون يوماً ب4 منال عقلنا أي شيء غير الصورة 
أو الإحساسء وأ الحواس ليست غير قنوات ترسل فيها هذه الصورء دون أن 
تكون قادرة على إقامة أيّة علاقة مباشرة بين العقل والموضوع. فإِنٌ الطاولة التي 
نراها تبدو أصغر إذا ابتعدنا عنهاء ولكن الطاولة الحقيقيّة الموجودة بصورة 
مستقلة عتا لا تتفير؛ ومن هنا ينجم أنه لم يظهر شيء أمام عقلنا غير صورة 
الظاولة. وتلك هي إشارات العقل الجليّة؛ وأنّ آي امرؤ يفكر لم يشك يوماً ‏ أن 
الموجودات التي نحكي عنها: هذه الطاولة. هذه الشجرة ليست غير مدركات 
عقلنا ... باي حجة يمكن تقديم البرهان على أن المدركات #4 عقلنا يجب أن 
تسبيها موجودات خارجيّة تختلف تماماً عن هذه المدركات» حتى وإن كانت 
متشابهة معهاء إذا كان هذا ممكناً .. ولا تتبع إما من طاقة العقل نفسه؛ وما من 
فعل روح ما غير منظورة وغير معروفةء وإمًا من سبب ما آخر نحن آهل معرفة 
به؟ ... بأئ نحو يمكن حل هذه المسالة؟ طبعاً بواسطة التجربة شأنها شأن جميع 
المسائل الأخرى من هذا النوع. ولكن التجربة تلزم الصمت 2 هذه النقطة ولا 
يسعها أن لا تلزم الصمت. إن العقل لا يجد أبداً أمامه أية أشياء ما عدا 
المدركات الحسيةء وليس بمقدوره 2 أي حال من الأحوال أن يقوم بأيّة تجرية 
بشان العلاقة بين المدركات الحسية و المواضيع. ولهذا لا تقوم فرضية هذه 
العلاقة على آي أساس متطقي. وأنْ اللجوء إلى صدق الكائن الأعلى للبرهنة 
على صدق حواسنا إِنّما يعني تحاشي المسألة بنحو غير متوقع أبداً ... وما دمنا 
نطرح مسالة العالم الخارجي فَإنّنا نفقد جميع الحجج التي كان يمكن بها إثبات 
وجود هذا الكاكن"0". 

نستنتج من هذا الاقتباس اعتراف هيوم بوجود الانطباعات الحسية 
واعتماده عليها ج بناء المعرقة لكن هذه المعرفة لا تتناول أصل هذه الانطباعات 


)١(‏ لينين: المادية و المذهب النقدي التجريبي: (دون مترجم): دار التقدم» موسكو؛ امول 
ص؟؟. نقلاً عن. هيوم ديفيد؛ [العنوان «تحقيق 2 المعرفة البشريةء هو المئوان «مبعث 
2 الفاهمة»] المترجم. بحوث و دراسات, المجلد الثاني لتدن:1477: ص )۱١١.٠۵١(‏ . 
س 


بل لا تستطيع البت بقرار حوله. أي أنه يضع موضع الشك وجود هذه 
الانطباعات وجوداً موضوعياًء بالتالي لن نستطيع أن نعرف فيما إذا كان العائم 
4 أصله طبيعة أو روح؛ فكل ما نمرفه مظاهر الأشياء دون واقعها("). وهذه 
المظاهر ليست شيئاً آخر غير صورء وحواسنا التي تنقل هذه الصور غير قادرة 
على إقامة أيّ صلة بين الذات والموضوعا". و2 النهاية لا يمكن القول مع 
اللاأدريين أنّ الفكر انعكاس للأشياء. "و أنّنا هنا 4 قلب المحاكمة المثالية. لأنّ 
الفرق ليس شاسعاً بين التأكيد أنّ الأشياء غير موجودة البثّة: وأنّنا ببساطة لا 
نستطيع أن نعرف هل هي موجودة""» و "هنا نجد أن اللاأدرية تنتهي © المثالية 
يقول لينين: حجّوا اللاأدري ستجدون المثالي"0". 

يعكس الوعي العلاقة بين الإنسان والظروف الاجتماعيّة الاقتصاديّة أو 
الشرط التاريخي عمومأء مثلما يعكس ذلك الشرط نفسه؛ لكن هذا الانعكاس 
انعكاس نوعي. مفهومي .. 2 الذهن الإنساني للواقع والشرط التاريخي» وهو 
ليس آليّأً ميكانيكياً مباشراً دون توسطات» كما أنه انعكاس تاريخي يتفير ويتطور 
أو يندثر. إذن ليس الانتقال مباشراً بل عبر توسطات. ولو كان كذلك لما استطاع 
ماركس أن يأتي بنظريته التي ترمي إلى تجاوز الشرط البرجوازي وصولاً إلى 

عاش هيوم # الطور الديمقراطي للبرجوازيةء آي الطور التقدمي؛ الأمر 


مترددة لاأدريّة. نعم هذا صحيح: لكن بالعموم؛ أي لابن من الانتباه إلى 
خصوصية الشرط الإنكليزي الذي عاصره هيوم. تميز هذا الشرط بالمساومة بين 
الطبقة البرجوازيّة الصاعدة والطبقة الإقطاعية الأرستقراطية. فقد أعاد 


)١(‏ بوليتزر. جورج» مبادىء أوليّة ‏ القلسفة. ترجمة فهمية شرف الدين: ط ۵ء بيروت . دار 
الفارابي ١‏ ۲۰۰۱ م ؛ ص0۷. 
(۲) مبادىم أوليّة 4 الفلسفةء مرجع سابق » ص۹٥.‏ 
(۳) مبادىء أوليّة ذ الفلسفة؛ مرجع سابق ‏ ص٠‏ . 
)٤(‏ مبادىء أوليّة 4 الفلسفةء مرجع سابق؛ ص٦‏ . 
إ۳ 


البرمان الملكيّة بعيد وفاة كرومويل وألفى الجمهوريّة. بكلمات أخرى لم يكن 
الهدف ولا الطريق واضحاً أمام الطبقة البرجوازية؛ فانعكس عدم اليقين هذا 
على فلسفة هيوم باللاأدرية. اذن. 4 المحصلةء نتجت اللاأدرية عند هيوم من 
سب اجتماعي يقوم على المساومة والمهادنة بين الطبقتين البرجوازية والإقطاعية 
على العكس من الحدة 4 القطع وجسم الصراع الذي تميزت به الثورة الفرنسيّة 


سابعاً: عرض تحليلي للكتاب ( 2 الأهواء ): 

يستحوذ هوی الزَّهِوٌ علي عندما أقف مع شخص آخر أمام بيت جميل 
تعود ملكيته لي. ويحآل هيوم هذا الهوى 

إلى مكوناته الأساسيّة وهي الموضوع والسبب» أما ال موضوع فهو نفسي أناء 
والسبب هو بيتي الجميل. لكنه يحلل آيضأ السبب من جديد إلى كيفيّة تشثّل 
الهوى هي الجمال, وإلى موضع تلتزق به تلك الكيفية هو البيت. 

ويفرق هيوم بين الفكرة والانطباع؛ ب2 درجة الحيويّة والوضوح: فالفكرة 
هي هي الاتطباع بعد أن تخت حيويته ودرجة وضوحه. وعلى هذا يفرق 2 
الانطباعات نفسها بين الانطباعات الأصليّة والثانوية, فالانطباعات الأصليّة هي 
التي تنتج من بنية الجسد (الغرائز) أو من تطبيق المواضيع الخارجية على 
الحواس الخمسء به حين تنتج الاتطباعات الثانوية أو التأمليّة عن الانطباعات 
الأصليّة ما مباشرة أو بتوسئط أفكارها. وتنتمي الأهواء الإنسانية إلى 
الانطباعات التأمليّة. وتنقسم على أساسها إلى أهواء مباشرة تنتج عن 
الانطباعات الأصلية مباشر ة حيث تتسبب الآلام وأللدّات الجسدية بسلسلة طويلة 
من أهواء الفرح والثمى: والخوف والرجاءء بينما تنتج الأهواء غير المباشرة من 
الانطباعات الأصلية مع توسط أفكارهاء مثل هوى الزّهوٌ الذي ينتج عن اتطباع 
جمال البيث على حواسي مع توسط فكرة امتلاكي له. 

إذن يصتف هيوم الأهواء على نوعين: أهواء مباشرة وآهواء غير مباشرة. 
فَالزّهوٌ والضعة: المحيّة والبقضة أهواء غير مباشرة؛ بينما الرغبى والصدود. 

ام 


الرجاء والخوف, الفرح والقمّى أهواء مباشرة. ويتموضع الفرق بينهما 4 استلزام 
الهوى غير المباشر لعلاقة مزدوجة فكريّة وانطباعية. 4 حين يستلزم الهوى 
المباشر علاقة واحدة اتطباعيّة؛ إذ إِنّه يثور مباشرة عن الخير أو الشرٌ. ويتألف 
السبب من موضع وكيفيّة. وعلاقتنا بهذا الموضع هي هي العلاقة الفكرية؛ بينما 
علاقتنا بالكيفيّة هي هي العلاقة الاتطباعيّة: ولا يمكن لهذا السبب أن يؤثر 2 
توليد الهوى غير المباشر من دون آي من هاتين العلاقتين, © حين لا يحتاج الأ 
للعلاقة الانطباعيّة ب توليد هوى الفرح بجمال البيت. أما الموضوع فهو النقس 
الإنسانيّة ب جميع الأهواء: لكنها تختلف من نفس الفاعل 2 الأهواء الأنانيّة أي 
الزّهوٌ والضعة. 4 حين هي نمس المفعول به ج الأهواء الغيرية أي المحبة 
والبغضة والشفقة والضغينة. 

ومن التدقيق بالهوى نجد أنْ له خاصيتين. من حيث هو هوى."لذلك عندما 
قارنت هاتين الخاصيّتين المؤسستين للأهواء وهما:٠-‏ موضوعها الذي هو 
النفس. 7- إحساسها الذي إمّا أن يكون لادا أو أليماً"7'". إذن فالموضوع الخاص 
بالهوى محدد بواسطة غريزة غطريّة وأصليّة. ولا يمكن لذلك أن يكون غير 
كذلك» كما تشكل اللدّة والألم الإحساسات أو الانفعالات المخصوصة التي يثيرها 
الهوى 2 النفس والتي تولف ماهيته ذاتها. 

ونجد كذلك أن السبب ذو خاصيتين. وهما "... بالخاصيتين المفترضتين 
للأسباب وهما؛١‏ علاقتها بالنفس» ۲- ميلها لإنتاج ألم أو لذة فضلاً عن 
الهوى". بعبارة أخرى تولّد الكيفيّة الخاصة بالسبب لدّة أو ألما بالاستقلال عن 
الهوى ككل وهي ما تشكل العلاقة الانطباعيةء ب4 حين يكون الموضع الذي تلتزق 
به تلك الكيفية على علاقة بأنفسنا إن لم يكن جزءاً منهاء وهذه هي العلاقة الفكرية. 

مما يعني أن هيوم قد اجتهد للإجابة على عدد من الأسئلة. منهاء ما أنواع 
الهوى؟ مما يتكون الهوى؟ ما علاقة الهوى بالانطباع والفكرة5 كيف يثور الهوى؟ 
كيف ينتشر الهوى؟ ما القوانين التي تتحكم به؟ ما هي أسبابه وموضوعاته؟ 


.] 5[7[ اذهب إلى الصفحة ص‎ )١( 
.] 39[ (؟) اذهب إلى الصفحة ص‎ 
٣ - م رسالة في الطبيعة م‎ 


ومما تتکون هذه الأسباب بدورها؟ وقد استخدم المنهج الأمبيري لذلك الفرض. 
وهذا ما يفسر انطلاقه من مصادرات على المطلوب على أنها معطيات زودته بها 
الخبرة من مثل أن النقس والجسد شيء واحد ولا يوجد بينهما فرقء كذلك أن 
التفس موضوع مشترك للزهو والاتضاع: والمحبة والبغضة. يقول مثلاً: "من أن 
قوام القدرة يتأنّف من إمكانيّة أو احتماليّة أي فعل.كما تكشّف ذلك من خلال 
الخبرة والممارسة © العالم"7". 

كيف يثور الهوىة يجيب هيوم: 'ويما أن هذا قد تم فهمه بشکل كامل. 
فمن الممكن الآن التساؤل هل تنتج الطبيعةٌ الهوى من تلقاء ذاتها مباشرة؛ أو 
فيما إذا كان من الواجب إعانتها بأسباب أخرى مساعدة؟ لأنّه من الملاحظ و 
هذا الخصوصء أن سلوكها يختلف باختلاف الأهواء والاحساسات. إذ يجب إتارة 
إحساس التذوق بموضوع خارجي من أجل إنتاج أيّ طعم لذين؛ بك حين يُثار 
الجوع داخلياً من دون مؤازرة أي موضوع خارجي. لكن مهما تكن الحال مع 
الأهواء والانطباعات الأخرى. فمن المؤكد أن الزهو يستلزم مساعدة يعض 
المواضيع الأجنبية... وبناء على كلّ ما سبقء نهجع راضين بالنتيجة المتقدمة 
الذكرء أن الزّهوٌ يجب أن يكون له سبب وموضوع على حد سواءء وأنْ أحداهما لا 
يملك تأثيراً من دون الآخر"". ويتابع هيوم قائلاً: "تكمن الصعوبة إذن بي 
اكتشاف هذا السبب فقط. وإيجاد ما الذي يسبب التحرّك الأول للزهو ويضع 
تلك الأعضاء؛ الملائمة فطرياً لإنتاج ذلك الاتفعال: 4 حالة الفعل. ولدى رجوعي 
للخبرة لكي آحلٌّ هذه الصعوية؛ وجدت مباشرة مائة سبب مختلف يُحدث الزهو؛ 
ولدى فحص هذه الأسباب» افترضت ما شعرت ف البدء أنّه مرجح. وهو أنْها 
تجتمع 4 نوعين من الأحوال؛ وهما: -١‏ أنّها تنتج من تلقاء آنفسها انطباعاً 
متجانساً مع الهوى؛ ۲- أنّْها تحط على موضع متجانس مع موضوع الهوى. 
وعندما تأملتء؛ بعد هذاء طبيعة العلاقة وآثارها على الأهواء والأفكار على حنّ 
سواء. لم أقدر على الشك بعد ذلك بناءً على هذه الافتراضات. أن المبد! ذاته 


 ] 59 [ اذهب إلى الصفحة‎ )١( 
. ]٤۸ [ اذهب إلى الصفحة‎ )١( 
غ‎ 


الذي يشير الرَهو ويطلق الحركة ‏ هذه الأعضاء؛ التي وضعت فطرياً لإنتاج ذلك 
الأثر الوجداني؛ يستلزم فقط نبضة آولى أو بداية أولى لتفعيلها. فاي شيء 
يعطي إحساساً لاذأء ويتعلق بالنفس: يثير هوى الزُّهٌِء والذي يدوره ذا نكهة 
طيّبة. ويملك نفساً بمثابة موضوعه""". كذلك يقول: "إذن هذا هو وضع الذهن 
كما وصفته للتو. فهو يملك أعضاء معينه مناسبة لتوليد انفعال ما قاقياًء وذلك 
الانفعال. عندما يتولّد» يدير الفكر تلقائيّاً إلى موضوع معين. لكن يما أن هذا لا 
يكفي لتوليد الانفعال. فمن الضروري أن يوجد هناك اتفمال آخرء يضع هذه 
المبادئ # حالة الفعل. بواسطة علاقة انطباعية فكريّة مزدوجةء بحيث يمنحها 
النيضة الأول ". 
ويتحدث ديفد هيوم عن أريع ملكات: المخيّلة والفاهمة والهويّة والعقل. 
الفاهمة"تستهلك الفاهمة ذاتها بطريقتين مختلفتين؛ حيث تحكم من خلال البرهان 
الاستنباطي أو الاحتمالي؛ بما يتعلّق بالعلاقات المجرّدة بين أفكارناء أو بالعلاقات 
بين تلك المواضيع التي تزودنا الخبرةء والخبرة فقط .. بمعلومات عنها"". 
الهُويّة: اللكة المسؤولة عن الأهواء. وهي تتحرك بسهولة من الأعلى إلى 
الأسفل ومن الأعظم شأناً إلى الأدنى شأناًء وتتحرّك بالاتجاه المعاكس بصعوبة. 
كما تشتغل حسب مبدأ التشابه؛ أي تنتقل بسهوئة من هوی إلى آخر إذا كانا 
متشابهين: بينما تنتقل بصعوية إذا كانا متنافرين بالنوع أو بالدرجة. 'وتعتبر 
المخيلة رشيقة وسريعة بصورة حادة؛ ب4 حين تعتبر الهويّة بطيئة ومتململةء ولهذه 
المّةه عندما يحضر آي موضوع؛ قادر على توفير تشكيلة من الأفكار للمخيلة, 
وأخرى من الانفعالابٌ للهّويّة. لن تولّد كل طرقة إشارة انفعاليّة منفصلة ومتميزة, 
على الرغم من أنّ الواهمة قد تغيّر أفكارها بسرعة كبيرة. بل إن الانفعال الأول 
سيبقى دائماً مختلطاً ومركباً مع الآخر". 
)١(‏ اذهب إلى الصفحة ]٤۸[‏ . 
(۲) اذهب إلى الصقحة[ ]11١‏ . 
(۳) اذهب إلى الصفحة ٠١١[‏ ]. 
)٤(‏ اذهب إلى الصقحة [310 ]. 
o‏ 


المخيّلة: الملكة العقليّة المسؤولة عن العلاقات الفكريّة. وهي تتحرك بسهولة 
من الأقل قربا إلى الأكثر قربا ومن الأقل شأناً إلى الأعظم شاناً. ومن الأقل 
وضوحاً إلى الأكثر وضوحاًء بينما تتحرّك بصعوية بالاتجاه المعاكس. وحتى تكون 
العلاقة بين أي موضوعين قويّة, لا يكفي أن تنتقل المخيّلة من الأول إلى الثاني 
بيسر وسهولةء بل يجب أن تعود من الموضوع الثاني إلى الأول بالسهولة واليسر 
نفسهما. "لأن المخيلة تمر بسهولة من الأفكار الفامضة إلى الأفكار الواضحة: 2 
حين تمر بصعوية من الأفكار الواضحة إلى الأفكار الغامضة"7"). و"من أجل توليد 
علاقة كاملة بين موضوعين: لا يلزم فقط أن تنتقل المخيلة من الأول إلى الآخر 
من خلال التشايه؛ أو التجاور؛ أو السببيةء بل أن تعود أيضاً من الثاني إلى الأول 
بالسهولة واليسر ذاتهما"9. وتتأرجح المخيلة بين الأفكار المتناقضة؛ يقول 
هيوم:'إذ تتذبذب المخيلة أو الفاهمة؛ سمّها ما شئت: بين الأفكار المتعارضة"0". 

أما العقل فيعرفه هيوم بأنّه”وجدانيّات من النوع السابق (الهوى) نفسه؛ 
لكنّها تشتغل بهدوء أكبرء ولا تسبّب اضطراباً 2 المزاج؛ الذي يقودنا رويداً رويداً 
إلى خطأ يتعلّق بالحكم عليهاء ويجعلنا نشير إليها كنتائج فقط للكاتنا الفكريّة. 
وتتنوع آثار وأسياب هذه الأهواء العنيفة والساكنة على حد سواء بصورة كبيرة. 
وتعتمد بدرجة كبيرة على المزاج والطبع الخاصين بكلّ إنسان بصورة فردية" . 

ما الذهن فيعرفه هيوم: "الآن من المؤكد وجود رغبات وميول معينة 
ساكنة؛ تونّد. على الرغم من أَنّها أهواء حقيقيّة, انفعالاً صغيراً 4 الذهن: وهي 
معروفة بآثارها أكثر من الشعور أو الإحساس المباشر بها. وهذه الرغبات على 
نوعين: ١‏ إما غرائز معيّنة مغروسة أصلاً ب4 طبيعتناء مثل الخيريّة والحفيظة. 
ومحبّة الحياة؛ واللطف بالأطفال. 7١‏ أو الاشتهاء العام للخيرء والصدود عن 
الشرٌء باعتبار ما هما ذاتيهما ليس إلا"0. 


.] ٠١7 [ اذهب إلى الصفحة‎ )١( 
.]1١١4[ اذهب إلى الصفحة‎ )۲( 
.] 159[ (؟) اذهب إلى الصفحة‎ 
.] ۱١۸ اذهب إلى الصفقحة‎ )٤( 
.]160 [ اذهب إلى الصقحة‎ )0( 
001 


وفضلاً عن الخاصيات الفطريّة التي تحدث عنها هيوم 2 الطبيعة 
الإنسانيّة. وهي تداعي الأفكار بالتشابه والتجاور والسببيّة. وتداعي الانطباعات 
بالتشابهء ومساعدة هذه التداعيات لبعضها بعض. يتحدث هيوم عن مبادئ أخرى 
تتدخل # بناء الأهواء الإنسانية وتتقوم بالخاصيّات السابقة: وهي التعاطف 
والمقارنة. التعاطف: يشير هيوم على أهمية التعاطف 2 نظامه بقوله: "ومهما 
تكن الأهواء الأخرى التي يمكن أن ننفعل بهاء الهو أو الطموح؛ أو الطمع؛ أو 
الفضول؛ أو الثآر؛ أو الشيق؛ فان روحها أو المبدأ المحيي لها كلها هو التعاطف”'. 
ويقوم التعاطف نفسه على التشابه الكبير بين أغراد النوع الإنساني الذي حفظته 
الطبيعة؛ يقول هيوم: "يتضح الآن أنْ الطبيعة قد حَفظّت تشابهاً عظيماً بين كل 
المخلوقات الإنسانيّة, إذ إننا لا نلاحظ أي هوى أو مبدأ عند الآخرين من النوع 
الذي لا نجد ما يوازيه 4 أنفسنا بدرجة أو بأخرى.ونجد أن الوضع ذاته ينطبق 
على تركيب الذهن كما ينطبق على تركيب الجسد"". لكن التشابه لا يشكل 
العلاقة الوحيدة التي تتسبب بذلك» إذ لا تؤثر عواطف الآخرين ذينا عندما تكون 
بعيدة عنا. " ولا بد من علاقة التجاور حتى تتواصل مع بعضها بالكامل. وقد 
تساهم علاقات القربى؛ بكونها نوعاً من السببيّة أحياناً بالأثر نفسه". 

لكن ما طبيعة التعاطف نفسه؟ يقول هيوم: "إذن يوجد 2 التعاطف ارتداد 
واضح من الفكرة إلى الانطباع وینشا 2 هذا الارتداد من علاقة المواضيع بأنفسناء 
ولان ذواتنا حاضرة دائماً لنا بصورة وثيقة"9). إذ ندرك أنفسنا بصورة حيوية. 
وکل ما يتعلّق بنا ندركه بحيوية متناسبة مع درجة قريه بناء بالتالي فَإنْ الفكرة 
التي نكتسبها عن الآخرين تحصل على حيويّة من الحيوية التي تدرك بها أنفسنا 
وبذلك ترتد هذه الفكرة إلى انطباعها الأصليء؛ إذ ليس الفرق به بين الفكرة 
والانطباع إلا 4 درجة الحيوية. إذن يبدأ التعاطف من المخيلة "فمن الواضح 


.] 115[ اذهب إلى الصفحة‎ )١( 
] 45[ (؟) اذهب إلى الصفحة‎ 
]45[ (؟) اذهب إلى الصفحة‎ 
.]84[ اذهب إلى الصفحة‎ )٤( 
FY 


فعلاً. عندما نتعاطف مع أهواء وعواطف الآخرين. ظهور هذه الحركات 
الوجدانيّة أولاً 2 أذهاننا كأفكار ليس إلا"20. 

ويقع التعاطف على درجات وبذلك تختلف الأهواء التي تنجم عن ذلك 
"لقد ذكرت سيبين مختلفين: ينشا بهما انتقال الأهواءء هما: العلاقة المزدوجة من 
الأفكار والانطباعات. والعلاقة المشابهة لهاء المماثلة 2 الميل والاتجاه لأي 
رغبتين. تثوران من مبادئ مختلفة. الآن أجزم.: آله عندما يكون التعاطف مع 
الكدر ضعيفاً. فإنه يولد اليغضة أو الازدراء بواسطة السبب الأسبق. وعندما 
يكون التعاطف مع الكدر قوياً فإنه يونّد محبة أو رقّة بواسطة السبب اللاحق"". 
وكذلك فإن للتعاطف مساحة امتداد " فالانطباع القوي. عندما ينتقل؛ يعطي ميلا 
مزدوجاً للأهواءء التي تتصل بالخيريّة والمحبّة بواسطة التشابه © الاتجاه مهما 
كان الانطباع الأول موّناً. أما الانطباع الضعيفه إذا كان مؤلاً. فَإِنّه يتصل 
بالغضب والبغضة بواسطة التشابه بالاحساسات. لذلك تثور الخيريّة. من درجة 
عظيمة من البؤس. أو آي درجة متعاطفة معها بقوة: آما البغضة أو الازدراء فَإِنّه 
يثور من درجة صغيرة. أو درجة متعاطفة معها بشكل ضعيف". ويبرهن سفر 
البعض للعمل بأشغال حقيرة ما كانوا ليعملوا بها 4 الوطن بين أصحابهم 
وأقاريهم. على أهميّة التعاطف. حيث ننزعج أشد الانزعاج من ازدراء القريبين 
منا بالمكان والدم؛ فكلّما ازداد قرب الموضوع متا ازداد تعاطفنا معه. بالتالي 
تتفصم العلاقة بفصم هذا القرب سواء أكانت مكانيّة آم زمانيةء وتندثر الأهواء. 
و4 نهاية التحليل يتضح أن التعاطف. عند هيومء تعبير عن تأثير الوسط 
الاجتماعي بالإنسان واكتسابه لمعارفه وآهوائه عن طريقه. 

المقارنة: تعتبر المقارنة مبداً رئيساً آخر يعتمد عليه نظام هيوم الفاسفي بك 
النفس الإنسانيةء ونشوء الأهواء وعلاقاتها بعضها ببعض. يقول هيوم: "على العموم 
نلاحظ ب كل أنواع المقارنة: أن الموضوع يحملنا دائمأ على تلقي» من موضوع آخر 
)١(‏ اذهب إلى الصفحة [45]. 
(؟) اذهب إلى الصفحة [؟؟1]. 
(؟) اذهب إلى الصفحة [ .]1١44‏ 


تتم مقارنته به إحساساً مناقضاً للإحساس الناشئ من الموضوع الآخر نفسه لدى 
معاينته من دون توسطات وبشكل مباشر3". وهذه المقارنة لا تتم بصورة فوضوية. 
بل تخضع لعدة مبادئ, "أنه لأمر جدير بالملاحظة, ذلك الذي يتعلّق بالحسد, 
والذي يثور من تفوق الآخرين: حيث لا يثور من عدم التناسب بين ذواتا والآخرين. 
بل على العكس من قرب بعضنا من بعض» مثلاً لا يحمل جندي عادي حسداً 
كبيراً للجنرال مثلما يحمل للرقيب أو للعريف.... لكن من جهة أخرى نعتير أن 
عدم التناسب العظيم يقطع العلاقةء وأنّه إما أن يحفظنا من مقارنة أنفسنا مع 
ما هو بعيد عناء أو أن ينقص آثار المقارنة". يولد التشابه والتجاور إذن علاقات 
فكريّة ضروريّة لريط الحوادث والمواضيع بعضها ببعض 2 المخيّلة.بالتالي" 
فنقص العلاقة الفكريّة يقطع العلاقة الانطباعية: ويهذا الفصل تتم إعاقة تأثيرها 
وشغلها المتيادل. ونلاحظ حتى نثبت هذاء أن التقارب © درجة الجدارة ليس 
كافياً لوحده لإثارة الحسد» بل يجب رفده بعلاقات أخرى. فالشاعر غير قادر 
على حسد فيلسوف ماء أو شاعر من نوع مختلف» من أمّة مختلفة أو من عمر 
مختلف. فكل هذه الفروق تعيق أو تضعف المقارنة, وبالملحصلة تضعف الانفعال."©. 
وبي نهاية التحليل نلحظ أن المقارنة تشكّل رد الفعل الإنساني على الوسط 
المحيط أو على الشرط التاريخي الخارجيء ويهذا تتكامل العلاقتين؛ التعاطف مع 
الخارج: والمقارنة رد الفعل على الخارج من الداخل؛ لبناء الأهواء الإنسانية. 

سابعاً: دراسة نقدية للكتاب ( 2 الأهواء ): 

يتأنّف الكتاب من ثلاثة أبواب: يبحث الباب الأول 4 أهواء الزّهو والضعة: 
أسبابهما وموضوعهماء جد أنّْ موضوعهما مشترك فيما بيتهماء وهو النقس 
الإنسانيّة؛ نفس الفاعل للزاهي أو للمتّضع, أما أسبابهما فهي منتوعة وتمتد من 
كيفيّات العقل والجسد إلى كيفيّات المواضيع ذات العلاقة بناء أي من الفضيلة 
والجمال إلى الملكيّات وحسن السمعة؛ ويتتاونها هيوم بالتحليل مبيناً قيامها على 
)١(‏ اذهب إلى الصفحة ١99/[‏ ]. 
(۲) اذهب إلى الصفحة [158 ]. 
("؟) اذهب إلى الصفحة ١54[‏ ]. 

۳۹ 


علاقة مزدوجة فكريّة وانطباعيّة. ويفرد فصلاً للحديث عن الزّهوٌ والضعة عند 
الحيوانات؛ الأمر الذي لا يخلو من دلالةء تفيد أنْ هذه الأهواء طبيعية؛ أي تنثمى 
للطبيعة الحيّة بك الإنسان والحيوان. 0 

و خصوص نحت المصطلح المريي ال مناسب للمصطاح الإنكليزي 06نم 
المستخدم 4ے النص عند هيوم. فقد وجدت 4 القاموس عدة مماني لهذا 
المصطلح. الكبر, الفخرء الزهوٌ. وقد وجدت عند أبو هلال العسكري 4 الفروقٌ 
بل اللفة أن الكبر يعني إظهار عظم الشآن ورفع النفس فوق الاستحقاق. 
وبالتحليل نجد أن (إظهار عظم الشأن) يفيد أن النفس عظيمة أصلاً وكل ما 
يفعله المتكير هو إظهار هذا الأمر للآخرء إذن الآخر ضروريء بالتالي الكبر هوى 
اجتماعي طالما أنه يستلزم وجود الآخر. و( رفع النفس فوق الاستحقاق ) تفيد أن 
النفس ذات استحقاق على درجة معينة: بالتالي فإن الكبر يستحضر أهلية النفس 
وجدارة قواها وأصلها وفصلهاء الأمر الذي يتناسب مع المرحلة الإقطاعية 
واتغلاق النخبة بوجه الطيقات الدتيا لأن الدخول إليها يكون عن طريق التناسل 
بالدم. والقخر يعني عند الجرجاني 2 التعريفات التطاول على الناس بتعديد 
المناقب» الذي ينتهي إلى ما انتهى إليه الكبر طاما أن الآخر مطلوب لبناءء 
(التطاول على الناس ) وطللما أن جدارة التفس وأهلية قواها مطلوية أيضاً (تعديد 
المناقب). بينما الزهو عند أبو هلال العسكري ذيعني ارتقاع النفس يمال أو بجاه: 
إذن يفيد الدلالة على هوى نفسي أنوي صرف ولذين يشعر به المرء 4 داخله من 
دون حاجة لوجود الآخر. الأمر الذي يتلاءم مع فردية العصر البرجوازي؛ من 
جهة ومن جهة ثانية لا ضرورة للبحث عن جدارة التفس وأهليتها وتسبها وأصلها 
وفصلهاء الأمر الذي يتوافق مع فتح البرجوازية لأبواب النخبة أمام أي وافد 
جديد. قد يعترض علينا البعض قائلاً: أن العرب قالت بالكبر والزهو لوصف 
سجايا أخلاقية أو حالات نفسية ولم يكن ثمة برجوازية أو إقطاعية فما تبرير 
استخدامها كما وردت © الرسالة؟ نجيب أن سيرورة التطور الحضاري تأتي 
بمعان جديدة لم تكن معروفة سابقاً. فلابد حينها من إزاحة الكلمات القديمة 
بصورة واعية ومقصودة من قبل الباحثين حتى يواكبوا سيرورة التطور وإلا 

f 


خرجوا من التاريخ. هذا من جهة ومن جهة أخرى يعتبر المجتمع العربي الوسيط 
مجتمعاً إقطاعياً بامتياز وصل إلى مشارف المرحلة البرجوازية الصناعية. 

أما بخصوص المصطلح المعادل للمصطلح الانكليزي راناس فقد 
اخترت الضعة' لأنني وجدت أن التذلل يعني: إظهار العجز عن مقاومة من 
يتذلل له. الصّفار: الاعتراف بالذل. الذل: الانقياد كرهاً. الخضوع: يكون أمام 
قوة إنسانية ضاغطة. الضعة لا تكون إلا بفعل الإنسان بنفسه ولا يكون بفعل 
غيره وضيعاً كما يكون ذليلاً بفعل غيره: وهذا ما يتناسب مع الفردية 
البرجوازية.ومع حديث هيوم أن المرء يكون وضيعاً من أملاكه الحقيرة. أمّا 
التواضع فهو إظهار قدرة من يتواضع له سواء أكان ذا قدرة على المتواضع أم لاء 
وهو آمر محمود بعكس الضعة المذمومةء وهذا ما انتهت إليه حال الناس بي 
العصور الوسطى بفضل الفكر والمؤسسات الكنسية؛ التي جعلت من التسامح 
ضعفاً وذلًء ومن المحبة انقياداًء ومن التواضع خضوعاً؛ بالتالي كان أكثر تعبيراً 
عن واقع الحال.كما أن اتضاع على وزن افتعال وهذا الوزن يفيد أن الذات تدخل 
على موضوعها أو حالتهاء وهذا لم يرد عند هيوم. 

وبحث هيوم ب2 الباب الثاني أهواء المحبة والبغضة؛ وتتاولهما بمثابة أهواء 
غيريّة تخص الآخر, بينما الزّهوٌ والضعة أهواء أنانيّة تخص الأنا ولا تخرج من 
نطاقهاء "لان الزّمِوٌ و الضعة انفعالات روحيّة صرفة؛ وغير مصحوبة بأي رغبى, 
ولا تثيرنا للفعل بشكل مباشر. لكنْ المحبّة والبغضة ليستا مكتملتان .2 ذاتهماء 
ولا تهجعان 4 ذلك الانقعال الذي تنتجانه؛ بل تحملان العقل إلى ما هو أبعد؛ إذ 
تتبع المحبّة دوماً رغبى 4 إسعاد الشخص المحبوب. وصدود عن إتعاسه. كذلك 
تولّد البغضة رُغبى بإتعاس الشخص المكروهء وصدود عن إسهاده'7". ويتحدث 


(1) كنت قد أستخدمت مصطلح الاتضاع ا نص رسالة الماجستير لكنتي أعدل عته بعد 
التدقيق إلى الضعة . 
(۲) القروق ا اللغة, أبو هلال العسكري؛ طه؛ تحقيق لجنة أحياء التراث العريي ‏ دار الآفاق 
الجديدة: بيروت..دار الآفاق الجديدة: ۱۹۸۳م؛ ص٤٤۲.‏ 
(؟) أذهب إلى الصفحة  ]1١60[‏ 
1 5- 


هيوم عنهما يوصفهما جنسين تتضوي تحت تحت كل منهما أنواع عديدة: فالمحبة 
تشمل الخيرية والشفقة والرآفة والتبجیل. بينها تشمل البقضة الفضب والضغينة 
والحقد والحسد» وهنا آيضاً يتتبع هيوم أسبابها مفتشاً عن الملاقة المزدوجة 
الفكريّة والانطباعيّة. 


وي خصوص ترجمة المصطاح الانكليزي 1.076 فقد وجدت أن المحبّة! من 
قبيل الإرادة و تجري على الشيء و يكون المراد به غيره وليس كذلك الإرادة. تقول 
أحببت زيداً و المراد أنك تحب إكرامه ونفعهء ولا يقال أردت زيداً بهذا المعنى: 
نقيضها البقضة. والشهوة تعلق بال ملادٌ فقط و المحيّة تتعلّق بالملاذ وغيرها. 
والمحبة تكون فيما يوجبه ميل الطباع والحكمة جميعاً بينما الود من جهة ميل 
الطباع فقط. والعشق شدة الشهوة لنيل المراد من المعشوق.نلاحظ أن هيوم 4 
حديثه عن المحبّة أستلزم وجود الآخرء كما مر أعلاهء الأمر الذي يتتاسب مع 
المعاني العرييةء هذا من جهة ومن جهة أخرى المحبة عند هيوم تحتاج إلى علاقة 
فكرية؛ يقول هيوم؛ "أول هذه الافتراضات» وجوب تعلّق سبب المحيّة و اليفضة 
بشخص أو كائن مفكّر لكي تتولّد هذه الأهواء و هو ليس محتملاً فقط لكنّه من 
الوضوح لدرجة لا يمكن معارضته معها"(" الأمر الذي يتناسب مع قول أبو هلال: 
(والمحيّة تكون فيما يوجبه ميل الطباع والحكمة جميعاً بينما الود من جهة ميل 
الطباع فقط). لكن 4 حديثه عن المحبّة بين الجنسين أدخل هيوم دلالةجديدة 
هي الغريزة الجنسيّة لذلك كان لابد من استخدام مصطلح العشق للدلالة على 
المعنى الجديد مع المعاني القديمةء كما أوضح ذلك أبو هلال بقوله: (والعشق شدة 
الشهوة لنيل المراد من المعشوق). وكما وجدنا عند أبو هلال أن البغضة نقيض 
المحبة لذلك استخدمتها كمقابل للمصطلح الانكليزي 118564 يقول أبو 
هلال: أن البقّضة!" "إرادة الاستحقار والإهانة" و"ونقيضها المحبّة" و"والفرق 


. 1١521١4 القروق 2 اللفة. مرجع سابق: ص‎ )١( 
.] 46 [ (؟) اذهب إلى الصفحة‎ 
(؟) الفروق 2 اللغة: مرجع سابق؛: ص 174:115: 171 على التوالي. وقد وقع الأختيار على البفضة‎ 
دون البغضاء لأنّها قريبة من وزن المحبّة ويذلك نحافظ على النزعة الميكانيكية عند هيوم‎ 
غ‎ 


بين قولنا يبغضه وقولنا لا يحبه؛ أن قولنا لا يحبه آبلغ من حيث يتوهم إذا قال 
يبفضه آنه يبغضه من وجه ويحبه من وجه آخر. وبالمقارنة مع ما قاله هيوم: 
"وذلك لأنْ المحبّة والبغضة متضادتان بشكل مباشر 4 احساساتهما"" نجد 
مقدار التقارب بينهما. 

ويقول هيومويتضح هذا الأمر بصورة وافية من الخبرة. حيث تتجه 
محبتنا وبغضنا نحو كائن ما محسوس وخارجي بالنسبة إليناء وعندما نتحدث 
عن محبة الذات فَإِنْ حديثا لا يكون با معنى الصحيح» كما أنه لا يملك الإحساس 
الذي ينتجه آي شيء بالاشتراك مع ذلك الانفعال الرقيقء الذي تثيره صديقة أو 
عشيقة؛ ويكون الحال كذلك مع البغضة. فمن الممكن أن نموت خجلاً من عيوينا 
وحماقاتنا الذاتية من دون أن نشعر بأيّ غضب أو بغضة اتجاه آنفسناء لكتنا 
نفعل ذلك من أذيّة الآخرين لنا.'27. بعبارة أخرى لا يشمل هيوم حب الإنسان 
لنفسه ضمن هوى المحبةء ولا كره الإنسان لنفسه ضمن هوى البغضة:؛ لماذا؟ لأنه 
إذا أدختهما 2 الهويين سيصطدم مع توجهه الذاتي 4 تفسير السيب؛ فالسيب 
يتركب من موضع وكيفية تلزق بهء والكيفية ليست ذات وجود موضوعي؛ بل إنها 
تنتمي للنفس؛ بصفة قالب فارغ تأتي معطيات الموضع لتملتها فيقع المعنى والهوى 
بالتالي؛ هذا من جهة وسيب وموضوع الهوى شيئان مختلفان عن بعضهما بعضاً 
من جهة أخرىء كما يقول" وعلى الرغم من أنْ موضوع المحبّة والبغضة على 
الدوام شخص ما آخر؛ فمن الواضح أن هذا الموضوع ليس» بقول صحيح: سبياً 
لهذه الأهواءء"" بالتالي إذا شمل حب النفس أو بفضها ضمن الأهواء صار 
السبب والموضوع شيء واحدء وهذا ما حرص هيوم على استبعاده.حتى لا 
يتناقض مع نفسه. 

ويفرد هيوم الباب الثالث للحديث عن الأهواء المباشرة: والتي تشمل 
الرجاء والخوف, الفرح والعْمّى» الرغيى والصدود. بينما يعتبر الأهواء الواردة ب2 


. ] 85 [ اذهب إلى الصفحة‎ )١( 
. ] 47 [ اذهب إلى الصفحة‎ )( 
- ]85 [ (؟) اذهب إلى الصفحة‎ 
ث7 مه‎ 


البابين السابقين آهواء غير مباشرة؛ حيث تنشأ الأهواء المباشرة عن الخير أو 
الشرّ رآساً من دون توسطات من كيفيّات أخرى. الأمر الذي تلحظه 4 الأهواء 
غير المباشرة. فالفرح الذي نجده لحضورنا وليمة كبيرة تتمتّم فيها حواسنا 
بالطيبات من كل الأنواع. هوى مباشر لوجود علاقة انطباعيّة فقط بيننا وبين 
السبب (الوليمة) بيتما صاحب الوليمة ينقعل بهوى الزهو لوجود علاقة فكرية 
هي علاقة الملكيّة إلى جانب العلاقة الاتطباعيّة السايقة. وهنا يُلحظ أن هيوم لم 
يفسر ماذا يقصد من أن الأهواء غير المباشرة تملك موضوعاً © حين لا تملكه 
الأهواء المباشرة."وأنا أعتبر أن العلّة 4 حساسية وضع الزّهوٌ أكثر من الفرح ب 
هذا الخصوص. وفقاً لما يلي: يوجد موضوعان من أجل إثارة الزّهو يجب أن 
نمعن فيهما النظر دائمأ وهما: السبب أو ذلك الموضوع الذي يولد اللذة: والنفس 
التي هي الموضوع الحقيقي للهوى ‏ حين لا يملك الفرح إلا موضوعاً واحداً 
فقط. ضرورياً لتوليده وهو الذي يحدث اللذة, وعلى الرغم من ضرورة حمل هذا 
الموضوع علاقة ما بالنفس؛ إل أن ذلك لازم من أجل جعله طيباً؛ وليست النفس: 
بقول صحيح: موضوع هذا الهوى0". 

وي الفصل العاشر ( الفضول أو محبة الحقيقة ) يقول هيوم ولتوضيح 
كل هذا عن طريق حالة مشابهة. الاحظ أنه لا يمكن أن يوجد عَوَيانَ يشبهان 
بعضهنا بعضاء اكثرمخ اهواء الصيد والفلسفة... وإذا ردنا شبيهاً خر لهت 
الوجدانيات. يمكننا أن نتأمئل هوى القمارء الذي يقدم لذّة تقوم على مبادئ 
الصيد والفاسفة نفسها.'"".إذن يساوي هيوم بين آهواء الصيد والفلسفة والمقامرة. 


(1) اذهب إلى الصفحة [ ١١‏ ]. 
(۲) اذهب إلى الصفحة [ 1۸۸]. 
--44- 


ترجمتي والمصطاح: 
أولاً ٠‏ ترجمتي 
ثانياً؛ المصطلح 


~$0 


ترجمتي والمصطلح 


أولاً: ترجمتي. 

يجب أن تحافظ عميلة النقل أو الترجمة على خصوصية النص الأصل؛ إذ 
لا يمكن ترجمة نص شعري إلى نص علمي فيزيائيء وبالمثل يحوز النص الفلسقي 
خصوصية لابدّ من الحفاظ عليهاء وإلاً ضاعت الغاية من العمل» وهنا يستوقفنا 
إدعاء بعضهم أنّ اللفة العربية لا تقدر على القول الفلسفي سواء أكان على 
مستوى العبارة أم على مستوى المصطلح. الأمر الذي ينتهي بازدرائها والحط من 
قيمتها. والرد على هذا الإدعاء يأتي 4 سياق هذا العمل.. 

وقد تمّ الحرص على آن لا تحال الفلسفة إلى اللغة العربيّة أو إلى الفقه أو 
إلى العلم أو آي شيء آخر خارجهاء بل أن تبقى الإحالة إلى الفلسفة ذاتها. 

وتم الانتباه كذلك إلى ضرورة أن يكون العمل واضحاً ودقيقاً وميسراً 
وقريباً. فيتمكّن قارئ العرييّة من فهمه دون العودة إلى النص الأصلي أو إلى 
دائرة المعارف أو أي شيء آخر. 

وبالإطلاع على جهود المترجمين وجدتها تنحو 4 ثلاثة متاح: الأول: يبقى 
المترجم فيه على سطح النص؛ حيث يعمل على نقل الكلمات والمصطلحات إلى 
مثيلاتها ومقابلاتها 4 لفته بالحرف» فتكون النتيجة على حساب المعنى 
والمضمون. الأمر الذي يطيح بخصوصية النص؛ لنجد نصاً مسخأ لا يسمن ولا 
يغني من جوع. 

الثاني: يبتعد فيه المترجم عن الرسم والكلمات والمصطلحات ليركّز جهوده 
على المعنى والمضمون فينقل المعنى كما وجده هو دون اهتمام بالكلمات 
والمصطلحات الأصليّة للنص التي حملت تلك المعاني» فيأتي التقل على حسابها 
والنتيجة تكون نصاً جديداً مختلفاً عن النص الأصلي بقليل أو كثير. 

ء٦‎ 


الثالث: يجتهد المترجم فيه لنقل التص بالتوازي بين المبتى والمعنى؛ كما 
تيح له لغته ومقدار طواعيتها لهذه المعاني التي ربما تكون جديدة عليهاء فيحاول 
المترجم؛ ما وسعه ذلك: نحت مصطلحات جديدة تعينه على غرضه أو استعمال 
كلمات قديمة لمعان جديدة؛ حتى يعيد بناء النص الأجنبي بلفته القومية. ليخرج 
نصاً أصيلاً أصالته بلغته الأولى. 

وقد آثرت لنفسي الالتزام بالمنحى الثالث بك الترجمةء الذي يلتزم 
بالخصوصيّة الفلسفيّة للنص ويعبر عنها كما يعبر عن روح الفيلسوف صاحب 
التنص؛ ويلتزم بقواعد اللفة العربيّة ومبادتهاء بذلك يجد قارئ العربيّة نصاً 
فلسفياً عريياً. فإذا استعصى عليه لم تكن الحجة عليتا بامتتاع اللغة بل عليه 
بامتناع الفلسقة. 

أما على صعيد الآليات العمليّة فقد كان العمل يبدأ من استخراج المعاني 
العربية للكلمة الإنكليزية حسبما وردت 2 المعجمات, ومن ثم التدقيق به الفروق 
بين تلك ال معاني العربيّة لاختيار أيها أكثر موافقة للمعنى المقصود 4 النص 
الأصلي من خلال العمل على المراجع العرييّة التي اهتمت بهذا النوع من الفروق 
مثل التعريفات للجرجاني والكليّات لأبي البقاء والفروق 4 اللفة للمسكري. ثم 
المقارنة بين النص العربي الناتج والإنكليزي للوقوف على وضوح الأفكار وجودة 
صياغتها ومقاربتها للمعاني التي عبر عنها النص الأصلي. كل ذلك 4 سياق 
عميلة مركبة معقدة جدلية بين اللفة العريية واللغة الإنكليزية 4# قواعد النحو 
ومبادئ الصرف. ومن النتائج التي يمكن الإشارة إليها هيمنة التأنيث على 
المصطلحات العرييّة مثل البفضة وال محبّة والشفقة والضفيتة؛ على اعتبار أنُهاد 
كما أحسب .. أرحب دلالة وأوسع فضاء وأقوى نفعاً من المصطلحات المذكرة 
خاصة عند التعبير عن الأفاهيم العامّة, التي استخدمها هيوم للتعبير عن 
الأجناس العامّة التي تحتوي على أنواع» "فالمحبّة تُظهر نفسها بمظهر اللطافة 
والصداقة والألفة والتقدير والنيّة الحسنة ومظاهر أخرى عديدة؛ هي 2 العمق 
الوجدانيّات نفسهاء وتنشاً من الأسباب نفسها؛ رغم وجود تغاير بسيط» ليس من 


الضروري إعطاء أي تفسير مخصوص عنه. ولهذا السبب آلزمت نفسي على 
طول الخط بالهوى الرئيس"20. 

و4 الختام لابدّ من الإشارة إلى الصهوبات التي اعترضت العمل خاصة 
تلك التي تنيع من أسلوب الفيلسوف نفسه. وهو أسلوب المبتدى 4 فن الكتابة, 
ولا عجب أن قام فيما بعد بتتقيحه وتيسيره وإعادة نشرهء فقد استوقفني غير 
مرة تنقله من دور الراوي المفرد الغائب الحيادي بالنسبة إلى الحدث إلى الراوي 
امفرد الحاضر الذي يقوم بالحدث بنفسه ي المقطع نفسه "لا يقطع الزواج 
الثاني للأم العلاقة بين الولد والوالدة. وتكقي تلك العلاقة لتنقل مخيّلتي من 
نسي إليها بأعظم سهولة ويسر ممكنين. لكن بعد أن تصل المخيّلة لهذه النقطة 
من الرؤية» تجد موضوعها محاصراً بعلاقات أخرى عديدة. تعترض على 
تقديرهاء لدرجة لا تعرف معها أيّها تمفضل؛ وترتبك ‏ انتخاب الموضوع الجديد. 
إذ توثقها قيود مثل المنفعة والواجب نحو عائلة أخرىء وتعيق عودة الواهمة منها 
إلى نفسي. تلك العودة الضرورية لدعم الوحدة. إذ لم يمد الفكر مالكاً للتأرجح 
اللازم لكي يضعه بك وضع مريح بشكل تام وليسترسل ك ميله للتغيير. فهو 
يذهب 4# يسر. لكنه يعود بصعوية؛ ويجد بهذا الانقطاع؛ أنْ تلك العلاقة تضعف 
كثيراً عمًا سيكون, فيما لو كان الممر مفتوحاً وميسراً من كلا الجهتين"". كذلك 
استوقفني استخدام الفيلسوف المرتبك للمصطلحات؛ إذ يستيدلها دون تنويه 
لذلك. أو كأنها متمائلة ولا فرق بينها كما بے "وبناء على كل ما سبقء يلف 
الهويان المتضادان بعضهما بعضاً بالتناوب؛ عندما ينشآن عن مواضيع مختلفة, 
ويدمّران بعضهما بعضاً بصورة متيادلة عندما ينطلقان من أجزاء مختلفة من ٠‏ 
الموضوع نفسه؛ ويتعايشان: ويتخالطان ببعضهما بعضاً؛ عندما يتم اشتقاقهما من 
الاحتمالات أو الحظوظ المتضادة وغير المتناظرة» التي يعتمد عليها موضوع أي 
منهما. ويُرى تأثير العلاقات الفكريّة بوضوح ‏ هذا الأمر برمته. فإذا كانت 
مواضيع الأهواء المتناقضة مختلفة بالكامل؛ قَإِنْ الأهواء تشيه شرابان متعاكسان 


)١(‏ اذهب إلى الصفحة 184 ء 
(۲) اذهب إلى الصفحة ٠١5‏ . 
-لىرع- 


2 زجاجتين مختلفتين, حيث لا يملكان آي تأثير على بعضهما بعضاً. وإذا اتصلت 
المواضيع بشكل حميميء فان الأهواء تشبه مادة قلويّة وأخرى حمضيّة, ما إن 
تختلطان حتى يدمّران بعضهما بعضاً. وإذا كانت العلاقة أكثر نقصاً؛ وتتألّف من 
الأفكار المتناقضة عن الموضوع نفسهء تشبه الأهواء الزيت والخل؛ اللذين لا 
يتّحدان ولا يندمجان بشكل تام مهما اختلطا"0". 

كما لا تفوتنا الإشارة إلى الصعوية الناشئة عن خصوصية اللغة العرييّة بخ 
طرق التعبير فضلاً عن قواعد النحو والصرف, مثلاً: من المفضل أن لا يقال 2 
العربية "يوسم الروح ويعطيها بهجة ولدّة محسوسة<". بل أن يقال "يوس الروح 
ويبهجها ويلّدّها بصورة محسوسة". لكنني آثرت الصياغة الأولى؛ لأنّها توافق 
الغرض من البحث: حيث تبرز الشخصية الاعتبارية المستقلة للأهواء التي تغفلها 
الصياغة الثانية, إذ لا يمكن تناول الأهواء بمبضع البحث دون منحها تلك الحالة. 


. ۱۸١ اذهب إلى الصفحة‎ )١( 
.١91 (؟) اذهب إلى الصفحة‎ 
4 - رسالة قي الطبيعة م‎ -49- 


ثانيا: الصطلح 


المصطلحات وفق ترتيب الأبجدية العريية 


(1) 
Uniformity الاثساق'‎ 
Respect " الاحترام‎ 
Probability " الاحتمال‎ 
Will ° الإرادة؛‎ 


)١(‏ تتالف الكلمة الإنكليزية من مقطعين ( فتد) وتعني وحدةء تماثل؛ و ( 6582 ) ويعني شكل 
ن المقظرء آي الاتساقء 


أو مظهرء وبالتالي تعني الكلمة التماثل ي الشكل أو 


LONGMAN, DICTIONARY OF CONTEMPORARY ENGLISH, 
وذ هذا‎ ENGLISH - ENGLISH, LIBRAIRIE DU LIBAN, BEIRUT, 1984 
تأكيد على الأمبيرية عند هيوم التي تمتمد لحظة الظاهر المحسوس أو الانطباعات كما‎ 


يسميها هيوم وتففل عن لحظة الباطن أو الروابط الداخلية 


(۲) اذهب إلى الصفحة .]1١٤.٠١١[‏ 


(۲) اذهب إلى الصفحة [1۷۷]. 


(4) "التمني معتى 4 النفس يقع عند فوت فعل... و الإرادة لا تتعلق إلا بالمستقبل ". "الإرادة 


تكون لما يتراخى وقته و لما لا يتراخى: و المشيئة لما لم يتراخ وقته" الفروق 4 اللفة . مرجع 
سابق: ص1۱۱۷. 


(5) اذهب إلى الصفحة ]١:۳.۱۷۷[‏ 


Contempt ' الازدراء‎ 


Approval " الاستحسان‎ 
Inference " الاستدلال‎ 
Indiffernce ° الاستهتار“‎ 
Disapproval * الاستهجان‎ 
Admiration " الإعجاب‎ 
Belief * الاعتقاد‎ 
Conception " الأفهّمة‎ 


. ]154:118[ اذهب إلى الصفحة‎ )١8( 

(؟) اذهب إلى الصفحة [56] 

(”) اذهب إلى الصفحة .]١44[‏ 

(غ) قد يعترض بعض النقاد بان الاستهتار حالة إنسانيّة فقط ولا تتطبق على الماد أجيب أنّ 
هذا صحيح لكن هيوم تفسه قعل ذلك وأنا أقتفي أثره لبلوغ المعنى الذي أراده. فقد قال: 
"لذلك لا ترك مجالاً لأحد. حتى يضع تركيباً مفسداً على كلماتي. بالقول ببساطة؛ أنّي 
أنسب الضرورة للأفعال الإنسانيّة وأضعها بالسوية ذاتها مع عمليّات المادة اليليدة. فأنا لا 
أعزو للإرادة تلك الضرورة الغامضة؛ التي من المفروض أن تتموضتّع ب المادة. بل أعزو 
للمادة تلك الكيفيّة المفهومة؛ التي سيسمح أو يجب أن يسمح لهاء حتى المذهب 
الأرثوذكسي الأكثر صرامة: بالانتماء للإرادة سواء أاسميتها ضرورة آم لم تفعل ذلك" 
اذهب إلى الصفحة [161]. 

(0) اذهب إلى الصفحة .]1٠١[‏ 

(1) اذهب إلى الصفحة [ 00]. 

»( اذهب إلى الصفحة [ .]1١١‏ 

(۸) اذهب إلى الصفحة [ 155]. 

(9) أفهمة: صياغة المعطيات بأفاهيم. 


0 


Pain " ' الألم‎ 

Regularity " الانتظام‎ 

Impression * الانطباع‎ 

الانفعال * Emotion‏ 
(ب) 

Hatred " البفّضة"‎ 


(1) "الألم أخصُ من العذاب» وذلك أن العذاب هو الألم المستمرء والألم يكون مستمراً و غير 
مستمر" "الوجع آعم من الألم... وكل ألم هو ما يلحقه بك غيرك» والوجع ما يلحقك من 
قيل تفسك ومن قبل غيرك" الفروق ب4 اللقةء مرجع سابق؛ ص .۲۴١‏ "الألم هو إدراك 
المنافر من حيث أنه منافر. ومنافر الشيء هو مقابل ما يلائمه. وفائدة قيد الحيثية 
للاحتراز عن إدراك المتافر لا من حيث إنه منافر فَإِنّه ليس بالم" التعريفات: علي بن 
محمد بن علي الجرجاني؛ تحقيق إبراهيم الابياريء مدينة 1 أكتوير؛ دار البيان للترات؛ (د 
ت). ص00 نلاحظ أنّ هيوم قد خرج من هذه النزعة الوضوعية عندما ربط بين الألم 
والضرر الذي يشعر به الإنسان. 

() اذهب إلى الصفحة[17١‏ .97]. 

(۳) اذهب إلى الصفحة [ ١15‏ ]. 

(2) اذهب إلى الصقحة [ 737 ]. 

(0) اذهب إلى الصفحة [ .]1١7‏ 

(1) البغضة “إرادة الاستحقار والإهانة" و "ونقيضها المحبة" و "والفرق بين قولنا يبغضه وقولنا لا 
يحبه؛ أن قولنا لا يحي أبلغ من حيث يتوهم إذا قال يبغضه أنّه ييفضه من وجه ويحبه من وجه 
آخر". الفروق 4 اللغق مرجع سابق: ص 174,115, 17 على التوالي. وقد وقع الأختيار على 
البغضة دون البغضاء لأنّها قريبة من وزن المحبّة وبذلك نحافظ على النزعة الميكائيكية عند هيوم 

(۷) اذهب إلى الصفحة ]٠٥[‏ . 


دلآه- 


رت 


تأثر وجداني Affection‏ 
التحدي' " Opposition‏ 
التجاور 00 ؟ Contiguity‏ 
التذوق ® Taste‏ 
التشابه" " Resemblance‏ 


(1) لم يرد معنى التحدي كف العربيّة للكلمة إنكليزيّة «هنالةهممه بل ورد مضادة. 
مقاومة. معارضة: المغتي الكبيرء حسن سعيد الكرميء إنكليزي . عريي» بيروت: مكتبة 
لبنان: ١144م‏ ووردت معاني مضادة معاكسة؛ ممانعةء مقاومة؛ مخالفة؛ معارضة. 
معارضء مقاوم؛ مانع عائق؛ ب القاموس العصريء الياس انطون الياس؛ وادوار 
ألياسءط ١٠ء‏ إنكليزي ‏ عريي؛ المطبعة المصرية. 1518١م.‏ لكنني وجدت أن التحذي 
يناسب السياق والفرض أكثر لأنَ المعاني السابقة جميعاً تفيد رد الفعل ولا تفيد الفعل 
و المبادءة كما التحديء, والتي تفيد فضلاً عن ذلك مواجهة العوائق المعتويّة واناديّة, 
وهذا هو المعنى المطلوب- 1 

.]1۷۲[ اذهب إلى الصفحة‎ )١( 

)١(‏ تجاور بدلالة وزن تفاعل الذي يفيد دلالة الإشارة إلى العلاقة بين الشيئين. 

.] 57 [ اذهب إلى الصفحة‎ )٤( 

(0) اذهب إلى الصفحة [ 08 ]. 

(1) تشابه وليس مشابهة؛ لأن الحديت عن علاقة بين شيئين بالتالي يجب أن يكون 
المصطلح على وزن تفاعل؛ كذلك التشاكل بدل المشاكلة. والتمائل بدل المماثلة 
(المترجم). يقول أبو البقاء: أن المشابّهة اتفاق الشيئين ك الكيفية.والمشاكلة تعني 
اتفاق الشيئين بالخاصة.والممائلة تعني اتفاق الشيكين 2 النوعية. الكليات, لأبي اليقاء 
أيوب بن موسى الكفوي. دمشقء منشورات وزارة الثقافة و الإرشاد القومي السوري. 
۲ ص۳۲۹ . 

(۷) اذهب إلى الصفحة .]٠٠١[‏ 


ت 


التعاطف Sympathy‏ 
التعاطف " Sympathy‏ 
التعود " Custom‏ 
التقدير" * Esteem‏ 
التيسير" Facility‏ 
(ث) 
الثراء * Riches‏ 
رج 
الجمال * Beauty‏ 


)١(‏ احسب أن التعاطف يشمل التراحم الذي يملك خصوصية الرحمة: بينما التعاطف قد 
يكون بالغضب وبالحزنء أو بالإيجاب وبالسلب؛ فالانعطاف والعطف من الانحناء والالتواء. 
بينما التواصل أشمل من التعاطف؛ لاله قد يكون فكرياً وعاطفياً. والانسجام يفيد ما 
يكون بعد اجتماع الطرفين بعكس التماطف الذي يفيد ما يجري بين الطرفين: انسجام 
على وزن إنْفعَال مصدر إنَفَمَل فهو اسم معنى بينما تعاطف على وزن تَفَامُل الذي يدل 
على المشاركة و هذا أو للمعنى المقصودء حيث يفيد إِنَّفَمَل المطاوعة وهذا بعيد عن 
المعنى المقصود . أمّا التجانس فيفيد اشتراك نوعين ب4 جنس واحد سك سياق انطلوجي: 
وهذا بعيد عن الغرض.(المترجم) 

(۲) اذهب إلى الصفحة [7 ]. 

(؟) اذهب إلى الصفحة .]1١١[‏ 

() ترجمناها ب( تبجيل )2 النص المقدم إلى الجامعة اللبناتية لكننا غيرتّاها إلى ( تقدير ) كونها آكثردقة . 

(0) اذهب إلى الصفحة ٠١[‏ ]. 

() التيسير اسم العملية التي يتحول بها الألم إلى اللدّة وبالعكس, بينما اليسر اسم نتيجة 
العملية أو اسم الحالة بالعموم: والأول هو المعنى المقصود 2 النص.(المترجم) 

(۷) اذهب إلى الصفحة [155], 

(4) اذهب إلى الصفحة [ .]۷١‏ 

(9) اذهب إلى الصفحة [لاه, 24]. 


-جه- 


(ج) 


الحرية ' Liberty‏ 
الحسد" " Envy‏ 
حسن السمعة ° Fame‏ 
الحقيقة ` truth‏ 
(خ) 
الخبرة " Experience‏ 
الخوف Fear‏ 
الخير Good‏ 
الخيرية '' Benevolence‏ 
(د) 
الدهشة '' Surprise‏ 


.]14۹.٠١٤[ اذهب إلى الصفحة‎ )١( 

(۲) "الغبط أن تتمنى أن يكون مثل حال المغبوط لك من غير أن تريد زوالها عنه و الحسد أن 
تتمنى أن تكون حاله لك دونه". الفروق ف اللفة؛ مرجع سابق» ص[١11١‏ ]- 

(؟) اذهب إلى الصفحة .۱١١[‏ 

(؛) أحسب أنْ [عصظ ] تختص بالشهرة الأخلاقيّة بينما [دمندامء8 ] سمعة طيبة ج 
مجال العمل أو الدراسة أو البحث وليس 2 الأخلاق.(المترجم) 

(0) اذهب إلى الصفحة [77:95]. 

(1) اذهب إلى الصفحة [140]. 

(۷) اذهب إلى الصفحة [46]. 

(۸) اذهب إلى الصفحة [ 1۷۷. 174]- 

() اذهب إلى الصقحة [1۷۷]. 

.]١15-1١16[ اذهب إلى الضفحة‎ )٠١( 

.]54[ اذهب إلى الصفحة‎ )1١( 


-ؤهة- 


)3( 


الذهن' " Mind‏ 
(د) 
الرجاء" ° Hope‏ 
الرذيلة Vice‏ 
الرَخْبّى" “ Desire‏ 
(ذ) 
الزّهد” Pride”‏ 


)١(‏ "الفرق بين العقل والذهن أن الذهن نقيض سوء الفهم وهو عبارة عن وجود الحفظ نا 
يتعلمه الإنسان ولا يوصف الله به لأنه لا يوصف بالتعملّم" الفروق 2 اللغة, مرجع سابق» ص۷۷. 

.]١08[ اذهب إلى الصفحة‎ )١( 

(؟) الرجاء وهو الظنْ بوقوع الخير الذي يمتري صاحبه الشك فيه إلا أن ظنّه فيه أغلب وليس هو من 
قبيل العلم ... والأمل رجاء مستمر". الفروق ف اللقة؛ مرجع سابق. ص 159 .74١‏ ويشمل هيوم 
الرجاء ضمن الأهواء المباشرة التي تثور مباشرة عن الخير المشكوك فيه. بالتالي وقع التوافق من 
جهة أن الأهواء المباشرة تنتج من دون تأمل طويل. ومن جهة أنْ الخير مشكوك ب وقوعه. 

)٤(‏ اذهب إلى الصفحة[1۷۷.۱۷۸]. 

(0) رغب رَعَباً و رَغْبَهُ : أراد. رغب إليه رَعْباً ورظبى ورَعْبى و رَعْباء ورغبة : ابتهل أو هو 
الضراعة والمسألة. القاموس المحيط: لمجد الدين محمد بن يعقوب لفيروزآبادي» بيروت. 
دار الفكر. ١۱۹۹م‏ مادة (رغب ). إذن الرَغْبى حالة من أراد شيئاً لدرجة أن يتضرّع 
ويسأل من أجلهاء بالتالي هي أشد ميالفة من الرغبة وأوك للغرض ب2 النص. (المترجم) 

(1) اذهب إلى الصفحة [۱۷۷]. 

(۷) الكبر إظهار عظم الشان ورفع النفس فوق الاستحقاق, والتكبر إظهار الكبر. التيه أصله الحيرة 
والضلال, الغجب: شدّة السرور بالشيء حتى لا يعادله شيء عند صاحبه. الكبرياء: المر و الملك و 
ليس من الكبر ب شيء. الهو ارتماع النفس بمال أو جاه. القروق ف اللفة؛ مرجع سابق. ص 717. 
الفخر يعني التطاول على الناس بتعديد المناقب. التعريفات: مرجع سابق: ص۲٠۲.‏ نلاحظ سه الكير 
أنه يتضمن جدارة النفس وأهليتها لهذا الفعل بينما لا يلزم ذلك الزهوء ويذلك يتوافق مع غرض 
هيوم.كما يقول أبو علي القالي ‏ ذيل الأمالي والتوادر وقال شلب 2 قول دی | الرمة: ارى أبلي 
وكانت ذات رهوا إذا وردت يقال لها قطيم: أي يزَى من يملك مثئها والقطيع ما گنز بص 1114. 

رم اذهب إلى الصمّحة [45. ٠٦‏ 116]. 


0 


(س) 


Cause’ السبب‎ 

Causation" السببية‎ 

رش 

Appetite الشاهية"‎ 

Evil * الشرّ‎ 
Pity’ الشفقة‎ 
Doubt الشك‎ 
Deformity * الشوه"‎ 


.]1١١ :144[ اذهب إلى الصفحة‎ )١( 

(؟) اذهب إلى الصفحة [1۲. .]1٤۹‏ 

(؟) "الشهوة توقان النفس وميل الطباع إلى المشتهى وليست من قبيل الإرادة. بينما اللدّة ما 
تاقث النفس إليه ونازعت إلى نيله. الشهوة لا تتعلّق إلا بما يلد من المدركات بالحواس, 
بينما التمني يتعأق بما يلد وما يكره مثل أن يتمنى الإنسان أن يموت» والشهوة لا تتعلق 

٠‏ بالماضي" الفروق به اللغة. مرجع سابق. ص١١1.‏ ويقول الفيروزبادي: والشاهية الشهوة 
مصدر كعاقبة. القاموس المعحيط؛ مرجع سابق: ص۱١١١.‏ 

(+) اذهب إلى الصفحة [1۷۷]. 

(۵) اذهب إلى الصفحة[115:114: .]1١۷‏ 

1 .]185[ اذهب إلى الصفحة‎ )١( 

(۷) الشوه: نقص يطرأ على شيء جميل بالأصل؛ أي ليس المقصود حالة هي قبيحة أصلاً 
وهذا بدوره برهان على رؤية هيوم الميكانيكيّة أو الهندسية للجمال؛ أي آنه تناسق يؤدي 
نفعا. ‏ حين القبح اعم وأشمل كمياً. إذ يشمل كلّ الجسم أو الفعل؛ بالتالي ليس الفرق 
كيفي بين القبح والشوه يل كمي. 

(۸) اذهب إلى الصفحة .]٥۷[‏ 


دياه 


(ص) 


الصحبة' * Acquaintance‏ 
الصدود" Aversion‏ 
(ض) 
الضعة” Humility‏ 


)١(‏ "الصداقة قوة المودة مآخوذة من الشيء الصدق وهو الصلب القوي". "اتفاق الضمائر على 
المودة قإذا أضمر كل واحد من الرجلين مودة صاحيه فصار باطنه فيها كظاهره سميا 
صديقين”. من الملاحظ أن الصداقة تحتاج لزمن طويل وهو ما أستبعده هيوم. "الصحبة 
تفيد انتفاع أحد الصاحبين بالآخر ولهذا يستعمل © الآدميين خاصة فيقال صحب زيد 
عمرا ولا يقال صحب النجم النجم وأصله ب العربية الحفظ ومنه يقال صحيك الله ... 
المقارنة تفيد قيام أحد القرينين مع الآخر ويجري على طريقته وإن لم ينفعه ومن ثم فيل 
قران النجوم " القروق لا اللغةء مرجع سابق: ص۱۱۵۰۲۷۸. ۲۷۷. 


(؟) اذهب إلى الصفحة .]1١١[‏ 


(؟) يقول الفيروزآبادي 4 مادة (ص د د) صد عنه صدوداً: أعرض. و صد فلاناً عن كذا 
صدا: منعه وصرفه. والصُديد ماء الجرح الرّقيق. وك مادة (ع ي ف) عاف الطعام 
والشراب وقد يقال غيرهما كرهه فلم يشريه. والعيوف من الأبل الذي يشم الماء 
فيدعه وهو عطشان. القاموس المحيط؛ مرجع سابق؛ ص 7509. 


(4) اذهب إلى الصفحة .]١60[‏ 
(0) التذلل: إظهار العجز عن مقاومة من يتذلل له. الصفار: الاعتراف بالذل . الذل: الانقياد كرهاً. 


الخضوع : يكون أمام قوة إنسانية ضاغطة. الضعة لا تكون إلا بفعل الإنسان بنفسه ولا يكون 
بفعل غيره وضيعاً كما يكون ذليلاً يفعل غيره. وهذ ما يتناسب مع الفردية البرجوازية. أما 
التواضع فهو إظهار قدرة من يتواضع له سواء كان ذا قدرة على المتواضع أو لاء وهو أمر 
محمود بعكس الضعة المذمومة: وهذا ما انتهت إنيه حال الناس ك العصور الوسطىء بالتالي 
كان أكثر تعبيراً عن واقع الحال. الفروق ‏ اللغةء أبو هلال العسكري. طه: تحقيق لجنة أحياء 
التراث العربي ے2 دار الآفاق الجديدة بيروت» دار الآفاق الجديدة, 47مةام: ص٤٤۲.‏ 


(1) اذهب إلى الصفحة [457: 05 ]16١‏ . 


يه 


Necessity ` الضرورة‎ 


الضغينة Malice"‏ 
(ط) 
الطواعية " Spontaneity‏ 
(ظ) 
الظرافة 0 
(ع) 
العاطفة " Sentiment‏ 
العبقرية Genius‏ 
العقل " Reason‏ 
العشق LOVE‏ 
العلاقة * Relation‏ 


.] ٠٤١١ ١55:1547[ اذهب إلى الصفحة‎ )١( 

(۲) اذهب إلى الصفحة [31737:117, .]1١۷‏ 

(؟) اذهب إلى الصفحة .]١6١[‏ 

.]00[ اذهب إلى الصفحة‎ )٤( 

(0) أحسب أنها المشاعر التي بداخلي والتي تمطفني نحو الآخر؛ بعبارة أخرى هي مشاعري 
التي تخص الآخر.(المترجم) 

(1) اذهب إلى الصفحة [140]. 

(۷) اذهب إلى الصفحة [160: 108 ]. 

(۸) العلاقة تكون داخليّة بعكس الصلة : 005266802 التي تكون خارجيّة.(المترجم) 


دقه- 


(غ) 


Anger ١ الغضب‎ 

القَمى" Grief"‏ 
(ف) 

Understanding “ الفاهمة‎ 

Joy ` الفرح”‎ 

Curiosity * الفضول‎ 


)١(‏ "الفضب إرادة الضرر للمغضوب عليه؛ ويكون من الكيير على الصغير وبالفكس". 
"والغضب معنى يقتضي العقاب من طريق جنسه من غير توطين النفس عليه ولا يفير 
حكمه". الفروق بل اللفة: مرجع سابق » ص۱۲۲ ٠۲١ » ١14‏ على التوالي. 

(۲) "والفم معنى ينقيض القلب معه ويكون لوقوع ضرر قد كان أو توقع ضرر يكون أو يتوهمه'.. 
"والحزن تكائف الفم وغلظه ...و الكرب تكاثف الفم مع ضيق الصدر... والحسرة غم 
يتجدد لفوات فائدة" الفروق ب اللفة. مرجع سابقء ص 71١‏ :771 على التوالي. الهم 
والقماء والُمَةٌ : الكرب والحزن بوليلة غم وی و غه مبهمة؛ الى : الداهية, القاموس 
المحيط. مرجع سابقء مادة (غم). نلحظ أن القَسّى تكاثف الأحزان لدرجة تشكّل منها 
حجاباً يمنعنا عن ما وراثه» فيصبح مبهماًء وكذا الفَسِّى تكائف الحزن والكرب على 
صدورنا حتى كان الدروب مدت ب وجوهنا.(المترجم) 

.]1۷۷[ اذهب إلى الصفحة‎ )١( 

. ]1۷۷. 158[ اذهب إلى الصفحة‎ )٤( 

(0) "البهجة حسن يفرح به القلب؛ و أصل البهجة السرور". "و السرور لا يكون إلا بما هو نفع 
أو لذة على الحقيقة؛ وقد يكون الفرح بما ئيس بنفع ولا لذّة كفرح الصبي بالعدو ... 
ونقيض السرور الحزن ... ونقيض الفرح الغم وقد يغتم الإنسان بضرر يتوهمه من غير أن 
يكون له حقيقة و كذلك يفرح يما لا حقيقة له كفرح الحالم بالمنى وغيره. ولا يجوز أن 
يحزن ويسر بما لا حقيقة له" . الفروق ل اللغة: مرجع سابق. ص 7817 750 . 

(1) اذهب إلى الصفحة [١ه؛‏ /19]. 

(۷) اذهب إلى الصفحة [1۸۸]. 

= 


الفضيلة 0 


Virtue 8 

الفكر Thought‏ 
( ق ) 

قريب:أحد الأقارب Relation‏ 

القدرة" " Power‏ 
(ك) 

Generosity * الكرم‎ 

الكيفيّة* ' Quality‏ 
( ل) 

Pleasant اللا‎ 


.00] ٠٤ ,617[ اذهب إلى الصفحة‎ )١( 

(۲) "القدرة على عظيم المقدور وصفيره" . "الطاقة غاية مقدرة القادر و استفراغ وسعه ب4 
المقدور". الفروق 2 اللغةء مرجع سابق: ص .۹۸٤۹۰‏ 

.]19[ اذهب إلى الصفحة‎ )١( 

.]1757[ اذهب إلى الصفحة‎ )٤( 

(0) "الكيف؛ هيئة قارة ‏ الشيء لا يقتضي قسمة ولا نسية لذاته» و هي أربعة أنواع: الأول 
الكيفيّات المحسوسة, والثاني الكيفيّات النفسانية وهي أيضأ ما راسخة كصناعة الكتابة 
للمتدرب فيها وتسمى ملكات. أو غير راسخة كالكتابة لغير المتدرب وتسمى حالات, 
والثالث الكيفيات المختصة بالكميات والرابعة الكيقيّات الاستعدادية " التعريفات . مرجع 
سابق» ص١1 .۲١‏ "و الكيفيات كذلك إما أوليّة أو ثانويّة و الأوليّة هي التي لا تنقصل 
عن المادة كالحرارة و الامتداد و الثانويّة هي المشتقة من الأوليّة كالألوان والأصوات" 
الحفني: عبد المنمم؛ المعجم الشامل لمصطلحات الفلسفة. ط ؟, مكتبة مدبولي: القاهرة 
م ص14۵. 

(1) اذهب إلى الصفحة .]٤١[‏ 

-- 1 1س 


اللدّة' " Pleasure‏ 
(م) 

المبدا الأخلاقي" ؟ Moral Evidene‏ 

Love" المحبة*‎ 

Imagination " المخيّلة‎ 

Chance “ المصادفة‎ 


)١(‏ الشهوة توقان النفس إلى ما يلد و يسر و اللذة ما تاقت النفس إليه و نازعت إلى نيله". 
الفروق ‏ اللفة. مرجع سابق. ص١٠١.‏ اللذائذ جمع لذيذ: شيء عيني مفرد. اللدّات جمع 
لذّة مفهوم مجرّد. الملدّات: جمع ملَد.(المترجم) "اللذة إدراك الملائم من حيث أنه ملائم. 
كطعم الحلاوة عند حاسة الذوق ... وقيد الحيثية للاحتراز عن إدراك الملائم لا من حيث 
ملاعمته فإِنّه ليس بلدّة كالدواء النافع المرٌ فإنه ملائم من حيث أنه نافع فيكون لدّة لا من 
حيث إنه مر" التعريغات: مرجع سابق. ص 5450. نلاحظ نزعة موضوعيّة عند الجرجاني: 
ونلاحظ أن هيوم خرج إلى التزعة الذاتيّة بقوله أن اللدّة إدراك الملاكم من حيث آنه نافع. 

(۲) اذهب إلى الصفحة [155]. 

(۲) ب نص الرسالة قمنا بترجمتنها ب ( دليل أخلاقي) لكننا آثرتا تغيير ترجمتها إلى ( مبدا 
أخلاقي ) كونها أكثر دقة . 

(+) اذهب إلى الصفحة .]1٤١[‏ 

(0) محبة من قبيل الإرادة و تجري على الشيء و يكون المراد به غيره و ليس كذلك الإرادة, 
تقول أحببت زيدأ و المراد أنك تحب إكرامه و نفعه. و لا يقال أردت زيداً بهذا المعنى . 
نقيضها البغضة , و الشهوة تتعلّق بالملاذٌ فقط و المحبّة تتملّق بالملاذ و غيرها. و المحبّة 
تكون فيما يوجبه ميل الطباع و الحكمة جميعاً بينما الود من جهة ميل الطباع فقط. و 
العشق شدة الشهوة لنيل المراد من المعشوق. الفروق 4 اللغة, مرجع سابق؛ ص 115.115 

(1) اذهب إلى الصفحة [949] 

(۷) اذهب إلى الصمحة 3١6 .٩۱[‏ 154] . 

(۸) اذهب إلى الصفحة ١٤۷[‏ 184]. 

a A a 


Advantage ' المصلحة‎ 


Comparison " المقارنة‎ 

Quality .  ةكلملا‎ 

Property " الملكية‎ 

امو ضع Subject‏ 

Object 3 ° الموضوع‎ 
3) 

Self النفس‎ 


)١(‏ ورد معجم المفني الكبير ألفاظ : فضلة؛ منفعةء مصلحة؛ مرتبة. أفضلية تفوق , كمقابل 
ل NAGE‏ 4۷Aبالتالي‏ حصيلة هذه المعاني أن شيثاً ما بمنحك منفعة أو تفوقاً على 
الآخر أي أفضلية عليه عند المقارنة ء فالفضائل التي ترد عند التقييم الأخلاقي تدل على 
السجايا التي تجعل فلان أفضل من فلان اخلاقياً فالأصل هو المفاضلة لكن هذه السجايا 
تكون معنوية ل نفسه بينما المصالح ب4 أشيائه الخارجية . وهيوم تحدث عن الفقر وملكية 
الأراضي و النسب لذلك كانت المصلحة أكثر تمبيراً " الفرق بين المنفعة و الخير أن من 
المعصية ما يكون منفعة... و لا تكون المعصية خيرا" " القرق بين المنفعة و النعمة أن المتفعة 
تكون حسنة و قبيحة كما أن المضرة تكون حسنة و قبيحة ... و النعمة لا تكون إلا حسنة" 
الفروق # اللغة, مرجع سابق: ص١15-‏ والمعسرة 101581057827186 نقيض المصلحة. 

(۲) اذهب إلى الصفحة [1137]. 

(؟) اذهب إلى الصفحة [11]. 

.]٤١[ اذهب إلى الصفحة‎ )٤( 

)٥(‏ موضوع تجمع على مواضيع؛ بمواجهة الذات.[ 113858 ] موضوعة بمعنى أطروحة تجمع 
على موضوعات. بينما[ 51187807 ] لفة: محطء موضع: موضوع؛ ذات. اصطلاحاً: 
موضع يجمع على مواضع؛ المحط الذي تنطيع عليه الكيفية. 

(1) اذهب إلى الصفحة .]٤١[‏ 

(۷) اذهب إلى الصفحة [۴۹]. 

00106 


(ه) 


Passion 


الهوى 


)١(‏ يقال : هوى يَهُوي هويا بالقتح إذا هبط ؛ وهَوى يَهوي هوياً؛ بالضمء إذا صمدء وقيل 
بالعكس. ( المهم ‏ الحالين وجود حركة نحو الأسفل أو نحو الأعلى وهذا يطابق واقع 
حال النفس إذا انفعلت. فإما أن ترتقي بالزهو وإما أن تنحدر بالاتضاع) ويقال هَوّت 
الناقة ... تهوي هويا ٠‏ فهي هاوية إذا عدت عدوأ شديداً أرمّع العدو ‏ كانه بذ هواء ت 
تهوي فيها. (نجد هنا مناسبة الشدة وهو ما يطابق واقع حال النفس إذ تتعرض لهوى ما؛ 
آي لحالة نفسية شديدة) .والهوى المقصور : هوى النفس . وإذا أضفته إليك قلت هواي . 
اين سيده: الهوى العشق » يكون ‏ مداخل الخير والشر . والهَوي : الَهوي . وهوى النفس 
إرادتها والجمع الأهواء . التهذيب: قال اللفويون الهوى محبة الإنسنان الشىء غليته على 
قلبهء قال الله عز وجل : ونهى النفس عن الهوى ؛ معناه نهاها عن شهواتها و ما تدعو اليه 
من معاصي الله عز وجل. (اذن النظرة السلبية للأهواء ترجع للنظرة الدينية الأمر الذي 
يجد تفسيره ا شدة الهوى وتسلطه على الإنسان حتى يجد مطلبه أو يحقق غايته » وهو 
ما يميز الهوى شعلاً) الليث: الهوى مقصور هوى الضمير, ... ورجل هو : ذو هوى مخامره. 
وامرأة هَوية : لا تزال تهوى على تقدير قملة فإذا بني منه هَمّلة بجزم العين تقول هَيّة. 
(هَوِيةٌ: لا تزال تهوى؛ آي مستمرة 4 الفعل: ذإذا أخذناها بصيفة المبالفة قلنا هوية) وي 
حديث بيع الخيار : يأخن كل واحد من البيع ما هَوِيّ أي ما أحب ؛ ومتى تكلم بالهوى 
مطلقاً لم يكن إلا مذموماً حتى يُنعت بما يُخرّجٍ معناه كقولهم هوی حن وهوى موافق 
للصواب ... وأثبت سيبويه الهوى لله عر وجلّ فقال : فإذا فعل ذلك فقد تقرّب إلى الله 
بهواه. وقوله عز وجل : فاجمل أفئدة من الناس تهوي اليهم وارزقهم من الثمرات ٠‏ فيمن 
قرا به إنها عداه بإلى لأن فيه معنى تميل ٠‏ والقراءة المعروفة تَهُوي إليهم أي ترتقع › 
والجمع أهواء ... الفراء تَهُوي إليهم أي تُسرع ... واستهوته الشياطين: ذهبث بهواه وعقله 
( يبلغ الهوى من الشدة أن يتحكم بالعقل) . هاوية والهاوية اسم من آسماء جهنم . لسان 
العرب» ابن منظورء دار صادر: بيروتث؛ مادة هوا. 

rS 


الهوية' Passion‏ 
للق 
الواهمة " fancy‏ 
¢ %4 ني 


(1) هوية تصغير هُوة » وقيل : الهويّةٌ بثر بعيدة الَهّواة ... ابن شميل: الهُوةٌ ذاهية بذ الأرض 
بعيدة القعر مثل ادحل غير أن له ألجافاً الأصممي : الهوة البئر . لسان المرب ابن 
منظور, دار صادر؛ بيروت» مادة هوا. (الهَويّةٌ بئر بعيدة المَهُواة . وهنا يوافق عمق النفس 
وعظم اتساعها أو الملكة النفسية التي تعبر الهوى ؛ هذا من جهة ومن جهة أخرى يقال 
رجل هو : ذو هوی مخامره. وامرأة هويةٌ؛ أي صيغة التأنيث الموافقة للملكة هي هُويّة. ) 

(۲) اذهب إلى الصضحة [۹۲۰۱۷۵. 1794 ]. 

(؟) اذهب إلى الصفحة [/اة]. 


-هخ- رسالة في الطبيعة م - ه 


المصطلحات وفق ترتيب الأبجدية الإنكليزية 


4) 
Acquaintance صاحب‎ 
Admiration إعجاب‎ 
Advantage مصلحة‎ 
Affection آثر وجداني‎ 
Anger الغضب‎ 
Approval استحسان‎ 
Appetite اشتهاء‎ 
Aversion صدود‎ 
GB) 
Beauty الجمال‎ 
Benevolence الخيرية‎ 
"6 
Capability استطاعة‎ 
Causation السببية‎ 
Cause السبب‎ 
Chance صدفة‎ 


-- 


أقهمة 
ازدراء 
تجاور 
المقارنة 


نعود 


الكرم 
العبقرية 
الغّى 


اقلق 


(E) 


(F) 


(G) 


۷= 


Conception 
Contempt 
Contiguity 
Comparison 


Custom 


Deformity 
Desire 


Disapproval 


Envy 
Emotion 


Esteem 


Experience 


Fame 


Fear 


Generosity 
Genius 


Grief 


(CH) 


رجاء 
الضعة 

)1( 
المخيّلة 
انطباع 
استهتار 

00 
الفرج 

(L) 
الحرية‎ 
المحبة‎ 
العشق‎ 

(M) 
المبدأ الأخلاقي‎ 

(N) 
الضرورة‎ 

(O0) 
موضوع‎ 


لخم 


Hatred 
Hope 
Humility 


Imagination 
Impression 


Indiffernce 
Joy 
Liberty 
Love 


Love 


Malice 


Moral evidene 


Necessity 


OBJECT 


(P) 


Pain الألم‎ 
Passion هوی‎ 
Pity الشفقة‎ 
Pleasant لاد‎ 
Pleasure اللذة‎ 
Power القدرة‎ 
Pride الهو‎ 
Property الملكية‎ 
2)" 
Quality الملكة‎ 
Quality الكيفية‎ 
Quality الفصل‎ 
(R) 
Reason العقل‎ 
Regularity انتظام‎ 
Relation علاقة‎ 
Resemblance تشابه‎ 
Respect الاحترام‎ 
Riches ثراء‎ 


-5 ۹- 


الفضيلة 


إدادة 


ظرافة 


(8) 
Self 
Sentiment 
Spontaneity 
Surprise 
Sympathy 
(T) 
Taste 
CV) 
Vice 
Virtue 
CW) 
Will 


Wit 


o 


رسالة فيا لطبيعة الإنسانية 
الكتاب الثاني: ق الأهواء 


۷ - 


الباب الأول: الرّهو والضعة 


الفصل الأول: تقسيم المبحث. 

الفصل الثاتي؛ الهو و الضمة؛ موضوعاتهما وأسبابهما. 
الفصل الثالث؛ من أين تشتق هذه المواضيع والأسباب؟ 
الفصل الرابع: علاقات الانطباعات والأفكار. 

الفصل الخامس: تأثير هذه العلاقات على الزّهو والضعة. 
الفصل السادس: حدود هذا النظام. 

الفصل السايع: الفضيلة والرذيلة. 

الفصل الثامن: الجمال والشوه. 


الفصل التاسع: المصالح وال معاسر الخارجية. 
الفصل العاشر:؛ التملّك والثراء. 


الفصل الحادي عشر: محبة حسن السمعة. 
الفصل الثاني عشر: الزّهو والضعة عند الحيوانات 


الات 


الفصل الأول 
Î‏ بيه المبع 3 


تنقسم جميع ادراكات الذهن إلى انطباعات وأقكارء وطالما أنّ ذلك كذلك. 
تحتمل الانطباعات قسمة أخرى إلى انطباعات أصلية وثانوية. وتقسيم 
الانطباعات هذاء يشبه ذلك التقسيم الذي استفدت منه سايقاً عندما ميزتها إلى 
انطباعات حسيّة وتامليُ". 

وتعتبر الانطباعات الأصليّة أو الانطباعات الحسيّة بكل ما هي عليه, 
انطباعات تصدر عن بنية الجسد» أو عن الأرواح الحيوائية"» أو عن تطبيق 
المواضيع على الأعضاء الخارجيّة؛ من دون أن ينشا أي إدراك سابق 2 النضس. ا 
حين تعتبر الانطباعات الثانويّة أو التأمليّة بكل ما هي عليه؛ انطباعات متائية 








والانفعالات المشابهة لها فهي من 
يجب أن يبدأ الذهن دا 
الانطباعات تسبق أفكارها المطابقةلهك فلا 
تظهر بے الروح من دون آي مقسعاضه وبما 
وفيزيائيّة: إن فحصها سيقودني بعيداً عن موضوعل داي إلى علوم التشريح 
والفلسفة الطبيعيّة. ولهذا السبب سوف أقتصر هنا الانطباعات الأخرى. 
التى دعوتها ثانويّة وتاملية. والناشئة إمّا عن الانطباعات الأصلية أو عن 
أفكارهاء حيث تمتبر الآلام واللدذات الجسديّة مصدراً للكثير من الأهواء؛ عندما 


الثاني . 

ان ماء بكل تأكيدء وطالا أن 
جود بعض الاتطباعات التي 
على آسباب طبيعية 







)١(‏ الكتاب الأول؛ الباب الأول؛ الفصل الثاني. 
(۲) اغلب الظن أن هيوم يقصد السيالة العصبية (المترجم). 
اس 


يشعر ويتأمل الذهن بها سويّة. لكن النشوء يكون أصلاً بك الروح أو ب4 الجسدء. 
ناده بما يروق لك .. من دون آي فكرة أو إدراك سابق. حيث تسبب نوبة من 
النقرس سلسلة طويلة من الأهواء مثل الحزن: والرجاءء والخوف؛ إلا أنها لا 
تُشتق مباشرة من أي فكرة أو أثر وجداني. 

ويمكن تقسيم الانطباعات التأمليّة إلى نوعين هما: [ 57 ](2 الساكنة 
والعنيفة. ونجد من النوع الأول الإحساس بالجمال والشوه ب4 الفعل والإنشاء 
والمواضيع الخارجية. ومن التوع الثاني نجد أهواء المحبّة والبفضة. القّمى والفرح, 
الهو والضعة. غير أن هذه القسمة بعيدة عن الدقة؛ إذ يرتقي الطرب الشعري 
والموسيقي مراراً إلى أقصى درجاته؛ بينما تتحط تلك الانطباعات الأخرى. التي 
سميّت أهواء بشكلٌ صحيح, إلى انفعالات رقيقة جداً؛ لدرجة لا تكاد تُلحظ فيهاء 
بوجه من الوجوه. ولكن بما أن الأهواء أكثر حدة ب4 العموم من الانفعالات الناشئة 
عن الجمال والشوه؛ فن هذه الانطباعات تكون قد تميزت عن بعضها عموماً. 
وبما أنْ مواضيع الذهن الإتساني وفيرة ومتتنوعة: فسوف أستغل هذه القسمة 
العامة والخادعة, بحيث يمكن لي أن أتابع مع الترتيب التصاعديء ولكوني قد 
قلت كلّ ما فكرت آنه يتعلق ضرورةٌ بأقكارناء فسوف أضئْر الآن هذه الانفعالات 
العنيفة أو الأهواء من حيث طبيعتهاء وأصلهاء وأسيابها وآثارها. 

تنقسم الأهواء إلى أهواء مباشرة وأهواء غير مباشرة عندما نقوم بمعاينة 
تفحصيّة لها بالإجمال. وأنا أفهم من الأهواء المياشرة؛ مثلاً ما ينشأ مباشرة عن 
الخير و الشرّء وعن الألم أو اللدّة. وأفهم من الأهواء غير المباشرة مثلاً ما ينطلق 
من المبادئ ذاتهاء تكن من خلال الاقتران بكيغيّات أخرى. ولا أستطيع 2 الوقت 
الحاضر أن آبرر آو أن أضمّر هذا التفريق بشكلٌ أوسع؛ أقدر فقطء أن الاحظ 
بالعموم أنّي استوعب ضمن الأهواء غير المباشرة الرْهو والضعة؛ والطموح, 
والغرورء والمحبّة: والبغضة؛ والحسد. والشفقة, والضغينة والكرم. مع توايع كل 1 
منها. وضمن الأهواء المباشرة الرغبى: والصدود؛ والغمىء والقرح» والرجاء 
والخوف, واليآسء والأمن. وسوف أبدأ الآن بالمجموعة السابقة. 


) رقم الصفحة 4 النص الأصلي الإنكليزي ( المترجم‎ )١( 
ات‎ 


القصل الثاني 
الرهؤ والضعة؛ موضوعاتهما وأسبابهما 


تمتبر أهواء الزّهو والضعة انطباعات بسيطة ومتناسقة؛ لذلك من المحال 
أن نقدر آبداً على إعطاء تعريف تام لهماء أو لأي من الأهواء 2 واقع الأمرء مهما 
استخدمنا أعداداً غفيرة من الكلمات. أقصى ما يمكن أن نتوهمه هو وصفهماء 
عن طريق تعداد هذه الأحوال التي تصحبهماء لكن بما أن هذه الكلّمات؛ الزهو 
والضعة. ذات استعمال عام: والانطباعات التي تمثلها من أكثر الانطباعات 
عموميّة. إن کل شخص سيكون قادراً على تشكيل فكرة تامّة عنها؛ بنفسه» من 
دون التعرّض لخطر الوقوع ‏ الخطا. [ ۲۸ ] ولهذه العلّة سأدخل مباشرة بخ 
فحص هذه الأهواء. و لن أضيّع الوقت 2 الافتتاحيات. 

يملك الهو و الضعةء بدهياًء رغم تعارضهما المباشره الموضوع نفسه. 
وهذا الموضوع هو النضس أو تلك المتوالية من الأشكار والانطباعات المتعالقة؛ التي 
نذكرها وذعيها بصورة صميميّة. ويتحدد مجال الرؤية هنا دائماًء عندما نتحمّز 
بأي هوى منهما. حيث نشعر بأي من هذين الوجدانين المتعاكسين, وفقأ لما تكون 
عليه فكرتنا عن أتفسناء مسعفة بقليل أو كثيرء فنزدهي بالزهو أو ننغم بالضعة. 
ومهما استوعب الذهن من مواضيع أخرى, هَإِنّنا نتأمّلها باعتبار ما عليه أنفسناء 
وإلاً لن تكون قادرة أبداًء لا على إثارة هذه الأهواء؛ ولا على إنتاج أصغر زيادة 
أو نقصان فيها. فالنفس عندما لا تكون ‏ الاعتبار. ليس ثمّة مجال لا 

لا تقدر أبداً تلك المتوالية المتصلة من الادراكات والتي ندعوها النفس: على 
الرغم من أنّها الموضوع الدائم لهذين الْهَوَيّينَء أن تكون سببهما أو أن تكون كافيةٌ 

سا يات 


وحدها لإثارتهما. فهما متعارضان بشكلٌ مباشر ويملكان الموضوع ذاته بصؤرة 
مشتركة؛ فإذا كان موضوعهما هو نفسه سببهماء فإِنّه لن يقدر آبداً على إنتاج 
أحدهماء بأية درجة, إلا وتوجب عليه 4 الوقت نفسه أن يثير درجة مماثلة من 
الهوى الآخرء حيث سيدمرهما تعاكسهما وتضادهما معاً. فمن المحال أن يزهو 
رجل ويتضع بذ ألوقت نفسهء وإذا امتلك أسباباً مختلفة لهذه الأهواء؛ كما يحدث 
غالباًء قان الأهواء ما أن تقع بالتناوب: أو إذا تلاقياء فَإِنٌّ ا يفيك مرخ 
الآخر بقدر ما تذهب به قوته. والفضلة من ذلك التلاقيء: تستمر بتأثيرها على 
الذهن؛ حيث أنّها الأكثر تفوقاً. لكن 2 القضيّة الحاليّة لا يقدر 5 منهما على 
التفوق؛ بسبب الافتراض أنّْ الرؤية بما هي كذلك» هي من وجهة نظرناء وحيث 
أن الذي أدى إلى إثارتهما كائن حيادي تماما لكليهماء فإِنّه سينتجهما بالمقدار 
نفسه: أو بكلمات أخرى لا يقدر على إنتاج آي منهما. فإثارة آي هوى وتحريك 
مقدار معادل من الهوى المعارض له يعني إبطال ما تم فعله مباشرةء وترك 
الذهن: .ف النهايةء ساكناً تماماً و2 حالة من الحياد. 

لذلك يجب أن تميّز السبب من الموضوع ب4 هذه الأهواء بين تلك الفكرة 
التي أثارتها وتلك التي توجه نظرها صوبها عندما تتم إثارتها. حيث يلفت الهو 
و الضعة انتباهنا إلى أنفسنا [ ۲۹ ] مباشرةٌ؛ ولو أثيرا لمرة واحدةء ويشيران إلينا 
بمثابتنا موضوعهما الفائي والختامي» لكن يوجد شيء ما مستلزم أكثر من غيره 
لإثارتهماء يكون خاصاً فقط بأحدهماء ولا ينتجهما معاً بالدرجة نفسها. قالفكرة 
الأولى التي تقدم للذهن تكون عن السبب أو المبدا المنتج» وهذا يثير الهوى 
المرتبط به؛ وذلك الهوىء عندما يثارء يحول نظرنا إلى فكرة آخرى؛ عن النفس. 
إذن يتموضع هنا الهوى بين فكرتين: تنتجه الأولى وينتج هو الأخرى. لذلك تمثل 
الفكرة الأولى السبب. وتمثل الفكرة الثانية موضوع الهوى. 

نلاحظ عند البدء بالعمل على أسباب الزّهو والضعةء أَنْ خاصيتها الأكثر 
تميزاً ووضوحاً هي التنوع العريض للمواضيع التي تحط عليها. إذ تعتبر كل 
اخلّكات القيّمة للذهن أسباباً للزهؤ سوام أكانت المخيلة: أم اللحاكمة؛ أم الذاكرة» 
أم التزوع؛ أم الفغطنة: أم الحصافة: أم التعلم» أم الشجاعةء آم العدل» أم سلامة 
الخلق» وبالتائي تعتبر عكوسها أسباباً للائضاع. وهذه الأهواء ليست محصورة 


-۷- 


بالذهن بل يمتدٌ مداها ليشمل الجسد يمثل ذلك. فقد يزهو الرجل بجماله, 
وقوته, ورشاقتهء وهيئته الجميلة. وحسن أسلويه 4 الرقص؛ وركوبه الخيل. 
ومبارزته بالسيف. وحذاقته 4ے أي عمل يدوي أو صناعي؛ لکن هذا ليس کل 
شيء. إذ يبدو أن الهوى يستوعي أياً من المواضيع المتحالفة, أو حتى المتصلة بنا 
بأقلٌ درجة ممكنة أيضاً. مثلاً بلدناء وعائلتناء وأطفالناء وآقرياؤناء وذرواتتاء 
وبيوتناء وحدائقناء وخيولناء وكلابناء وثيابناء فاي من هذه الأشياء قد يصبح سبباً 
للزّهو أو للاتّضاع. 

تتبدى من التمعن بهذه الأسباب ضرورة التمييز مجدداً ل أسباب الهوى, 
بين الكيفية التي تشتفل والموضع الذي تحط عليه. على سبيل المثال: رجل مزهو 
بتفسه لامتلاكه بيتأ جميلاً أو لأنه قد بناه واخترعه بنقسه. تجد هنا أن 
موضوع الهوى هو نفس الرجل: وأن السبب هو البيت الجميلء» ويتجزأ السبب 
مجدداً إثى جزآين» همادا الكيفيّة التي تشفل الهوى: ۲ . الموضع الذي ثطبع 
عليه هذه الكيفيّة. الكيفية هي الجمال» والموضع هو البيت باعتباره مُلكه أو من 
اختراعه. ويُعتبر كلا الجزأين أساسيّين؛ بل إن التمييز بينهما بلا جدوى ومن 
نسيج الخيال فالجمال منظور إليه فقط بما هو كذلككء وإذا لم يتموضع على 
شيء ما ذو علاقة بنا فإنه لن ينتج أبداً أي زهو أو غرور. [ +١‏ ] كذلك فَإِن 
العلاقة الأقوى. وحدها من دون الجمال؛ أو شيء ما آخر ك مكانهء ذات تأثير 
ضئيل على ذلك الهوى. لذلك يتوجب علينا أن نعتير هذين الأمرين عناصر 
أصلية مؤلّفة للسببء وأن نثبت ف أذهاننا فكرة دقيقة عن هذا التمييز طالما أن 
انفصالهما سهل من جهة؛ وأن اقترانهما ضروري لإنتاج الهوى من جهة أخرى. 


يات 


الفصل الثالث 
ن أين تشتق هذه المواضيع والأسباب؟ 
من أين تشتق ضيع :. 


لقد تقدمتا لدرجة أن نلاحظ القرق بين موضوع الأهواء وسببهاء وأن نميز 
السبب, الكيفيّة التي تشْفْل الأهواءء من الموضع الذي تنطيع فيه تلك الكيفيّة, 
ونتابع الآن ضحص ما يُحدّد كل منها لتكون ما هي عليهء وتميبن الموضوع والكيفيّة 
والموضع المخصصة لهذه الوجدانيات. لأثّنا سنفهم بهذه الوسائل أصل الهو 
والضعة فهماً عميقاً. 

يتعين لهذه الأهواء ‏ المقام الأول بدهياً أن تملك نفّساً بمثابة موضوع لهاء 
ليس باللكيّة الفطريّة فحسب. ولكن أيضاً بالملكيّة الأصليّة. ولا يقدر أحد على 
الشك أن هذه الملكيّة ليست فطريّة؛ بسبب عملياتها المستمرة والمكينة. إذ تعتبر 
النفس على الدوام موضوعاً للزّهِرٌ والضعة. ومهما بدت الأهواء بل الماوراء؛ فإنّها 
تظل منظورة باعتبار ما عليه أنفسناء وإلاً لما استطاع أي شخص أو أي موضوع 
أن يملك أي تآثير علينا. وإذا اعتبرنا أن الفارق المميز لهذه الأهواء؛ يتأتى عن 
كيفيّة أصليّة أو باعث بدئيء فإِنْ الأمر من البدهيّات كذلك. فالطبيعة لو لم تكن 
قد أعطت بعض اكات الأصليّة للذهن, لما كان يملك ملّكات ثانوية أبدا؛ لأنّه د 
تلك الحالة لن يملك أساساً للفعل ولن يقدر أبداً على البدء باستعمال قدراته. 
الآنء هذه اكات التي سنعتبرها أصليّة. هي بما هي كذلك؛ الأعظم ملازمة 
للروح: ولا يمكن أن تتحلّل إلى شيء آخر غيرهاء وهكذا هي الآكة التي تحدد 
موضوع الزّهو والضعة. 

ربما يمكننا أن نوسّع السؤال» على نحو أعظم» بأن نتساءل هل الأسباب 
التي تولّد الهوى فطريّة مثل الموضوع الذي يتّجه صويه؟ وهل يصدر كلّ ذلك 


ملا 


التنوع الواسع © الأسباب عن نزوة ما أو عن بنية الذهن؟ سقزيح هذا الإشكال 
حالاً. إذا آلقينا بنظرنا على الطبيعة الإنسانية؛ [ 4١‏ ] وتأملنا استمرار المواضيع 
ذاتها ج كل الأمم و العصورء .4 إثارة الهو و الضعةء وذلك على أساس قدرتا 
على معرفة ما الذي سيتقص أو سيزيد هذا النوع من الأهواء عند رجل غريب 
بشكل قريب جداً. وإذا وجدت أي مغايرة بهذا الخصوص. فَإنّها لا كات عن شی 
1 الاختلاف بالطباع وسحنات الوجوه؛ وهو فضلاً عن ذلك لا يستحق الاعتيار 
أبداً. فهل نقدر أن نتخيل الرجال غير مكترثين كيه لقوتهم أو لثرائهم أو 
لجمالهم أو لقَضلهم الشخصيء وأنَ زهوهم وغرورهم لن يتأثر بهذه المزاياء بينما 
تظل الطبيعة الإنسانية على حالهاة 

سنجد عند فحص أسباب الهو و الضعة: أنّها ليست اصلية, على الرغم 
من أنها فطريّة بشكل واضع. وأنّه من المحال بشكلٌ مطلق؛ أن يتلاءم كلّ واحد 
منها مع هذه الأهواء بواسطة البتية الأولية والاشتراط الخاص بالطبيعة. 
وبالقياس إلى عددها الهائل نجد أنْ الكثير منها آثار فنية؛ وتنشأ بجزء منها عن 
الصتاعة؛ وعن النزوة ة بجزء آخر وبجزء ثالث عن خسن حظ الرجال. فالصناعة 
تتتج البيوت» والأئاث. والشاب. وتحدد النزوة أنواعها وكيفياتها تحديداً 
مخصوصاً. والحظ السعيد غالبا ما يساهم 4 كل هذاء ا عن الآثار التي 
تنتج عن اختلاطات الأجساد 0 المختلفة. لذلك من السخف أن نتخيّل أن 
الأسياب جميعها مشتفّة ومشترّطة من قبل الطبيمةء وأنّْ كل إنتاج فني جديد 
يسبب الهو أو الضعة. 58 من تحوير نفسه ليتلاءم مع الهوى باقتسام جزء من 
الكيفيّة العامة التي تشفّل العقل فطرياً» هو نفسه موضوع لمبدأ أصلي يستلقي 
متوارياً حتى حينها 4 الروح: وآنْ هذا المبدأ انكشف أخيراً عن طريق المصادفة 
فقط. لذلك قالقول إنْ الميكانيكي الأول الذي اخترع طاولة' أنيقة وجميلة, آنتج 
رهوا يك نفسه استحوذ عليه بواسطة مبادئ مختلفة عن المبادئ التي جعلته 
فخوراً بكراسي ومنضدات مليحة. قول سخيف. وطالا أنه كذلك بشكل واضح, 
يجب أن نستخلص أن كل آسباب الرَهو والضعة لا تتلاءم مع الأهواء بوساطة 


.؟ءتنtهاءء وردت بي النص بالغة الفرنسية‎ )١( 


كيفية أصليّة متميزةء لكل منها بل يوجد ظرف أو مجموعة ظروف مشتركة بينها 
جميعاً يمتمد عليها نجوعها. 

علاوة على ذلك نجد ‏ مضمار الطبيعة على الرغم من كثرة النتائج؛ أن 
المبادئ التي شا عنها غالباً ما تكون قليلة وبسيطةء وأنْ الالتجاء إلى كينيّة 
مختلفة لشرح كل عمليّة مختلفة: بدلاً من البحث عن الظروف المشتركةء علامة 
على أن الشخص الطبيعاني ناقص التدريب. [ ”4 ] إلى أي حدّ يجب أن يكون 
هذا صحيحاً؛ بالإشارة إلى الذهن الإنساني. حيث يمكن الاعتقاد بحق» بما هو 
موضع ضيق» آنه غير قادر على احتواء كومة هائلة الحجم من المبادئ بالقدر 
الضروري لإثارة أهواء الهو والضعة؛ إذا كان كل سبب متميّز متلائماً مع هوى 
ما بمجموعة مبادئ متميزة؟ 

لذلك نجد أنْ الفلسفة الأخلاقية هناء 2 الحال نفسه الذي كان للفلسفة 
الطبيميّةء آخذين بعين الاعتبار علم الفلك قبل آوان كوبرنيكوس!" دنه نسعمه0. 
حيث اخترع الأقدمون, على الرغم من درايتهم بالموعظة التي تقول: لا تصنع 
الطبيعة شيئاً عيثاً. مثْلَ هذه الأنظمة المتشابكة من السماوات. والتي بدت غير 
متّسقة مع الفلسفة الصحيحة:؛ ومنحوا ذا النهاية فسعة لشيء ما أكثر بساطة 
وفطريّة. فان نخترع من دون تحرج مبدأ جديداً لكلّ ظاهرة جديدة, بدلاً من 
ملاءمتها للمبدأ القديمء وأن نثقل على فرضياتنا بتتوع من هذا الصنفء إنّما هي 
براهين أكيدةء على بطلانها جميعاً؛ أي ولا مبدأ منها هو المبدأ الحق؛ وإنّنا نرغب 
فقط بإخفاء جهلنا بالحقيقة من خلال عدد من الافتراءات. 


(1) (۷۳٤م‏ .617 1م) عالم فلك بولوني أول من قال أن الأرض تدور حول الشمس مناقضاً 
بذلك الفكر المدعوم من قبل الكنيسة. (المترجم) 
سو بارع 


الفصل الر ابع 
العلاقات بين الانطباعات و الأفكار 


هكذا نكون قد اسسنا حقيقتين من دون آي عوائق أو مصاعب تذكر: ١‏ 
تثير هذه التشكيلة من الأسباب الهو والضعة من خلال مبادئ فطرية, ۲- لا 
يتلاءم کل سبب مختلف مع هواه من خلال مبدأ مختلف. ما الآنء فسنتابع 
البحث © كيفيّة رد هذه المبادئ إلى عدد أقلء وإيجاد شيء ما مشترك يعتمد 
عليه تآثيرها ضمن هذه الأسباب. 

ويجب أن نتبصرء من أجل هذاء 2 خاصيات معينة للطبيعة الإنسانية, ثم 
يلح الفلاسفة كثيراً ب2 طلبها على العموم؛ على الرغم من امتلاكها تأثيراً عظيماً 
على كلّ عملية من عمليات الفاهمة والهويّة على حد سواء. 

الخاصيّة الأولى منهاء هي تداع الأفكار التي غالباً ما لاحظتها وشرحتها. 
فمن المحال على الذهن أن يثبّت نفسه تثبيتا راكزاً على فكرة واحدة لوقت طويل. 
ولا أن يقدر أبدأً حتى بأقصى جهوده: على الوصول إلى استمرارية كهذه. لكن 
مهما كانت قابليّة أفكارنا للتفيير. فهي لا تتم كلياً 2 تغيراتها من دون قاعدة 
ومنهج. فالقاعدة التي تمضي على إثرها؛ هي الانتقال من الموضوع الأول إلى ما 
يشابهه» أو إلى ما يجاوره؛ أو إلى من أنتجه. [ ٤١‏ ] إذ عندما تحضر فكرة ما 
إلى المخيّلة؛ فإن أي فكرة أخرى مرتبطة بهاء بهذه العلاقات» من الطبيعي أن 
تتبعها وآن تدخل معها بيسر كبير بواسطة ذلك التمهيد. 

الخاصيّة الثانية. التي سأرقبها 4 الذهن الإنساني. هي تداع مشابه ذأ 
الانطياعات. فكل الانطباعات المتماثلة مرتيطة بعضها ببعضء؛ فما أن يثور 

سم ارت وسالة في الطبيعة م - 5 


أحدها حتى تتبعه اليقية بصورة مباشرة. مثلاً القَمّى والخيية تثيران الغضب, 
والغضب يثير الحسد» والحسد يثير الضغينةء والضغينة تثير القَمّى ثانية؛ حتى 
تكتمل الدائرة بكاملها. وبطريقة مماثلة عندما يزدهي مزاجنا بالفرح فَإِنّه يرمي 
بنفسه تلقائياً ب4 المحبةء والكرم, والشفقة؛ والشجاعة. والزّهرٌ وباقي الوجدانيّات 
المماثلة. إذ من الصعب على الذهن عندما ينفعل بأي هوىء أن يُقصر نفسه على 
ذلك الهوى وحده؛ من دون أي تغيير أو اختلاف. فالطبيعة الإنسانية متقلّبة 
لدرجة آنه لا يمكنها أن تقر باي انتظام. فالتفير شيء أساس فيها. وإلى ماذا 
يمكنها أن تتفير تلقاتيًاًة هل إلى الوجدانيات أو إلى الانفعالات المتناسبة مع المزاج 
والمتوافقة مع تلك المجموعة السائدة من الأهواء حينئن؟ إذن من الواضح وجود 
تجاذب أو تداع بين الانطباعات كما بين الأفكار. على الرغم من هذا الفرق 
الكبيرء حيث تتداعى الأفكار بالتشابه والتجاور والسببيةء بينما تتداعى 
الانطباعات بالتشابه فقط. 

وك المقام الثالث. يلحظ ب هذين النوعين من التداعي» مساعدتهما 
ومؤازرتهما لبعضهما بعضاً بصورة كبيرة؛ ولذلك يتم الانتقال بسهولة أكبر عندما 
يتلاقيان ‏ الموضوع نفسه. كما أن الرجل الذي تنقّص مزاجه وانزعج بشكل كبير 
من إساءة رجل آخر له» من أي نوع كانت؛ من شأنه أن يجد مائة سبب للسخط 
ونفاد الصبر والخوف وأهواء أخرى مزمجةء خاصة إذا كان يقدر على اكتشاف 
هذه الأسباب ب4 الشخص الذي كان سببأ لهواه الأول أو بقربه. هذه المبادئ التي 
تتقدم على انتقال الأفكار؛ تتعاون هنا مع المبادئ التي تُشّغل الأهواء؛ وكلاهما 
يتحدان ب فمل واحد. يغدق على الذهن باعثاً مضاعفاً. لذلك سيثور الهوى 
الجديد بعنف أعظم بكثيرء كما سيصير الانتقال إليه أكثر سهولة وتلقائية. 

وي هذه المناسبة. سأسوق حجة كاتب ظريفء عبّر عن نفسه بالطريقة 
ائتالية: "طاما أن الواهمة تتمنّع بأي شيء سواء أكان عظيماًء أم قوياًء أم جميلاًء 
وأنّ تلدّذها يستمر ازديادا كلما وجدت المزيد من هذه الكمالات 2 الموضوع ذاته. 
فهي قادرة على تلقي غبطة جديدة بمساعدة حاسة أخرى. [ ٤٤‏ ] وهكذا يوقظ 

50 


أي صوت متواصلء كالموسيقى المنبعثة من أصوات الطيور. أو شلال المياه: بك كل 
لحظة ذهن المشاهد ويجعله أكثر انتباهاً لجماليّات المكان المتنوعة التي تتموضع 
أمامه. ولذلك إذا فاح أريج روائح أو عطور الطبيعة فَإِنّها تزيد متعة المخيلة, 
وتجعل حتى الألوان واخضرار الأرض أكثر طيبة؛ لأ أفكار كلتا الحاستين تزكي 
بعضهاء وهي مبهجة مع بعضها أكثر مما لو دخلت إلى الذهن منقصلة, كذلك 
حال الألوان المختلفة لصورة ماء عندما تكون مرتبة بشكل حسن: فإِنّ أحدهما 
يُبرز حُسن الآخرء وتتلقى الصورة جمالاً إضافياً من مزية الحالة" نلاحظ 2 هذه 
الظاهرة التداعي ‏ كل من الانطباعات والأفكارء بمثل ما تلاحظ المساعدة 
المتبادلة التي يمدان بعضهما بعضاً بها. 


اا 


الفصل الخامس 
تأثير هذه العلاقات على الرّهوَ و الضعة 


تأسّست هذه المبادئ إذن على خبرة لا تقبل الشك. وئذلك بدأت أتامّل 
كيف سنطيقها متروياً 4 أسباب الهو والضعة؛ سواء أكاتت هذه الأسباب 
كيفيّات تشتفلء آم مواضع تحط عليها تلك الكيفيات. ولدى فحص هذه 
الكيفيات. وجدت مباشرة أن الكثير منها يتوافق © إنتاج إحساس الألم واللذة 
فضلاً عن هذه الوجدانيّات التي أحاول هنا أن أفسرها. لذا فان جمال جسدناء 
بما هو جمال جسدي؛ وبواسطة مظهره بالذات: يعطي لذةٌ مثلما يعطي زهواًء 
وتشوهه يؤلم مثلما يعطي اتّضاعاً.كذلك تبهجنا وليمة عظيمة وتسوؤتا وليمة 
وضيعة. بالتالي ما قد اكتشفت أنه صحيح 4 بعض الحالات. سأفترض أنه 
كذلك 4 جميعها: وسأعتبره قضية مسلّم بها 4 الوقت الحاضر من دون أي 
برهان آخرء وهو أنْ کل سبب للزهو ينتج بواسطة كيفيّاته الخاصة به وحده 
لذْةٌ مستقلة وان كل سبب للاتّضاع ينتج بواسطة كيفيّاته الخاصّة به وحده 
إزعاجاً مستقلاً. 

أيضاًء لدى تأمّل المواضع التي تلتزق بها هذه الكيفيّات» وضعت فرضيّة 
جديدة تبدو أيضاً معقولة من خلال عدّة حالات واضحة وهي: أنْ هذه المواضع 
إِمًا آن تكون أجزاء من أنفسنا أو شيئاً ما متصلاً بنا عن قرب. وبالتالي فَإِنّ 
كيفيّات أضمالنا وأساليبتا السيئة والجيدة تولف الفضيلة والرذيلة وتحدد سمتنا 
الشخصيّة. حيث لا شيء يشغل هذه الأهواء بقوّة آكثر منها. [ 40 ] ونجد على 
المتوال نفسه أنّ جمال أو تشوه جسدنا: أو بيوقاء أو عرياتتاء أو أثاثقاء ما أن 


A= 


بجعلنا مفرورين أو متضعين. وأنْ الكيفيّات ذاتها عندما تنتقل إلى مواضع لا 
تحمل لتا أي علاقة فَإنّها لا تؤثر على أي من هذه الوجدانيّات, حتى بالحد الأدنى. 

بما أتّني هكذا قد افترضت؛ بوجه من الوجوهء خاصيتين لأسباب هذه 
الوجدانيّات؛ وهما: ١‏ تنتج الكيفيّات ألمأ أو لذ مستقلين؛ 1- أنّ المواضع التي 
تحط عليها الكيفيّات متصلة بالنفس» استأنفت فحص الأهواء ذاتها علّنى أجد 
فيها شيئأً ما متطابقاً مع الخاصيّات المفترضة لأسبابها. ١‏ 

الكيفيّة الأولى: وجدت أن الموضوع الخاص بالزّهوٌ والضعة وحدهماء 
محدد بواسطة غريزة فطريّة واصليّة: وأنّه من المحال المطلقء لهذه الأهواء أن 
تنظر أبداً إلى ما وراء النفس؛ أو ذلك الجسم المتفردء الذي يعي كل منًا أفعاله 
وعواطفه بصورة حميمة: بسبب التركيب البدئي للذهن. و2 النهاية يهجع الفكر 
هنا بشكل دائم؛ عندما ننفعل باي من هذه الأهواء. ولا نقدر آيداً ب4 تلك الحالة 
من الذهن. أن نزيح بصرنا هن هذا الموضوع. ومن أجل هذا تقصدت أن لا 
أعطي أي تفسيرء بل أن أعتبر هذا الاتجاه الخاص بالفكر كيفية أصليّة. 

الكيفيّة الثانية: التي اكتشفتها 2 هذه الأهواء؛ وائتي اعتبرتها بالمثل كيفية 
أصليّة. إِنّما هي إحساساتها أو الانفعالات المخصوصة التي تثيرها 4 الروج 
والتي توف وجودها وماهيتها ذاتها. وهكذا فإن الهو إحساس لادء والضعة 
إحساس أليم» و عند تنحية اللّذة والألم لا يبقى لا الواقع أي زهو أو اتّصَاع. لذا 
بدءاً من هذا الشعور الخاص بناء بذاته؛ والذي يقنعناء ومن ما وراء شعورناء من 
غير المجدي هنا أن نفسر أو أن نوضح ذلك. 

لذلك عندما قارنت هاتين الخاصيتين المؤسستين للأهواء وهما: 

-١‏ موضوعها الذي هو النفس» ۲- إحساسها الذي إِمّا أن يكون لاذاً أو 
أليماً. بالخاصيّتين المفترضتين للأسباب وهما: ١‏ علاقتها بالنفس» ۲- ميلها 
لإنتاج آلم أو لدة فضلاً عن الهوى؛ وجدت مباشرة آي إذا أخذت هذه 
الافتراضات على أنّها حقّةء فْإِنّ النظام الصحيح يقاطعني بدليل لا يمكن رده. 
وهو أنّ الهوى يشتق من العلاقة المزدوجة الفكريّة والانطباعيّة. وهي: تملّق 


سويت 


السبب الذي يثير الهوى: بالموضوع الذي أستدته الطبيعة للهوى من جهة. ومن . 
جهة أخرىء إحساس الهوى. فمن السهل رد الفكرة الأولى إلى صتوهاء [ 45 ] 
كذلك رد الاتطباع الأول إلى ذلك الذي يشبهه ويتطابق معه. فما قدر السهولة 
التي يجب أن يتم فيها هذا الانتقال» حيث تساعد هذه التحركات بعضها بعضاً 
تبادلياً. وحيث يتلقى الذهن باعثاً مضاعفاً من علاقات كلّ من انطياعاته وأفكارء؟ 

حتى نفهم هذا أحسن فأحسن؛ سنفترض أن الطبيعة قد أعطت لأعضاء 
الذهن الإنساني؛ نزعة معينة صالحة لانتاج انطباع أو انفعال بعينه, ندعوه زهواً. 
وقد عينت لهذا الانفعال فكرة معينة؛ بمعنى أنّها من النفس ومن المحال بالتالي 
أن يخفق 2 إنتاجها. ومن السهولة فهم هذا التدبير من الطبيعة. إذ إِنّنا نملك 
الكثير من الأمثلة عن حالات كهذه من توضعات الشؤون. مكثلاً أعصاب الأنف 
والذوق مستعدة 2 ظروف معينة لتوصيل إحساسات مخصوصة للذهن؛: كذلك 
تحدث فينا إحساسات الجوع والشبق,ٍ دوماً فكرة المواضييع المخصصة والمناسبة 
لك شهوة منها. وهّذان الظرفان موحدان 2 الزهو. فالأعضاء مستعدة لإنتاج 
الهوىء والهوى ينتج تلقائياً بعد إنتاجه فكرة معينة. ولا يحتاج كل هذا لبرهان. 
فمن الواضح أنّه يجب أبداً أل يتملكنا ذلك الهوىء الذي لا يوجد # الذهن نزعة 
مناسبة له. كذلك من الواضح أن الهوى يحول نظرنا إلى أنفسنا دائماًء ويجعلنا 
نفكر 4 كيفياتنا و ظروفنا الخاصة. 

ويما 8 هذا قد تم فهمه بشكل كامل؛ فمن الممكن الآن التساؤل فيما إذا 
كانت الطبيمة تت تنتج الهوى من تلقاء ذاتها مباشرة: أو فيما إذا كان من الواجب 
إعانتها بأسباب أخرى مساعدة؟ لاه من الملاحظ ل هذا الخصوص»؛ أن سلوكها 
يختلف باختلاف الأهواء والاحساسات. فإحساس التذوق يجب إثارته بموضوع 
خارجي من أجل إنتاج أي طعم لذيذ. ب حين يثار الجوع داخلياً من دون مؤازرة 
آي موضوع خارجي. لكن مهما تكن الحال مع الأهواء والانطباعات الأخرى؛ فمن 
المؤكد أن الزهو يستلزم مساعدة يعض المواضيع الأجنبيةء ون الأعضاء التي 
تنتجهء لا تبذل نقسها مثل القلب والشرايين بحركة داخلية أصلية. أولاً: لأن 
الخبرة اليومية تقنعنا أن الزّهِوٌ يستلزم أسباباً معيّنة لإثارتهء وأنّه يذبل حيتما لا 


يكون مدعوماً بتفوق ما .2 الشخصيّة أو 2 المواهب الجسمانية, أو ف الثياب» أو 
2 العرية أو 2 الثروة. ثانياً: من الواضح أن الزّهوٌ سيكون أبدياً إذا أثارته 
الطبيعة مباشرة. طانا أن الموضوع دائماً على حاله؛ ولا يوجد نزوع من الجسد 
مخصوص للزّْهوء [ ائ] مثلما يوجد للعطش والجوع. ثالثا: الضعة إِنّما هو ب 
المنزئة نفسها مع الزّهوّ ولذلك إما أنه سيكون, بناء على هذا الفرضء آبدياً 
مثله. أو أنّه سيدمر الهوى المضاد منذ الاحظة الأولى؛ ويالتالي لن يقدر آي منهما 
على الظهور. وبناء على كل ما سبق؛ نهجع راضين بالنتيجة المتقدمة الذكر؛ بان 
الهو يجب أن يكون له سبب وموضوع على حد سواءء وأنّ أحدهما لا يملك 
تأثيراً من دون الآخر. 

تكمن الصعوية إذن 4 اكتشاف هذا السبب فقطء. وإيجاد ما الذي يسبب 
التحرك الأول الهو ويضع تلك الأعضاء الملائمة طبيعياً لإنتاج ذلك الانقعال» 
2 حالة الفعل. ولدى رجوعي للخبرة لكي أحلّ هذه الصعوية؛ وجدت مباشرة 
مائة سبب مختلف يُحدث الزُهِىٌّ ولدى فحص هذه الأسباب: افترضت ما شعرت 
ے البدء رجاحتهء وهو اجتماعها 2 نوعين من الأحوال؛ وهما: -١‏ انها تنتج من 
تلقاء أنفسها انطباعاً متجانساً مع الهوى؛ 7 نها تحط على موضع متجانس مع 
موضوع الهوى. وعندما تأمّلت: بعد هذاء طبيعة العلاقة وآثارها على الأهواء 
والأفكار على حد سواءء لم أقدر على الشك بعد ذلك بناء على هذه 
الافتراضات: 2 أن ابد ذاته الذي يثير الزّهوٌ ويطلق الحركة ف هذه الأعضاء؛ 
التي وضعت فطرياً لإنتاج ذلك الأثر الوجداني؛ يستلزم فقط نبضة أولى أو بداية 
أولى لتفميلها. فاي شيء يعطي إحساساً لاذاًء ويتملّق بالنفس؛ يثير هوى الزهو. 
ويكون بدوره ذا نكهة طيبة؛ ويملك نفساً بمثابة موضوعه. 

يصح ما قلته عن الزُّهو على الضعة بصورة متساوية. فالإإحساس بالضعة 
كريه 2 حين الإحساس بالزّهو طيب؛ ولهذا السيب سيقلب الإحساس المستقل 
المثار من الأسباب» بينما تستمر العلاقة بالنفس على حالها. فعلى الرغم من أن 
الزّهوٌ والضعة متضادان بشكلٌ مباشر ك آثارهما وذ احساساتهما فَإنْهما 
يملكان الموضوع نفسهء ولذلك فإِنْ المطلوب فقط, تغيير العلاقة الانطباعية بدون 


¥= 


صنع آي تغبير بناء عليه 2 الأفكار. وتبعاً لذلك نجد, أن المنزل الجميل الذي 
نملكهء ينتج الزّهوٌء وأنّ المنزل ذاته الذي مازال ‏ ملكيتناء ينتج الضعة عندما 
يتغيّر جماله نحو التشوه بحادث ماء ويذلك» يتحول الإحساس باللدّة المتطابق مع 
الهو إلى الإحساس بالألم المتعآّق بالضعة. [ 54 ] وتعيش العلاقة المزدوجة بين 
الأفكار والانطباعات ‏ كلتا الحالتين: وتونّد انتقالاً سهلاً من انفعال إلى آخر. 

باختصارء تتعمت الطبيعة بنوع من الجاذبية على انطباعات وأفكار معيتة: 
وما إن يظهر أحدهما حتى يجلب بهذه الجاذبيّة صنوه تلقاكياً. فإذا تضافرت 
تجاذبات الانطباعات والأفكار أو تداعياتها 4 الموضوع نفسه؛: ساعدت بعضها 
بعضاً بشكل متبادل, وانتقلت بالتالي الوجدانيّات والمخيلة بأعظم سهولة ويسر 
ممكنان. فعندما تنتج فكرة ما انطباعاً متعلّقاً بانطباع متصل بدوره بفكرة متعلّقة 
بالفكرة الأولى فن هذين الانطباعين يجب أن يكونا بطريقة ما متلازمين. ولن 
يكون أحدهما غير مصحوب بالآخر 2 آي حالة. وتبعأ لهذه الطريقة يتم تحديد 
الأسباب الخاصّة بالزّهرٌ والضعة وحدهما. فالكيفيّة التي تُشّغل الهوى تنتج على 
نحو مستقل انطباعاً مشابهأ له والموضع الذي تنتمي إليه الكيفيّة يتمق بالنفس 
موضوع الهوى. فلاعجب إذن لكون السبب المؤلّف بكامله من كيفيّة وموضع: أن 
يثير الهوى بشكل لا يمكن تجتبه. 

ولتوضيح هذه الفرضية بطريقة المثال. يمكننا أن نقارنها بتلك الفرضيّة 
التي قد شرّحت بواسطتها توا الاعتقاد الملازم للأحكام: التي نكونّها من خلال 
السببية. فقد لاحظت ب كل الأحكام التي من هذا النوع: وجود اتطباع مضارع 
وفكرة متعلّقة به وأنّ ذلك الانطباع المضارع يمنح الخيال حيوية؛ وأنْ الملاقة 
توصل هذه الحيويّة بالانتقال السهل إلى الفكرة المتعلّقة. ومن دون الانطباع 
المضارع: لا يثبت الانتباه ولا تثار الأرواح. ومن دون العلاقةء يهجع هذا الانتباه 
على موضوعه الأول ولا تكون له عاقبة أخرى. ومن الواضح وجود تناظر عظيم 
بين تلك الفرضيّة ويين فرضيتتا الحاضرة عن الانطباع والفكرة اللذين يحولان 
نفسيهما إلى انطباع وفكرة أخريين: من خلال علاقاتهما المزدوجةء وهذا التناظر 
لن يجيز لإثبات كلا الفرضيتين هذاء أن يكون تافهاً. 

ا 


الفصل السادس 
حدود هذا النظام 


قبل أن نمضي قدمأ ‏ هذا البحثء ونفحص كل أسباب الزّهُوٌ والضعة 
بشكل دقيقء [ ٤۹‏ ] سيكون من ال ملائم أن نضع بعض الحدود على النظام العام 
حيث تود كل المواضيع الطيبة المتعلّقة بأنفسنا الهو من خلال تداع الأفكار 
والانطباعات؛ مثلما تولّد المواضيع المنفرة المتعلّقة بأنفسنا الضعة من خلال تداع 
الأفكار والانطباعات»؛ وهذه الحدود مشثقّة من طبيعة البحث ذاته. 

١‏ - الحدّ الأول: على فرض أن موضوعاً طيباً اكتسب علاقة ما بالنفس» 
فإِنّ أول هوى يظهر # هذه المناسبة هو الفرح ويكشف هذا الهوى عن نفسه 
بعلاقة أخف بالمقارنة مع الزّهو والتبجح. إذ نشعر بالفرح لحضورنا وليمة تتمتّع 
حواسنا فيها بالطيّبات من كل توع؛ لكن صاحب الوليمة فقطء يملك إلى جانب 
ذلك الفرح نفسه هوى إضافياً بالغرور واستحسان الذات. ومن الصحيح أنْ 
الرجال يتفاخرون أحياناً بحضورهم مضافة عظيمة: لم يكونوا فيها إل مدعوين, 
وأنّه بعلاقفة صغيرة جداً تتحول لذتهم إلى زهو مع ذلك يجب أن يتم الاعتراف 
عموماً؛ أن الفرح يثار بعلاقة زهيدة أكثر بكثير من الغرورء وأنْ الكثير من الأشياء 
البعيدة عن توليد الزّْهوٌ قادرة على منحنا البهجة واللذة. ويمكن شرح سبب 
الاختلاف بالآتي: العلاقة ضرورية للفرح» من أجل تقريب الموضوع مناء وإسعادنا 
باي شكل كانء لكن إلى جانب هذا الهدفه المشترك بين الفرح والزّهوؤء تكون 
العلاقة ضروريّة لهو من أجل توليد الانتقال من هوى إلى آخر وتحويل الرضى 
إلى غرور. ويما أن العلاقة موكلة على هذا النحو بمهمة مزدوجة؛ فمن الواجب 
إمدادها بقوة وطاقة مضاعفة. ويمكن أن نضيف إلى سبب الاختلاف هذاء أنه 


بارت 


حيثما وجدت مواضيع طيّبة لا تحمل علاقة قريبة جداً لأنفسناء فإنّها بشكلٌ عام 
تحمل مثل هذه العلاقة لشخص ماء وهذه العلاقة بالآخر لا تتفوق فقط على 
العلاقة بناء بل إِنّها تنقصها وأحياناً تدمّرهاء كما سنرى فيما بعد" . 

إذن هذا هو أول حدء يجب أن نضعه على موقعنا العام: إن أي شيء يتعلق 
بنا ويولّد لدّة وألاًء يولد بالمثل رهوا واتضاعاً. ولا يوجد استلزام لعلاقة ما طقطه 
بل استلزام لعلاقة وثيقةء وأوثق مما هي مستلزمة للفرح. 

۲ - الحدٌ الثاني: أن لا تتعآق المواضيع الطيّبة أو الكريهة بأنفسنا تعلّقاً 
وثيقاً فقطء بل أن تخصّ أنفسنا وحدها أيضاًء أو على الأقَلٌ أن تشترك بيننا 
وبين قلّة من الأشخاص. وهذه كيفيّة ملاحظة بك الطبيعة الإنسانيّة. وسنسمعى 
لشرحها فيما يلي حيث تفقد كل الأشياء أهميتها بل عيوننا عندما يتم تقديمها 
بصورة متكررة من جهة؛ وعندما نعتاد عليها لفترة طويلة من جهة أخرىء [ 50 ] 
وتحتقر وتّهمل 4 فترة قصيرة. كذلك نحكم على المواضيع من خلال المقارنة أكثر 
من الحكم عليها من خلال استحقاقها الذاتي والواقعيء ويما آنا لا نقدر على أن 
نشدد على قيمتها بسبب بعض التباين؛ فَإِنّنا عرضة لأن نففل حتى عمًا هو جيد 
فيها بشكل أساسي. حيث تملك كيفيّات الذهن هذه تأثيراً على الفرح كما على 
الزّهوٌ؛ ومن العجيب أن السلع الشائمة عند النوع الإنساني كله والتي أصبحت 
مألوفة لنا بالتعودء تمنحنا القليل من الغبطة؛ على الرغم من انها قد تكون من 
التوع الممتاز, بالمقارنة مع تلك التي نمنحها قيمة أكبر بكثير بسبب تفردها. وعلى 
الرغم من أنْ هذا الظرف يشمّْل كلا الانفعالين إلا أنه يملك تأثيراً آكبر بكثير 
على الغرور. حيث نبتهج للعديد من السلع التي لا نزهو بها نظراً لتردادها. 
فعندما تعود الصحة بعد غياب طويل تمنحنا غبطة كبيرة, ولكن قَلّما يشار إليها 
كسيب للزهوء لأنْ عدداً كبيراً جدأ من الناس يشترك فيها. وأنا أعتبر أن العلة ا 
حساسيّة وضع الزّهو أكثر من الفرح 4 هذا الخصوصء وفقاً لما يلي: يوجد 
موضوعان من أجل إثارة الهو يجب أن نمعن فيهما النظر دائماً وهما: السبب أو 


)١(‏ الباب الثاني, الفصل الرابع. 


ذلك الموضوع الذي يولد اللدّة: والنفس التي هي الموضوع الحقيقي للهوى, 4 حين 
لا يملك الفرح إلا موضوعاً واحداً فقط؛ ضرورياً لتوليده وهو الذي يُحدث اللذة, 
وعلى الرغم من ضرورة حمل هذا الموضوع علاقة ما بالنفس, إلا أن ذلك لازم من 
أجل جعله طيباًء وليست النفس» يقول صحيح؛ موضوع هذا الهوى. لذلك طاما أنْ 
الزّهوٌ يملك بوجه من الوجوه موضوعين يوجه نظرنا إليهماء فَإِنْ هذا يؤدي إلى 
القول: إِنَّه عندما لا يملك أي من الموضوعين أي فذاذة. فإن الهوى سيكون أكثر 
ضعفاًء بناء على ذلك الأساس؛ من الهوى الذي لا يملك سوى موضوع واحد. 
ولدى مقارنة أنفسنا مع الآخرين بمثلما نحن عرضة لذلك كلّ لحظة. نجد آنا 
لسنا مميزين بأقلٌ ما يمكن أن يكون. كذلك لدى مقارنة الموضوع الذي نملكه. 
نكتشف بقاء الظرف التميس نفسه: بالتالي سيتدمر الهوى بكامله باثنتين من هذه 
المقارنات المضرة جداً. 

* - الحد الثالث: أن يكون الموضوع اللادٌ أو الأليم واضحاً ومميزاً بشكل 
كبيرء وذلك ليس لأنفسنا فقط بل للآخرين أيضاً. ويملك هذا الظرف. مثل 
الاثنين السابقين: تأثيراً على الفرح مثلما يملك على الزّهوٌ. إذ نتوهم آنا أكثر 
سعادة وأكثر فضيلة أو جمالاً عندما نبدو كذلك للآخرين: [ 0١‏ ] لكننا ما نزال 
أكثر تبجحاً بفضائلنا منا بملدّاتنا. وهذا ناتج عن الأسباب التي سأسعى لشرحها 
فيما بعد. 

٤‏ - الحد الرابع: مشتق من تقلّب أسباب هذه الأهواء ومن الفترة القصيرة 
لاتصالها بأنفسنا. فما هو عَرَّضي ومتقلّب لا يعطي إلا القليل من الفرح والقليل 
الأقل من الزّهو. فنحن غير راضين تماما عن الشيء نفسه ومازلنا غير مستعدين 
لأن نشعر بأي درجة جديدة من الاغتباط الذاتي على أساسه. كما أا نحتسب 
ونتوقع تغيره بالمخيلة؛ وهذا يقلل من اغتباطنا بالشيءء الذي نقارنه بانفسنا ذات 
الوجود طويل الأمد؛ ويهذا يظهر تقلّبه أعظم مما هو عليه. ويبدو سخيفاً أن 
نشعر بالسعادة 4 آنفسنا من موضوع هو ذاته ذو أجل أقصر بكثير من أجلناء 
ويصاحبنا خلال جزء صغير من وجودنا. وبالتالي سيكون من السهل علينا أن 


نفهم علّة عدم اشتغال هذا السبب بتفس القوة # الفرح كما 2 الزُهو طاما أن 
فكرة النفس ليست آساسية تلهوى السابق كما هي لللاحق. 

د. أضيف كحد خامس أو بالأحرى توسيع لهذا النظام: تملك القوانين 
العامة تأثيراً عظيماً على الهو والضعة كما على كل الأهواء الأخرى. ومن ثم 
نشكّل تصورات عن مراتب الرجال المختلفةء بما يتناسب مع النفوذ والثروة التي 
يمتلكونها؛ ولا نغير هذا التصور بناء على أي خصيصة من خصائص الأشخاص,. 
مثل الصحة أو امزاج التي قد تحرمهم كنَياً من التمتّع بممتلكاتهم. وربما يكون 
هذا معللاً بالمبادىء نفسهاء التي تفسّر تأثير القوانين العامة على الفاهمة. مثلاً, 
يحملنا التعود حالاً وبسهولة إلى ما وراء الحدود الصحيحة 2 أهوائنا مثلما ج 
استدلالاتنا. 

ولن يكون خَطاً أن نلاحظ سے هذه المناسبةء أن تأثير الحكّم و القوانين 
العامة على الأهواء يساهم بشكلّ كبير 4 تيسير آثار كلّ المبادئ, التي سنشرحها 
فيما يتلو من هذه الرسالة. لأنّه من الواضح إذا كان لدينا شخص مكتمل النضج, 
ومن الطبيعة نفسها التي لأنفسناء وانتقل فجأة إلى عالمناء فإنه سيتاثر بشكل 
كبير بكلّ موضوع: ولن يجد بسهولة الدرجة التي يجب أن ينتسب إليها من 
درجات المحبة أو البفضة:؛ الهو أو الضعة أو آي هوى آخر. فالأهواء غالبا ما 
تتنوع بواسطة المبادئ الزهيدة جداً التي لا تشتغل دائماً 4 اتساق تام خاصة 
عند اختبارها لأول مرة. [ ٥١‏ ] لكن بما أن التعود والممارسة قد أضاءا كل هذه 
المبادئ؛ وأقرًا القيمة الحقّة لكل شيء لابن أن يساهم هذا © التوليد السهل 
للأهواء. وآن يرشدنا بواسطة الحكّم التأسيسية العامة. إلى التسب التي يجب 
أن نلاحظها لدى تفضيل موضوع على آخر. وريما تفيد هذه الملاحظة بي تفادي 
الصعويات؛ التي تنشآ من جهة بعض الأسبابء التي سأنسبها فيما بعد إلى 
أهواء بمينهاء والتي من الممكن أن تُقدّر عالياً على أنّها شديدة الدقة لتشتفل 
عالمياً وبشكل أكيد,كما وجدت لأن تكون. 

سوف أغلق هذا الموضوع بصورة مشتقة من هذه الحدود الخمسة. وهذه 
الصورة هي أن الأشخاص المزهوين والذين يملكون 4 أعين العالم كل العلل 


اللازمة لزهوهم» ليسوا الأسعد دوماً؛ ولا الأشخاص الأكثر اتضاعاً هم الأكثر 
بؤساً على الدوام؛ كما يمكن أن يتبدى من النظرة الأولى لهذا النظام. الشرٌ قد 
يكون واقعيّاً على الرغم من أنه لا علاقة لسببه بناء وقد يكون واقعياً دون أن 
يكون مخصوصاً بأحد» وقد يكون واقعيّاً دون أن يُظهر نفسه للآخرين؛ وقد يكون 
واقعيّاً دون أن يكون مستمراً» وقد يكون واقعيّاً دون أن يقع تحت القوانين العامّة. 
إذن لن تفشل شرور مثل هذه بك جملنا بائسين. رغم انها تملك ميل صغيراً 
لإنقاص الهو بل من الممكن أن تكون الشرور الأكثر واقمية والأكثر صلابة ل 
الحياة من هذه الطبيعة. 


ولك 


الفصل السابيع 
الرذيلة والفضيلة 


دعونا نتابع فحص آسباب الزهو والضعة. آخذين هذه الحدود بعين 
الاعتبارء ولنرى فيما إذا كنا نقدر على اكتشاف العلاقات المزدوجة 4 جميع 
الحالات, التي تُشّقل الأسباب بها هذه الأهواء. وإذا وجدنا أنّ كلّ هذه الأسباب 
على علاقة بالنفس: وأنّها تولّد لدّة أو إزعاجاً مستقلاً عن الهوى؛ لن يبقى هناك 
أي تحرّج يختص بالنظام الحالي. وسوف نسعى لإثبات النقطة الأخيرة بالأخص. 
كون النقطة السابقة بوجه من الوجوه واضحة ذاتياً. 

إذا بدأنا بالرذيلة والفضيلة؛ السببين الأكثر وضوحاً لهذه الأهواء. سيكون 
غريباً بشكل كامل على قصدي الحاليء الدخول ذ الجدالء الذي اثار ا 
السئوات الأخيرة فضول العامة بشكل كبير. وهو هل تأسست هذه التمييزات 
الأخلاقيّة على مبادئ أصليّة وفطريّةم 0 ] أم نشأت من المنفعة والتعليم؟ سوف 
أحتفظ بفحص هذه المسألة للكتاب اللاحق. و4 غضون ذلك سأسعى لإظهار أن 
نظامي يقيم أساسه على الفرضيتين كلتيهماء الأمر الذي سيشكل برهاناً قوياً 
على صلابته. 

من أجل ضمان أن المبادئ الأخلاقيّة لا تملك أي أساس 2 الطبيعة؛ يجب 
أن يظل مباحا إنتاج الفضيلة والرذيلة فينا ألمأ ولذة واقعيين؛ سواء أكانتا من 
المنفعة الذاتيّة آم من التعصب للتعليم» وهذا ما نلاحظه مؤكداً بشدة من قبل 
المدافمين عن تلك الفرضية. فكل هوى أو عادة أو تحول 4 الشخصيّة, كما 
يقولون: يملك ميلاً لنفعنا أو تحاملاً عليناء يبهج أو يزعج» ومن هنا ينشآأ 
الاستحسان أو الاستهجان. مثلاًء نكسب بسهولة من سخاوة الآخرين: لكننا نبقى 


4 خطر فقدان ما كسبناه بسبب طمعهم. أيضاً تدافع عنا الشجاعة. 2 حين 
يجعلنا الجبن متاحين لأي هجوم: ويُعتبر العدل داعما للمجتمع؛ لذا ما لم يُوقف 
الظلم» فسوف بيين خرابه بسرعة؛ كذلك يرفنا التواضع: 4 حين يخزينا الزهو. 
ولهذه الأسباب تم تقدير الكيفيّات السابقةٍ على أنّها فضائل. 2 حين تمّت الإشارة 
إلى الكيقيّات الأخيرة كرذائل. وطالما من المسلّم به الآن وجود بهجة أو كدر ما 
يزال يصحب كل جدارة أو عيب من آي نوع؛ فن هذا کل ما هو ضروري لهد 

لكني ذهبت أبعد ولاحظت أن هذه الفرضية الأخلاقيّة ونظامي الحالي 
ليسا متفقين فحسب.؛ بل وجدت أيضاً أنّ الحسم بأنّ هذه الفرضية الأخلاقيّة 
صحيحة. يشكّل برهاناً مطلقاً لا مَل لنظامي الحالي. لأنّه إذا كانت كل الآداب 
E‏ على الألم واللدة التي تنشأ من طالع آي خسارة أو مزيّة, والتي تنجم 
بدورها من سجاياتا أو من سجايا الآخرين. قيجب أن شتو تشتق كل 58 
الألم أو اللدّة ذاتهماء ومن ضمنها آهواء | الهو والضعة. وتبماً لهذه الفرضية 
تكون ماهيّة الفضيلة:؛ بذاتهاء إنتاج اللدّة, وماهيّة الرذيلةء بذاتهاء إنتاج الألم. 
لذا يجب أن تكون الرذيلة والفضيلة جزءاً من طبعنا من أجل إثارة الزُهوٌ 
والضعة. أي برهان أبلغ من هذاء نقدر أن نأمل به على العلاقة المزدوجة بين 
الانطباعات والأفكارة 

ويمكن اشتقاق الدليل القاطع نفسه من رأي هؤلاء. الذين يزعمون أن 
الآداب أشياء واقعيّة ورئيسة ومؤسسة على الطبيعة. فالفرضية الأكثر إشكالاً 
التي تقدمت لشرح التمييّز بين القضيلة والرذيلةء وأصل الحقوق والواجبات 
الأخلاقيّة: [ 44 ] هي وجود سجايا وأهواء معينة ل البنية البدتية للطبيعة 
تنتج الا بالتفكّر والتدبرء من حيث هما كذلك؛ وسجايا وآهواء أخرى تثير 
بطريقة مماثلة اللذة. فالازعاج والغبطة ليسا غير منفصلين عن الرذيلة 
والفضيلة فقطء بل يكُونا طبيعتهما وماهيّتهما ذاتها. حيث يعتي استحسان 
سجية أن تشعر ببهجة أصليّة لدى ظهورها. وأن تستهجنها يعني أن تكون شاعراً 
بإزعاجها. لذلك بما أنْ الألم و اللدّة يشكلان الأسباب البدئيّة للرذيلة والفضيلة 
فيجب أن يشكلا أيضاً أسباب كل آثارهماء وبالمحصلة سبباً للزّهو و الضعة؛ إذ 
إِنّهما تابعان لا مندوحة عنهما لذلك التمييز. 


4= 


لكن على فرض توجبُ التسليم بزيف هذه الفرضيّة 4 الفلسفة الأخلاقيّة, 
فما يزال واضحاً آنْ الألم و اللذّة إن لم يكونا أسباب الرذيلة و الفضيلة فَإِنّهما 
على الأقلَ غير متفصلين عنهما. مثلاً. يوضر لنا الخُلّق الكريم والنييل غبطة حتّى 
حينما نستعرضه بالنظرء وحتى عندما يتم تقديمه لنا ب4 قصيدة أو 4 حكاية 
فقطء فإتّه لا يفشل أبدأ 4 إبهاجنا وإسعادنا. ومن جهة آخرى يكدرنا البمكش 
والخيانة بطبيعتهما ذاتهاء وليس من الممكن أبداً إصلاح ذات بيننا مع هذه 
الكيفيات؛ سواء آكانت 4# أنفسنا أم عند الآخرين. لذا تعتبر أولى الفرضيتين 2 
الآداب برهاناً لا يُجحد للنظام السابق الذكر. 4 حين تتوافق معه الفرضية 
الأخرى ج أسوأ احتمال. 

لكن الزّهو والضعة لا يثوران من مككات الذهن وحدهاء التي تم قهمها تبعاً 
للأنظمة السوقيّة للأخلاق كأجزاء من الواجب الأخلاقي. بل يثوران من أيّ 
كيفيات أخرى تملك صلة باللذة والإزعاج. فلا شيء يطري زهونا أكثر من موهبة 
بث السرور بظرافتناء أو حسنا الفكاهي؛ أو أي ميزة أخرى؛ ولا شيء يعطينا 
إحساس بالخزي أكثر من الفشل ‏ أيّة محاولة من تلك الطبيعة. ولم يقدر آبداً 
آي شخص على أن يعرف الظرافةء وأن يبين لماذا يجب أن يُستقبل نظام من 
الأفكار من نوع معيّن تحت ذلك الصنف؛ ك حين يرفض الأخر. لكن يمكنتا أن 
نبت برآي حول تلك الأمور بواسطة التذوق فقطه ولا نملك آي معيار آخرء يمكننا 
بناء عليه أنّ نشكّل حكماأ من هذا النوع. الآن ما هو هذا التذوخ الذي يتلقى منه 
الظرف الحقيقي أو المزيّف وجوده على وجه من الوجوه؛ ولا تقدر من دونه أي 
فكرة على الانتساب إلى أي من الصنفين؟ من الواضح أله لا شيء آخر غير 
الإحساس باللذة النابع من الظرافة الحقيقية؛ والاحساس بالازعاج من الظرافة 
المزيفة؛ من دون أن نكون قادرين على تمييز علل تلك اللذة أو الازعاج.لذلك 
القدرة على متح هذه الاحساسات المتعارضة [٥)‏ هي ماهية الظرافة الصحيحة 
والزيّقة بعيتها؛ وبالمحصلة سبباً لذلك الزّهوٌ أو الضعة اللذين يثوران منهما. 


-۹ = 


ربما يكون هناك بعض الذين اعتادوا على نمط السكولاكيّة ' وخطياء 
الكنائس. ولم يتأمّلوا الطبيعة الإنسانيّة آبداً 2 أي اعتبار آخر غير الذي 
وضعوها فيه مندهشين هنا لسماعي أتكلّم عن الفضيلة على أنه زهو مُثار, إذ 
إنّهم ينظرون إليه كرذيلة. وعن الرذيلة كاتضاع مولّد. تعلّموا أن ينظروا إليه 
كفضيلة. لكن حتى لا نتنازع حول الكلمات: لاحظت أنثي أفهم من الهو أنه 
اطباع طيّب ينشأ 4 الذهن عندما تجعلنا رؤية أي من فضيلتنا أو جمالنا أو 
شروتنا أو وتنا راضين عن أنفسناء وأذني أقصد بالضعة الانطياع المعاكس. ومن 
الواضح أنّ الانطباع السابق ليس رذيلاً دائماًء ولا اللاحق فاضلاً دائماً. إذ تجيز 
المبادئ الأخلاقيّة الأكثر تصلبأ لنا أن نتلقى لذّة من تأمّل فمل كريم؛ وهي من دون 
تأمل؛ قدّرت الفضيلة 2 الشعور باي من عذابات الضمير الضائعة عن أفكار 
ماضية لكنها خبيثة ودنيئة. لذلك دعنا نفحص هذه الانطباعات؛ ونتاملها ا 
ذواتهاء ونفتش عن أسبابهاء سواء تموضعت © الذهن آم 4 الجسد. من دون أن 
نكدر أنفستا حالياً بتلك الجدارة أو الملامة التي ترافقها. 


)١(‏ آي الفلسفة الوسيطة المسيحية. (المترجم) 
ايه رسالة قي الطبيعة م - ۷ 


الفصل الثامن 
الجمال و الشوه 


سيبقى مجازاً للجسد أن يتصل بنا بشكل قريب ولدرجة كافية لنشكّل 
واحدة من تلك الملاقات المزدوجة. التي قد جزمت بضرورتها لأسباب الزَّهوٌ 
والضعةء سواء أاعتبرناه جزءاً من ذواتناء آم قبلنا مع هؤلاء الفلاسفة الذين 
يشيرون إليه كشيء خارجي. وبذلك يمكننا أن نتوفّع بشيء من اليقين أيأ من هذه 
الأهواء سيقع. تبعاً لما يكون عليه الانطباع لذيذاً أو مزعجاء أينما وجدنا علاقة 
انطباعيّة مقترنة مع علاقة فكرية. لكن الجمال بأنواعه كلّهاء مهما يكن الموضع 
الذي يوضع علیه» يبهجنا ويسعدنا بشكل غریب مثلما یولد الشوم اما سواء 
أاستمرضناهما على موضوع حي أم جامد. لذلك إذا انتسب الجمال أو الشوه 
إلى أجسادنا نحن؛ فَإِنْ هذه اللدّة أو الإزعاج سوف تتحول إلى زهو أو اتضاعء 
طاما أنّنا نملك # هذه الحالة كل الظروف اللازمة لإحداث انتقال كامل ي 
الانطباعات والأضكار. [05] فهذه الاحساسات المتعارضة تتملّق بالأهواء 
المتعارضة. مثلما يتعلّق الجمال أو الشوه بالنفسء موضوع كلا الانفعالين تملقاً 
وثيقاً. من ثم لا عجب 2 أن يصبح جمالنا الخاص موضوعاً للزّهو والشوه 

لكن تأثير هذه الكيفيّات الجسمانيّة والشخصيّة لا يبرهن على النظام 
الحالى فقط. بإظهاره أن الأهواء لا تثور ب4 هذه الحالة من دون كل الظروف التي 
استوجبتهاء بل قد يتم توظيفه كدليل أكثر إقناعاً وقوةٌ. فإذا تأمّلنا كل الفرضيّات 
التي قد تشكلت إِما بالفلسفة أو بالحس المشترك. لتفسسّر الفرق بين الجمال 
والشوهء. سنجد أتها تنحل إلى أن الجمال نظام وبتاء من أجزاء ملائم. ليعطي 

-۹A- 


الروح لذةٌ وغبطة؛ سواء اكان بالتكوين البدئي لطبيعتناء آم بالتعود : أم يواسطة 
شهوة نفسيّة عارضة. وهذه هي السمة المميزة للجمال والتي تشكل كل الفرق 
بينه وبين الشوه» الذي دميل فطرياً لتوليد الازعاج: لذلك لا يعتبر الألم واللدة 
مرافقين ضروريين للجمال والشوه طقطء بل يكونا ماهيتهما ذاتها۔ مذ الواقع إذا 
ما تمعما .4 النظرء فإننا نجد أن جزءاً كبيراً من الجمال الذي نعجب بده سواء 
اكان ب الحيوانات أم £ مواضيع أخرى» مشتق من فكرتي الملائمة للمصلحة والمنفعة, 
لذلك لن نتحرّج بقبول هذا الرآي الذي يقول: يعتبر جميلاً الشكل الجسماني 
الذي يعطي قوّة 4 حيوان: ويشير إلى خفّة الحركة لدى حيوان آخر. كذلك نجد 
أن النظام وملاءمة المصلحة 2 قصر ماء ليسا أقل جوهريّة من مجرد شكله 
ومظهره بالنسبة إلى جماله. وتستوجب قوانين هندسة العمارة بطريقة مماثلة أن 
يكون رأس العامود أكثر نحافة من قاعدتهء وذلك لأنّ هذا الشكل يوصل لنا فكرة 
الأمان اللذيذة؛ ب4 حين يمنحنا الشكل المضاد توجس الخطر المزعج. ومن حالات 
لا تحصى من هذا النوع. ومن اعتبار أنْ الجمال مثل الظرافة لا يمكن تعريفه؛ بل 
يتم تمييزه فقط بالتذوق أو بالإحساس؛ نستنتج أن الجمال ليس شيا آخر غير 
الشكل. الذي ينتج اللدّة: ب حين أنْ الشوه بنية من أجزاء تنقل الألم: وطاما أن 
القدرة على توليد الألم واللدّة تصنع بهذه الطريقة ماهية الجمال والشوه؛ فَإِنْ كل 
آثار هذه الكيفيّات يجب أن تشتق من الإحساس ومن ضمنها الزّهو والضعة: 
[0۷] على اعتبار أنّهما الأكثر عمومية وجدارة بالملاحظة. 
أقدر أنّ هذه الحجة قاطعة وصحيحة. لكن من أجل إعطاء سلطة أعظم 
للاستدلال الحالي: دعونا نفترض أنّْها مزيّفة مؤقتأء ولنرى ماذا سينتج. من 
المؤكد حينهاء إذا كانت القدرة على إنتاج اللّذة والألم لا تشكل ماهيّة الجمال 
والشوه: فإِنْ الاحساسات متلازمة مع الكيفيّات على الأقل: ومن الصعب حتى أن 
نعتبرها منفصلة. إذن لا يوجد الآن شيء مشترك بين الجمال الأخلاقي والجمال 
الطبيعي (إذ إلّهما أسباب للزّهوٌ على حد سواء) إلا هذه القدرة على توليد اللذة, 
وبما أنْ الأثر الشائع يفترض دائماً سبباً شائعاًء فمن الواضح أن اللدّة ستكون 4 
. كلتا الحالتين المسبب الحقيقي والمؤثر 4 الهوى. أيضأ لا يوجد شيء فارق بصورة 
أصلية بين جمال أجسادنا وجمال المواضيع الفريبة والخارجيّة, إلا أن الأول 


-68- 


منهما يملك علاقة قريية من أنفسنا مفتقدة عند الآخر. لذلك هذا الفارق 
الأصلي هو السيب وراء كل فروقها الأخرىء ومن ضمنها أن يكون السبب به 
اختلاف تأثيرها على اتفعال الزهو المثار بجمال شخصناء لكنه لا يتأثر بجمال 
المواضيع الخارجية والأجنبية ولو بأقل ما يمكن من التأثير. من ثم بوضع هاتين 
النتيجتين مع بعضهما بعضاًء نجد أنّهما يركّيان النظام السابق فيما بيتهماء 
بمعتى أن اللذة كانطباع ذي علاقة أو شبّهء عندما توضع على موضوع ذي علاقة, 
تنتج الهو بواسطة انتقال طبيعيء وينتج نقيضها الضعة. إذن يبدو أنْ هذا 
النظام قد أثُبت إثباتاً وافياً لتو بواسطة التجربة. على الرغم من أثّنا لم نستتفد 
كل أدلتنا بعد. 

ليس جمال الجسد وحده الذي يولّد الزهوٌ بل قوته وشدته أيضاً. فالشدة 
نوع من القدرةء ولذلك تعتبر الرغبى 2 التفوق بالشدة ضرياً من الطموح دون 
الوسط. ولهذا السبب ستكون الظاهرة الحالية مسؤولة بشكل كاف عن تفسير 
ذلك الهوى. 

نلاحظ بالعموم؛ آخذين بعين الاعتبارء كل المزايا الجسديّة الأخرىء أن كل 
ما ب ذواتنا سواء أكانت مفيدة أم جميلة أم مدهشة؛ تعتبر موضوعاً للزهو, 
وتعتبر عكوسها موضوعاً للانضاع. ومن البديهئ الآن أن تتفق كل الأشياء المفيدة 
أو الجميلة أو المدهشة 4 توليد لذة منقصلةء وأن لا تتفق ب شيء آخر. بالتالي 
ستكون اللدّة مع العلاقة بالنقس سيب الهوى.[ 58 ] 

إِنْ الحكم فيما إذا كان الجمال شيئاً واقعياً ومختلفاً عن القدرة على توليد 
اللذة. ما يزال موضع تساؤل: وعلى الرغم من ذلك تن يكون بالامكان المماراة لا 
القول؛ مثلما أن الدهشة ليست شيئاً آخر غير لذة تمت إثارتها من شيء جديد؛ 
فالجمال ليس بقول صحيح .: كيفيّة تنتمي لأي موضوع: يل اله هوی أو اتطباع 
الروح ليس إلا. لذلك سيثور الزهو من ذلك الانطباع بواسطة انتقال طبيعي. 
وهو يثون بشكل تلقائي جداً. إذ لا يوجد فينا شيء. آو ينتمي إلينا شيء ينتج 
دهشة لا يثير 4 الوقت نفسه الهوى الآخر. لذلك نزهو بالمغامرات المدهشة التي 
التقينا بهاء والمرات العديدة التي نجونا فيهاء والأخطار التي تعرضنا لها. ومن ثم 

سو 


يتوضع أصل الكذب السوقي» حيثما يكوم رجال مجردين من الزّهوٌ ومن دون آي 
مصلحة, الكثير من الأحداث قوق العادية؛ التي إما أن تكون خيالات أدمفتهم؛ أو 
على الأقل لا تتصل بذواتهم إن كانت صحيحة: حيث يزودهم اختراعهم المثمر 
بتشكيلة من المغامرات» وعندما تتقصهم تلك الموهبةء يستعيرون ما هو مماثل من 
عند الآخرينء من أجل إرضاء غرورهم. 

توجد 4 هذه الظاهرة تجريتان مثيرتان للفضولء إذا قارناهما سويةٌ؛ تبعاً 
للقوانين المعروفة التي حكمنا بموجبها على العلّة والمعلول ب4 علم التشريح 
والفلسفة الطبيعيةء وعلوم أخرى. فسيكون دليلاً لا ريب فيه على نفوذ تلك 
العلاقات المزدوجة السابقة الذكر أعلاه. حيث نجد بواسطة التجرية الأولى أنْ 
موضوعاً يولد زهوأ بتوسط اللّذة ليس الأ وذلك لأنْ الكيفيّة التي يتونّد بها 
الزهوٌء ليست ب الواقع شيئاً آخر غير القدرة على إنتاج اللدّة. ونجد بالتجرية 
الأخرى أنّ اللذة تنتج زهو بواسطة الاتتقال على طول سلسلة الأفكار المتعالقة 
ببعضها بعضاً؛ لأنّه عندما نقطع تلك العلاقة يتدمّر الهوى بشكل مباشر. نجد 
مثا أن المغامرة المدهشة التي ارتبطنا بها ذاتياً. متعلّقة بناء وبواسطة ذلك تود 
الزُهو. 4 حين لا تنتج مفامرات الآخرين ذلك الهوى أبداًء يسبب نقص العلاقة 
الفكريّة, رغم انها قد تكون لذيذة. آي برهان أكبر من هذا يمكن أن يرغب به 
للنظام الحالي؟ 

يوجد اعتراض واحد على هذا النظام؛ من جهة جسدناء وهو أن الرجال 
بشكلٌ عام لا يفتخرون بالصحة ولا يتحصنون ضد المرض؛ على الرغم من أن لا 
شيء أكثر طيبةٌ من الصحة؛ ولا أكثر ألمأ من المرض. لكن هذا الاعتراض يلقى 
تفسيره بسهولة إذا ما تأملنا الحدين الثاني والرابع [ 09 ] المقدمين لنظامنا 
العام. فقد كان ملحوظاً عدم وجود آي موضوع على الإطلاق يولد زهواً أو 
اتضاعاً إن لم يكن يملك شيئاً ما خاصاً بأنفسنا وحدهاء كذلك يجب أن يثبت كل 
سبب من أسباب ذلك الهوى لدرجة ماء وأنّ يملك تناسباً للمدة التي كانت فيها 
ذواتنا موضوعاً له. الآن بما أن الصحة والمرض يتبدلان بلا اتقطاع على كل 
الناس؛ ولا يوجد آي شخص متمركز 2 أحدهما لا غیر؛ أو بلا تفاير, فَإِنْ هذه 
انعم أو الفواجع الحادثية بوجه من الوجوه منفصلة عتاء ولم تعتبر يوماً على 


=۰ 


علاقة بوجودنا وكوننا. وإنّ التعليل التالي يظهر من هنا تماماً: إذ حيثما يتجدّر 
مرض من آي نوع كياتنا ولا نعود نفكر بأيّة آمال 4 الشفاءء يصبح المرض من 
تلك اللحظة موضوعاً للاتّضاع. كما هو واضح عند الرجال المسنين. الذين لا 
يوجد شيء يخجلهم أكثر من الإشارة لأعمارهم وعاهاتهم. فهم يسعون لإخفاء 
عمائهم وطرشهم:. وزكامهم وتفرسهم» ما دام ذلك ممكناً: ولا يعترقون بها أبداء 
دون إحجام و لأي. وعلى الرغم من أن الشبان لا يخجلون من آي صداع أو زكام 
يتعرضون له فَإِنّهِ لا يوجد حتى الآن موضوع مناسب لخزي الهو الإنسائيء 
ولجعلنا نقر برآي رديء عن طبيعتنا غير هذا: إثّنا نشكل ‏ كل لحظة من حياتنا 
موضعاً لعاهات كهذه. وهذا ييرهن بشكلٌ واف أنّ الألم الجسدي والمرض لذ 
ذاتيهما أسياب ملائمة للاتضاع:؛ رغم آن عادة تقييم كل شيء من خلال المقارنة 
أكثر من تقييمه من خلال ثمنه أو قيمته الذاتيّة. تجعلتا نسهو عن هذه الفجائع؛ 
التي وجدنا أنّها عارضة على كلّ شخص؛ وتجعلنا نشكلٌ فكرة عن جدارتنا 
وشخصيتنا بالانقصال عنها. 

نخجل من هذه الأمراض التي تصيب الآخرين: سواء آكانت خطرة أم غير 
مقبولة منهم. وتخجل من داء الصرع لأنّه يرعب جميع الحاضرين؛ ونخجل من 
داء الجرب لأنّه معد» ونخجل من داء الخنازير لأنّه ينتقل إلى الذرية بشکل عام. 
هذا من جهة ومن جهة أخرى ياخد الناس دائماً مشاعر الآخرين بعين الاعتبار 
4 حكمهم على أنفسهم. وقد ظهر هذا بكل وضوح 2 بعض الاستدلالات 
السابقة. وسيظل ظاهراً بوضوح متزايدء وسوف يتم شرحه بصورة أكثر تعمقاً 
فيما بعد[ 1١‏ ]. 


ا 


الفصل التاسع 
المصالح والمعاسر الخارجية 


يملك الزّهو والضعة كيفيّات أذهاننا وأجسادناء التي هي أنفسناء بمثابة 
أسبابهما الطبيعية والأكثر مباشرة؛ وعلى الرغم من ذلك اكتشفنا بالتجرية وجود 
مواضيع اخرى عديدة تنتج هذه الوجدانيات. وأنْ الموضوع البدئي محجوب 
ومفقود» لدرجة ماء لكثرة المواضيع الفريبة والعرّضيّة. ووجدنا أن الغرور يكون 
بالبيوت» والحدائق. والعريات» مثلما يكون بالجدارة والمآثر الشخصيةء وعلى 
الرغم من أنّ هذه المصالح الخارجيّة بعيدة 2 ذواتها بعداً واسعاً عن الفكر أو 
عن الشخص, إلا أنّها تؤثر بقدر كبير حتى على الهوىء الذي يتوجه إلى الشخص 
أو الفكر بمثابته موضوعه النهائي. وهذا ما يحدث عندما تكتسب المواضيع 
الخارجيّة, أيّ ملاقة. خاصة بآنفسنا وحدهاء أو ترتبط أو تتصل بنا. و حقيقة 
الأمر لا يملك أي شيء تأثيراً على غرورنا باي شكل من الأشكال؛ مهما تكن 
الكيفيّات الممنوحة له فوق طبيعية؛ ومهما تكن درجة الدهشة والتعجب التي 
يستوجبها تلقائياً. إن لم يكن منتمياً لنا أو متصلاً بناء مثل سمكة جميلة يذ 
المحيط؛ أو حيوان ے الصحراء. إذن يجب أن يرتبط بنا بطريقة ما من أجل 
تحفيز زهونا. ويجب أن تتعلّق فكرته؛ بوجه من الوجوه» بفكرة من أنفسناء وأن 
يكون الانتقال من الأولى إلى الأخرى تلقائياً وسهلاً. 

ويلحظ هنا أنْ علاقة التشابه تشفّل الذهن بالطريقة نفسها التي لعلافتي 
التجاور والسببيّة: به نقلنا من فكرة إلى أخرى. ورغم ذلك قَلّما تكون أساساً 
للزّهو أو للاتّضاع. فإذا ما شابهنا شخص ما بأي من أجزاء شخصه القيمة 
يجب أن نملك الكيفيّة التي نشبهه بها بدرجة ماء ونفضل دائماً أن نستعرض هذه 


سوا ١ك-‏ ب 


الكيفيّة استعراضاً مباشراً ‏ أنفسنا أكثر من التمعن فيها عند شخص آخر 
عتدما نريد أن نؤسس عليها أي درجة من درجات الفرور. لذلك على الرغم من 
توليد التشابه ذلك الهوى أحياناً من خلال الإيحاء بفكرة ذات نفع أكبر عن 
أنفسناء يتثيّت النظر هناك أخيراً ويجد الهوى سببه الغائي والنهائي. 

وك الواقع توجد حالات؛ يُظهر فيها الرجال غروراً تشبههم برجل عظيم 
محيّاه: أو شكله؛ أو هيئته» أو آي ظروف أخرى صغيرة: لا تساهم بے شهرته 
باي درجة, لکن ما يجب الاعتراف بهء أنّ هذا لا يمت بعيداً جداً؛ وأنّه ليس على 
درجة كبيرة من الأهميّة لهذه الوجدانيّات[ ١١‏ ]. 

وقد عزوت هذه المسألة للسبب التائي: إِنّنا لا نقدر آبداً على التبجح 
بشبهتا باي شخص كانء بسفاسف الأمورء ما لم يكن مالكاً لكيفيّات لامعة جداً 
تعطينا احتراماً و تبجيلاً له. من ثم تصبح هذه الكيفيّات: بقول صحيح: أسباب 
زهوناء من خلال علاقاتها بأنفسنا. الآن. ما الطريقة التي تتصل بها هذه 
الكيفيّات بأنفسناة إِنْ هذه الكيفيات أجزاء من الشخص الذي نثمنّه: وبالمحصلة 
تتصل بهذه السفاسف. التي من المفروض أيضاً أن تكون أجزاء منه. وهذه 
السفاسف متصلة بالكيفيات المشابهة عندناء وهذه الكيفيات بكونها من أجزائنا 
فهي متصلة بكامل الشخصيّة: وبواسطة ذلك يتم تشكيل سلسلة من حلقات 
عديدة: بين أنفسنا وبين الكيفيات اللامعة التي تمود للشخص الذي نشبهه. لكن 
علاوة على ذلك: سوف تضعف الصلةٌ هذه الكثرة من العلاقات. فمن الواضح أن 
الذهن: 2 مروره من الكيفيّات اللامعة إلى الزهيدةء ملزم بواسطة ذلك التعاكس, 
أن يزداد فهماً لتناهي الكيفيات الزهيدة كلما تمق 2 ذلك: وتكون المحصلة 
بالتائي خجله من المقارنة والمشابهة. 

لذلك تلزم علاقة التجاور؛ أو السببية بين السبب والموضوع 4 الزّهو 
والضعة بمفردها لأثارة هذه الأهواء: وليست هذه العلاقات شيئاأ آخر غير 
الكيغيات التي ترتد فيها المخيّلة من شكرة إلى أخرى. أما الآن. دعونا نتأمل ما 
التأثير الذي يمكن أن تملكه هذه العلاقات على الذهن؛ وما الوسيلة التي تصبح 
فيها ضرورية لتوليد الأهواء. من الواضح أن تداعي الأفكار يشتفل بطريقة 
صامتة جدأ ولا تكاد تُلحظء لأنّنا نادراً ما نشعر بهاء كما آنا نكتشفها بآثارها 


AE 


أكثر من اكتشافنا لها من أي شعور أو إدراك مباشر. فتداعي الأفكار لا يولد 
عاطفة ولا يثير انطباعاً جديداً من أي نوع بل يكيف تلك الأفكار التي يمتلكها 
الذهن سابقاً ققط. والتي يمكن استدعاؤها عند الحاجة. ويمكن أن نستنتج من 
هذا الاستدلال: وبالمثل من الخبرة غير المشكوك فيهاء أنْ تداع الأفكار؛ مهما يكن 
ضرورياًء ليس كافياً وحده لإثارة أي هوى. 

من الواضح: إذن؛ عندما يشعر الذهن إما بالزهو أو بالضعة لدى ظهور 
موضوع ذي علاقة بناء وجود انفعال أو انطباع أصلي ناتج عن مبدأ آخر بجانب 
التعالق أو التنقّل الفكري. فالسؤال إذن: فيما إذا كان هذا الانقعال المولّد أولاً هو 
الهوى نفسه. أو أنّه انطباع آخر متعلّق به. هذا السؤال لا نقدر أن تُطيل 2 
بتّه.[1۲] لاه علاوة على كل الأدلّه الأخرى التي تتوافر 2 هذا المبحث؛ سيظهر 
جلياً أن العلاقة الفكريّة, التي تُظهرها الخبرة على أنْها ضرورية جداً كظرف 
لتوليد الهوى. ستكون زائدة عن الحاجة كليةٌ إذا لم تؤازر العلاقة الوجدانيّة, ولم 
تسهل الانتقال من انطباع إلى آخر. فالطبيعة إذا ولّدت هوى الزَّهِوٌ أو الضعة 
بصورة مباشرةء سوف يكون كاملا ب ذاتهء ولن يحتاج أي إضافة أو نقصان من 
أي وجدان آخر. لكن الافتراض بأن الانفعال الأول متعاّق فقط بالزّهو أو الضعة, 
يعبر بسهولة عن المقصد الذي تفيده علاقة المواضيع: وكيف يساعد التداعيان 
المختلفان للانطباعات والأفكار. عندما يوحدان قواهما 4 دعم -عمليّات يعضهما 
بعضاً. ولا يقهم هذا بسهولة فقط» بل سأاتجرأ على التاكيد. أنّها الطريقة 
الوحيدة التي نقدر أن نفهم بها هذا المبحث. فالانتقال السهل للأفكار الذي لا 
يسبب آي عاطفة بذاته؛ لا يقدر أبدأ أن يكون ضرورياً أو مفيداً للأهواء. إلا 
بالترويج للتنقّل بين بعض الانطباعات المتعالقةء من دون ذكر أنّْ الموضوع نفسه 
يسبب درجة أكبر أو أصغر من الزهوء ليس فقط بسبب نسبة الزيادة أو النقصان 
4 كيفيّاته؛ بل أيضاً حسب البعد أو القرب 2 العلاقةء الأمر الذي يدلّل بوضوح 
على انتقال الوجداتيّات على طول العلاقات الفكريّة. حيث يولد كل تفر 2 
العلاقة تغيراً 2 الهوى متناسباً معه. لذلك يبَر جزء واحد من النظام السابق: 
المتعلّق بالعلاقات بين الأفكارء برهاناً وافياً على الجزء الآخر المتعلّق بالعلاقات 
بين الانطباعات: وهو ذاته مؤسس بوضوح شديد على الخبرةء لذا سيكون وقتاً 


حو 


ضائعاً أن نكن أكثر لنبرهن عليه. وسيبقى هذا ظاهراً بوضوح كبير ‏ حالات 
«معيّنة بذاتها. مثلاً. يزهو الرجال بجمال بلادهم: وببلادهم. وبأبرشيتهم. حيث 
تونّد فكرة الجمال هنا بشكل واضح ئذة ما. وهذه اللدة تتعآق بالزّهو. بشرط أن 
يكون موضوع أو سبب هذا اللذة متمق بالنفس أو موضوع الزّهو. إذ يتم الانتقال 
من انطباع إلى آخر بواسطة هذه العلاقة المزدوجة للانطياعات والأفكار. 

ويغترٌ الرجال أيضأ بحرارة الطقس التي ولدوا فيهاء أو بخصوبة ترية 
وطنهم: أو بجودة الخمرء أو الفواكه أو المؤن المنتّجة من تلك الترية. كما يزهون 
بنعومة أو قوة لغتهم: و أشياء أخرى من ذلك النوع خاصة يهم وحدهم. وهذه 
المواضيع تملك بصورة واضحة إشارة إلى لدّات الحواس» [ 75 ] وتعتبر طيبة 
للشعور بصورة أصليّة أو للتذوق آو للسمع. فكيف يمكن لها أن تصبح مواضيع 
للزّهو بشكل مطلق. إلا بواسطة ذلك الانتقال المشروح أعلاه؟ 

ويوجد بعض الذين اكتشفوا غروراً من نوع معاكس: إذ يستحلون تنقيص 
قيمة بلادهم. بالمقارنة مع البلدان التي قد سافروا إليهاء حيث يجد هؤلاء 
الأشخاص عندما يكونون 4 الوطن محاطين برجال بلادهم؛ أن العلاقة القوية 
بينهم وبين أمتهم مقسّمة بين كثيرين: وأنّها ضائعة بينهم بوجه من الوجوه بينما 
علاقتهم البعيدة بالبلد القريبء التي تشكلّت برؤيتهم له ومعيشتهم فيه تزداد 
عندما يعرقون قلة عدد الذين قاموا بالمثل. وبسبب هذا نجدهم معجبون دائماً 
بجمال ونفع وندرة ما هو 4 الخارج؛ بشكل يعلو على ما هو ب2 الوطن. 

فلا عجب أن نزهو بكيفيات هؤلاء المتصلين بنا بالدم أو بالصداقةء بما 
أئّنا نزهو بالبلد أو بالطقس أو أي موضوع جامد يحمل علاقة بنا. طبقأ لذلك 
نجد أن الكيفيّات نفسها التي تولّد رهوا 4 انفسنا تود أيضاً بدرجة أقل الأثر 
نفسه. عندما تكتشف عند أشخاص على علاقة بنا. حيث تتكشّف الجدارة 
والجمال؛ والكياسة, والثقةء ومكرمات قرابتهم بدقة بواسطة الزّهِوء على أنّْها 
بعض المصادر الجليلة لزهوهم. 

نفتخر 4 أنفسنا بثرواتناء لدرجة أنّنا حتى نرضي غرورنا نرغب أن 
يمتلكها كل شخص ذو صلة بنا بالمثل؛ ونشعر بالخجل من أي شخص دنيء أو 


= 


فقير بين أصدقائنا وأقاربنا. ولهذا السبب نزيح الفقراء بعيداً عنا ما أمكننا 
ذلك؛ لكن بما آنا لا نقدر أن نحول دون الإملاق لدى بعض أقارينا البعيدين من 
جهة, ومن جهة أخرى تأخذ أجدادنا على أنْهم أقاربنا الأقرب. لذلك وبناء على 
هذا التعليل يستحلي آي واحد أن يكون ابن عائلة كريمةء وأن يتحدر من سلسلة 
طويلة من الأكابر الأشراف الأغنياء. 

ولقد لاحظت مراراً آنْ الذين يتباهون بعراقة عائلاثهم. يفرحون عندما 
يوحدون ظرف امتلاك أكابرهم لأجيال عديدة ويشكل مستمر حصة الأرض 
نفسهاء مع ظرف آخر هو عدم تفيير عائلاتهم ملكيّاتها بشكل مطلق: أو اھا لم 
تستوطن 2 بلد أو إقليم آخر. [ 74 ] ولاحظت أيضاًء عندما يتباهون بأنّ هذه 
الأملاك قد انتقلت عبر منحدر مركب بالكامل من الرجالء وأنّ الشرف والثروة 
لم يعبرا أبداً عبر أيّة امرأة. إن هذا يشكل سبباً إضافياً للغرور. لنسعى لشرح 
هذه الظاهرة بواسطة النظام السابق. 

عندما يتباهى أي شخص بعراقة عائلته؛ فمن الواضح أن دواعي غروره 
ليست الامتداد بالزمن وكثرة أجداده فقط؛ بل ثراءهم و مفاخرهم أيضاًء التي 
من المفروض أن تنعكس بالبريق عليه هو نفسه بسبب علاقته بهم. فهو يتأمل أولاً 
هذه المواضيع: التي تأر بها بكيفية طيبة: ويرجع من ثم لنفسه عبر علاقة الأهل 
بالولد مزدهياً بهوى الزّهِوٌء بواسطة العلاقة المزدوجة للانطباعات والأفكار. ويما 
أن الهوى يعتمد لهذا السبب على هذه العلاقات: فكائناً من كان الذي يقوي أي 
من هذه العلاقات سوف يزيد أيضاً الهوى, وكائناً من كان الذي يُضعف العلاقات 
سوف ينقص الهوى. ومن المؤكد الآن أن هُويّة الحيازة تقوي العلاقة الفكريّة 
الناشئة عن الدم والقرابة وتنقل الواهمة بسهولة عظيمة من جيل إلى آخر؛ من 
الأجداد الموغلين ب4 القدم إلى ذزيتهم, الوارثين لهم والمنحدرين منهم على حد 
سواء. ومن خلال هذه السهولة ينتقل الانطباع كاملاً ويثير بالتالي درجة أعظم 
من الزّْهو والغرور. 

وتبقى القضيّة على حالها 2 انتقال المكرمات والثروة عبر سلسلة من 
الذكور من دون المرور عبر آي أنثى. وهي كيفيّة للطبيعة الإنسانية سوف نتأملها 


ليا.ؤ- 


فيما بعد حيث تلتقت ال مخيّلة تلقائياً إلى المهم والجسيم كائناً ما يكون: وعندما 
يُعرض لها موضوعان الأول صغير والثاني كبير فَإِنُها تترك السابق عادة 
وتصرف وكدها على اللاحق بصورة كاملة. ضفي مجتمع الزواج مثلاً يحوز جنس 
الرجال على الأفضليّة على جنس النساءء ويحظى الزوج بانتباهنا أولاً. سواء 
تأملناه مباشرة أم وصلنا إليه بالمرور عبر مواضيع ذات علاقة به فكلتا الفكرتين 
تتموضعان عليه باغتباط أعظم. وتصل إليه بسهولة أكبر بالمقارنة مع زوجته. 
ومن السهل أن نرى أن هذه الخاصيّة سوف تقوي علاقة الولد بالوالد وتضعف 
علاقة الولد بالأم. يما أن كلّ العلاقات ليست شيئاً آخر غير النزوع للمرور من 
فكرة إلى أخرى؛ [ 0 ] فالذي يوي النزوع يقوي العلاقة كائناً من يكون. وطاما 
أنّنا تملك تزوع المرور من شكرة الأولاد إلى فكرة الأب أكثر مما لدينا نزوع المرور 
من فكرة الأولاد إلى فكرة الأ يجب أن نشير إلى العلاقة الأسبق على أنّها 
العلاقة الأوثق والأكثر أهمية. وهذه هي العلّة وراء حمل الأولاد اسم آبيهم بشكل 
عام» ولماذا يتم تقييمهم بميلاد أشرف أو بميلاد أرذل تبعاً لعائلته. وعلى الرغم 
من استحواذ الأ على روح أسمى وعبقرية أكثر من الأبء كما يحدث غالباًء يسود 
القانون العام على الرغم من الاستثناء. تبعاً للمذهب الذي شرح أعلاه. لا بل 
حتى عندما يكون التفوق عظيماً جداً © أي مجال» أو عندما يكون لأيّة علل 
أخرى تأثير ممائل: لدرجة أن يتكنى الأولاد بعائلة الأم بدلاً من عائلة الآب» تبقى 
القاعدة العامّة محتفظة بنجوعهاء أن أمراً كهذا يضعف العلاقة ويصنع نوعاً من 
القطيعة 4 خط الأجداد. فا مخيلة لا تسير على طول خط الأجداد بسهولةء ولا 
هي بقادرة على نقل الشرف وحسن السمعة من الأجداد إلى أعقابهم من نفس 
الاسم والعائلة بسهولة كبيرة؛ مثلما يحدث عندما يكون الانتقال ممتثلاٌ تلقوانين 
العامة ويمرّ من الأب إلى الابن ومن الأخ إلى الأخ. 


)١(‏ الياب الثاني الفصل الثاني. 
A‏ 


الفصل العاشر 
الملكية والشروة 


تم تقدير علاقة الملكيّة على أنّها الأوثق والأكثر توليدا لهوى الزَّهِوٌ من بين 
كلّ الأخريات؛ وهذه الملاقة سيكون من المحال على بشكل كامل أن أشرحها قبل 
أن آتي على معالجة العدل وباقي الفضائل الأخلاقية. ومن الكايذ أن نلاحظ ‏ 
هذه المناسبة: أن الملكية يمكن تعريفها على أنها علاقة بين شخص وموضوع يسمح 
له ويمنع غيره من تملكه ومن استعماله بشكل حن من دون انتهاك قواتين العدل 
والحق الأخلاقي. لذلك إذا كان العدل فضيلة ذات تأثير أصليّ وفطري على 
الذهن الإنساني؛ يمكن النظر إلى اللكية كنوع خاص من السببية سواء تأملنا 
الحرية التي تمطيها للمالك ليشفّْل موضوعه كما يشاء. أو تأملتا الفوائد التي 
يحصدها منه. ويبقى الحال على ما هو عليه؛ إذا كنا سنعتبر العدل وفقأ تنظام 
ما عند فلاسفة معينين؛ فضيلة مصنوعة وليست فطريةء لأنْ الشرف عندئذ 
والعُرف والقواتين المدنيّة تزود المكان بومي فطري: [ 55 ] وتونّد الآثار نفسها 
بدرجة ما. كما أن هذا يؤكد ف الوقت نفسه: أن ذكر الملكيّة يحمل فكرنا تلقتائياً 
إلى المالك» ومن المالك إلى الملكيّة. وهذا الأمر بكونه برهاناً على علاقة كاملة بين 
الأفكارء فإِنّه يشكّل كل ما هو ضروري لفرضنا الحالي. حيث يولد دائماً اقتران 
علاقة فكرية بعلاقة انطباعية انتقالاً للوجدانيات؛ ولذلك كلما ثار ألم أو لذة من 
موضوع ماء يتصل بنا بعلاقة الملكيّة: يمكن نا أن نتأكد أن ما سوف ينشا عن 
هذا الاقتران بين العلاقات سيكون إمَا زّهواً أو اتّضاعاًء إذا ما كان النظام 
السابق رصيناً وواطياً بالفرض. وسواء أكان كذلك أم لم يكن فَإِننا قتع إنفسنا 
حالاً بأعجل نظرة ممكنة على الحياة الإنسانية. 

0010 0-5 


يعتبر أي شيء ينتمي لرجل مفرور أفضل ما يمكن أن يوجد 2 آي مكان, 
إذ تفوق بيوته؛ وعريته, وأثاثه. وثيابه. وخيوله. وكلاب صيده.ء 2 خاطره كل 
الآخرين: ومن السهل أن نلاحظ أن الرجل المفرور يستخرج سبباً جديداً للزّهو 
والفرور من آهل مزيّة ‏ آي من هؤلاء. فخمرهد إن كنت ستصدقه .. يملك أفضل 
طعمة بالمقارنة مع أي خمر آخرء وفن الطبخ عنده أكثر دقة ‏ الصنع؛ ومائدته 

ترتيباً؛ وخادموه أكثر خبرة: والهواء الذي يعيش فيه أكثر صحة؛ والترية التي 
يحرثها أكثر خصوبة: وثماره تنضج أبكر ولدرجة كاملة عظيمة؛ وهذا شيء جدير 
بالملاحظة لجدته والآخر لعراقته. وهذه التحفة الفنيّة التي صنمها فنان مشهورء 
قد انتمت ذات مرة لأمير أو لرجل عظيم. باختصار يمكن لكل المواضيع المفيدة أو 
الجميلة أو المدهشة أو التي لها علاقة بشيء من هذا القبيلء أن تثير هذا الهوى 
و الملكيّة. . فهي تتفق تتفق ‏ منح الل ولا فق بذ مزية أخرى. وهذه وحدها 
كة بينها ؛ ولذلك يجب أن تكون الكيفية التي تنتج الهوى الذي يعتبر بدوره 
ك المام. وبما أن كل حالة جديدة هي دليل جديد. وبما أنّ الحالات التي هنا 
كثيرة جداًء يمكنني أن أجرؤ على تأكيد ندرة الأنظمة التي تم البرهان على 
صحتها بشكل كامل ومطلق من خلال الخبرة مثل النظام الذي قدمته هنا. 

إذا كانت ملكيّة أي شيء تعطي لذة سواء لمنفعته آم لجماله آم لجدته فَإنّها 
تونّد أيضاً الهو من خلال علاقة مزدوجة من الانطباعات والأفكار. ولا داعي 
للدهشة إذا كانت القدرة على اكتساب هذه الملكيّة: ستملك الأثر نفسه. لذا 
سنعتبر الآن أنّ الثراء. هو القدرة على اكتساب ملكيّة ما هو لذين, وأنّه يمتلك 
تأثيراً على الأهواء من خلال الرؤية فقط. [ 17 ] سوف يعتبر الورق 4 عدّة 
مناسبات ثروة وذلك لأنّه من الممكن أن يفضي إلى القدرة على الحصول على 
المال. والمال ليس ثراءء بما هو مادة معدنيّة ذات كيفيات معيّنة من الصلابة 
والوزن وقابلية الانصهار: لكنه كذلك فقط بما هو على علاقة بملدَّات ومسرّات 
الحياة. وبأخذ هذه للعوله من ثم على أنّها من المسلّمات. والتي هي بذاتها 
واضحة جداًء يمكن أن نشتق منها واحدة من أقوى الأدلّة التي لم أوظفها بعد 
لأبرهن على تأثير العلاقات المزدوجة على الّهو والضعة. 


= 


لقد لوحظ ب2 معالجة الفاهمة, أن التمييز الذي نصنعه أحياناً بين القدرة 
وبين استعمالهاء سخيف بشكل كاملء وآنه لا ينبغي للانسان ولا لأي كائن آخر 
على الإطلاق, الاعتقاد بملكية أي قدرة: ما لم يستعملها ويضعها 4 الفعل. لكن 
على الرغم من أنّ هذا صحيح بصورة صارمة ويطريقة فلسفيّة وعادئة به 
التفكيرء إلا أنّها ليست فلسفة آهوائناء بل إِنْ العديد من الأشياء تشقل الأهواء 
من خلال الفكرة وافتراض أن القدرة مستقلة عن استعمالها الفعلي. حيث نشعر 
باللدّة عندما نحوز على قدرة تحصيل اللدّة وننزعج عندما يحوز آخر على قوة 
تسبب الألم. وهذا واضح من الخبرة. لكن لكي نعطي تفسيراً عادلاً للمسألة, 
وتعليلاً لهذا الاغتباط والكدر يجب أن نروز الاعتبارات التالية. 

لا يتآتى خطأ تمييز القدرة عن استعمالها بشكل كامل عن المذهب 
المدرسي القائل بالإرادة الحرة: الذي لا يدخل 2 الحياة المامّة إلا قليلاً جداً 2 
واقع الأمرء ولا يملك إلا تأثيراً صغيراً على طرق تفكيرنا الشائعة والعامية: وهذا 
من الأمور الواضحة. فتبعاً لذلك المذهبء لا تحرمنا دوافعنا من حرية الإرادة ولا 
تذهب بقدرتنا على إنجاز أو الكفْ عن آي فعل. لكن وفقاً للمفاهيم العامّة. لا 
حول للرجل ولا قوةء عندما تتموضع دوافع جليلة بينه وبين إرضاء رغباته. 
وتجبره على الكفْ عما يرغب بإنجازه. فأنا لا أعتفد بأنّي قد سقطت صريعاً 
بقوة عدوي لمجرد أني رأيته يجتازني © الشارع والسيف بيدهء عندما لم أكن 
مزوداً بأي سلاح. فأنا أعرف أن الخوف من القاضي المدني رادع قوي كاي رادع 
من حديد. وأثّني فيه 4 أمان كامل كما لو أن عدوي مقيّد بسلاسل أو مسجون. 
لكن عندما يكتسب شخص ما سلطة كبيرة عليء حيث لا يوجد آي حائل خارجي 
لأفعاله فقط. ولكن أيضاً من الجائز أن يعاقبني أو يكافئني كما يشاء من دون أن 
يخشى العقاب بدوره. فَإنّني [ 1۸ ] عندئذ أنسب إليه قوة كاملة وأعتبر نفسي 
من رعيّته أو من مزارعيه. 

إذا قارناء الآن. هاتين الحالتين: لشخص يملك دوافع قويّة من المصلحة أو 
الأمان ليكف عن آي فعل: ولشخص آخر لا يخضع لإكراه كهذا؛ سنجد تبعاً 
للفلسفة المشروحة 2 الكتاب السابق أن الفرق الوحيد المعروف بينهما يتموضع 
ب4 أنْنا نستنتج 2 الحالة السابقة من الخبرة الماضية: أنْ الشخص لن ينجز ذلك 

دلوك 


الفعل آبداًء وأنّ الشخص 2 الحالة اللاحقة من المعكن أو على الأغلب أن ينجزه. 
فلا شيء أكثر تغايراً وتقلياً بتعدد المناسبات من إرادة الإنسانء ولا يقدر آي شيم 
غير الدوافع القويّة على منحنا يقيناً مطلقاً عند إبداء الرأي بما تعلق بأي من 
أفعاله المستقبليّة. فعندما نرى شخصاً محرراً من هذه الدوافع. نفترض إمكانيّة 
ما قيامه أو كفّه عن الفعل؛ وعلى الرغم من أننا قد نستنتج آنه مُجبر بالدوافع 
والأسباب 4# العموم. إلا أن هذا لا يزيل الإلتباس عن حكمنا المتعلّق بهذه الأسباب 
ولا عن تأثير ذلك الإلتباس على الأهواء. لذلك ننسب من حيتها القدرة على إنجاز 
الفعل لكل شخص لا يملك دافعاً قويّاً جدأ يمنعه من إنجازه؛ ويرفض تصوره 
للفعل: بالتالي من الممكن الاستنتاج بحقء أنّ القدرة تمتلك بصورة دائمة إسناداً 
على استعمالها لما فعلياً أو احتمالياًء وأنّ الشخص قد منح قدرة ماء عندما نجد 
من الخبرة الماضية أنه من المحتمل أو على الأقل من الممكن أن يستعملها. وي 
حقيقة الأمر مثلما تشير أهواؤنا دائماً إلى الوجود الواقعي للمواضيع: ومثلما 
نحكم دائماً على هذه الواقعيّة من أمثلة ماضية؛ لا شيء يمكن أن يكون أكثر 
احتمالاً بذاته من دون أي استدلال آخرء من أن قوام القدرة يتألف من إمكانيّة أو 
احتماليّة أي طعل» كما تكشّف ذلك من خلال الخبرة والممارسة ف العالم. 

إذا وجد شخص ما ب حالة مواجهة معيء حيثما لا يوجد دافع قوي 
يردعه عن إيذائي» والنتيجة ليست مؤكّدة فيما إذا كان سيؤذيني آم لاء فمن 
الواضح الآن: أنّني سأتكدر ‏ هذه الحالة؛ ولن أقدر على تأمل احتماليّة أو 
إمكانيّة ذلك الإيذاء من دون قلق واضح. فالأهواء ليست متأثرة فقط بهذه 
الأحداث بما هي مؤكدة ومعصومة عن الخطاء ولكن أيضاً بدرجة أدنى: من 
الأحداث بما هي ممكنة وعرضية. وعلى الرغم من أنّه من الممكن أن لا أشعر 2 
الواقع باي أذى وأن اكتشف من خلال الحادث. والحديث فلسفي .. أن الشخص 
[ 54 ] لا يملك آي قدرة على إيذائي على الإطلاق: طاما آنه لم يستعمل ايا منهاء 
فإن هذا لا يمنع انزعاجي من الشك السابق. وتشتغل الأهواء الطيبة هنا ريما 
مثلما تشتغل الأهواء الكريهةء وتتقل لذّة عندما أدرك أنْ خيراً ما سيصبح ممكناً 
أو معتملاً من خلال الإمكانيّة أو الاحتماليّة التي يبذلها آخر لي لدى تتحية 
الدوافع القويّة التي أعاقته قديماً ريما. ١‏ 


ات 


لكن يمكننا أن نلاحظ بصورة أدق؛ ازدياد هذا الاغتباط عندما يقترب أى 
خيرء بطريقة يكون بقدرة المرء الخاصة أن يأخذه أو أن يرفضه»ء ولا يوجد أي 
عائق فيزيائي, ولا أي دافع قوي يعوق متعتنا. وبما أن الرجال جميعاً يرغبون 
بالمتعة. فلا شيء يمكن أن يكون أكثر احتمالاً من وجودها عندما لا يوجد عائق 
خارجي أمام توليدهاء وعندما لا يشعر الرجال بأي خطر من تبعة رغباتهم. ضفي 
تلك الحالة تتوفّع مخيلتهم الفبطة بسهولة؛ وتتقل الفرح نفسهء كما لو أنْهم 
يقتنعون بوجوده الواقعي والفعلي. 

لكن هذا لا يفسر الغبطة التي تصحب الثراء بشكل كاف. قالبخيل يتلقى 
بهجة من ماله من القدرة التي يقدمهاله على التتبؤ بكل ملدّات ومسرات الحياة 
على الرغم من معرقته آنه قد تمنّع بثرواته لأريعين سنة من دون توظيفها أبداًء 
وبالمحصلة لا يقدر هذا البخيل على استنتاج» ولا باي نوع من أنواع التفكير أن 
الوجود الواقمي لهذه الملدّات أقرب له مما لو حرم بشكل كامل من ممتلكاته. لكن 
رغم عجزه عن تشكيل أي نتيجة كهذه بطريقة للتفكير تتمق بالدنو المقترب للدّة, 
فمن المؤكد آنه يتخيّلها تدنو اقرب فاقربككلما أزيلت العوائق الخارجية, بالتوافق 
مع زوال الدوافع الأكثر قوة للمنفعة والأخطار التي تعارضها. وللحصول على 
غبطة أعظم 4 هذا المجال يجب أن أشير لتعليلي للإرادة. حيث سأشرح ذلك 
الإحساس المزيف بالحريّة الذي يجعلنا نتخيّل قدرتنا على إنجاز آي شيء ليس 
خطراً جداً أو هداما . وعندما لا يكون أي شخص آخر تحت إكراهات قويّة من 
المصلحة تحول دون أية لدّة, فنا نحكم من خلال الخبرة أنّ اللدّة سوف توجد, 
وأنّه سيحصل عليها على الأغلب. لكن عندما نكون نحن ب ذلك الوضع: فإِنّنا 
نحكم من خلال توهم المخيلة أن اللدّة تبقى أقرب وأكثر فورية. ويبدو أنْ الإرادة 
تتحرك بسهولة بك كل اتجاهء وتلقي ظلاً أو صورة عن نفسهاء حتى على ذلك 
الجانب الذي لم تستقر عليه. [ 7٠١‏ ] ويبدو أن المتعة بواسطة هذه الصورة تدنو 
أقرب إليناء وتمنحنا الاغتباط الحيوي نفسه كما لو أنّها مؤكدة ولا يمكن 
تجنبها إطلاقاً. 


)١(‏ الباب الثالث. الفصل الثاني. 
مروت رسالة في الطبيعة م - ۸ 


سيكون من السهل الآن أن نسحب هذا الاستدلال إلى خلاصتهء وأن 
نبرهن: عندما تونّد الثروات أي زهو أو غرور © مالكيها؛ كما لا تفشل أبداً 2 
توليدهاء أن ذلك يكون فقط بواسطة العلاقة المزدوجة للانطباعات والأفكار. 
فماهية الثراء بداتها تتقوم بالقدرة على تحصيل لذّات ومسرات الحياة. وماهيّة 
هذه القدرة بذاتها تتقوم باحتمال استعمالهاء وحملنا على توفع الوجود الواقعي 
للدة؛ باستدلال صحيح أو مزيف. وهذا التوقع للدّة هو ب حد ذاتهء لذة جليلة, 
ويما أن سببها نوع من الحيازة أو الملكيّة: التي نتمتع بهاء والتي هي لذلك متعلّقة 
بناء إا نرى هنا بشكل واضح كل أجزاء النظام السابق مستنتجة أمامنا 
استنتاجأ مضبوطاً ومميزاً. 

تعتبر العلّة التي يسبب بها الثراء اللدّة والزهوء والتي يثير بها العوز الكدر 
والضعة: العلّة نفسها 2 توليد القدرة للعواطف السابقة؛ وتوليد العبودية 
للعواطف اللاحقة. إذ تجعلنا القدرة أو السلطة على الآخرين قادرين على إرضاء 
كلّ رغباتناء وتعرضنا العبودية لألف عوز ومخزاة؛ بجعلنا تابعين لإرادة الآخرين. 

ومن الجدير بالملاحظة هنا أن الهو بالسلطة أو الخجل من العبودية 
يتوسّع بشكل كبير من خلال التممن بالأشخاصء الذين نمارس عليهم سلطتنا؛ أو 
الذين يمارسونها علينا. فعلى فرض احتمال صياغة حالة من عمليّات إجرائية 
بديعة جدأء حيث يقدر هؤلاء الأشخاص على التحرك والفعل وهم منقادون 
للإرادة: من الواضح أن تملّك هذه العمليات الإجرائية سوف يعطي زهواً أو لدّة, 
لكن ليس إلى درجة مماثة للدرجة التي تعطيها السلطة نفسها عندما تنفّذ على 
مخلوقات عقلانية وحكيمة؛ تناظر شروطها شروطنا حيث يبدو الأمر أكثر متعةٌ 
وشرفاً. فالمقارنة تعتبر 2 كل الحالات منهجاً أكيداً لزيادة تقديرنا لأي شيء. 
حيث يشعر الرجل الغني بهناء ظرفه بشكل أفضل من خلال معارضة ظرفه 
بظرف شحاذ. لكن توجد مزية خاصة بالسلطة وحدها تبدو بواسطة التعارض 
الذي يتم تقديمه لنا بوجه من الوجوه بين ذواتنا والشخص الذي نأمره. إذ تجد 
المخيلة أنْ المقارئة واضحة وتلقائيّة 4 الموضوع ذاته. حيث يكون المرور من الفكرة 
إلى مفهومها لطيف وسهل.[١7]‏ وأنّ هذا الظرف يملك أثراً كبيراً ب4 زيادة نفوذ 
المقارنة وسوف يظهر هذا الأثر فيما بعد عند قحص طبيعة الضقيئة والحسد. 


A 


الفصل الحادي عشر 
محبّة حسن السمعة 


توجد بجاتب هذه الأسباب الأصليّة للزّهوٌ و الضعة: حسب آراء الآخرين: 
أسباب. كانويّة: ذات تأثير مكافئ على الوجدانيات. مثلاً: تعتبر سمعتناء 
وشخصيتناء واسمتاء بواعث ذات أهمية وعلى قدر عظيم» وحتى أسياب الزهو 
الأخرى مثل الفضيلة والجمال والثراء تصبح ذات تأثير قليل» عندما لا تدهم 
بآراء وميول الآخرين. ومن أجل تعليل هذه الظاهرة سيكون من الضروري أن 
نتريث قليلاًء وأن نشرح أولاً طبيعة التعاطف. 

لا توجد كيفيّة ب2 الطبيعة الإنسانية اكثر تميزأ ب2 كل من ذاتها وعاقبتهاء 
من كيفية النزوع التي نملكها للتعاطف مع الآخرين؛ ولتلقي نزعاتهم وعواطفهم 
عن طريق التواصل؛ مهما تكن مختلفة أو متعارضة مع نزعاتنا وعواطفنا. ولا 
يبدو هذا عند الأطفال فقطء الذين يسلّمون بتمام الثقة بكل رأي يقدم لهم؛ ولكن 
حتى عند الرجال الأعظم فهماً وقدرة على الحكم. إذ يجدون صعوية كبيرة ب4 
تتبع استدلالاتهم أو نزعاتهم التي تتعارض مع استدلالات أو نزعات أصدقائهم 
ورفاقهم اليوميين. كما يجب أن تُسند لهذا المبدا التناسق العظيم الذي يمكن أن 
نلاحظه بين أرواح واتجاهات التفكير عند هؤلاء الذين هم من أمّة واحدة ومن 
المرجح كثيراً أن يكون التعاطف منشأ هذا التشابه أكثر من آي تأثير يكون للترية 
والطقس اللذين يستمران على حالهما بلا تفيير, إلا أنّهما رغم ذلك ليسا قادرين 
على حفظ شخصية الأمّة متماسكة وعلى حالها لقرن من الزمان. حيث يجد 
الرجل ذو الطبيعة الجيّدة نفسه 4 لحظة ما من نفس مزاج صاحبه؛ وحتى 
الرجال الأكثر زهواً وفظاظة يصطبفون بمزاج رجال بلدهم ومعارفهم. مثلاً 
تسكب الملامح البهيجة ذ ذهني رصانة وسروراً كبيرين. مثلما ترميني الملامح 


~0 


الحزينة أو الغاضبة بتثبيط مفاجئ. إذ أشعر بأهواء البغضة والاستياء والتقدير 
والمحبة والشجاعة والطرب والاكتئاب» من خلال التواصلء أكثر من شعوري بها 
من خلال مزاجي وطبعي الفطريين. إذن يالها من ظاهرة بديعة تستحق انتباهناء 
واقتفاء أثرها إلى مبادئها الأولى. 

يعرف التأثير الوجدانيء مهما يكن عندما يتم تشريه من خلال التعاطف. 
أولاً بآثاره [ ۷۲ ] وبتلك الإشارات الخارجيّة 2 تقاطيع الوجه وأسلوب المحادثة 
التي تنقل فكرة عنه. وتتحول هذه الفكرة إلى انطباع يسرعة, وتحصل على 
درجة كبيرة من القوة والحيويّة لدرجة تصير معها الهوى نفسه؛ وتنتج انفعالاً 
مكافتاًء مثل آي أثر وجداني آصيل. وينطاق هذا التغيّر من الفكرة إلى الانطباع, 
مهما يكن وليد ساعته؛ من رؤيا وتأمّلات محققة لن تفلت من الفحص الدقيق 
للفيلسوف, على الرغم من أن الشخص قد يكون مَنْ وضعها بنفسه. 

تحضرنا الفكرة أو بالأحرى الانطباع عن أنفسنا بصورة حميمة دائماًء 
ويمنحنا وعينا فهماً حيوياً عن شخصنا الذاتي؛ إذ ليس ممكناً أن نتخيل قدرة أي 
شيء على المضي بهذا الخصوص أبمد منه. لذلك يجب أن يُفهم الموضوع اللمتعلّق 
بذواتناء كائناً ما كانء من خلال فهم ذي حيويّة مماثلة, تبعاً للمبادئ السابقة, 
وعلى الرغم من أنْ هذه العلاقة لن تكون بقوة العلاقة السببية, إلا إِلّه ما يزال 
متوجباً امتلاكها نفوذاً كبيراً. إذ لا يمكن ذكران علاقات التشابه والتجاور 
خصوصاً عندما استخلصناها من الوجود الواقمي للموضوع الذي يشابهه أو 
يجاوره. من خلال الاستدلال بقانون العلّة والمعلول: وملاحظة الإشارات الخارجية. 

يتضح الآن أنْ الطبيعة قد حفظت تشابَهاً عظيماً بين كل المخلوقات 
الإنسانيّة, إذ إثنا لا نلاحظ أي هوى أو مبدأ عند الآخرين من النوع الذي لا 
نجد ما يوازيه 4 أنفسنا بدرجة أو بأخرى. ونجد أنْ الوضع ذاته ينطبق على 
تركيب الذهن كما ينطبق على تركيب الجسد. فمهما يكن اختلاف الأجزاء 2 
الشكل أو الحجم؛ فَإِنْ بنيتها وتركيبها 4 العموم يبقى نفسه. حيث يوجد تشابه 
بديع؛ يحفظ ذاته بین كل تتويعاتهاء وهذا التشّابه سوف يساهم بشكل كبير 4 
إدخالنا 2 عواطف الآخرينء والتأثير فيها بالغبطة واللذة. تبعاً لذلك نجد أن 


SE 


التعاطف يزداد سهولةء عندما يوجد بجانب التشابه العام لطييعتتاء آي تمائل 
خاص 2 طرائقتا أو 2ے شخصياتناء أو 2 بلداننا أو # لفاتناءوكلّما قويت 
العلاقة بين أنفسنا وأي موضوع؛ استطاعت المخيّلة أن تنتقل بسهولة أكبرء وأن 
تنقل إلى الفكرة ذات العلاقة حيويّة الفهم الذي نشكل به دائماً الفكرة عن 
شخصنا تحن. [ ؟7 ] ولا يشكّل التشابه العلاقة الوحيدة التي لها هذا الأخر, إلا 
أنّها تتلقى قَوّة جديدة من علاقات أخرى؛ من الممكن أن تصاحبهاء حيث تملك 
عواطف الآخرين تأثيراً قليلاًء عندما تنزاح بعيداً عناء ولا بد من علاقة التجاور 
حتى تتواصل مع بعضها بالكامل. وقد تساهم علاقات القريى؛ بكونها نوعاً من 
السببيّة. أحياناً بالأثر نفسه. كذلك أيضاً التعرّف الذي يشتغل بالطريقة ذاتها مع 
التعلّم والتعوّد. كما سنرى بشكل أكثر عمقاً هيما بعد '. وعندما تتحد كل هذه 
العلاقات مع بعضهاء فإنّها تنقل الانطباع عن شخصنا أو الوعي بشخصنا إلى 
فكرة عواطف أو أهواء الآخرين. وتجعلنا نفهمها بطريقة أقوى وأعظم حيوية. 
لقد لوحظ 4 بداية هذه الرسالةء أن كل الأفكار منتحلة من الانطباعات, 
وأنّ هذين النوعين من الإدراكات يختلفان فقط بدرجة القوّة والحيويّة, التي 
يحوزان بها على انتباه الروح. وأنّ الأجزاء الأصليّة المكوئة للأفكار والانطباعات 
متشايهة بصورة محكمة. كذلك طريقة و ترتيب ظهورها نفسها. لذلك فان 
الدرجات المختلفة من القوة والحيوية هي الخاصيات الوحيدة التي تميزها؛ وبما 
أن هذا الاختلاق قد ينزاح: لدرجة ماء بواسطة العلاقة بين الانطباعات 
والأفكار. فلا عجب إذن أن تصبح فكرة عاطفة ما آو هوى ماء بواسطة هذه 
العلاقة شائعة لدرجة تصير معها العاطفة ذاتها أو الهوى ذاته.كما أن الفكرة 
الحيوية عن أي موضوع تناهز انطباعه دوماًء ومن المؤكد أنّنا قد نشعر بالمرض 
والألم من قوة المخيلة ليس إلآء بل قد نجعل المرض واقعياًء بالتفكير المستمر فيه. 
لكن هذا ملاحظ أكثر ما يكون ك الآراء والآثار الوجدانية: فالأمر هناك 4 
معظمه يكون ب4 تحول الفكرة الحيوية إلى الانطباع. حيث تعتمد آثارنا الوجدانية 
على ذواتنا وعلى العمليّات الداخليّة للذهن, أكثر من أي انطباعات أخرى لأنّها 


)١(‏ الباب الثاني, الفصل الرابع. 
NIY:‏ 


تنشأ تلقائياً من المخيّلة. ومن كل فكرة حيويّة نشكلّها عنها. هذه هي طبيعة 
وسبب التعاطف» وتبعاً لهذه الطريقة ندخل عميقاً جداً بذ آراء ووجدانيات 
الآخرين. حيثما نكتشفها. 

وتعتبر مطابقة هذه الظاهرات للنظام السابق المتعلّق بالفاهمة: وبالمحصلّة 
للنظام الحالي المتعلّق بالأهواء؛ طاما أنّها مناظرة لبعضها بعضاًء أمراً بديعاً على 
نحو خاص من مجمل هذه المسآلة. [ 74 ] فمن الواضح فعلاً. عندما نتعاطف مع 
أهواء وعواطف الآخرين: ظهور هذه الحركات الوجدانيّة أولاً 2 أذهمائنا كأفكار 
ليس إلآً. وفهمها على أنّها تنتمي لشخص آخر, كأي مسألة أخرى من مسائل 
الواقع. أيضاً من الواضح ارتداد أفكار وجدانيّات الآخرين إلى الانطباعات ذاتها 
التي تمثلهاء ونشوء الأهواء بما يتطابق مع الصور التي نشكلّها عنها. ويشكل كل 
هذا موضوعاً للخبرة الأكثر وضوحاًء ولا يعتمد على آي فرضية من فرضيات 
الفلسفة. لذا يمكن أن يقر بالعلم وحده لتفسير الظواهرء رغم وجوب الاعتراف 
ك الوقت نفسه أنّها واضحة بذواتهاء ولا توجد إلا فرصة صغيرة لتوظيف العلم 
فيها. لأنّه علاوة على علاقة العلّة والمعلول: التي اقتنعنا من خلالها بواقعيّة 
الأهواءء التي نتعاطف معهاء أقول: علاوة على هذاء يجب أن تُرفد بعلاقات 
التشابه والتجاور» لكي نشعر بالتعاطف # كماله التام. ومنذ أن استطاعت هذه 
العلاقات بأسرها رد فكرة الانطباع؛ وإيصال حيوية الانطباع إلى الفكرة. بصورة 
كاملة بحيث لا يفقد منها شيء ‏ عملية الانتقال؛ نقدر أن نفهم بسهولة كيف 
يمكن لعلاقة العلّة والمعلول بمفردها أن تفيد 4 تقوية وإحياء فكرة ما. إذن 
يوجد ج التعاطف ارتداد واضح من الفكرة إلى الانطباع؛ وينشا هذا الارتداد سن 
علاقة المواضيع بذواتتاء ومن حضور أتفسنا لتا حضوراً وثيقاً بصورة دائمة. 
دعونا نقارن كل هذه الظروف» وسوف نجد أنّْ التماطف مكرس بشكل دقيق 
لعمليّات فهمناء وحتى أنّه يحتوي على شيء ما آكثر إدهاشاً وك غاية الغرابة. 

حان الوقت الآن لنحول وجهة نظرنا عن التأمّل العام بالتعاطف إلى تأمّل 
تأثيره على الهو والضعةء فعندما تثور هذه الأهواء من التقدير و اللوم؛ أو من 
خسن السمعة وقبحهاء يمكننا ملاحظة عدم وجود أي شخصء على الإطلاق» تمّ 
تقديره من قبل شخص آخر من أجل أي كيفيّة كانت؛ لن تولّد من ذاتهاء ذا كانت 


-لط1١م8-‎ 


واقعيّة: زهواً 2 الشخص امالك لها. لذا فإن المدائح ستتجه بنا إما صوب فوته 
أو ثرائهء أو عائلته. أو فضيلته. حيث يصلح کل منها موضوعاً للزّهوٌ كنا قد 
شرحناه وعللناه للتو. و من المؤكد عندئذ إذا ما تأمُل شخص ما ذاته بنفس الهيئة 
التي يظهر فيها لمعجبيه؛ فإله سيتلقى أولاً لذّة منفصلة وفيما بعد زُهواً أو 
اغتباطاً ذاتياً. تبعاً للفرضيّة التي تمّ شرحها © الأعلى. آم الآن» لا يوجد شيء, 
أكثر تلقائيّة ثناء لكي تؤثر بك آراء الآخرين بهذا الخصوص, من كل من التعاطف 
والاستنتاج؛ [ 70 ] فالتعاطف يحضر عواطقهم أمامنا بصورة آليفةء والاستتتاج 
يجعلنا نشير إلى حكمهم كنوع من الحجة على ما يجزمون بصحته. ويؤثر هذان 
المبدآن من المحاجة والتعاطف تقريباً على آراتنا كلّهاء لكن يجب أن يملكا تأثيراً 
من نوع مخصوص.ء عندما تحكم على قيمتنا وشخصيتنا الخاصة. ويصاحب 
الهوى هذه الأحكام دائماً '؛ ولا يوجد شيء يميل لتشويش فاهمتناء وليطوح بنا 
إلى أي آراء مهما تكن مجاوزة حد المعقول أكثر من صلتها بالهوى: التي تفرض 
ذاتها على المخيلة؛ وتعطي قوة إضافية لكل فكرة ذات علاقة. ويمكن أن نضيف 
إلى هذاء أن وعينا لتحيّزنا العظيم لمصالحناء يجعانا نفرح خاصة باي شيء» يؤكّد 
الرأي الجيّد الذي نملكه عن ذواتتاء وصعق بسهولة لأي رأي يعارضه. 

ويبدو كل هذا مرجحاً بشدة على صعيد النظريّة. ولكن لكي نمنح هذا 
الاستنتاج يقيتاً كاملا يجب أن نفحص ظواهر الأهواء؛ لنرى إن كانت تتفق معها. 

تُقدر حسن الصيت من ضمن هذه الظاهرات: كواحدة من أكثرها إسعافاً 
لهدفنا الحالي؛ حيث على الرغم من أن حسن السمعة طيّب بالعموم إلا أثنا 
نتلقى رضى أعظم من خلال استحسان هؤلاء: الذين نبجلهم ونستحسنهم 
شخصياً أكثر من استحسان هؤلاء الذين نكرههم وننبذهم. وبطريقة مماثلة 
ينكسر قلبنا على الأخص بازدراء الأشخاصء الذين نضع قيمة على أحكامهم ولا 
نبالي لآراء بقيّة النوع الإتساني على الإطلاق. لكن إذا تلقى الذهن من آي غريزة 
أصليّة رغبة بحسن السمعة؛ وعزوفاً عن سوء السمعة فَإنّ حسن السمعة 
وسوءها سوف يؤثران فينا من دون تمييزء وسوف يثير أي رأيء وفقاً لكونه 


)١(‏ الكتاب الأول » الباب اثالث » الفصل العاشر. 
-9١!ط-‏ 


محبّذاً أو غير محبّنء تلك الرغبى آو الصدود بشكل متساو. فالحكم على الأحمق 
نما هو حكم على شخص آخرء مثلما هو الحكم على رجل حكيم. لكنّه فقط 
أدنى س المرتبة ب تاش ثبره على حكمنا الذاتي. 

وتحن لا نتمتّع فقط بشكل أفضل باستحسان الرجل الحكيم بالمقارنة مع 
استحسان الرجل الأحمقء بل نتلقى غيطة إضافيّة من السابق: مندما يكتسب 
بعد تعرّف لمدة طويلة و وثيقة. ويجد هذا تعليله تبعأ للطريقة نقسها. 

ولا يعطينا مديح الآخرين أبداً لذة كبيرة ما لم تتفق آراؤهم مع رأينا 
الشخصي ويثتوا علينا بسبب الكيفيات التي نبرع فيها على الخصوص. [ 76 ] 
فالجندي مثلاً يملك تقديراً قليلاً للصفة البلاغيّة: 4 طيلسان الشجاعة؛ أو 2 
روح الفكاهة: أو يك عظمة جهابذة التعليم. ومهما يكن التقدير الذي قد يحمله 
الرجل لأيّة كيفية. مأخوذة بشكل مجردء عتدما يعي آنه لا يملكها: فان آراء العالم 
بأجمعه لن تمنحه إلا لدّة قليلة بذلك الخصوص,ء وذلك لأنّها لن تقدر على جمل 
رأيه الخاص مطابقاً لآراكهم. 

تمتر العاكلات البهيجة أكثر الأشياء آلفة للرجال؛ لكن قلّة ذات اليدء 
تدفعهم لترك أصدقائهم وبلدهم» والسعي خلف معاشهم من خلال وظائف يدويّة 
وحقيرة بين الفرياء. أكثر من سعيهم بين هؤلاءء العارقين بمولدهم وحتى 
بتعليمهم. سنكون مغمورينء هذا ما يقولونه .. حيثما ذهبنا. ولن يتساءل أحد من 
أيه عائلة قد اتحدرنا. ستبتعد عن كل معارفنا وأصدقائناء وبذلك سنتلاءم مع 
عوزنا وحطتنا بشكل أسهل. لدی 

فحص هذه العواطف» أجد أنّها تقدّم العديد من الأدلّة المقنعة جداً من 
أجل غرضي الحالي. 

آولاً: يمكن الاستنتاج منهاء أن الانزعاج من كونك ممتهناًء يعتمد على 
التعاطف, وأنّ ذلك التعاطف يعتمد على علاقة المواضيع بذواهاء طاما آتنا نتكدر 
بأعظم ما يكون من ازدراء الأشخاص المرتيطين بنا بقرابتي الدم والتجاور معنا 
ك المكان. من هفا نسعى لتخفيض هذا التعاطف والإزعاج بفصل هذه العلاقات, 
ووضع أنفسنا 4 جيرة الغرياء» على مسافة بعيدة عن أقارينا. 


-8؟ط!- 


ثانياً: يمكننا أن نستخلص ضرورة العلاقات للتماطف. غير منظور إليها 
من حيث هي؛ بصورة مطلقة؛ بل من حيث تأثيرها 2 رد أفكارنا عن عواطف 
الآخرين إلى العواطف ذاتهاء بواسطة التداعي بين الفكرة عن أشخاصهاء 
والفكرة عتا نحن: بسبب تعايش علاقات القريى وعلاقات التجاور مع بعضهما 
به المكان نفسه هناء لكن بكونها غير متّحدة ‏ الأشخاص نفسهم فَإِنّها تساهم 
4 التعاطف بدرجة أقل. 

ثالثاً: يستحق هذا الظرف بذاته انتباهنا؛ أي تخفيض التعاطف من خلال 
فصل العلاقات. فعلى فرض أثني ضعت 4 ظرف رديء بين غرياءء وبالنتيجة لم 
أعامل إلا بخفة, إلا أي أجد نفسي بك موقف أكثر ارتياحاً متي عندما كنت 
أتعرض كل يوم لازدراء أقاربي وأبناء بلدي. فهنا أشعر بازدراء مضاعف من 
علاقاتي بأقاربي؛ لكنهم غائبين. ومن هؤلاء الذين هم بقربي. لكتهم غرياء. [۷۷] 
هذا الازدراء المضاعف قد تم تعزيزه بالمئل بواسطة علاقتي القرابة والتجاور. 
لكن بما أنّ الأشخاص الذين يتصلون بي بهاتين العلاقتين ليسوا هم أنفسهم: قان 
هذا الفرق 2 الأقكار يفصل الانطباعات الناشئة عن الازدراء: ويمنعها من تحول 
بعضها لبعض. إن ازدراء جيراني يملك تائیراً محققاًء مثلما يمتلكه ازدراء قرابتي 
أيضاً. لكن هذه التأثيرات متمايزة: ولا تتُحد أبدأ. مثلما يحدث عندما ينطلق 
لازدراء من الأشخاص الذين هم جيراني وأقريائي 4 وقت واحد. هذه الظاهرة 
مناظرة لنظام الزهوٌ والضعة التي تم شرحه أعلاه والذي يبدو خارفاً للعادة 
بالنسبة إلى الأفهام العامية. 

رابعاً: يخفي الشخص الواقع 4 هذه الظروف وبصورة تلقائية منبته عن 
هؤلاء الذين يعيش بينهم: وإذا ما ظنّ به شخص آخر آنه ابن عائلة ذات ثروة 
وتقاليد تفوقان بكثير ثروته وتقاليده الحاليان فإنه سيتكدر بصورة كبيرة. 
فالحكم يتم على كل شي 2 هذا العالم من خلال المقارنة. فما هو ثراء فاحش 
خاص برجل نبيل إِنّما هو فقر مدقع عند الأمير. مثلما سيظن الفلآح سمادته بذ 
ما لا يقدر على الوفاء بمقتضيات الرجل النبيل. كذلك عندما يكون رجل ماء 
معتادأ على نمط فاخر 2 الحياةء أو يظن أنه مخول بهذا الحق لأصله وفصلهء 
فان كل شيء أدنى من ذلك سيكون بشعأ ومخجلاً حتى: وهذه علّة إخفائه 


-1؟١-‎ 


مطالباته بثروة آكبر حينما يعمل ے2 الصناعة المتعاظمة النمو. وبما أنه وحده 
الذي يعلم بمصائبه ‏ هذا الظرف. # حين يجهلها هؤلاء الذين يعيش معهم, 
هإِنّهِ يمتلك الصورة والمقارنة البشعتين والمقترحتين من أفكاره هو فقطء ولا 
يتلقاها أبداً من خلال التعاطف مع الآخرين: الأمر الذي يجب أن يساهم بشكل 
كبير 4 غبطته وراحته. 

وإذا وجدت أي اعتراضات على هذه الفرضية؛ بان اللذة التي نتلقاها من 
المديح؛ تثور من تواصل العواطف» سنجد عند التدقيق؛ أنْ هذه الاعتراضات 
عندما يُنظر إليها بمعيار صحيح سوف تفيد 2 توكيد الفرضيّة. فالسمعة 
الشعبيّة الواسعة قد تكون ممتعة حتى لرجل يحتقر العامة؛ لكن ذلك يكون لأنّ 
كثرتهم تعطيهم سلطة ووزناً إضافيًاً. كذلك المنتحلين لآراء غيرهم يبتهجون 
بالمديح» رغم وعيهم لعدم استحقاقهم له. لكن هذا العمل إِنّما هو نوع من بناء 
القلاع بالرملء حيث تسلي المخيلة ذاتها باوهامها الخاصة وتجاهد لجعلها 
راسخة ومستقرة من خلال التعاطف مع عواطف الآخرين. [ ۷۸ ] فالرجال 
المتفاخرون هم الأكثر اهتزازاً للازدراء على الرغم من أنّْهم غالباً ما لا يوافقون 
عليه بسهولة: لكن ذلك يكون بسبب التعارض بين الهوى الذي يملكونه فطرياً 
وذلك الهوى الذي يتلقونه من خلال التعاطف. وبطريقة مماثلة ينزعج العاشق 
المتيم بشدة إذا لمت واحتقرت حبه؛ رغم آن معارضتك تعجز عن التأثير إل من 
خلال المعقل الذي لك 2 نفسه؛ ومن خلال تعاطفه معك. آما إذا كان يحتقرك أو 
يشعر بانك تمزح فلن يكون لكلامك اثر عليه مهما يكن. 


1~ 


الفصل الثاني عشر 
الرّهو و الضعة عند الحيوانات 


ستبقى على ملاحظتناء أنْ أسباب الزّْهوٌ والضعةء مماثلة تماماً لفرضيتنا 
مهما يكن المعيار الذي نتأمّل فيه هذا الموضوع؛ وأن لاشيء يمكنه أن يثير آي 
هوى منهماء ما لم يتصل بذواتنا؛ وينتج لذّة أو ألمأ مستقلاً عن الهوى 4 الوقت 
نفسه. كما أنَّنا لم نيرهن فقط, أنّ الميل لتوليد اللدّة أو الألم أمراً مشتركاً بين كل 
أسباب الهو أو الضعةء بل آيضاً آنه الشيء الوحيد المشترك. وأنّه بالتالي 
الكيفيّة التي تشتفل بها. بل لقد برهنًا أيضاًء أن الأسباب الأعظم قيمة لهذه 
الأهواء. ليست 2 الواقع شيئاً آخر غير القدرة على توليد إمّا الاحساسات 
الطيّية أو المزعجة. ولذلك فان كل آثارها ومن ضمنهاء الزهو والضعةء تشتق من 
ذلك الأصل ئيس إلا إذن لا يمكن لهذه الميادئ الفطريّة والبسيطة المؤسسمّة على 
هذه البراهين الصلبة؛ أن تفشل © إجبار الفلاسفة على استقبالهاء إلا إذا 
تعارضت مع بعض الاعتراضات التي أفلتت مني. 

يوحد المختصون بعلم التشريح. وهذا أمر مالوف .» ملاحظاتهم وتجاريهم 
عن الأجساد البشريّة مع ملاحظاتهم وتجاريهم عن البهاكم؛ ويشتقون من اتفاق 
هذه التجارب دليلاً إضافياً على آي فرضيّة مخصوصة. ومن المحقق فملياً: عند 
تطابق بنية الأعضاء عند البهائم لتلك التي عند الإنسانء وتماثل اشتفال هذه 
الأعضاء أيضاًء فْإِنْ أسياب ذلك الاشتفال لا يمكن أن تكون مختلفة: كذلك مهما 
يكن ذلك الذي نكتشف صحته ے نوع ماء يمكن الاستنتاج من دون تردد؛ اله 
محقق على النوع الآخر. لذا فعلى الرغم من اختلاط العظام وتركيب الأعضاء 
الدقيق: يمكن الظن. على حقء أنْها مختلفة قليلاً عند الإنسان عما هي عند 
الحيوانات؛ ولذلك هَإِنْ آي تجرية نقوم بها على أي منهما تتعلّق بآثار الأدوية 


-111- 


[5] لن تنطبق دائماً على الآخر؛ حتى أن بنية العروق والعضلات, ونسيج وموقع 
القلب من الرئتينء ومن المعدةء ومن الكبدء ومن أعضاء أخرى؛ هي ذاتها أو 
تقربيا ذاتها ‏ كل الحيوانات. كما أنْ الفرضية ذاتهاء التي تسر ب4 نوع معيّن 
الحركة العضليّة. وسير العملية الهضميةا'": ودوران الدمء يجب أن تكون قابلة 
للتطبيق على جميع الأنواع: وتبعاً لتوافق هذه الفرضيّة أو عدمه مع التجارب التي 
يمكن أن نقوم بها به أي نوع من المخلوقات. يمكتنا استجرار البرهان على 
صحتها أو زيفها على الجميع. دعوناء لذلك: نطيّق هذا المنهج بے البحث. حيث 
وجد أنه مصيب ومفيد 2 الاستدلالات المختصة بالجسد» على تشريحنا الحالي 
للذهن,؛ ونرى ما الاكتشافات التي يمكننا تحقيقها بذلك. 

ومن أجل هذاء يجب أن نبيّن أولاً المماثلة ب4 الأهواء بين الرجال 
والحيوانات. وفيما بعد نقارن الأسباب التي تولّد هذه الأهواء. 

توجد علامات عديدة واضحة عن الزّْهوٌ و الضعة بصورة جليّة ب كلّ 
أنواع المخلوقات تقريباً. وب المخلوقات التي من النوع النبيل على وجه الخصوص. 
فثغر ومشية اليجع بذاتهاء أو ديك الحبش, أو الطاووس تبيّن الفكرة الرقيعة التي 
اكتسيها عن نفسه: وازدراءه لكل الآخرين. والأمر الأكثر ملاحظة. £ النوعين 
الأخيرين من الحيوانات: مصاحبة الهو للجمال بصورة دائمة؛ واكتشاقه عند 
الذكر فقط. مثلاً الزّهوٌ و المضاهاة عند العتادل 4 الغناء قد لوحظ عموماًء 
مثلما عند الخيول ب4 السرعة؛ وعند كلاب الصيد ف الحنكة والشم؛ وعند الثور 
و الديك 2 الشدة. وعند كل حيوان آخر 2 صفته المخصوصة به وحده. أضف 
إلى ذلك أن كل آنواع الحيوانات: التي غالباً ما تقترب من الإنسانء حتى تشكل 
عائلة معه؛ تُظهر رهوا واضحاً ب4 مقاربته؛ وتتلدّذ بمديحه ومعائقته؛ بفض النظر 
عن أي اعتبار آخر. كما ياحظ أنّْ معانقة آي كان دون تمييز لا تمطيها هذا 
الزُهوء بلّ على الأخص معانقات الأشخاص الذين يعرفونهم ويحبونهم: بطريقة 
مماثلة للطريقة التي يثار بها ذلك الهوى ب النوع الإنساني. ويكون كل هذا 





۱۹۸۲ حتي ؛ يوسف» قاموس حتي الطبي» إنكليزي عربي.ط؛ بيروت مكتبة لبنان‎ )١( 
عصارة الطعام الجاهزة للامتصاص. (المترجم)‎ ıChyle 
1 4- 


براهين واضحة:؛ على آن الزّهوٌ و الضعة ليست أهواء إنسانيّة فقط بل تمتن 
لتنشر ذواتها فوق الخليقة الحيوانيّة بكاملها. 

وتمائل أسباب هذه الأهواء عند البهاكم بقدر كبير أسبايها عندناء وتقدم 
إجازة صحيحة لمعرفتنا وفهمنا الراقيين. لذلك تملك الحيوانات القليل أو لا 
تملك شيئاً من الإحساس بالفضيلة أو الرذيلة؛ حيث تفقد علاقات القربى 
بسرعة؛ ولذلك تعجز عن امتلاك الحقوق والخاصيّات. [60] الأمر الذي يشكّل 
العلّة ب2 تموضع أسباب زّهوها وضعتها 4 الجسد ليس إلآء وعدم تموضعها 2 
الذهن أو © المواضيع الخارجية بصورة مطلقة. بل # الجسد المشار إليه حتى 
الآنء إذ تسبب الكيفيّات نفسها الهو الحيوان كما 4 النوع الإنساني؛ ويؤسّس 
هذا الهوى دوماً على الجمال أو القوة أو الرّقة أو كيفية أخرى مفيدة أو طيبة. 

السؤال التالي هو طالما أن هذه الأهواء هي نفسهاء وتثور من الأسباب 
نفسها عبر الخليقة كلّهاء فهل الطريقة التي تشتفل فيها الأسباب هي أيضاً 
ذاتها؟ من المتوقع أن يكون هذا صحيحاً؛ وفقاً لكل قوانين التشريح: وإذا وجدنا 
لدى المحاولة. أن تفسير هذه الظواهر, التي استفدنا منها ف نوع واحد؛ لن 
ينطبق على بقيّة الأنواع: يمكتنا أن نفترض أن ذلك التفسير لا أساس له ك 
الواقع مهما يكن مبهرجاً. 

ومن أجل أن نبت برآي 4 هذا السؤال؛ دعونا نعتير أن العلاقة الفكرية 
نفسها توجد هناك بشكل واضع. وأنْها مشتقّة من الأسباب نفسهاء ‏ أذهان 
الحيوانات كما # أذهان الناس. فالكلب غالباً ما ينسى المكان الذي أخفى فيه 
العظمة. لكنه عندما يحضر لذلك المكان: ينتقل فكره بسهولة إلى ما كان قد 
أخفاه سابقاًء بواسطة المجاورة التي تولّد علاقة ضمن أفكاره. وبطريقة مماظة. 
عندما يتعرض للضرب بشدة 4 آي مكانء فإنه سوف يرتعش لدی اقترابه منه: 
على الرغم من عدم اكتشافه لأيّة علامة على أي خطر حاضر. إِنْ آثار المشابهة 
ليست واضحة جداًء لكن بما أن تلك العلاقة تشكلٌ جزءاً كبيراً ب السببيّة, التي 
تظهر جميع الحيوانات عنها حكماً واضحاً. يمكئتا أن نستخلص أن العلاقات 
الثلاث التشابه. والتجاور. والسيبيةء تشتفل بالطريقة نفسها على البهائم وعلى 
المخلوقات الإتسانيّة. 


-١197- 


توجد آيضاً أمثلة عن العلاقة الانطباعيّة بما يكفي لاقتاعنا بوجود وحدة 
بين وجدانيّات معينة مع بعضها البعض بل الأنواع الدنيا من المخلوقات كما يخ 
المخلوقات العلياء وأنّ أذهانها تتحول بتواتر عبر سلسلة من العواطف الموصولة. 
فعندما يتحمّز كلب بالفرح: يتحول تلقائياً إلى المحبّة واللطافة. سواء أكان ذلك 
من سيده آم من جنسه. ويطريقة مماثئلة؛ عندما يمتلى بالألم والحزن. يصبح 
مشاكساً ولثيماًء وذلك الهوى. الذي كان 2 البدء حزناً. يتحول إلى الغضب عند 
آقل سبب يمكن آن يكون. 1 
لذلك فإِنّ جميع المبادئ الداخليّةء والضروريّة عندنا لإنتاج الهو أو 
الضعة؛ مشتركة عند كل المخلوقات. [ ۸١‏ ] وطالما أن الأسباب التي تثير هذه 
الأهواء. هي بالمثل متشابهةء يمكتنا الاستنتاج بحق؛ أنْ هذه الأسباب تشتغل تبعاً 
للطريقة نفسها ‏ كل الخليقة الحيوانية. إن فرضيتي بسيطة جدأ؛ وتفترض 
القليل جداً من القدرة على التأمّل والحكم؛ وتقبل التطبيق على كل مخلوق عاقلء 
الأمر الذي يجب الآ يُسمح له ليكون برهاناً مقنعاً على دقتها ققط؛ بل إتّني واثق 
من انه سيكون اعتراضاً على آي نظام آخر[ 45 ]. 


-1755- 


الباب الثاني 
ا 4 وال + 4 


القصل الأول: مواضيع وأسباب الممبّة والبغضة. 
الفصل الثاني: تجارب تؤكد هذا النظام. 

الفصل الثالث؛ مشاكل محلولة. 

الفصل الرابع؛ علاقات الحبّة. 

الفصل الخامس ‏ تقديرذا للتراء والسطوة. 

الفصل السادس؛ الخيريّة والغضب. 

الفصل السابع: الرأطة. 

الفصل الثامن: الضفيئة والحسد. 

القصل التاسع: اختلاط الفضب والخيريّة مع الرأفة والضغيتة. 
الفصل العاشر؛ الاحترام والازدراء. 

الفصل الحادي عشر: العشق؛ أو الحب بين الجنسين۔ 
الفصل الثاني عشر. المحبّة والبفضة عند الحيواثات. 


SY 


الفصل الأول 
مواضيع وأسباب المحبّة والبقضة 


تونّد أهواء المحبة والبغضة انطباعاً بسيطأً ليس إلأء من دون أي مزيج أو 
خليط. لذلك من المحال بصورة كليّة تعريفهما. كذلك سيكون من غير الضروري, 
أن نسعى وراء أي وصف لهماء مشتق من طبيعتهما وأصلهما وأسبابهما 
ومواضيعهما؛ ويعود كلا الأمرين إلى كونهما موضوعي بحثنا الحالي من جهة, 
ومن جهة أخرى لأنْ هذه الأهواء. بذواتهاء معروفة بشكل كاف من شعورنا 
وخبرتنا العامّة. وهذا ما كنا قد لاحظناه توا فيما يخص الرّهو والضعة؛ وهنا 
يتكرر الأمر ذاته فيما يتعلّق بالمحبّة والبغضةء و2 الواقع يوجد تشابه عظيم بين 
هاتين المجموعتين من الأهواء. لهذا سنضطر للبدء باختصارء من نوع ماء 
لتمليلاتنا التي تتعلّق بالسابقة لكي نشرح اللاحقة. 

تعتبر النفس الموضوع المباشر لهو والضعة؛ أو عين ذلك الشخص الذي 
نعي أفكاره وأفعاله وأحاسيسه بصورة حميمةء لذا يُعتبر موضوع المحبّة والبقضة 
شخصاً آخر لا نعي أفكاره وأفعاله وأحاسيسه. ويتّضح هذا الأمر بصورة وافية من 
الخبرة. حيث تتجه محبتنا ويفضنا نحو كائن ماء محسوس وخارجي بالنسبة 
إليناء وعندما نتحدّث عن محبة الذات فَإِنّ حديثنا لا يكون بالمعنى الصحيع: كما 
آنه لا يملك الإحساس الذي ينتجه أي شيء بالاشتراك مع ذلك الانفعال الرقيق» 
الذي تثيره صديقة أو عشيقة. ويكون الحال كذلك مع البغضة. فمن الممكن أن 
نموت خجلاً من عيوبنا وحماقاتنا الذاتيّة من دون أن نشعر باي غضب أو بفضة 
اتجاه أنفسناء لكننا نفعل ذلك من أذيّة الآخرين لنا. 


4 - رسالة في الطبيعة م‎ Sh hs 


وعلى الرغم من أنْ موضوع المحبّة والبفضة على الدوام شخص ما آخر, 
فمن الواضح أن هذا الموضوع ليسء بقول صحيح. سبباً لهذه الأهواءء ولا يكفي 
بمفرده لإثارتها؛ وذلك لأن المحبّة والبغضة متضادتان يشكل مباشر ل 
احساساتهماء وتملكان الموضوع نفسه بصورة مشتركة, فإذا كان ذلك الموضوع 
أيضاً سببهماء فإِنّه سيولّد هذين الهُويّين المتعاكسين بدرجة متساوية. وبالتالي 
َإِنّهما سيدمران بعضهما من اللحظة الأولىء كما ينبغي لهما أن يفعلاء لذا [ ۸۲ 
] لن يكون آي منهما قادراً على الظهورء وبالتالي يجب أن يكون هناك سبب ما 
مختلف عن الموضوع. 

سنجد أن أسباب المحبّة والبفضة متنوعة بشكل كبير إذا ما تمعنا فيهاء 
وأنّها لا تملك أشياء كثيرة مشتركة فيما بينها. حيث تود الفضيلة المحبّة 
والتقدير لاي شخص كانء كذلك المعرفة والفطتة والحصافة والروح المرحة؛ 
وتونّد الكيفيّات العاكسة البغضة والازدراء. كما أن الأهواء نفسها تتشأ من مزايا 
جسدية» مثل الجمال والقوة والرقّة والرشاقة؛ ومن أضدادها أيضاًء كما تنشاً 
بالمثل من المصائح والمعاسر الخارجيّة للمائلة والأملاك والثياب والأمّة والطقس. 
وليس هناك أي من هذه المواضيع: لا يقدر على توليد المحبّة والتقدير بواسطة 
كيفياته المختلفة, أو البنضة والازدراء. 

نشتق من استعراض هذه الأسباب تمييزاً جديداً بين الكيفيّة التي تشتفل 
والموضع الذي تحط عليه؛ فالأمير المالك لقصر فخم؛ يستوجب تقدير الناس على 
ذلك الأساس, و ذلك أولاً: بسبب جمال القصر, وثانياً: بسبب علاقة الملكيّة التي 
تربطه به. و إزالة أي منهما يدمّر الهوى؛ الأمر الذي يثبت بوضوح أنْ السبب 
سیب مركب. 

وسوف يكون ثقيلاً على النفسء تعقّب أهواء المحبة و اليفضة عبر كل 
الملاحظات التي شكلناها فيما يتعأق بالزهوٌ والضعةء والتي يمكن تطبيقها بصورة 
متساوية على كلتا المجموعتين من الأهواء. مثلما سيكون كافياً أن نلاحظ بالعموم 
أن موضوع المحبّة واليفضة:؛ إنّما هو بوضوح شخص ما مفكّر؛ وأنْ الإحساس 
بالهوى السايق طيّب 4 حين أنّ الإحساس بالهوى اللاحق منقُص. و نفترض 
أيضاً مع شيء من الاحتمال. أنَّ أسباب هذين الهويّينَ متعلّقة دوماً بكائن مفكّر. 


ات 


وأنْ سيب الهوى السابق يولد لذّة مستقلة» 4 حين يولد سبب الهوى اللاحق 
إزعاجاً مستقلاً. 

أول هذه الافتراضات» وجوب تعلق سيب المحبّة و البغضة بشخص أو كائن 
مفكر؛ لكي تتولد هذه الأهواء؛ وهو ليس محتملاً فقط لكنّه من الوضوح لدرجة 
لا يمكن معارضته معها. فالفضيلة والرذيلة. عندما يتم تأملهما بشكل مجرد؛ أو 
عندما يتموضع الجمال أو الشوه على مواضيع جامدة:؛ أو عندما ينتمي الفقر 
والثراء لشخص ثالث لا يثيرا أي درجة من المحبّة أو البغضة؛ التقدير أو 
الازدراءء اتجاه هؤلاء الذين لا علاقة لهم بهذه الكيفيات. ذعندما ينظر شخص ما 
من النافذة إلى الخارج ويراني أمام قصر جميل لا علاقة لي بهء[۸4] فَإنّ أحداً 
لن يدعيء كما أعتقدء أن هذا الشخص سوف يظهر لي الاحترام نفسه فيما لو 
آني مالك القصر. 

ولا تتضح للوهلة الأولى أبداًء أهميّة العلاقة الانطباعية لهذه الأهواء؛ 
وذلك بسيب تشابك الانطباع مع الآخر. 2 عمليّة التحويل؛ تشابكاً لا يمكن به 
تمييزه عن غيرهء بوجه من الوجوه. لكن كما استطعنا بسهولة 4 بحث الزهو 
والضعة أنّْ نقوم بالتفرقة: وآن نثبت أن كل سبب من أسباب هذه الأهواء يولد ألاً 
أو لدّة منفصلةء فمن الجائز هناء أن الاحظ المنهج نفسه بالنجاح نفسه على 
الأخص عندما أفحص العديد من أسباب المحبّة والبغضة. لكنني أرجِيٌ هذا 
الفحص ك هذه اللحظة: بما أنّي أبادر إلى برهان تام و قاطع لهذه الأنظمة. وك 
غضون ذلك سأسعى إلى رد كل استنتاجاتي المتملّقة بالرّهو والضعة إلى غرضي 
الحالي بواسطة حجة مؤسسة على خبرة غير قابلة للشك. 

يوجد القليل من الأشخاص المقتنعين بشخصياتهم: أو عبقرياتهم: أو 
ثرواتهم: لا يتمتون إظهار أنفسهم للعالم, ولا اكتساب محبة و استحسان النوع 
الإنساني. فمن الواضح الآن آن. الكيفيات والظروف ذاتها التي تتسبب بالزهو 
وتقدير النقس» تتسبب آيضاً بالغرور أو الرغبة 2 الشهرة: وآثنا نقدّم دائماً 
للمرض تلك التفاصيل الخاصة بناء والتي نغتبط بها باكثر ما يمكن أن يكون 2 
أنفسنا. لكن إذا لم تتونّد المحبّة والتقدير بالكيفيّات ذاتها التي تود الزْهوء تبعاً 
لتملّق هذه الكيفيات بذواقا أو بالآخرين. فإِنّ هذا المنهج 2 العمل سيكون 

30 


سخيقاًء ولن يقدر الرجال على توفع مماثلة 2 العواطف عند أي شخص آخر مع 
العواطف التي يمتلكوها 2 أنفسهم. ومن الصحيح أيضا أن فَلّة من الرجال فقط 
تقدر على تشكيل أتظمة صحيحة عن الأهواء أو أن تتأمّل طبيعتها العامّة 
والأمور التي تتشابه فيها. لكن من دون هذا التقدم £ الفلسفة؛ لسنا عرضة 
لأخطاء عديدة بهذا الخصوص: بل منقادون بالخبرة العامة وبنوع من التقديم“ 
بشكل كافء كما يخبرنا ما الذي سيشقل الآخرين؛ من خلال ما نشعر به شعوراً 
مباشراً 4 أتفسنا. من حينهاء الكيفيّات نفسها التي تولّد الزُّهو أو الضعة؛ وتسيب 
المحبّة أو البغضةء وكلّ الحجج التي تم توظيفهاء لإثبات أنّ أسباب الأهواء 
السابقة؛ تثير أللأُ أو لد مستقلة عن الهرى. ستقبل التطبيق على أسباب الأهواء 
اللاحقة بوضوح متساو[ 40]. 


)١(‏ إيجاد الشيء أمام الإنسان حتى يتعآق شعوره به. (المترجم) 
ات 


الفقصل الثاني 
تجارب تؤكد هذا النظام 


لن يتحرج أحدء عند روز هذه الأدلّة على الوجه الصحيح» بقيول تلك 
النتيجة التي استنتجتها منهاء والخاصة بالانتقال على طول الانطباعات والأفكار 
المتعالقة. ولاسيّما آنه يشكّل مبدا سهلاً وتلقائياً جداً: بذاتهء لكتنا بذلك نضع 
هذا النظام وراء الشك فيما يخص المحبة والبغضة, كما بِالزّْهوٌ والضعة على 
السواء: لذا سيكون من المناسب القيام ببعض التجارب الجديدة على جميع هذه 
الأهواء. واستدعاء بعضى الملاحظات التي مستها سابقاً عليها. 

دعونا نفترضء لكي نقوم بهذه التجارب» أنّْني بصحبة شخص ماء أشرت 
إليه سابقاً من دون أي عواطف, سواء أكانت عواطف صداقة آم عداوة. املك 
بذلك الموضوع الطبيعي والنهائي لهذم الانفعالات الأريعة جميعاً قائمأ أمامي. ألا 
وهو أنا نفسي كموضوع صحيح للزّهو أو الضعةء والشخص الآخر كموضوع 
صحيح للمحيّة أو البفضة. 

راع الآن بانتباه طبيعة هذه الأهواء ووضعها من حيث علاقة بعضها 
ببعض. ستلاحظ بوضوح وجود أربعة آثار وجدانية متموضعة هناء كما لو أنّها بخ 
ساحة, أو 4 حالة اتصال من على بعد منتظم. وأنّ أهواء الزَّهو والضعة. وكذلك 
أهواء المحبّة والبفضة نتصل بعضها بيعض؛ عبر هُويّة موضوعهاء فهو النفّس 
بالنسبة إلى المجموعة الآولى من الأهواء. بينما بالنسية إلى المجموعة الثانية فهو 
نفس الشخص الآخر. ويشكل هذان الخطان من التواصل أو الاتصال جانبين 
متعاكسين من الساحة. ويعتبر الزّهوٌ والمحبة أهواء طيبة أيضاً. بيتما تعتبر 
البغضة والضعة أهواء مزعجة. وتشكّل هذه المشابّهه 2 الإحساس بين الزهو 


سس 


والمحبّة. وتلك التي بين الضعة والبغضة صلة جديدة. ولك أن تعتبر هاتين 
الصلتين على أتّهما الجاتبان الآخران من الساحة. وبناءٌ على كل ما سبق؛ يتصل 
الهو بالضعةء وتتصل المحبّة بالبغضة بواسطة مواضيعهما أو أفكارهماء ويتصل 
الهو بالمحيّة. ويتصل الضعة باليغضة بواسطة احاسيسهما أو اتطباعاتهما. 

أقول عندئذ: لا يقدر شيء على توليد أي من هذه الأهواء؛ من دون أن 
يحمل علاقة مزدوجة؛ أي علاقة فكرية بموضوع الهوى؛ وعلاقة حسيّة بالهوى 
نفسه. وهذا ما يجب أن نثبته من خلال تجارينا. 

التجرية الأولى: دعونا تفترض أولاً. حتى نتقدّم وطق الترتيب التصاعدي 
.© هذه التجارب, أنّك 2 الحالة التي وصفت أعلاه. أي بصحبة شخص ماء 
بالتالي أنت أمام موضوع لا يملك أي علاقة [ 41 ] باي من هذه الأهواء لا من 
خلال الانطباعات. ولا من خلال الأفكار. وعلى فرض انا نرمق سوية حجراً 
عادياً أو موضوعاً آخر شاثعاً لا ينتمي لأي مناء ولا يسبب بنفسه آي انقعال؛ أو 
آلم و لدّة مستقلين. فمن الواضح أن موضوعاً كهذا لن ينتج أياً من هذه الأهواء 
الأربعة. لكن دعونا نجريه على كل منها على التواليء دعونا نطبقه على المحبّة, 
والبغضةء والضعةء وعلى الزّهِىٌ إن احداً منها لن يثور أبدا حتى بأصغر درجة 
يمكن تصورها. أيضاً دعونا نغير الموضوع مراراً كما نشاء» بشرط أن نبقى على 
اختيارنا لموضوع لا يملك أي من هاتين الملاقتين. كذلك دعونا نعيد التجربة ب 
كل الأوضاع التي يقبل الذهن التأثر بها. فلن يولد أي موضوع ينتمي لأوسع تنوع 
للطبيعة؛ ‏ آي وضع كان آي هوی من دون هذه العلاقات. 

التجرية الثانية: لا يقدر الموضوع الذي تنقصه كلتا العلاقتين أبداً على 
توليد آي هوىء لذلك دعونا نمنحه واحدة فقط من هذه العلاقات, ولنرّ ما الذي 
سينتج. وهكذا على فرض اني أرمق حجرأ أو آي موضوع شائع ينتمي ما لي أو 
لرفيقي؛ فَإِنّي أكتسب بذلك علاقة فكريّة بموضوع الأهواء ومن البين أنّه بتأمل 
المسالة فَبَليَاً لا يمكن توقع آي انفعال من آي نوع © حدود المعقول؛ لأنّه علاوة 
على أن العلاقة الفكريّة تشفل الذهن سراًء وبشكل صامت» فَإنّها تطلق نبضاً 
متكافئاً اتجاه الأهواء المتعاكسة من الزهو والضعةء أو المحبّة والبفضةء وفقاً 


14ت 


لانتماء الموضوع لنا أو للآخرين, الأمر الذي سيؤدي إلى دمار الهويين لتعارضهماء 
وترك الذهن حراً تماماً من أي أثر وجداني أو اتفعال. ويتآكد هذا الاستدلال 
القَبّليّ بواسطة الخبرة. إذ إِنْ موضوعاً زهيداً أو عامياً لا يسبب الما أو لدّة 
مستقلة عن الانفعال» لن يكون قادراً أبداً على توليد آثار وجدانيّة من الهو أو 
الضعة؛ أو المحية أو البنضة؛ من خلال تملكه أو من خلال علاقات أخرى سواء 
بذواتنا آم بالآخرين. 

التجربة الثالثة: يتضح مما سيق؛ عجز العلاقة الفكريّة بمفردها عن إثارة 
هذه الآثار الوجدانيّة. أمَا الآن ضدعونا نزيح هذه العلاقة: ونضع بدلاً عنها علاقة 
انطباعيّة من خلال تقديم موضوع ممتع أو مزعج. لكن لا علاقة له بأنقسنا أو 
بصاحبناء ودعونا ذراقب العواقب. لنستنتج بتامّل المسألة قبلياً كما 4 التجربة 
السالفة؛ امتلاك الموضوع علاقة صغيرة مع هذه الأهواءء لكتها علاقة ملتبسة 
لأنّها ليست ضئيلة ولا فاترة علاوة على [ ۸۷ ] عدم امتلاكها إزعاج العلاقة 
الفكريّة. وعدم تزويدنا بقوة متساوية نحو هيين متضادين يدمران بعضهما 
بتعارضهما. لكن إذا تأملنا من الوجهة الأخرىء أن هذا الانتقال من الإحساس 
إلى الأثر الوجداني غير مهيا له بأ مبدا يولد انتقالاً فكرياًء بل على العكس, 
نجد على الرغم من سهولة تحويل الانطباع الأول إلى الآخر أن التفير بذ 
المواضيع مناقض لكل المبادئ التي تسبب انتقالاً من ذلك النوع بالفرض الأوليء 
ومن هنا يمكن انا الاستدلال على عجز أي شيء يتصل بالهوى فقط بواسطة 
علاقة اتطباعيّة. عن أن يكون سبباً وطيداً ومتيتاً لأ هوى بصورة مطلقة. 
وسيستخلص عقلنا من القياس بعد موازنة هذه الأدلّة قدرة الموضوع الذي يولد 
لدّة أو كدرأًء لكنه لا يملك صلة من أي نوع سواء بأنفسنا آم بالآخرينء على إثارة 
المزاج؛ مثل تلك الإثارة التي تسقط تلقائياً ب4 الزّهو أو المحبةء الضعة أو البغضة. 
وعلى البحث عن مواضيع أخرى؛ يؤسس عليها هذه الآثار الوجدانية بواسطة 
علاقة مزدوجة؛ لكن عقانا سيستخلص أنْ الموضوع الذي يملك علاقة واحدة 
فقط من هذه العلاقات. على الرغم من أنّها أكثر العلاقات نفعاً: لا يقدر أبداً 
على إثارة آي هوی ثابت وراسخ. 


-10- 


وجدنا أنّ كلّ هذه الاستدلالات. لحسن حظتاء مطابقة تلخبرة ولظاهرات 
الأهواء. إذ من الواضح أثّني سأكون منشرح الصدر مع كل من نفسي ورفيق 
سفريء إذا افترضنا أنّني كنت أسافر معه. عبر بلد كلانا غریب عنه بشكل تام 
لكن مناظره جميلة: وطرقاته ممتعة, وفنادقه رحيبة. لكن بما أنّنَا افترضنا أن 
هذا البلد لا يملك أي علاقة سواء بنفسي آم برفيقي؛ فلا يمكنه أبداً أن يكون 
السبب المباشر لهو أو المحبّة. ولذلك إذا لم أؤسّس الهوى على موضوع آخر 
يحمل لأيّ منا علاقة وثيقة؛ فَإِنّ انفعالاتي سوف تعتبر بالأحرى فيضأ لمزاج 
متسام أو إنساني أكثر منه هوى ذي أساس. وتبقى الحالة على حالها حينما يولّد 
الموضوع كدراً. 

التجرية الرابعة: لقد وجدنا أنّ الموضوع الذي لا يملك أي علاقة فكريّة أو 
انطباعيّة. والموضوع الذي يملك علاقة واحدة طقطء. لا يتسببان بالزُهو أو 
الضعة؛ المحبّة أو البفضة. بالتالي يقنعنا العقل بمقرده من دون أي تجرية أخرى, 
أن أي شيء يملك علاقة مزدوجةء يجب أن يثير بالضرورة هذه الأهواء. طاما أنّ 
امتلاكها سبباً ما أمر واجب بصورة واضحة. [ ۸۸ ] لذلك دعونا نستانف 
تجارينا لكي نترك أصفر مجال للشك نقدر عليه ولنرٌ فيما إذا كانت النتيجة 2 
هذه الحالة تحقق توقعاتنا. وقد اخترت الفضيلة موضوعاً على سبيل المثال: 
كونها تسيب ب اتبا منفصلاً. ومنحت هذا الموضوع علاقة بالتفس؛ ووجدت أن 
ثمّة هوى ينشأ بشكل مباشر. من وضع الأمور على هذا النحوء لكن آي هوى؟ إِنّه 
الهو ذاته. الذي يحمل له هذا الموضوع علاقة مزدوجة. ففكرته متعلّقة بفكرة 
النفس؛ التي هي موضوع هذا الهوى. والإحساس الذي يسببه يشابه إحساس 
الهوى. ويمكنني التأكد باثي لست مخطئاً ب هذه التجرية. بان أزيل أول علاقة, 
ومن ثم الأخرىء لأجد أن كل إزالة تدمّر الهوى: وتترك الموضوع على الحياد 
بشكل ثام. لكثني لم أكتف بهذا فقمت بتجرية أخرى, 55 من إزاحة العلاقة. 
غيرتها فقط بعلاقة من نوع مختلف. فافترضت أنّْ الفضيلة تنتمي إلى صاحبي: 
وليس إلى نفسيء ولاحظت ما يتبع هذا التغيير. فأدركت مياشرة و الآثار الوجدانية 
التي تدور حوله؛ تاركة الهو يسقط. حيث توجد علاقة واحدة فقط؛ وهي 


11 


علاقة انطباعيّة. لحساب المحبةء التي تنجذب لها بواسطة علاقة مزدوجة من 
الانطباعات والأفكار. وبتكرار التجرية ذاتهاء بتغيير العلاقة الفكرية من جديد. 
أعيد الآثار الوجدانيّة إلى الزُّهوٌء وبواسطة تكرار جديد» أضعها ثانيةٌ 4 اللحبّة 
أو اللطف. ويما أنّي اقتنعت كليّاً بتأثير هذه العلاقة, قم بتجريب آثار العلاقة 
الأخرىء وبإبدال الفضيلة بالرذيلة. تحول الانطباع الاد الذي يثور من الفضيلة 
إلى الانطباع الكريه الذي يصدر عن الرذيلة. وما تزال النتيجة تحقق التوقع. 
فالرذيلة عندما وضعت على شخص آخرء آثارت بواسطة علاقاتها المزدوجة: 
اتفعال البغضة بدلا من المحبة الذي يتون للنيب تفه من الغضيلة. ولإكمال 
التجرية. غيّرت مجدداً العلاقة الفكريّة. وافترضت أن الرذيلة تنتمي إليء ماذا 
سیتبع؟ ما هو إلا المعتاد. أي تغير تابع للهوى من البفضة إلى الضعة. وهذا 
الضعة أردّه إلى الْزّهو بتغبير جديد للانطباع؛ وآجد بعد كلّ هذا اني قد أكملت 
الدورة: وني بواسطة هذه التغييرات قد أرجعت الهوى إلى الموضع ذاته الذي 
وجدته فيه أولاً. 

وقمت بتفيير الموضوع لجعل السالة أكثر يقيناً على الدوام: ويدلاً من 
الرذيلة و الفضيلة؛ جعلت التجرية على الجمال والشوه الثراء والعوز: السلطة 
والعبوديّة. [ 44 ] فوجدت أن المواضيع جميعها تدور ب4 حَلّقة الأهواء بالطريقة 
نفسهاء أي بتفيير علاقاتهاء مهما يكن الترتيب الذي نشرع منهء سواء أكان عبر 
لهي ثم المحبّة؛ ثم البفضة: ثم الضعة: أم عبر الضعة؛ ثم اليغضة: ثم المحبة 
ثم اله إن التجرية لا تتغاير ولا بأقلٌ القليل. صحيح أن التقدير والازدراء 
يثوران بدلا من المحبّة والبغضة 2 بعض المناسبات» لكتهما يشكّلان 4 العمق 
الأهواء ذاتهاء التي تتغاير فقط 2 بعض الأسباب التي سنشرحها فيما بعد. 

لتجرية الخامسة: لمن سلطان هذه التجارب على نحو أوسع. دعونا نغير 
أوضاع الأمور قدر ما هو متاح ونضع الأهواء والمواضيع ے2 كل المواقع المختلفة, 
لني تقبل التأثر فيها. ودعونا نفترض بجانب العلاقات التي ذُكرت آنفاء ان 
الشخص الذي أطيق كل هذه التجارب بالاتساق معه. يتصل بي بصورة وثيقة إِما 
بقرابة الدم أو بالصداقة. ولنفرض أنه ابني أو أخيء أو أنه يتّحد بي بصحبة 


لات 


أليفة وطويلة. ثم بعد ذلك دعونا نفترض: أن سبب الهوى يحوز علاقة مزدوجة, 
اتطباعيّة وفكريّة: بهذا الشخصء ولننّ ما هي الآثار الناجمة عن كل هذه 
التجاذبات والعلاقات المعقدة. 

دعونا نحدد ما الذي يجب أن تكون عليه هذه الآثارء طبقاً لفرضيّاتي. قبل 
أن نتآمّل ما هي عليه 2 الواقع. من البيّن أن هوى المحبّة أو البفغضة سوف يثار, 
تبعاً لما عليه الاتطباع من اللذة أو الإزعاج» باتجاه الشخص»ء المتصل بسبب 
الانطباع عبر العلاقات المزدوجة. التي استوجبتها على طول الخط. 0 فضيلة 
الاخ سوف تحملني على محبتهء بينما رذالته أو سوء سمعته سوف تثير الهوى 
المضاد. لكن حتى أحكم من موقع الأمور فقط» يجب ألا أتوقع 3 الآثار 
الوجدانية سوق تهجع هناك وأنّها لن تتحول بذواتها أبداً إلى أي انطباع آخر. 
إذ طالما يوجد هنا شخص, يُعتبر موضوعاً لهواي من خلال العلاقة المزدوجة؛ فإِنٌ 
الاستدلال المنطقي نفسه يقودني للتفكير بان الهوى سوف يمضي قُدماً. 
فالشخص يملك علاقة فكريّة بنفسي طبقاً للفرض؛ والهوى الذي هو موضوع له. 
بكونه إِما طيّباً أو مزعجاء يملك علاقة انطباعية بالزّهوٌ آو بالضعة. فمن 
الواضح» إذنء أنْ أحد هذين الهويّين. يجب أن ينشأ عن المحبّة والبفضة. 

هذا هو الاستدلال الذي كوبته طبقاً لفرضيّاتي؛ وقد سررتُ عندما وجدث 
بالتجرية؛ أنّ كل شيء يتحقق بالضبط وفقاً لتوقعاتي.[ 6١‏ ] إذ لا تثير فضيلة أو 
رذيلة الابن أو الأ المحبّة أو البفضة فقط. بل تثير الزُّهوٌ أو الضمة بتحويل 
جديد من أسباب مشابهة. فلاشيء يثير غروراً أعظم من ملّكة لامعة عند 
أقاربناء مهما كانت؛ مثلما لا يخزينا شيء أكثر من رذائلهم أو سوء سمعتهم. هذه 
المطابقة الدقيقة من الخبرة لاستدلالناء إِنّما هي برهان مقنع لتماسك تلك 
الفرضيّة: التي نفكر بها. 

التجربة السادسة: ستبقى قوّة هذا الدليل 2 ازديادء إذا عكسنا التجربة, 
وبقينا محافظين على العلاقات نفسهاء مبتدكين فقط بهوى مختلف. ففرضاً أا 
وضعناء بدلاً من فضيلة أو رذيلة الابن أو الأخ التي سببت المحبة أو البغضة أولاًء 
وفيما بعد سببث الزهو و الضعة: هذه الكيفيات الجيدة أو السيكة 4 أنفسنا من 
دون آي اتصال مباشر مع الشخص المتعلّق بناء فَإنّ الخبرة تُظهر لنا أنّ السلسلة 

سولاك 


بكاملها تنكسر من خلال هذا التغيير 2 الموقع؛ وأنْ الفكر لا ينتقل من هوى إلى 
آخرء كما 2 الحالة السابقة. وأنّنا لا نحبٌ ولا نبغض ابناً أو أخأ بسبب الفضيلة 
أو الرذيلة التي نفطن لوجودها ‏ أنفسناء على الرغم من أن الكيفيّات ذاتها 2 
نفّسه تعطينا بصورة واضحة رهوا أو اتضاعاً محسوساً بقوة: وأنْ الانتقال من 
الهو أو الضعة إلى المحبّة أو البغضة ليس تلقاثياً كما هو من المحيّة أو البغضة 
إلى الرَّهِوٌ أو الضعة. وهذا الأمر قد يقدر للوهلة الأولى على آله مناقض 
لفرضيتى. طالا أن العلاقات الانطباعية والفكريّة 4 كلتا الحالتين هى ذاتها 
بالضبط. وأنَّ الزّهرّ و الضعة انطباعات متعلقة بالمحبّة والبفضة. وأنّ نفسي آنا 
متعلّقة بالشخص. ضينبغي لذلك التوقّع بأنّْ الأسباب المتمائلة سوف تولّد آثاراً 
متماثلةء وأنْ التحول الكامل ينشأ من علاقة مزدوجة, كما بے كلّ الحالات 
الأخرى. لكن هذه الصعوبة سنحلّها بسهولة عبر التأمّلات التالية. 

تلفت انتياهنا أفكار أنفسنا وعواطفنا وأهواؤنا بصورة حيويّة أعظم من 
الحيوية التي تلفت بها انتياهنا أفكار عواطف وأهواء آي شخص آخر؛ لأنّنا نعيها 
من الصميم. لكن أي شيء يلفت انتباهنا يكيفية حيوية» ويظهر بوضوح تام: 
سيفرض ذاته بوجه من الوجوه على دائرة تأملناء وسيحضر أمام الذهن عند أصفر 
إشارة وأتفه علاقة. لأنْ السبب نفسه؛ عندما يحضر لمرة واحدة؛ يستحوذ على 
انتباه الذهن ويمنعه من الالتفات للمواضيع الأخرى: مهما تكن قَوة علاقتها 
بموضوعنا الأول. لأن المخيلة تمربسهولة من الأهكار الغامضة إلى الأشكار الواضحة: 
4 حين تمر بصعوبة من الأفكار الواضحة إلى الأشكار الفامضة. [41] | ذ ترفد 
العلاقة 4 الحالة الأولى؛ بمبدأ آخر, يتم اعتراضها به نفسه 2 الحالة الثانية. 

لقد لاحظت الآن أن ملكتي الذهن هاتين: المخيلة والهويّة: تساعدان 
بعضهما 4 شغلهماء عندما يتشايه تزوعهماء وعندما تشغلان الموضوع نفسه. حيث 
يملك الذهن على الدوام نزوعاً للانتقال من الهوى إلى آي هوى آخر متعلق به. 
ويتسارع هذا النزوع عندما يكون موضوع الهوى الأول متعلّق بموضوع الهوى 
الآخر. حيث يتّحد الباعثان بعضهما مع بعض ويجعلان الانتقال بكامله أكثر 
نعومة وسهولة. لكن إذا كان ينبفي أن يتم هذا الانتقال؛ بينما تستمر العلاقة 


-1۳۹- 


الفكريّة. بقول سديدء على حالهاء فإِنْ تأثيرها ف التسبّب بانتقال المخيّلة. لن 
يأخذ مجراء. كذلك من الواضح أنّ تأثيرها على الهوية سوف يتوقف أيضاء لأنّه 
يعتمد بالكامل على ذلك الانتقال. وهذا هو اا كون الرُّهوٌ أو الضعة لا 
يتحول إلى المحبّة أو البغضة بالسهولة نفسهاء التي تتغير فيها الأهواء الأخيرة 
إلى السابقة. فإذا كان الشخص أخي فإنني أخوه بالمثل. لكن على الرغم من أن 
هذه العلاقات متبادلةء فإتها تملك آثاراً مختلفة جداً على المخيلة. فالممر ناعم 
ومفتوج من تال آي شحم ماق بنا إلى تمل أنفسناء التي نعيها على مدار 
الساعة. لكن عندما تتوجه الآثار الوجدانيّة لأنفسنا لمرة واحدة: فَإنّ الواهمة لا 
تمر بالسهولة نفسها e‏ الموضوع إلى أي شخص آخرء مهما يكن وثيق 
الصلة بنا. وهذا الانتقال السهل أو الصعب للمخيّلة يشثْل الأهواء؛ ويسهّل أو 
يعيق انتقالهاء الأمر الذي يشكل برهاناً واضحاً أنْ هاتين الملكتين: الهوية 
والمخيّلة. متصلتان مع بعضهماء وأنْ الملاقة الفكرية تملك تأثيراً على الآثار 
الوجدانيّة. وعلاوة على التجارب التي تفوق الحصر والتي تثبت هذاء نجد هناء 
أن تاثير العلاقة المعتاد على الهويّة: ہے نقلنا من هوی إلى آخر يعاق حتى لو بقيت 
على حالهاء وأعيق يق تأثيرها على الواهمة 2 إنتاج تداع أو انتقال الأفكار بواسطة 
آي ظرف معين. 

ريما يجد البعض تناقضاً بين هذه الظاهرة وظاهرة التعاطف. حيث يمر 
الذهن بسهولة من الفكرة عن أنفسنا إلى الفكرة عن أي موضوع آخر متعلق بنا. 
لكنُ هذه المشكلة سوف تزول» إذا اعتبرنا ا شخصنا الذاتي 2 ظاهرة التعاطف 
ليس موضوعاً لاي هوىء ولا يوجد أي شيء يثيّت انتياهنا [ ٩۲‏ ] على أنفسنا 
كما يوجد كذ القضية الحالية. حيث يُقترض أن نتفمل الهو أو بالضعة. كما أن 
أنفسنا ب2 حقيقة الأمر لا تعتبر شيئاء بالاستقلال عن الإدراك الحسي بكلٌ 
موضوع آخرء ولهذا السبب سنوجه أهتمامنا إلى المواضيع الخارجية. ومن جهة 
أخرى من الطبيعي لنا أن نتمعن بانتباه كبير 4 هذه المواضيع التي تتموضع 
متاخمة لنا أو تشيهنا. لكن عندما تکون النفس موضوع هوى ماء فليس من 
الطبيعي أن نوقف التأمل بهاء حتى يُستنفد الهوى. ‏ الحالة التي تتوقف فيها 
العلاقات المزدوجة الانطباعية والفكرية عن الشفل. 

غا 


التجربة السابعة: دعونا نصنع تجربة جديدة. حتى تختبر هذا الاستدلال 
بكامله 4 محاكمة أكثر رقياً من المحاكمة السابقةء ويما أنّنا قد رأينا للتوّ آثار 
الأهواء والأطكار المتعالقة. دعونا نفترض هنا تطابق الأهواء على طول الخط مع 
العلاقات الفكريةء ولنتأمل آثار هذا الحالة الجديدة. من البين أنّ انتقال الأهواء 
هنا من الموضوع الأول إلى الآخر. متوفّع 4 حدود المعقول: إذ ما يزال مفترضاً 
استمرار العلاقة الفكريّة. كذلك لأنْ تطابق الانطباعات سوف يولّد صلة أقوى 
من الصلة التي يولّدها أقصى تشابه يمكن تخيله. لذلك إذا قدرت العلاقة 
المزدوجة الانطباعية والفكرية على توليد انتقال من الأول إلى الثاني فسيكون 
تطابق الانطباعات مع العلاقات الفكرية أكثر بكثير. تبعاً لذلك نجد قلَّة استمرار 
الأهواء ضمن حدودها الأولى عندما نحبٌ أو نبغض آي شخص. بل إِنّها تمد 
ذواتها اتجاه كلّ المواضيع المجاورةء وتشمل آصدقاء وأقرياء الشخص الذي نحبّه 
أو نبغضه. فلا شيء أكثر تلقائية من إظهارنا لطافة لأخ على آساس صداقتنا 
للأخ الآخر. من دون أي فحص لشخصيته. مثلما يمنحنا شجار مع شخص واحد 
بفضاً لكامل العائلة, على الرغم من أنّها بريئة بصورة كاملة من ذلك الذي كدرنا. 
ويمكن الالتقاء بحالات من هذا التوع 4 كل مكان. 

لكن توجد مشكلة واحدة 4 هذه التجرية؛ سيكون من الضروري أن نعللهاء 
قبل أن نمضي قدماً. فمن الواضح» على الرغم من مرور الأهواء السهل من 
موضوع إلى آخر مرتبط بهء أنْ هذا الانتقال يصبح أكثر سهولة, عندما يتقدم 
الموضبوع الأعظم قيمة قيمة 4 البداية؛ ويتبعه الموضوع الأقل قيمة. بالمقارنة مع 
الإطيع: + عندما بقلب هذا الترتيب» ويأخذ الموضوع الأقل قيمة قصب السبق. 
لذلك تن تعتبر محيتنا للابن على أساس محبتنا للأب أكثر تلقائية. من أن تحب 
الأب على أساس محبتنا الابن؛ وآن تحب الخادم على أساس محبة السيّدء من أن 
نحب السيّد على أساس محبة الخادم» [ ٩۳‏ ] وأن نحب الرعيّة على أساس 
محبة الأمير: من أن نحب الأمير على أساس محيّة الرعيّة. وبطريقة مماثلة تعقد 
بسهولة كبيرة بفضاً ضد المائلة بكاملهاء عتدما يكون شجارنا الأول مع زعيمهاء 
أكبر مما لو انزعجنا من الابن أو من الخادم أو من عضو أقَلٌ مرتبة. باختصارء 
تنحدر أهواؤناء مثلما تتحدر المواضيع الأخرىء بسهولة أعظم مما لو كانت ترتقي. 

-141- 


وحتى نفهم ما الذي تتركب منه صعوبة تفسير هذه الظاهرة؛ يجب أن 
نعتبر أنّ السبب ذاته. الذي يجعل مرور المخيّلة من المواضيع البعيدة إلى القريبة. 
سهلاً على نحو أكبر من مرورها من المواضيع يع القريبة إلى البعيدة ؛ يجعلها بالمثل 

تغير الموضوع الأقلّ بالأعظمء بسهولة أكثر من تغييرها الأعظم بالأقل. لأنّ 
ملاحظة الموضوع صاحب التأثير الأعظم. كاتناً من كان: تكون أعظم ما يكون. 
وكائناً من كان ذلك الذي تت تتم ملاحظته بأعظم ما يكون: ٠‏ فهو من يقدم نفسه 
للمخيلة بأعظم سهولة ممكنة.كما أثّنا عرضة لأن نسهو عما هو زهيد 2 أي 
مبحث كان أكثر مما نكون مع ما هو عظيم الشآنء وخصوصاً إذا حاز الأخير 
قصب السبق» وشن انتباهنا أولاً. لذا إذا ما دقعنا حادث ما لتأمل الأقمار 
السيارة لكوكب المشتري: فإِنّ مخيلتنا محدّدة تلقائياً لتكوين فكرة عن ذلك 
الكوكب» 2 حين إذا ما تأمانا الكوكب الرئيس أولاًء فالأكثر تلقائيّةٌ لنا أن نسهو 
عن اتباعه. كذلك ينقل ذكر أقاليم آي سلطان فكرنا إلى عرش السلطنة؛ لكن 
الواهمة لا ترد بالسهولة ذاتها إلى تأمل الأقاليم. كما تحملنا فكرة الخادم على 
التفكير بالسيّدء وتحمل فكرة الرعية فكرنا إلى الأمير. لكن العلاقة ذاتها لا 
تملك تأثيراً متساوياً 4 حملنا على العودة ثانية. ويتأسس على هذا تبكيت 
كورنيلا” 00801151114 لأبنائهاء بأن يخجلوا لأنّها ستعرف بلقب ابنة سيبو 
501810: أكثر مما ستّمرف بلقب أمّ غراتشي 684600111. وكان هذاء بعبارة 
آخری» تحريضاً لهم على أن يجعلوا من آنفسهم» رجالاً ماجدين ومشهورين مثلما 
كان جدهم. وإلاً فإن مخيلة الناس المارّة منهاء هي التي تتموضع ‏ الوسط بين 
علاقتين متساويتين بين الجن والأحقادء ستتركهم دوماًء وتلفّب الام باللقب الأكثر 
اعتباراً والأعظم شأناً. ويتاسّس على المبدأ نفسه العرف الشائع 4 حمل 
الزوجات لأسماء آزواجهن, أكثر من أن يحمل الأزواج أسماء زوجاتهم. كذلك 
أيضاً طقوس إعطاء الأسبقيّة سبقية لاؤلتك؛ الذين نحترمهم و نتشرف بهم. ومن الممكن 
أن نجد حالات أخرى كثيرة تو كد هذا المبدأ؛ إذا لم يتوضح بشكل كاف للتو[ 44]. 


(1) لم نوفق ب العثور عاى ترجمة هذه الشخصيات كورنيلا وسيبو وغراتشي . (المترجم). 
اي 1ت 


تلاقي الواهمة السهولة نفسها 2 المرور من الأقلّ إلى الأعظم: مثلما من 
البعيد إلى المجاورء وطالما أنّ ذلك كذلك. لماذا لم يساعد هذا الانتقال السهل 
للأفكار؛ انتقال الأهواء ے الحالة السايقة. مما ساعدها ف الحالة اللاحقة, 
حيث تولّد فضائل الصديق أو الأخ المحبّة أولاً ومن ثم الرّهو؟ لأنّ المخيّلة بے تلك 
الحالة تمر من البعيد إلى المجاورء بالتوافق مع نزوعها. ولا تولّد فضائلنا 
الخاصة الزّهو أولاً ومن ثم محية الصديق أو الأخ؛ لأنْ المرور © تلك الحال 
سيكون من المجاور إلى البعيد وهذا مناقض لنزوعها. لكن لا تسبب محبة أو 
بفضة من هو أدنى 2# الرتبة. من فوره آي هوى اتجاه من هو أعلى لك الرتية, 
على الرغم من أن ذلك يمثل النزوع التلقائي للمخيكة؛ بينما تسيب محبة أو بغضة 
من هو أعلى 4 الرتبة هوى اتجاه من هو أدنى 2 الرتية: على النقيض من 
نزوعها. باختصارء لا تشتفل سهولة الانتقال نفسها بالطريقة ذاتها على المتفوق 
والمتدنيء كما على المجاور والبعيد. ويبدو أنّ هاتين الظاهرتين على طري نقيض 
وتتطليان بعض الانتباه للتوفيق فيما بينهما. 

لقد تم انتقال الأفكار هنا على نقيض نزوع المخيلة الطبيعيء وإذ ذاك لأن 
تلك الملّكة قد تم قهرها بمبدأ قوي من نوع مختلف» ويما أنه لا يحضر شيء على 
الإطلاق أمام الذهن إلا الانطباعات والأفكارء فلا بن أن يتموضع هذا الميدا 
بالضرورة 2 الانطباعات. أما الآن: ققد لوحظ أن الانطباعات أو الأهواء على 
اتصال من خلال تشابهها فقط؛ وأنّه حيثما وضع هويان الذهنّ بذ الوضعيّات 
نفسهاء أو 4 وضعيّات متشابهةء فمن الطبيعي جداً أن يمر الذهن من وضعيّة 
إلى أخرىء أما 2 الحالة المناقضة: فإِن النفور فيما بين الوضعيّات يولد صعوبة 
ل انتقال الأهواء. لكنّ من الملاحظه أنّ هذا النفور يتشأ من الفرق 4 الدرجة 
كما 2 النوع: وأننا لا نعاني صعوية أعظم 4 المرور فجأة من درجة صغيرة من 
المحبّة إلى درجة صفيرة من البفضة: أكثر من المرور من درجة صغيرة إلى درجة 
عظيمة لآي من هذه الوجدانيات. مثلاً يختلف وبشكل كبير أي رجل يكون بذ 
حالة سكينة أو اضطراب معتدل. بے كل لمحة؛ عنه ذاته عندما يضطرب بهوى 
عنيف؛ حيث لا يوجد رجلان يقدران على أن يكونا أكثر اختلافاً منه. ولیس من 
السهل أن تمر من هوى متطرف إلى آخر؛ من دون آن تفصل بينهما مسافة كبيرة. 

i سكا‎ 


ليست الصعوبة أقلء إن لم تكن بالأحرى أعظم» ب4 المرور من الهوى 
الشديد إلى الضعيف. منه 2 المرور من الضعيف إلى الشديد؛ [ ٠١‏ ] بشرط أن 
يدمر الهوى الأول الهوى الآخر ما إن يظهر وأن لا يوجدا كلاهما ب الوقت 
نفسه. لكن القضيّة تتغير بالكامل. عندما يتوحد الهويّان مع بعضهما ويشمّلان 
الذهن 4 الوقت نفسه. فعندما ينضاف هوى ضعيف إلى هوى شديد لا يصنع 
تغيّراً كبيراً ‏ الموقف» مثلّما يحدث عندما ينضاف هوى شديد إلى ضعيف» 
والسبب 4 ذلك وجود صلة آقرب بين الدرجة العظيمة والصغيرةء أكثر مما بين 
الدرجة الصفيرة والعظيمة. 

وتعتمد درجة آي هوى على طبيعة موضوعه» فالوجدان الموؤجه لشخص 
محترم 4 أعينناء يملأ ويملك الذهن؛ أكثر بكثير من وجدان يملك شخصاً 
كموضوع له؛ نقدره بأهمية أقل. ومن ثم يعرض التناقض القائم بين نزعات 
المخيّلة ونزعات الهويّة نفسه هنا. فعندما نوجه فكرنا إلى موضوعين أحدهما 
كيير والآخر صفغيرء فَإِن المخيلة تجد سهولة أكبر ‏ المرور من الصفير إلى 
الكبير. منها 4 المرور من الكبير إلى الصفير لكن الوجدانيّات تجد صعوبة 
أعظمء ويما أن الوجدانيّات ذات مبدأ أقوى بكثير مما للمخيّلة فلا عجب أن 
تهيمن عليهاء وأن تسحب الذهن لصفّها. وعلى الرغم من صعوية المرور من فكرة 
شيء عظيم إلى فكرة شيء ضئيل: فان الهوى الموجّه إلى السابق؛ يولّد دائماً هوى 
مماثلاً تجاه الأخير. عندما يرتبط العظيم والضئيل مع بعضهما. ففكرة الخادم 
تنقل فكرنا بسرعة عظيمة إلى السيد؛ لكن بغضة أو محبة السيّد تولّد بسهولة 
أعظم الغضب أو انشراح الصدر اتجاه الخادم. إذ يأخذ الهوى الأعظم 4# هذه 
الحالة الأسبقية؛ بالتالي إضافة الأضعف لا تصنع تفيراً كبيراً 2 الوضعيّة, 
ويصير المرور بذلك أكثر سهولة وتلقائية فيما بينهما. 

وجدنا © التجربة السابقة أن العلاقة الفكريّة. التي تتوقف عن إنتاج 
أثرها المعتاد 4 تسهيل انتقال الأفكار؛ بسبب آي ظرف معين» تتوقف بالمثل عن 
تشغيلها للأهواءء وعليه نجد ب التجرية الحاليّة الخاصيّة ذاتها £ الانطباعات. 
فعندما تتعالق درجتان مختلفتان من الهوى نفسه بيعضهما تعالقاً أكيداً: وتحضر 
الصغرى أولاً. فإتها تميل قليلاً. أو لا تميل أبداً لتقديم الدرجة الأعظم؛ وذلك 


ات 


لأنّ إضافة العظيمة على الصغيرة قتج تفييراً محسوساً به المزاج. أكثر مما 
تحدث إضافة الصغيرة إلى العظيمة. وعندما توزن هذه الظاهرات كما ينبفي. 
َإِنُها ستكون براهين مقنعة على هذه الفرضيّات.[ ٩1‏ ] 

وسيتم تأكيد هذه البراهينء إذا ما تأملتا الطريقة التي يوفق بها الذهن 
هنا فيما بين التناقضات» التي لاحظتها بين الهويّة والمخيلة. فالواهمة تمر 
بسهولة أكبر من الأقلَ إلى الأعظم؛ منها من الأعظم إلى الأقل. 4 حين على 
النقيض من ذلك» يولّد هوى عنيف هوى واهناً بسهولة أكبر مما يولّد فيها هوی 
واهن هوى عنيفاً. وي هذا التعارض تهيمن الهُويّة 2 النهاية على المخيّلة: لكن 
عادةٌ من خلال مطاوعتهاء ومن خلال استجداء كيفيّة أخرى. تعادل ذلك المبدآ 
الذي نشا منه ذلك التعارض. فعندما نحب الأب أو سيّد العائلة. قلّما نفكر 
بأطفاله أو خدمه. لكن عندما يتواجد هؤلاء الأشخاص معناء آو عندما يكونون 
4 نطاق قدرتنا على خدمتهم. إن القرب والمجاورة 4 هذه الحالة تزيدان من 
عظم شأنهم أو على الأقل تزيحان ذلك التعارض. الذي تصنهه الواهمة لعرقلة 
انتقال الوجدانيّات. فإذا وجدت المخيّلة صعوبة 2 المرور من الأعظم إلى الأقل؛ 
فإِنُها تجد سهولة مكافئة 2 المرور من البعيد إلى المجاورء الأمر الذي يجعل 
المسألة بك حالة توازن؛ ويترك الطريق مفتوحاً من الهوى الأول إلى الآخر. 

التجرية الثامنة: لقد لاحظت أن الانتقال من المحبّة أو اليغضة إلى الهو 
أو الضعة؛ أكثر سهولة منه من الهو أو الضعة إلى المحبة أو البغضة:؛ وأنْ 
الصعوبة التي تجدها المخيلة 2 المرور من المجاور إلى البعيد؛ إنما هي السبب 4 
ندرة امتلاكنا لأي مثال عن الانتقال الأخير من الوجدانيّات. لكي سأقوم 
باستثناء واحدء كيفما اتفق: وهو: عندما يتموضع سبب الزهو والضعة ذاته على 
شخص آخر. لأنّ المخيلة 4 تلك الحالة. مضطرة إلى تأمل الشخصء وليس 
متاحاً لها أن تحصر وجهة نظرها بأنفسنا. لذلك لا شيء يولّد اللطف والأثر 
الوجداني ب أي شخص. بسرعة أكبر من استحسانه لسلوكنا وخلقتاء ومن جهة 
أخرى؛ لا شيء يلهمنا ببغض شديد أكثر من ملامته أو ازدرائه. ومن الواضح هنا 
آن الزهو أو الضعة هو الانفعال الأصلي؛ الذي يتخذ من النفس موضوعاً لهء وأنّ 
هذا الهوى إِنّما تحول إلى المحبة أو البغضة, التي تتخذ من شخص آخر موضوعاً 


ھک رسالة في الطييعة م - ٠١‏ 


لهاء على الرغم من القاعدة التي أسستها للتوؤ والتي تقول: تمر المخيّلة بصعوية 
من المجاور إلى البعيد. لكن الانتقال 4 هذه الحالة لم يكن فقط على أساس 
العلاقة بين أنفسنا والشخص, بل لأنْ الشخص نفسه هو [ 47 ] السبب الحقيقي 
لهوانا الأوّل: وبالمحصلة متّصل به بشكل حميم. إذ إن استحسانه هو الذي ولد 
الزهوّ كما ولد استهجانه الضعة. فلا عجب إذن أن تعود المخيلة ثانيةٌ مصحوبة 
بالأهواء ذات العلاقة كالمحبّة والبفضة. وهذا ليس تناقضاً بل استثناء للقاعدة 
واستشاء ينشاً مع القانون ذاته من العلّة نفسها. 

ويعتبر استثناء كهذا بالأحرى تأكيداً للقاعدة. وفعلاً إذا ما تأملنا التجارب 
الثمانية التي قد شرحتهاء سنجد أن المبدأ نفسه يظهر 2 كل منهاء وهو أن 
الانتقال الناشئ عن العلاقة المزدوجة الانطباعيّة والفكريّة؛ إِنْما يتونّد عنه الزُهوٌ 
والضعة المحبّة والبفضة. ولا يولد موضوع من دون علاقة أو مع علاقة لكنها 
أحاديّة(" أبداً أياً من هذه الأهواء؛ ما وجدنا أنّ الهوى يتنوع دائماً بالتطابق مع 
العلاقة. لا بل استطعنا أن تلاحظه آنه عندما لا تملك العلاقة. بسيب آي 
ظرف معيّن. أثرها المعتاد 2 توليد الانتقال سواء فكرياً أو انطباعيًا"؟ فَإنّها 
تتوقف عن تشغيل الأهواء. وعن إثارة الهو والمحبّة, الضعة والبغضة. كما وجدنا 
أن هذا القانون ما يزال صالحا حتى عند ظهور نقيضه؛ وكما تم تجريب 
العلاقة مراراً من دون آثرء حيث وجدنا عند الفحص أنّها تنطلق من ظرف 
مخصوص يمنع الانتقال؛ لذلك حتى 2 الحالات؛ التي لا يمنع فيها ذلك الظرف 
الانتقال» رغم حضوره: وجد أنه يثار من ظرف آخر يعادله. وهكذا لا تحلّ 
التقویعات أنفسها 4 مبدأ عام فقطء بل حتى تنويعات هذه التنويعات. 


)١(‏ التجرية الأولى 

(۲) التجارب الثانية و الثالثة. 
(؟) التجرية الرابعة. 

(4) التجرية السادسة. 

(0) التجارب السابعة و الثامنة 


41 





الفصل الثالث 
مشاكل محلولة 


يبدو الدخول 4 فحص متأن لكل آسباب المحبّة والبغضة من غير داع؛ بعد 
كل هذه البراهين الكثيرة التي لا ريب فيهاء والمشتقة من الخيرة والملاحظة 
اليوميّة. لذلك سأوظف تتمّة هذا الجزءء أولاً: 4 إزاحة بعض [ 48] الصعوبات 
المتعلّقة بالأسباب الخاصة بهنه الأهواء وحدها. ثانياً: 4 فحص الآثار الوجدانيّة 
المركبةء والتي تنشأ عن خلط المحبة والبفضة مع انفعالات أخرى. 

يتناسب اكتساب أي شخص للطفنا أو تعرضه لعداوتتاء مع ما نتلقاه مته 
من لذة أو إزعاج: وتتماشى الأهواء بصورة دقيقة مع الاحساسات 4 جميع 
تغيراتها وتنويعاتهاء ولا شيء أكثر وضوحاً من هذا. ومن لا تعوزه الوسيلة ليجعل 
من نفسه مفيداً لنا أو مقبولاً مناء سواء أكان بخدماته» آم بجماله آم بإسرافه 2 
المديح؛ يصبح على يقين من ودناء كذلك من جهة أخرىء من يؤذينا أو يزعجناء 
سائراً من كان؛ لا يفشل أبدأ ب2 إثارة غضبنا أو بغضنا. فعندما تكون أمتنا بذ 
حالة حرب مع أية أمّة أخرىء نمقت أبناءها بان سجاياهم القسوة والغدر والظلم 
والعنف», لكتنا دائماً نقدر أنفسنا وحلفاءناء بأنّنَا منصفون ومعتدلون ورحماء. 
وإذا ما كان قائد أعدائنا ناجحاًء فَإنّنا نمنحه بصعوية بالغة ملمح وطبيعة 
الإنسان. بل إِنّه ساحر يتواصل مع الشياطين؛ كما شاع عن أوليفر كرومويل!!) 
Cromwell‏ ع0117) ودوق لو كسمبورغة) Duke Of Luxembourg‏ ع1 وذو عقل 


(1) (1595 1108) قائد الجيش الإنكليزي الذي قام بإعدام الملك شارل الأول ستيوارت 
(145ام) وحلّ اليرلمان وأعلن قيام الجمهورية البريطانية, لكن البرلمان أعاد الملكيّة بعيد وفاته. 
)١(‏ ام نوطق إلى ترجمة هذه الشخصية. (المتلاجم) 
خا 


دموي» يشعر باللّذة ك الموت والدمار. لكن إذا كان النجاح 4 جانيناء فإنٌ قائدنا 
يملك جميع الخاصيّات النبيلة المعاكسةء وهو نموذج للفضيلة: مثلما هو للشجاعة 
وحسن السلوك. وسندعو خيانته سياسة؛ وقسوته شرا لا بد مته 4 الحرب. 
باختصار إِما أننا سنسعى لنجد الأعذار لكل خطأ من أخطائه أو أن نشرفه 
باسم تلك الفضيلة التي تقاربه. ومن الواضح أن المتهج نفسه 2 التفكير يجري 
سے الحياة العامة. 

يوجد البعض ممن أضاف شرطاً آخر ولم يستلزم هقط نشوء الألم واللذة 
عن الشخص: بل أيضأ نشوءه عن قصد؛ مع تصميم ونيّة بعينهما. بالتالي لا 
يصبح الرجل؛ الذي جرحنا وأضرًنا مصادفة. عدواً لناء على ذلك الأساسء كما 
لا نظن أنّنا مقيدون بالامتنان لأي شخص قام بخدمة لنا بالمصادفة. إذن. إِننا 
نحكم على الأفعال من خلال التواياء وتبعاً لكونها ج جيدة أو سيئة: تصيح أسباباً 
للمحبّة أو البفضة. 

لكن يجب هنا أن نوضح. أن تلك الكيفية. اللاة أو المزعجة: والتي تنتمي 
لشخص آخرء إذا صارت ثابتة وأصيلة ‏ شخصه وطبعه. ستسبب المحبّة أو 
البغضة بالاستقلال عن النية. وإلاً فالمعرفة والتصميم مطلويان. لإثارة هذه 
الأهواء. [ 99 إمثلاً. يكون الرجل الكريه. بسبب تشوهه أو حماقته موضوعاً 
لاشمثزازناء على الرغم من عدم وجود شيء أكثر يقيناًء من أنّه لم ينو إطلاقاً أن 
يزعجنا بهذه الكيفيّات. لكن إذا لم يصدر الإزعاج عن كيفيّة ما بل من فعلء تولّد 
وتلاشى ب4 فترة قصيرة؛ فمن الضروري أن يكون هذا الفعل مشتقاً عن تبصّر 
وتصميم معينين: من أجل توليد علاقة؛ وريط هذا الفعل بالشخص بصورة وافية. 
إذ ليس كافياًء أن يكون ذلك الفعل ناشئأ عن الشخص. وأن يكون فاعله وسببه 
المباشر. لأن هذه العلاقة واهية جداً يمفردها وغير ثابتة لتكون أساساً لهذه 
الأهواء. فهي لا تصل إلى الجزء المفكّر والحسّاس ‏ الشخصء ولا تقطلق من آي 
شيء متين فيه؛ ولا تترك أي آثر خلفهاء بل تمرّ 4 لحظةء وتكون كما لو انها لم 
تكن أبداً. ب حين تُظهر النيّة 2 الجهة الأخرى؛ كيقيّات معيّنة. تستمر بعد إنجاز 
الفعل؛ وتوصله بالشخص, وتسهل انتقال الأفكار من شخص لآخر. فلا نقدر على 
التفكّر فيه أبداً من دون تآمّل هذه الكيفيّات. ما لم تكن التوبة وتغيير الحياة قد 


-1١4م-‎ 


أنتجتا تعديلاً ‏ ذلك الخصوص. حيث يكون الهوى قد تغيّر بالمثل. لذلك يعتبر 
هذا سبباً من الأسباب ف استلزام النية لإثارة آي من المحبّة أو البفضة. 

لكن يتوجب علينا أن نعتبر أيضاًء أن النيّة» بالإضافة لتقويتها العلاقة 
الفكريّة: غالباً ما تكون ضروريّة لإنتاج العلاقة الانطباعيّة: وإثارة اللّذة والكدر. 
لأنّه من الملاحظء أن الازدراء والبغضة يشكلان الجزء الأساس من الأذى. اللذين 
يظهران ‏ الشخص الذي يؤذيناء ومن دون ذلك لا يزعجنا الضرر الصرف إلا 
بالقليل المحسوس. وبطريقة مماثلة. يكون المعروف طيباً. لأنه يُطري غرورنا 
بصورة رئيسة. ولأنّه برهان على لطافة وتقدير الشخص الذي ينجزه. وإزاحة 
النيّة. تزيح الخزي ج القضية الأولى» والغرور ‏ القضيّة الأخرى؛ وبالطبع 
ستسبب نقصاً ملحوظاً ب2 أهواء المحبّة والبفضة. 

أسلّم أن هذه الآثار الناجمة عن إزاحة التصميم 4 إنقاص العلاقات 
الانطباعيّة والفكرية ليست كاملةء ولا هي قادرة على إزاحة كل درجات هذه 
العلاقات. لكتي أتساءل عندئذ, فيما إذا كانت إزاحة التصميم بالكامل قادرة على 
إزاحة هوى المحبّة أو البغضة؟ أنا متأكد من أن الخبرة تزودنا بالنقيضء إذ لا 
شيء أكثر يقيناًء من أن أولئك الرجال غالباً ما يسقطون 4 غضب عنيف من 
أجل أضرارء يقرون هم أنفسهم أنّها [ ٠٠١‏ ] بالكامل غير إرادية وعرضيّة. و 
الواقع لا يمكن لهذا الانفعال آن يكون طويل البقاء» لكنّه ما يزال كافياً لإظهار 
وجود صلة قطرية بين الإزعاج والغضب. وان تلك العلاقة الانطباعية سوف 
تشتفل مع علاقة فكريّة صغيرة جداً. لكن عندما تنقص حدة الانطباعات قليلاً 
مرة واحدة: ولا يملك الشخص عداوة طويلة البقاء على أساس أضرار اعتياديّة 
وغير إرادية لأن سجاياه تقضي أن لا حكمة 2 الاهتمام بأضرار كهذه. 

وتلاحظ لشرح هذا المذهب من خلال حالة مماثلة. نلاحظ أن الإزعاج 
الذي يصدر عن الآخر بالمصادفة: ليس وحده الذي لا يملك إلا قوة صغيرة لإثارة 
هواناء بل أيضاً ذلك الإزعاج الذي يصدر عن الواجب والضرورة المسلّم بهما. 
فالشخص الذي يملك تصميماً حقيقياً لأذيتناء غير المتطلق من البغضة 
والضفيتة. بل من العدل والمساواة؛ لا يستجر غضبنا عليهء إذا كنا عقليين, على 


-149- 


آي درجة؛ على الرغم من آنه السبب, والمسيب لمعاناتتا على حدً سواء. لذلك 
دعونا نفحص هذه الظاهرة فليلا. 

من الواضح 2 المقام الأول أن هذا الظرف ليس قاطعاً؛ وأنّهِ قلّما يكون 
قادراً على إزاحة الأهواء بالكامل» على الرغم من قدرته على تخفيفها. فكيف 
يمكن أن يكون هناك بعض المجرمين: من الذين لا يملكون حقداً تجاه الشخص 
الذي يشتكي عليهم» أو تجاه القاضي» الذي يحكم عليهم: وعلى الرغم من ذلك 
يكونون واعين لاستحقاقهم الحكم؟ بطريقة مماظةء نشير عموماً إلى خصمنا يذ 
دعوى قضائية؛ وإلى منافسنا ‏ أي عمل, كأعداء لناء رغم أنّنا سنعترف, إذا ما 
كنا سنتأمل للحظة:؛ أن دافعهم مبرر بالكامل مثل داضنا. 

ونضيف علاوة على ذلك: أننا عرضةء عندما نتضرر من أي شخص كان: 
لأن نتصوره كمجرم ولأن تّجيز براءته وحثه بصعوية بالغة. وهذا دليل واضح 
على أنْ أي ضرر أو إزعاج بالاستقلال عن فكرة الضيم» يملك ميلاً فطرياً لإثارة 
بغضناء ونا نبحث فيما بعد عن أسباب نبرر ونؤسس الهوى عليها. وهنا تلاحظ 
أنّ فكرة الأذى لا تونّد الهوى؛ بل تنشأ منه. 

بل لا غرابة © توليد الهوى لفكرة الأذى, لأنّه إن لم يفعل سيعاني نقصأ 
كبيراً تتجنبه كل الأهواء قدر الإمكان. [ [٠١١‏ إذن إزاحة الأذى تزيح الغضبه 
من دون إثبات أن الفضب ينشأ عن الأذى فقط. وأن الضرر والعدل موضوعان 
متضتادان» حيث يملك الأول ميلاً لتوليد البفضة والآخر ميلا لتوليد المحبّة. 
ويسود أحد الموضوعين ويثير هواه الخاصء تبعاً لدرجاتهما المختلفة ووجهة 
نظرنا الخاصة بنا 4 التفكير. 


|0 - 


الفصل الرابع 
علاقات المحبة 


وسيكون من الضروري أن نبينء باي معنى تتركب اللذة أو الإزعاج من 
مواضيع عديدة. وجدنا بالخبرة أنّها تنتج هذه الأهواء؛ بما أذّنا قد حددنا العلّة, 
2 عدم إثارة بضعة من الأفعال؛ التي تسيب لذة أو إزعاجاً حقيقياً: من أي درجة 
أو فقط درجة صفيرة من هوى المحبة أو البفضة تجاه الفاعلين: 

يوجدء تبعأ لانظام السابق؛ استلزام دائم لعلاقة مزدوجة انطباعية وفكرية 
بين العلّة والمعلولء من أجل توليد المحيّة أو البقضة. لكن على الرغم من أنْ هذا 
صحيح بشكل عام» فمن الملاحظ أن هوى المحبّة يمكن أن يثار بعلاقة واحدة 
فقطء إلا أنّها من نوع مختلف» أي علاقة تكون بين آنفسنا والموضوع؛ أو بقول 
أكثر صح علاقة تكون مصحوبة بكلتا العلاقتين الأخربين على الدوام. فالذي 
يتّحد بناء كائتاً من كان باي صلة كانت على يقين من حصته من محبتنا بصورة 
دائمة: بما يتناسب مع تلك الصلةء من دون أن نتقصى وراء كيفياته الأخرى. لذا 
تود علاقة الدم أقوى رابطة يمكن للذهن أن يقوم بهاء 4 محبّة الأبوين 
لأولادهم: وتتولّد درجة أقل من نفس الوجدان كلما قلت القرابة. ولا تملك رابطة 
الدم هذا الأثر لوحدهاء بل تملك أي رابطة أخرى هذا الأثر من دون استتتاء. إذ 
إّنا نحب رجال بلدنا وجيرانتا وهؤلاء الذين من نفس صنعتنا ومهنتتا وحتى 
الذين لهم نفس اسمنا. حيث تُقدّر كل واحدة من هذه العلاقات على أَنْها نوع من 
الرياطء وعلى أنّْها تقب حصة من وجداننا بلقبها. 

توجد ظاهرة أخرى مماثلة لهذه؛ وهي إثارة الصحبة؛ من دون قرابة من 
أي نوع؛ للمحبّة والاستلطاف. فعندما نتعاقد بألفة ومودة مع أي شخص؛ على 
الرغم من اننا لم نقدر على اكتشاف آي من شمائله النبيلة؛ بسبب تذبذب رفقته, 


-لهم!- 


إلا آننا لم نقدر على الامتناع عن تفضيله على الغرياء؛ الذين نقتنع بجدارتهم 
العالية اققاعاً كاملاً. [ ؟١٠‏ ] سوف تضيء هاتان الظاهرتان اللتان تدوران على 
آثار علاقتي القرابة والصحبة: كل منهما الأخرى؛ وكلتاهما ستجدان تفسيرهما 
بالميدا نفسه. 

لقد لاحظ الذين يتلدذون 2 المرافعة ضد الطبيعة الإنسانيّة؛ أنْ الإنسان 
بجماته لا يكفي لإعالة نفسه بنفسه. وأنّك عندما تُرحَي كل المعاقل: التي يملكها 
ذلك الإنسان 2 المواضيع الخارجيّة: سوف ينهار مباشرة بك يأس واكتئاب 
عميقين. ويقولون: ينطلق من هنا البحث الموصول وراء التسلية 2 الاعب والعمل 
والصيد» التي يسعون من خلالها لنسيان أنفسهم وإنعاش أرواحهم من حالة 
الذبول؛ التي سقطوا فيهاء عندما لم يؤيّدوا بانفعال ماء يكون حيوياً ومنعشاً. وأنا 
اتفق حتى الآن مع هذا المنهج 2 التفكير إذ إن الذهن الذي أملكه لا يفي. من 
ذاته. بحاجته الخاصّة من التسليةء ولذلك من الطبيعي أن يسعى وراء مواضيع 
غريية عن طبيعته؛ تولّد أحساسات متوتبة تحرك الأرواح؛ ليستفيق عند ظهور 
مواضيع كهذه, كما لو أنه بے حلم؛ حيث يتدفق الدم بمدّ جديدء ويتحمّز القلب. 
ويكتسب الإنسان بكامله زخماً لا يقدر على التمكن منه © لحظاته الهادئة 
والمتعزلة. ومن هنا تُبهج الصحبة إبهاجأ تلقائياً. مثل حضور أكثر المواضيع حيويّة 
من بينها كلهاء وهو الكائن المفكْر العقلي من أمثالناء الذي يوصل لنا كل أفعاله 
الذهنيّة؛ ويُعلمنا بخفايا أعمق عواطفه ووجدانيّاته؛ ويُطلعنا على كل انفعالاته. 
التي تتوند عن أي موضوع, يذ لحظة ولادتها ذاتها. وكل فكرة حيويّة. تعتبر فكرة 
طيبة. ولاسيما الفكرة عن أي هوى. لأنْ فكرة كهذه تصير هوى من نوع ماء وتثير 
الذهن بصورة محسوسة أكثر مما تفعل أي صورة أو مفهوم آخر. 

وما إن يتم الاعتراف بصحة هذا حتى يسهل كلّ ما تبقى. إذ طالما تمتعنا 
صحبة الغرياء لوقت قصيرء لإنعاشهم تفكيرناء فَإِنْ رفقة أقارينا و أصحابتا 
ستكون ممتعة بصورة غريبة. لأنّها تملك هذه الأثر بدرجة أعظم» ولأنُها ذات 
تأثير طویل البقاء. 

تتم أفهمة آي شيء يتعلّق بنا بكيفيّة حيويّة بسبب الانتقال السهل من 

ذواتنا إلى الموضوع ذي العلاقة. 0 شروع العقل» 


دلاهات 


وتقوي من أفهّمة أي موضوع. وتُعتبر القضية الأولى.إذن: ممائلة لاستدلالاتنا 
بقانون العلّة والمعلولء والثانية مماثلة للتعلّم. ويتّحد التفكير والتعلّم فقط 2 إنتاج 
فكرة قويّة وحيويّة عن آي موضوع؛ وتعتبر هذه الكيفيّة, الكيفيّة الوحيدة الخاصة ' 
والمشتركة بين علاقتي القرابة والصحبة. [؟١٠]‏ ويجب لذلك» أن تكون هي 
هي الكيفيّة النافذة, التي تولّد القرأبة والصحبة تبعاً لها كلّ آثارهما المشتركة, 
وبما أنْ المحبّة أو الاستلطاف من هذه الآثار» فيجب أن يكونا بقوة و حيويّة 
التصور الذي يشتق منه الهوى. ويكون هذا التصور طيّباً بصورة غريبة, ويملكنا 
نظرة ودودة لأي شيء يتسبب بإنتاجه؛ عندما يكون الموضوع المناسب لطيفاً 
وذانيّة حسنة. 

يترابط الناس بصورة واضحة مع بعضهم تبعاً لأمزجتهم ونزعاتهم 
الخاصّة بهم وحدهم. قالرجال ذوو الأمزجة البشوشة يحبون تلقائياً البشوش, 
مثلما يحمل الجديون ودأ للجدذي. ولا يحدث هذا فقط حيثما يلحظون هذا 
التشابّه بين أنفسهم ويين الآخرينء بل أيضاً ج سياق المزاج الطبيعي: ومن خلال 
تعاطف معينء ينشا دوماً بين السجايا المتشابهة. وحيثما يلاحظون تشابهاًء انه 
يشتفل وفقاً لأسلوب القرابة. بعقد صلة بين الأفكار. وحيثما لا يلاحظونه؛ فَإنّه 
يشتغل بواسطة ميدأ آخرء وإذا كان هذا المبدآ اللاحق مشابهاً للسابق: فيجب 
فهمه كإثبات للاستدلال السابق. 

تحضرنا الفكرة عن أنفسنا حضوراً حميميًاً على الدوام: وتنقل درجة 
محسوسة من الحيويّة إلى فكرة آي موضوع آخر نرتبط به. وتتغيّر هذه الفكرة 
الحيوية إلى انطباع حقيقي بقليل أو كثير. فهذان النوعان من الإدراكات متماثلان 
على درجة كبيرة؛ ويختلفان فقط ب2 درجات القوة والحيويّة. لكن يجب أن يتم 
توليد هذا التغير بسهولة عظيمة. أن مزاجنا الفطري يزودنا بنزوع للانطباع 
ذاته. الذي نلاحظه 4 الآخرين: كما يطلقه لأقل سبب. ك تلك الحالة يحول 
التشابه الفكرة إلى انطباع؛ ليس فقط بواسطة العلاقة: وبنقل الحيويّة الأصلية 
إلى الفكرة ذات الصلة: بل أيضاً بتقديم مواد أوليّة مثلما يتم إشمال النار من 
الشرارة الضعيفة. وبما أنْ المحبّة والمودة يثوران © كلتا الحالتين من التشابه. 
فَإنّنا نتعلّم أن التماطف مع الآخرين مقبول فقط لتحريكه الأرواح عاطفياً. طاما 


ملم ط- 


أن التعاطف البسيط والانفعالات المتطابقة هي التقاطهات اتوحيدة بين القرابة 
والصحبة والتشابه. 
| يعتبر التزوع العظيم الذي يملكه الرجال للزّهوٌ ظاهرة أخرى مشابهة. 

شفالياً ما يتناقص الاشمئزاز على درجات. ليتغير 4 النهاية إلى الهوى المعاكس: 
بعد أن نكون قد عشنا وقتأ طويلاً ‏ أي مدينة كانت مزعجة لنا ب2 البدء؛ ما إن 
نتآلف مع المواضيع ونعقد تعارهاً مع الشوارع والأبنية. [ ٠١4‏ ] كما يجد الذهن 
اغتباطأ وراحة 4 استعراض المواضيع: التي اعتاد عليهاء ويفضئلها تلقائياً على 
المواضيع الأخرى: رغم أنّها قد تكون أكثر قيمة 2 ذاتها منهاء إلا أنّه أقَلّ معرفة 
بها. كما يتم إغراؤنا بملكة الذهن نفسها للاعتقاد بالرأي الحسن عن أنفسناء 
وعن كل المواضيع التي تنتمي لنا. حيث تظهر أكثر جمالاً عند التدقيق, 
وبالمحصلة تشكّل أسباباً أكثر ملائمة للزّهو والفرور من آي أسباب أخرى. 

وليس خَطأ أن نلاحظء أثناء معالجة الوجدان الذي نحمله لمعارضا 
وأقربائناء بعض الظواهر الطريفة بوجه من الوجوه؛ والتي تصاحبه. فمن السهل 
أن نلاحظ 2 الحياة اليومية. ناقص تقدير الأطفال لعلاقتهم بأمُهم لدرجة 
عظيمة لدى زواجها الثاني وتوقفهم عن رؤيتها بالعين نفسها فيما لو أنّها 
استمرت 2 وضعية الترمل. ولا يحدث هذاء بسبب شعورهم بثقل من زواجها 
الثاني فقط. أو لأنْ زوجها أدنى منها ج المرتبة. حتى من دون آي من هذه 
الاعتبارات؛ بل لأنها أصبحت جزءاً من عائلة تانية ليس إلاً. ويحدث هذا أيضاً 
عند الزواج الثاني للأب: لكن على درجة أقل بكثير: إذ لا تنحل روابط الدم ج 
الحالة الأخيرة كثيراً كما يحدث عند زواج الأم. وتعتبر هاتان الظاهرتان مميزتين 
بذاتيهماء لكتهما أكثر تميزأ عند مقارنتهما ببعضهما بعضاً. 

لا يلزم من أجل توليد علاقة كاملة بين موضومين إنتقال المخيلة فقط من 
الأول إلى الآخر من خلال التشابه أو التجاور أو السببية؛ بل أن تعود أيضاً من 
الثاني إلى الأول بالسهوثة واليسر ذاتهما ويبدو هذا للوهلة الأولى نتيجة 
ضروريّة لا يمكن تجتبها. فإذا شابه موضوع ما موضوعاً آخرء يجب أن يشابه 
الموضوع الأخير الموضوع السابق بشكل ضروري. وإذا تسبب موضوع ما بموضوع 
آخرء كان الموضوع الثاني أثراً لسببه. ويبقى الحال نفسه # التجاور, ولذلك ريما 


همات 


يُظنء بما أن العلاقة تبادليّة دائماً. أن عودة المخيّلة من الثاني إلى الأول يجب أن 
تكون تلقائية بصورة مساوية لمروره من الأول إلى الثاني و تلقائية بے كل حال. 
لكننا سنكتشف بسهولة خطأنا من خلال فحص أكثر دقة. فعلى فرض امتلاك 
الموضوع الثاني؛ علاوة على علاقته التبادلية مع الموضوع الأول. علاقة فويّة 
بموضوع تالث» فإُنا نجد ‏ تلك الحال أن الفكرء امار من الموضوع الأول إلى 
الثاني [ ٠١5‏ ] لا يعود للخلف باليسر نفسهء رغم استمرار العلاقة على حالهاء 
بل يُدفع للاستمرار بسرعة إلى الموضوع الثالث: بواسطة العلاقة الجديدة؛ التي 
تقدّم ذاتها وتعطي نبضاً جديداً للمخيلة. أي أن هذه العلاقة الجديدة تضعف 
الرباط بين الموضوعين الأول والثاني. فالواهمة بطبيعتها ذاتها متقلقلة وغير 
ثابتة. وتعتبر على الدوام تعلق الموضوعيّن ببعضهما تعلَقاً قوياًء عندما تجد أنّ 
المرور سهل بصورة متساوية ے كلا الذهاب والإياب: أكثر مما لو كان الانتقال 
سهلاً فقط ك واحدة من هذه الحركات. إذن: تعتبر الحركة المزدوجة نوعاً من 
الرياط المضاعفء الذي يريط المواضيع ببعضها بأوثق وأعظم حميميّة ممكنة. 

لا يقطع الزواج الثاني للأمٌ العلاقة بين الولد والوالدةء وتكفي تلك العلاقة 
لتنقل مخيّلتي من نفسي إليها بأعظم سهولة ويسر ممكنين. لكن بعد أن تصل 
المخيّلة لهذه النقطة من الرؤية. تجد موضوعها محاصراً بعلاقات أخرى عديدة: 
تعترض على تقديرهاء لدرجة لا تمرف معها أيّها تُفضّل: وترتبك ف انتخاب 
الموضوع الجديد. إذ توثقها قيود مثل المنفعة والواجب نحو عائلة أخرى. وتعيق 
عودة الواهمة منها إلى نفسيء تلك العودة الضرورية لدعم الوحدة. إذ لم يعد 
الفكر مالكاً للتأرجح اللازم لكي يضعه ‏ وضع مريح بشكل تام وليسترسل ب 
ميله للتغيير. فهو يذهب 2 يسر؛ لكنه يعود بصعوبة: ويجد بهذا الانقطاع؛ أن 
تلك العلاقة تضعف كثيراً عمًا سيكون؛ فيما لو كان الممر مفتوحاً وميسرأاً من 
كلا الجهتين. 

وسنبيّن الآن أنّْ الزواج الثاني للأب لا يتسبب بهذا الأثر بالدرجة نفسها. 
إذ نجد بالتأمل ‏ ما قد تم البرهان عليه للتو أن المخيلة على الرغم من مضيها 
بسهولة من فكرة الموضوع الأقلّ إلى فكرة الموضوع الأعظم إلا أنْها لا تعود 
باليسر نفسه من الأعظم إلى الأقل. إذ عندما تنتقل مخيلتي من نفسي إلى أبي» 


-100- 


فهي لا تمرّ بسرعة منه إلى زوجته الثانية؛ ولا تمتبره مدخلاً إلى عائلة مختلفة, 
بل استمراراً لقائد تلك العائلة التي أنا نفسي جزء منها. إن تفوقه يمنع الانتقال 
السهل للفكر منه إلى قرينته؛ لكنه ييقي الممر مفتوحاً للعودة إلى ذاتي على طول 
العلاقة نفسها للولد والآب. فهو ليس غارقأ 4 العلاقة الجديدة التي كسبهاء 
لذلك تبقى الحركة المزدوجة أو خطران الفكر سهلاً وتلقائياً. [ ٠١١‏ ] ويبقى 
رياط الولد والأب محافظاً على كامل قوته ونفوذه. لاسترسال الواهمة فز هذا 
التقلب. ويجب الأ تظن الأم أن رباطها بابنها قد ضَعف. لأنّْ زوجها يملك حصّة 
فيه ويجب ألا يظن الاين كذلك أن رباطه مع أبيه قد ضّعف, لأنّ الأخ يملك 
حصية فيه فالموضوع الثالث هنا يتعلق بالأول: مثلما يتعلّق بالثانيء لذلك تذهب 
المخيلة وتعود على طولها جميماً بأعظم سهولة ممكنة. 


- 0 - 


الفصل الخامس 
تقديرنا للثروة والسطوة 


لا يحملنا شيء على تقدير أي شخص, أكثر من سلطته وخرواتهء أو 
لحملنا على ازدرائه؛ أكثرمن فقره وخسته. وبما أن التقدير والازدراء ضروب من 
المحبّة والبغضة؛ سيكون من المناسب أن نشرح هذه الظواهر بك هذا المقام. 

ولا تكمن الصعوية العظمى هنا 2 اكتشاف المبدأ القادر على إنتاج أثر 
كهذاء بل # اختيار المبدأ الرئيس والغالبء وهذا من محاسن الأمور؛ من بين 
مبادئ متعددة تُقدّم نفسها. فالغبطة التي نحيط بها ثروات الآخرين: والتقدير 
الذي نكنّه للمالكين. نتسبه لثلاثة أسياب مختلفة. الأوّل: إلى المواضيع التي 
يملكونها مثل البيوت والحدائق والعريات التي تونّد بالضرورة: لكونها رائعة 
بذواتهاء عواطف لذيذة 4 كل من يتأملها أو يستعرضها بالنظر. ثانياً: إلى توقّع 
المصلحة من الثروة والسطوة باشتراكنا © تملّكها. نالثاً: إلى التماطف الذي 
يجعلنا نتقاسم الغبطة مع أي شخص يقارينا. تُتحد كل هذه المبادئ ب توليد 
الظاهرة الحالية. فيكون السؤال: ما هو المبدا الذي يجب أن تعزو إليه هذه 
الظاهرة» من بين هذه المبادئّ على الخصوص5 

يملك المبدآ الأول وهو تأمل المواضيع الرائعة -: بصورة مؤكدة تأثيراً 
أعظم مما تصورناه للوهلة الأولى. فنادراً ما نتأمل فيما هو جميل أو قبيح: طيب 
أو كريه. من دون الانفعال باللدّة أو الكدر؛ ونكتشف هذه الأحاسيس بسهولة من 
خلال القراءة أو المحادثة؛ على الرغم من أنّها لا تظهر كثيراً # طريقتنا المتراخية 
بے التفكير عموماً.إذ يوجّه أصحاب النكتة الحديث دوماً نحو أمور تسلي المخيّلة, 
ولا يقدم الشعراء أبداً أي مواضيم؛ .إن لم تكن من الطبيعة ذاتها.[ /ا١٠]‏ فقد 

~0 


اختار السيد قيليب ومنافط2 34 شراب التفاح موضوعاً لقصيدة ممتازة. فالجعة 
لن تكون مناسبة تماماًء لأنها ليست شيئاً طيباًء لا للتذوق ولا للعين. لكنه بالتأكيد 
سيختار على أي منهما الخمرة؛ التي استطاع بلده الام أن يوفرها له كمشروب 
روحي بديع. نتعلّم من ثم؛ أن أي شيء طيّب للحواس؛ يعتبر طيّباً بالمتل للواهمة 
على درجة ماء وأنّ صورة ذلك الاغتباط التي يتم أخذها من تطبيق الشيء 
الفعلئ على الأعضاء الجسديّة, تنتقل للقكر. 

تحتنا هذه الأسياب على شمل كياسة المخيلة ضمن أسباب الاحترام. الذي 
نبديه للثروة والسطوة: لكن على الرغم من ذلك» توجد أسباب أخرى عديدة, 
تمنعنا من اعتباره السبب الوحيد أو الأساس. لأنْ أفكار اللّذة تقدر على التأثير 
بواسطة حيويتها فقطء هذه الحيويّة التي تجعلها تقارب الاتطباعات. بالتالي 
يُعتّبر امتلاك هذه الأفكار لذلك التأثير. أمراً نافلا طا ما أنّها المفضئلة 4 جميع 
الظروف. وصاحبة الميل الفطري لتصبح قويّة وحيويةء مثلما هي أفكارنا عن 
أهواء واحساسات آي مخلوق إنساني. فكل مخلوق إنساني يشيهناء يملك بذلك 
أفضليّة على أي موضوع آخر به تشغيل ال مخيلة. 

وسوف نقتتع بسهولة. علاوة على ذلك إذا تأمّانا طبيعة تلك الْلّكة, 
والتأثير العظيم الذي تملكه سائر العلاقات عليها؛ آنْ الواهمة لن تحصر نفسها 
بأفكار الحدائق أو الموسيقى أو الخمور اللذيذة: التي يتمتّع بها الرجل الغني: 
مهما تكن حيويّة وطيبة؛ بل ستمد نظرها إلى المواضيع ذات الصلة؛ وعلى 
الأخص إلى الشخص الذي يملكها. ومما يزيد الأمر تلقائيّة أكثر فأكثر؛ أن 
الفكرة أو الصورة اللادّة تونّد هنا هوى اتجاه الشخص. من خلال علاقته بالموضوع, 
حتى أنه أمر لا يمكن تجتّبه؛ لكن يجب أن يدخل الشخص ضمن المفهوم الأصلي؛ 
طاما آنه يقوم مقام موضوع الهوى المشتق. لكنّه إذا دخل ضمن المفهوم الأصلي. 
وتم اعتباره كمستمتع بهذه المواضيع الطيبة: فسيكون التعاطف بشكل أنسب 
سبب هذا الوجدانء والمبدأ الثالث أكثر قوة وعمومية من المبدأ الأول. 

أضف إلى هذا أنّ الثراء والسلطة وحدهماء يسببان تلقائياً التقدير 
والاحترام. حتى لو لم يكونا # طور الأستخدام: وبالمحصلة لا قتشا هذه الأهواء 


- 6A 


من أفكار المواضيع الطيّبة أو الجميلة؛ مهما تكن. [ ٠٠۸‏ ] ومن الصحيح أن امال 
يتضمن ضرياً من التمثيل لمواضيع كهذهء من خلال القدرة التي يوفرها للحصول 
عليهاء وبسيب تلك العلّة ما يزال مثمناً عالياً نقل هذه الصور الطيبةء التي يمكنها 
أن تثير الهوى. لكن بما أن هذا المطمح بعيد جداً؛ فالأكثر طبيعيّة لنا أن تأخذ 
موضوعاً مجاوراًء وهو الغبطةء التي توفرها هذه القدرة للشخص المالك لها. 
وسوف نفتبط بهذا أكثرء إذا اعتبرناء أن الثروات تمثّل أجواد الحياة؛ فقط 
بواسطة الإرادة التي تستخدمهاء وبذلك تتضمن طبيعتها ذاتها فكرة الشخص. 
الذي لا يمكن تأمّلها من دون ضرب من التعاطف مع أحاسيسه ومتمه. 

ونتبت هذا الأمر من خلال تأمّل؛ من الممكن أن ييدو لإرادة ماء خبيثاً 
وممحصاً جداً. فقد لاحظت توأ أن القدرة بما هي مميّزة عن استعمالهاء ما أنَّ 
لا تملك معنى على الإطلاق, أو انها ليست شيئاً آخر غير إمكان أو احتمال 
للوجودء يقترب بواسطتها أي موضوع من الواقع؛ ويؤثر بصورة محسوسة على 
الذهن. ولاحظت أيضاً أن هذا الاقتراب. بواسطة خيال الواهمة؛ يبدو أعظم 
بكثير؛ عندما نكون مالكين للقدرة؛ منه عتدما يتمتع بها الآخر, وأنْ المواضيع 2 
القضيّة السابقة تبلغ حافة الواقع؛ وتنقل تقريباً غبطة مكافئة, كما لو كانت فعلياً 
4 حوزتنا. لذلك أزعم الآن. حيثما قدّرنا شخصاً ما على أساس ثرائهء وجوب 
ولوجنا 4 عواطف المالك هذه. وأنّه من دون تعاطف كهذا لن تملك فكرة 
المواضيع البديعة؛ التي تعطيه القدرة على الإنتاج إلا تأثيراً ضعيفاً علينا. مثلاً؛ 
يترم الرجل البخيل لماله. رغم ندرة امتلاكه للقدرة: وذلك لأنّ الندرة هناك: هي 
احتمال أو إمكان استخدامه ماله 4 تحصيل ملذات ومتع الحياة. وتبدو هذه 
القدرة له وحده تامّة وكاملة. لذلك يجب أن نتلقى عواطفه بالتعاطف. قبل أن 
نملك فكرة قويّة الشدة عن هذه المتعء أو أن نقدّره بناء عليهاء 

وهكذا وجدناء أنْ المبدآ الأولء أي: الفكرة الطيّبة عن تلك المواضيع؛ التي 
يقدمها الثراء للتمتّع بها يحل نفسه بك المبدا الثالث إلى درجة كبيرة ويصبح 
تعاطفاً مع الشخص الذي نبجلّه أو نحبّه. دعونا الآن نفحص المبدأً الثاني ألا 
هو؛ التوقّع الممتع للمنفعة؛ ولئرّما هي القوة التي يمكننا أن نعزوها له بحق[9١١].‏ 

-!١8 


يتضح على الرغم من أن الثراء والسلطة تعطيان صاحبهماء دون شك 
القدرة على تقديم الخدمة لناء أن هذه القدرة لا تعتبر على قدم المساواة مع تلك 
القدرة؛ التي توفر له التسلية وإرضاء شهواته. إذ تقارب محبة الذات القدرة. 
وتشتغلان بالقرب من بعضهما بعضا ب2 الحالة الأخيرة بصورة لصيقةء لكن لكي 
يننج أثر مشابه للأثر ب4 الحالة السابقة. يجب افتراض أنّ الصداقة والنيّة 
الحسنة ترتبط بالثراء. ومن دون هذا الظرف يصعب عليتا معرفة الأساس الذي 
يمكننا أن نؤسس عليه أملتا بالمنقعة من ثراء الآخرين. على الرغم من أن لا شيء 
أكثر يقيناً من تقديرنا وتيجيلنا التلقائي للثروةء حتى قبل أن نكتشف فيها أي 
نزعة إيجابية اتجاهنا. 

لكني أمضي بك هذا قدماًء وألاحظ أنّنا لا نحترم الثروة والسطوةء عندما 
لا يظهرون ميلاً لخدمتنا فقط. بل أيضاً عندما نخرج بعيداً من نطاق فعاليتها. 
حيث لا يمكن منحها تلك القدرة: ولو افتراضاً. إذ يعامل أسرى الحرب دائماً 
باحترام يتناسب مع أوضاعهم: ويذهب الثراء بعيداً جداً 2 إصلاح وضع أي 
شخص. وإذا دخل الأصل والفصل 2 الحسبان: يبقى هذا الأمر على تقديمه لنا 
حجة من النوع نفسه. فما الذي ندعو الرجل من آجله. رجلاً كريم الأصل؛ إن لم 
يكن لانحداره من سلسلة طويلة من الأكابر الأثرياء الأقوياء. وحصوله على 
تبجيلنا لعلاقته بأشخاص نبجلّهم؟ لذلك نجد أنّ أجدادهء على الرغم من موتهم. 
محترمون لدرجة ما على أساس ثرواتهم؛ وبالمحصلة من دون آي نوع من التوقّع. 

لكن كي لا نمضي بعيدأ كأموات وأسرى حرب» حتى نجد أمثلة عن هذا 
التقدير النزيه للثراء. دعونا نلاحظ مع بعض الانتباه هاتين الظاهرتين اللتين 
تحدثان معنا 4 الحياة العامة كما 2 الأحاديث العادية. رجل7'' ذو ثروة لا بأس 
بهاء لدى دخوله 4 صحبة مع غرياء يعاملهم تلقائياً بدرجات مختلفة من 
الاحترام والاكتراث: بما يتناسب مع ما أبلغ عن ثرواتهم وشروطهم المختلفة. رغم 
استحالة طرحه لأ مشروع استحالة مطلقة؛ حتى من الممكن أنّ يرفض أي 


(1) الظاهرة الأولى (المترجم). 
- 1 


منقعة منهم. ومسافر"؟ يرحب بصحبته دوماً. ويُقايل بتهذيب. يتتاسب مع ما 
يقوله خَدّمه وعريته عنه كرجل ذي ثروة عظيمة أو متوسطة الحال. ]1١١[‏ 
باختصارء تنتظم رتب الرجال المختلفة لدرجة عظيمة بواسطة ثرواتهم. وذلك 
يتطبق على الأعلين كما على الأدنيينء وعلى الغرياء كما على المعارف. 

ويوجد حل لهذه المنازعات مشتق # الواقع من تأثير القواعد العامة. إذ 
بحكم اعتيادنا على توفع الحماية والنجدة من أصحاب الثروة والسطوة؛ وتبجيثّنا 
لهم على أساس ذلكء نمد العواطف نفسها إلى هؤلاء. الذين يماثلوتهم 2 
ثرواتهم: باستثناء الذين لا نستطيع أبداً أن نأمل بأي منفعة منهم. إذن ما تزال 
القاعدة العامة سائدة؛ بعطف المخيّلة على مدار الهوى: بالطريقة ذاتهاء كما لو أن 
موضوعها الملائم حقيقي وموجود. 

لكن لا يسري مفعول هذا المبدأ هناء وهذا ما سيظهر بسهولة: إذا اعتبرتا 
أن تأسيس مبدأ عام: ومده إلى ما وراء حدوده الخاصة. يتطلب اتساقاً مؤكداً بذ 
خبرتنا؛ وتفوقاً كبيراً لتلك الأمثلة التي تواضق القاعدة؛ وتقع فوق التناقض. إلا أن 
الحال هنا بخلاف ذلك تماماً. فمن مائة رجل ثري وصاحب سطوة قاباتهم؛ ريما 
لا يوجد واحد منهم أقدر على توقّع النفع منه. لذلك من المحال بشكل مطلق أن 
يسود آي عرف ب الحالة الراهنة. 

بناءٌ على كل ما سبق لا يبقى شيء» ليشعرنا بالتقدير للقدرة والثراء 
وبالازدراء للدناءة والعوز. باستثناء مبدأ التعاطف, الذي نلج بواسطته إلى عواطف 
الغني والفقير, ونقاسمهم ملدّاتهم وكدرهم. إذ يعطي الثراء غبطة لالكيهء وتنتقل 
هذه الفبطة إلى المشاهد عن طريق المخيلة: التي تولّد فكرة مماظة للانطباع 
الأصلي ك القوة والحيويّة. وتتصل هذه الفكرة أو الانطباع الطيّب بالمحبّة, التي 
تعتبر هوى طيباً. وينطلق من كائن واع مفكْر هو موضوع المحبّة ذاته. ويثور 
الهوى من علاقة الانطباعات هذه؛ ومن تماهي الأفكارء موافقاً لفرضيتي. 

يعتبر القيام يمسح عام للكون وملاحظة قوّة التعاطف عبر كامل الخليقة 
الحيوانيةء وسهولة التواصل بالعواطف بين كائن مفكر وآخر؛ أفضل طريقة 


)١(‏ الظاهرة الثانية (المترجم). 
- 11“ رسالة في الطبيعة م - 1١‏ 


لإصلاح ذات ما بيننا وبين هذا الرأي. وتظهر رُغبى ملحوظة بالتصاحب عند كل 
المخلوقات, التي لا تفتك ببعضها بعضاًء والتي لا تهتاج بأهواء عنيفة؛ تريطها 
ببعضها بعضاًء من دون أي منافع يمكنها أن ترتثي جنيها من وحدتها أبداً. ]١١1١[‏ 
ويبقى هذا أكثر وضوحاً 2 الإتسان, بما هو خالق للكون. ومالك لرغيى غيورة 
للمجتمع؛ والمؤهل له بجميع المزايا. فنحن لا نقدر على تشكيل رغبى؛ لا تملك 
مرجعية 4 المجتمع. فقد تكون العزلة الكاملة أعظم عقاب يمكن أن نمانيه.كما 
تذبل أي لدّة لا يتم التمتّع بها مع الأصحاب. ويصبح أي ألم أكثر قسوة وغير 
محتمل. ومهما تكن الأهواء الأخرى التي يمكن أن ننفعل بهاء الهو أو الطموح, 
أو البخلء أو الفضولء أو الثارء أو الشبق؛ فِإِنْ روحها آو المبداً المحيي لها كلها هو 
التعاطف. كما أنّها لن تملك آي قوةء لن نجردها بالكامل من أفكار وعواطف 
الآخرين. هب أن قوى وعناصر الطبيعة جميعاً تتواطاً لخدمة وإطاعة رجل 
واحد؛ وأنْ الشمس تشرق وتغيب بأمره؛ وآن البحر والأنهر تجري بمشيئته؛ ون 
الأرض تخضئر من تلقاء ذاتها عندما يكون ذلك مفيداً أو طيباً له. إلا أنه سيبقى 
بائساً حتى تعطيه شخصاً واحداً على الأقل؛ يتشارك معه بسهادته. ويتمتع 
بتقديره وصداقته. 

يمكننا أن نؤكد خلاصة هذه النظرة العامة للطبيعة الإنسانيّة بأمثلة 
معينة, تكون قوة التعاطف ملحوظة فيها بشكل كبير. ومعظم أنواع الجمال مشتّقة 
من هذا الأصلء؛ وعلى الرغم من أن موضوعنا الأول هو قطعة جامدة عديمة 
الإحساس من الادةء فَإِنّنا قلّما نهجع هناك ولا نتابع بنظرنا تأثيرها على 
الخلوقات العاقلة والحساسة. إِنْ الرجل الذي يعرض لنا منزلاً أو بناء أيا كان, 
يبدي عناية خاصة من ضمن أشياء أخرى ليلفت انتباهنا إلى ملائمة الحجرات: 
ومزايا مواقعهاء وصغر الحيز الضائع ‏ الدرج» وغرف العائلة والممرات. وفعلا 
من الواضع: أنْ القسم الرئيس من الجمال يتركّب من هذه التفاصيل. إذن تعطي 
ملاحظة الملاءمة لذة: طالما آنّها جمال. لكن باي أسلوب تعطي الملاعمة لذّةة من 
المؤكد أن مصلحتنا الخاصة ليست ف الاعتيار: ويما أن هذا جمال المتفعة: وليس 
جمال الشكلء إذا جاز القولء فيجب أن يبهجنا بالتواصل ليس إلا وبتعاطفنا مع 


= 


مالك المسكن. إذ إِنَّنا تلج داكرة اهتمامه بقوة المخيّلة وتشعر بالغبطة نفسها التي 
توجبها المواضيع 4 نفسه بصورة تلقائية. 

وتشكّل هذه الملاحظة قاعدة عامّة بامتدادها إلى الطاولات: والكراسي؛ 
والسكرتيرات» والمداخن:؛ والمدربين: والسروج: والمحاريث» وبالقعل لكلّ عمل فني: 
تقول: أن جمالها مشق بشكل رئيس من نفعهاء ]1١١[‏ ومن ملاءمتها لذلك 
الغرضٌ الذي ثجه صوبه. لكن هذه مزيةء تهمّ المالك فقطء ولا يوجد أي شيء 
غير التعاطف» يمكنه أن ينفع المراقب. 

ويتضح أن شيئاً لا يحيل الحقل أكثر جمالاً من خصوبته؛ وان ذلك يقلل 
من فرص قدرة الزينة أو الموقع على التساوي مع هذا الجمال. وتبقى الحالة على 
حالها مع أشجار ونباتات بعينهاء بالمقارنة مع الحقل الذي تتمو فيه. وأنا لا 
أعرف إلا السهل النامي بشكل كثيف بالجولق والوؤال» الذي يعتبر جميلاً بذاته 
مثل تة مغطاة بشجر الكرمة والزيتون: رغم أنه لن يظهر هكذا أبداً لشخص 
عالم بقيمة كل شجرة منها. لكن هذا جمال المخِيّلة ليس إلاء وليس له أساس 
فيما يظهر للحواس. فالخصوية والقيمة تملكان مرجعيّة واضحة ب4 الاستعمال؛ 
والاستعمال يملك مرجعيّة ‏ الثراء. والفرح؛ والوفرة التي على الرغم من انعدام 
أي أمل بالمشاركة فيهاء إلا أننا نلجها بواسطة حيويّة الواهمة. ونتشاركها مع 
المالك بدرجة ما. 

ولا توجد قاعدة 2 الرسم أكثر عقلانيّة من تلك القائلة بموازنة الملامح؛ 
ووضعها بأعظم دقة ممكنة 2 مركز ثقلها اللائق. فالملمح غير الموزون بحق بشع: 
وذلك لأنّه ينقل أفكاراً عن امتلائه بالضرر والألم. وهي أفكار مؤلة. عندما 
تكتسب بالتعاطف أي درجة من القوة والحيوية. 

أضف إلى هذاء أن القسم الرئيس من الجمال الشخصي يتألف من سمث 
الصحة ومتانة الجسم: وتركيب الأعضاء الذي يعد بالقوة والفاعليّة. ولا يمكن 
تفسير هذه الفكرة عن الجمال إلا بالتعاطف. 

ويمكن أن نلاحظ بالعموم» أنْ عقول الرجال تشكّل مرايا لبعضهاء ليس 
فقط لأنّها بعضها يعكس انفعالات الآخر فيهاء ولكن أيضاً لأنّ هذه الأشعة من 

ا 


الأهواءء والعواطف. والآراء. يتزدد صداها 2 غالب الأمرء ويدب فيها السوس 
وتنحط على درجات غير مدركة. وهكذا فن اللّذة التي يتلقاها رجل غني من 
أملاكه. إذا رآها التاظرء سيبت له لذةٌ وتيجيلاًء وعواطفه أيضأ إذا تم إدراكها 
والتعاطف معهاء زادت من لذدّة المالك: وإذا انعكست لمرة أخرى, فَإِنّها تصير 
أساساً جديداً للذة والتقدير عند الناظر. ويكل تأكيد توجد غبطة أصليّة ك 
الثروات: مشتقة من تلك القدرة التي يهبونها للتمنّع بكلُ ملدّات الحياة؛ وطاما أن 
هذه هي طبيعتها وماهيتها ذاتهاء ]١١7[‏ فيجب أن تكون المصدر الأول لكل 
الأهواء التي تنشأ منها. وإحدى هذه الأهواء الأعظم اعتباراً إِنّما هي المحبّة أو 
التقدير عند الآخرين,. الذي ينطلق لذلك من التعاطف مع لدّة المالك. لكن المالك 
يملك غبطة ثانويّة ‏ الثروات» شا عن المحبة والتقدير اللذين يحصآهما 
بواسطتهاء وهذه الفبطة ليست شيئاً آخر غير تأمّل ثان لتلك اللّذة الأصليّة: التى 
شرعت من نفسه. وتصبح هذه الفبطة الثانويّة أو الفرور واحدة من التركيبات 
الرئيسة للثرواتء والعلّة الرئيسة 4 رغبتنا بها لذواتها أو تبجيلّنا لها بط 
الآخرين. وهنا من ثم ارتداد ثالث للدّة الأصليّة, لأنّه من الصعب أن نميز الصور 
والانمكاسات لعدم وضوحها وغشاوتها. 


-154- 


الفصل السادس 
الخيريّة والغضب 


تقارن الأفكار بامتداد وصموت المادةء وتقارن الانطياعات. ولا سيما 
الانطباعات التأمليّة: بالألوان والأذواقء والروائح: والكيفيّات المحسوسة الأخرى. 
فنجد أن الأفكار لا تدين أبدأ لوحدة جامعة, إلا أنّها تتصف بنوع من عدم قابليّة 
النفوذ» تستيعد يواسطتها بعضها بعضأء وبالقدرة على تشكيل توليفة ما باقترانها 
بعضها ببعضء وئيس باختلاطها. ومن جهة أخرى تقبل الانطباعات والأهواء 
الخضوع لوحدة كليةء كما يمكن مزجها مثل الألوان مزجا تامأ مع بعضها بعضاء 
حيث يفقد كل منها نفسه؛ ويساهم فقط بتنويع ذلك الانطباع المتناسق الذي ينشآ 
عن الجميع. وتتتج عن خاصية الأهواء هذه بعض ظاهرات الذهن الإنساني 
الأكثر إثارة للفضول. 

ولدى فحص هذه الأجزاء القادرة على الاتّحاد مع المحبّة والبغضةء بدأتث 
بتحسيس؛ لدرجة ماء سوء الحظء الذي صاحب كل نظام فلسفي» ألم به العالّم. 
وعند تعليل عمليّات الطبيعة بأي فرضية معينة. ضمن عدد من التجارب: التي 
تتوافق تماماً مع المبادئ التي نسعى لتأسسيسهاء أجد عموماً ظاهرة؛ أكثر 
استعصاءاً. لا تخضع لفرضنا بسهولة. ولن نشعر بالدهشة. إذا ما حدث هذا 2 
الفاسفة الطبيعيّة. ويما أن ماهية وتركيبة الأجسام الخارجيّة غامضة جدأء 
]١١[‏ سيترتب علينا بالضرورة 4 استدلالاتناء أو بالأحرى تخميناتنا التي تتعآق 
بهاء أن نتورط بأنفسنا ج التناقضات والسخافات. لكن بما آنْ إدراكات الذهن 
معروفة بصورة تامة. وبما أنّي قد استخدمت كل الحذر الذي يمكن تخيّله 2 
تشكيل النتائج التي تتعلق بهاء فقد رغبت دوماً بإبقاء هذه التناقضات؛ التي 


-1- 


صاحبت كلّ نظام آخر واضحة. وبالنتيجة, لم تكن الصعوبة الحاضرة أمام عيني: 
بحال من الأحوال مناقضة لنظامي» بل منحرفة قليلاً عن تلك البساطة:؛ التي 
كانت تشكّل حتى الآن جماله وقوته الرئيسة. 

تتبع أهواء المحبّة والبغضة دوماًء أو تقترن بالأحرى مع الخيرية والغضب. 
ويميّز هذا الاقتران بصورة رئيسة هذه الوجدانيات عن الرّهو والضعة. لأن الهو 
والضعة انقعالات روحيّة صرفة؛ وغير مصحوبة باي زغبى» ولا تثيرنا للفعل 
بشكل مباشر. تكن المحبّة والبخضة ليستا مكتملتين 4 ذاتيهماء ولا تهجعان 2 
ذلك الانفعال الذي يتتجانهء بل تحملان الذهن إلى ما هو أبعد. إذ تتبع المحبّة 
دوماً رُغبى بإسعاد الشخص المحبوب» وصدود عن إتعاسه؛ كذلك تولّد البنضة 
رُغبى بإتعاس الشخص المكروه؛ وصدود عن إسعاده. وهكذا من الملاحظ وجود 
فرق بين هاتين المجموعتين من الانفعالات. الزّهو والضعة: المحبة والبغضة؛ 
يستحق انتباهناء إذ إِنْهما تتطابقان مع بعضهما 4 تفاصيل أخرى عديدة. 

ويتعلل اقتران الرُغبى والصدود مع المحبّة والبفضة بفرضيتين مختلفتين. 
الأولى: إن المحبّة والبغضة لا تملكان فقط سبباً يثيرهماء إي: اللّذة والألم. 
وموضوعاً تتجهان صويه؛ أي شخصاً ما أو کائناً مفكرء بل تملكان بالمثل نهاية 
تسعيان لتحصيلهاء أي سعادة أو تعاسة الشخص المحيوب أو المكروه. حيث تصنع 
كل الرؤى المختلطة ببعضها هوى واحداً فقط. إذ ليست المحبة تبعأ لهذا النظام 
شيئاً آخر غير الرغبى بسعادة شخص آخر, كذلك ليست البغضة شيئاً آخر غير 
الرغبى ببؤسه. بالتالي تؤسّس الرغبى والصدود طبيعة المحبّة والبغضة ذاتها. 
فهي ليست متلازمة فقطء بل إِنّها الشيء نفسه. 

لكن هذا يتناقض مع الخبرة بصورة واضحة. هعلى الرغم من اننا بقينا 
لا نحب أبدأ أي شخص من دون الرغبى بے سعادته؛ ولا تبغض أيّأ كان من دون 
تمتي بؤسهء [ ٠٠١‏ ] إلا أن هذه الرغيات تتشأ فقط من أفكار سعادة أو بؤس 
صديقنا أو عدوتاء التي تقدمها المخيّلة: وليست أساس للمحبّة والبغضة على 
الإطلاق. وهي العواطف الأكثر وضوحا وتلقائيّة لهذه الوجدانيّات» لكتها ليست 


(1) أعتقد آنها الفرضية الثانية » إذ أن الكاتب أغفل الإشارة إليها (المترجم). 
-- 





الوحيدة ويمكن للأهواء أن تعبر عن أنفسها بماكة طريقةء ويمكنها أن تعيش 
وقتاً طويلاً. من دون تأملنا ‏ سعادة أو تعاسة موضوعاتهاء الأمر الذي يثبت 
بوضوح أنّ هذه الرغبات ليست المحيّة والبغضة نفسهماء ولا تشكل آي جزء 
نات منهها: 

لذلك يمكتنا أن نستنتج أن الخيريّة والغضب أهواء مختلفة عن المحبّة 
والبغضة: وتقترن بها فقط؛ بواسطة بنية الذهن الأصليّه. فقد أعطت الطبيعة 
للجسد شهوات ورغبات معينه. تزيدهاء أو تنقصهاء أو تغيرها تبعاً لأحوال 
المصارات أو الأعضاءء. وتعاملت مع الذهن بالطريقة نفسها. إذ تثور 2 الذهن 
الرُغبى بسعادة أو بؤس الشخص موضوع أهواء المحبة أو البغضةء طبقاً للشعور 
الذي يستحوذ علينا بالمحبّة أو البغضة؛ وتتغير مع كل تفير لهذه الأهواء 
المتعاكسة. وإذا تأمّلنا ترتيب الأشياء هذاء بشكل مجرد نجد أنه غير ضروري. 
فالمحيّة والبغضة قد تترافقان باي من هذه الرغبات. أو قد تنقلب صلتها 
المخصوصة بشكل كامل. فإذا شاءت الطبيعةء تمتلك المحبّة أثر البغضة نفسه. 
وتمتلك البغضة أثر المحبّة نفسه. فأنا لا أرى تضاداً ب4 افتراض رغبى بتوليد 
البؤس لاحقة للمحبّة. ورغبى بتوليد السعادة لاحقة للبغضة". وإذا كان إحساسا 
الهوى والرغيى متعاكسين: فمن الجائز أن تكون الطبيعة قد غيّرت الإحساس من 
دون تغيير ميل الرغبى» وتجعلهما بواسطة ذلك مؤتلفين مع بعضهما بعضاً. 


)١(‏ إذن يرى هيوم أن المحبّة والبغضة تعتمدان على العلاقة الانطباعيّة اكثر من الخيريّة 
والغضب اللذان يعتمدان على العلاقة الفكريّة آكثر. لكنهما يبقيان من المظاهر التي تتجلى 
بها المحبة والبغضة. 
(؟) يمكن تصور نقيض القضية الطبيميّة دون الوقوع ‏ الخُلف. ‏ حين لا يمكن ذلك مع 
القضيّة الفكرية 4 النسق الاستنباطي (المترجم) 
¥ 


الفصل السابع 
الرأفة 


لقد وجدنا أنّ الرغبى بسعادة أو ببؤس الآخرين. تبعأ لما نحمله لهم من 
محبّة أو بفضة. قد تكون مزيفة 4 مناسبات عديدة. وقد تنشأ من مبادىء 
ثانويّة رغم أنّها غريزة أصليّة ومحكمّة مفروسة 4 طبيعتنا. هالشفقة اهتمام 
بالآخرين؛ والضغينة فرح لبؤسهم» من دون أي صداقة أو عداوة تسبّب هذا 
الاهتمام آو الفرح. حتى آنا نشفق على الفرياءء وهم على ما هم عليه من عدم 
اكتراث كامل بناء وإذا انطلقت عداوتنا على الآخر من الضرر أو الأذىءفهى 
ليست ضفينة؛ بقول صحيم: بل انتقام.[ 117] لكننا إذا فحصنا هذه الوجداتيّات: 
من شفقة.وضغينة. سنجد أنّها وجدانيات ثانويّة. تنشا عن وجدانيات 
أصليّة تتنوع بحسب توجه الفكر والمخيّلة. 

وسيكون من السهل تفسير هوى الشفقةء بدءاً من التعليل السابق المتعلّق 
بالتعاطف. حيث نملك فكرة حيويّة عن آي شيء يتعلّق بنا. وكلّ المخلوقات 
الإنسائيّة تتعلّق بنا بواسطة التشابه. لذلك ستلفت انتياهنا أشخاصهم 
واهتماماتهم وانفعالاتهم وآلامهم ومسراتهم بطريقة حيويّة: وتولّد انفعالاً مشابهاً 
للانفعال الأصلي» طاما أن الفكرة الحيوية ترتد بسهولة إلى الانطباع. وإذا صح 
هذا بالعموم» فيجب أن يكون كذلك 2 الحزن والشجن بصورة أكبر. لأنْهما 
تملكان دائماً تأثيراً أقوى وأكثر دواماً من آي لدد أو متعة. 

يمر مشاهد المسرحية المأساوية عبر سلسلة طويلة من الثَمّى؛ والرعب, 
والسخط» ووجدانيّات أخرى مثلها الشاعر 2 الشخوص التي أنتجها. وبما أن 
العديد من المسرحيات المأساويّة تنتهي نهاية سعيدةء مثلما لا يمكن تأليف واحدة 
ممتازة من دون بعض خيبات الرجاء فإن المشاهد سيتعاطف مع كل هذه 


-34ك- 


التفيرات» وسيتلقى الفرح الملفق مثل أي هوى آخر. لذلك ما لم يؤكّدء أن كلّ هوى 
مختلف يتواصل معنا عبر كيفية أصلية ومتميّزة. ولم يشتق من المبدا العام 
للتعاطف. المشروح أعلاهء يجب أن يبقى مجازاً القولء بأذّها كلها تقشاً من ذلك 
المبدأ. ولاستبعاد آي واحد بصورة خاصة يجب أن يظهر على أنه مجاوز لحدود 
المعقول بشكل عال. ويما نها جميعاً تظهر ‏ ذهن الشخص الأول: وفيما بعد 
تظهر 4 ذهن الشخص الآخرء وحيث أنّها تظهر. أولاً كفكرة ثم كانطباع: فالحال 
نفسه بك كل مرة, إذ يثور التحول وذقاً للمبداً ذاته. وأنا متأكد آنّ هذا المنهج ج 
التفكير سيعتبر مؤكداً على الأقلّ 4 الفلسفة الطبيعيّة أو الحياة العامّة, 

أضف إلى هذا أن الشفقة تعتمد بدرجة كبيرة على التجاورء وحتى على 
منظر الموضوع: الأمر الذي يثبت أنْها مشتقة من المخيّلة. من دون ذكر أن النساء 
والأطفال هم الأكثر تقبلاً للشفقة. طاما أنّهم الأعظم انقياداً لتلك الملكة. 
والضعف نفسه الذي يوقمهم 2 الإغماء لدى رؤية سيف مجرّدء على الرغم من 
آنه 4 أيدي أعزّ أصدقائهم؛ يجعلهم يشفقون بشكل متطرف على هؤلاء الذين 
يرزحون تحت أي عُمّى أو حزن يكون. وهؤلاء الفلاسفة الذين يشتقون هذا الهوى 
مما لا أدري من التأمّلات الحاذقة 2 تقلّيات الحظوظه [ ١١7‏ ] ومن أا عرضة 
للتعاسات نفسها التي نشاهدهاء سيجدون أن هذه الملاحظة مناقضة لهم من 
ضمن أخريات عديدةء كان من السهل إيجادها. 

يبقى هناك فقط أن نلاحظ ظاهرة بديعة جداً عن هذا الهوى: وهى أن 
هوی التعاطف بالتواصل يكتسب أحياناً شدّة من ضعف أصله. وحتى أنه يثور من 
انتقال وجدانيات: ليس لها وجود. لذلك عندما ينال شخص آي منصب جدير 
بالاحترام» أو يرث ثروة عظيمةء فإِنْ الابتهاج لفلاحه يزداد دائماًء كلما بدا أن 
إحساسه به أقل. وكلّما ازدادت رصانته ولا مبالاته التي يبديها 4 تمتعه. 
وبطريقة ممائلة؛ الرجل الذي لم تكسر نوائب الدهر شوكتهء تزداد رآفتنا به كلّما 
قل نحيبه لتصبّره. وحتى إذا امتدت تلك الفضيلة بعيداً حتى أزاحت بالكليّة كل 
إحساس بالكدر, فَإِنُها تبقى على زيادة رأفتنا به قدماً. وعندما يسقط رجل ذو 
جدارة 4 ما یتم تقديره عند العوام على آنه خطب جلل؛ نشكّل تصوراً عن 
وضعه؛ حاملين وهمنا من السيب إلى الأثر المعتاد. فندرك أولاً فكرة حيويّة عن 

-1194ك- 


حزنه. ومن ثم نشعر بانطباع عنه؛ غافلين كليّة عن عظمة ذلك الذهن؛ الذي رقعه 
فوق انفعالات كهذه؛ أو نأخذه بالاعتبار فقط إلى أن يزيد إعجابنا وحبنا وعطفنا 
عليه. ونجد بالتجرية أنّ هذه الدرجة من الهوى تتصل عادةٌ بمصيبة كهذه؛ ورغم 
أن الحالة الراهتة استققائيّة, إل أن المخيّلة تعمل حسب القاعدة العامة فندرك 
فكرة حيوية عن الهوى: أو بالأحرى نشعر بالهوى نفسه؛ بالطريقة ذاتهاءكما لو أن 
الشخص منفعل به حقيقة. وبالمبادئ نفسها نحمر خجلاً من سلوك هؤلاء الذين 
يتصرفون أمامنا بشكل أحمق؛ على الرغم من آتهم لا يظهرون آي إحساس 
بالخجلء ولا يبدون على الال وعيأ بحماقتهم. ينطلق كل هذا من التعاطفء لكنّه 
من نوع جزئي: يستعرض مواضيعه من جانب واحد فقطء من دون اعتبار للوجه 
الآخر الذي يملك التأثير المناقض؛ والذي سوف يدمّر بالكامل ذلك الانفعال؛ 
الذي نشا من المظهر الأول. 

ونملك أيضاً حالات؛ فيها عدم اكتراث وعدم حساسيّة بالمصيبة؛ الأمر 
الذي يزيد اهتمامنا بالمنكوب» على الرغم من أن تلك اللااكتراثية لا تنطلق من 
أي فضيلة أو شهامة. بل إِنّها تهويل لجريمةء ارتكبت بحق أشخاص نيام ب4 أمن 
كامل؛ [ ]١١4‏ فقد لاحظ المؤرخون بسهولة أن آي أمير صغير, يقع ب الأسر بين 
أيدي أعدائه. يزداد استحقاقاً للرأفة كلما قل إحساسه بوضعه البائس. وبما أثّنا 
ملمون هنا بحالة الشخص الباليةء فإن إلمامنا هذا يعطينا فكرة حيوية وإحساساً 
بالعُمّى؛ إذ إِنّه الهوى الذي يصاحبه عموماًء وتصيح هذه الفكرة أكثر حيوية: 
والإحساس أكثر حدةٌء بسبب التضاد مع الأمن واللااكتراث؛ اللذين نلاحظهما 2 
الشخص نفسه. إذ إن تضاداً من أي نوع: لا يفشل أيداً ل التأثير على المخيّلة: 
خاصة عتدما يُقَدْمه الشخص نفسه» فالشفقة تعتمد على المخيلة بالكامل. 


)١(‏ لأحول دون أي غموضء يجب أن الاحظ, أتني حيثما أعاكس المخيلة بالذاكرة فإنني 
أعنى عموماً تلك الملّكة التى تحضر أفكارنا الباهة. وح كلّ الأماكن الأخرى: و بشكل 
خاص عتدما تُعارض بالفاهمة, أفهم أن اخلّكة ذاتهاء تستبعد فقط استدلالاتنا المرجّحة 
والأكثر جهارة - 

¥ 


الفصل الثامن 
الضغينة والحسد 


يجب أنْ نشرع الآن 4 تعليل هوى الضغينةء الذي يحذو حذو آثار البخضة, 
مثلما تحذو الشفقة حذو آثار المحبّة. والذي يمنحنا فرحاً 4 معاناة وبؤس 
الآخرين» من دون أن يصدر من جانبهم أي ذنب أو أذية. 

يحكم الرجال دائماً على أغلب المواضيع بواسطة المقارنة أكثر منه بواسطة 
قيمتها وثمنها الذاتي. لذلك قلّة قليلة هم الرجال المحتكمون للعقل 4 عواطفهم 
ومعتقداتهم» طعندما يتمعن الذهن. أو يعتاد على درجة ما من الكمالء فأي درجة 
تقصّر عنهاء تملك على الرغم من كونها تستحق الاحترام حقيقة: آثراً على 
الأهواءء مماثلاً للأثر الذي تملكه الدرجات الُعابة والسيكة. وهذه كيفيّة أصليّة 
للروح» ومشابهة ما نختبره 4 أجسادنا كل يوم. مثلاً دع رجلا يسّخن يدا ويبرد 
الأخرى. ليجد أن الماء نفسه و2 الوقت نفسه؛ سيبدو بارداً وحاراً على السواء 
تبعاً لأوضاع الأعضاء المختلفة. كما تولّد درجة صغيرة من أي كيفيّة؛ إذا تبعت 
درجة عظيمةء الإحساس نقسهء كما لو أنه أقل مما هو عليه حقيقة؛ و4 بعض 
الأحيان كانه من كيفية معاكسة. فاي ألم رقيق يتبع آلاً عنيفاًء يبدو كأنّه لا شيء. 
أو بالأحرى يصير لذَة بينما من جهة أخرى إذا تبع ألم عنيف آلا رقيقاًء فَإنّه 
يكون مزعجاً وفظيعاً بدرجة مضاعفة.[ ]1١15‏ 

ولا يقدر أحداً على الشك بهذا الأمر المتعلّق يأهوائنا وأحاسيستا. لكن قد 
تنشاً صعوبة ماء من ناحية أفكارنا وموضوعاتنا. عندما يزداد موضوع ماء أو 
ينقص أمام العين أو أمام المخيلة من المقارنة مع الآخرين. قَإِنْ صورة وفكرة 
الموضوع تبقى على حالهاء وتمتدٌ بشكل متساو ب شبكية العين وك الدماغ أو 

-إلالب. 


عضو الإدراك. وتتكسر أشعة الضوء 2 العيون» ويتقل العصب البصري الصور 
إلى الدماغ بالطريقة ذاتهاء سواء كان الموضوع السالف صغيراً أم كبيراً. حتى 
المخيلة لا تفير أبعاد موضوعها على أساس المقارنة مع الآخرين. إذن يكون 
السؤالء كيف نقدر أن نشكل من الانطباع ذاته والفكرة ذاتها أحكاماً مختلفة جداً 
تتعق بالموضوع ذاته: فتُعجّب بكبره 4 لحظة؛ وي لحظة أخرى نزدري ضآلتهة 

يجب أن ينطلق هذا التغيّر 2 أحكامناء على الأكيد من تغير 2 مفهوم ماء 
لكن بما أن التغيّر لا يتموضع 2 الانطباع المباشر أو 4 فكرة الموضوع؛ فيجب أن 
يتموضع 2# انطباع آخر يصاحيه. 

سأتناول مبدأين فقط من أجل تفسير هذه المسألة. وسوف يُفسسّر الأول 
منهما بشكل معمق فيما يقتيل من هذه الرسالة؛ ما الآخر فقد تم تفسيره للثو. 
وأعتقد أنّه من الأسلم أن يتم التأسيس لحكمة عامّة. تقول: لا يتقدم موضوع 
للحواس. ولا تتشكّل صورة # الواهمة؛ إلا أن يكونا مصحويين بانفعال أو بحركة 
.4# الأرواح متناسبة معهماء ومهما أفقدنا التعود الشعور بهذا الإحساس» وتسبب 
4 خلطنا بينه وبين الموضوع أو الفكرة. سيكون من السهل أن نفصلهما وأن 
نميزهماء بواسطة تجارب مضبوطة وحذرة. على سبيل المثال 4 حالات الامتداد 
والتعدد فقط؛ من الواضح أنْ أي موضوع عظيم. كالمحيط مثلاً: أو السهل الممتد. 
أو السلسلة الجبلية المترامية الأطرافء أو غابة عريضةء أو آي مجموعة غفيرة 
الأعداد من المواضيع: كالجيش مثلاً: أو الأسطول» أو الجمهورء نجد انها تثير 4 
الذهن انفعالاً محسوساً وأنّ الإعجاب الذي يثور لدى ظهور مواضيع كهذه. أحد 
اللدّات الأكثر حيويةء التي تقدر الطبيعة الإنسانيّة على التمتّع بها. الآن بما أن 
هذا الإعجاب يزداد أو يتقص بزيادة أو نقصان المواضيع؛ ديمكنتا أن نستنتج تبعا 
لمبادئنا السابةة”'» أن الاعجاب أثر مركب؛ يتطلق من اقتران عدة آثارء تنشا من 
كل أجزاء السيب. ]١١٠١[‏ إذ يملك كل جزء من الامتدادء وكل وحدة عددية, 


)١(‏ الكتاب ١‏ الباب ١‏ الفصل5١.‏ ( يقصد الكاتب الجزر الأول من رسالة فب الطبيعة 
الإنسانية ؛ 2 الفاهمة ؛ المترجم ) 
ANS‏ 


اتفعالاً منفصلاً مصاحباً لها. عندما يتم إدراكها بالذهن؛ ورغم أن ذلك الانقعال 
ليس طيّباً على الدوام» إلا أنه يساهم 4 توليد الإعجاب الطيّب على الدوام» من 
خلال اقترانه بالآخرين؛ ومن خلال تهييجه الأرواح إلى فسّة ذروتها. وإذا كان هذا 
مقبولاً فيما يتعلّق بالامتداد والتعداد. فَإنّنا نقدر على تقبله بلا صعوية فيما 
يتملّق بالفضيلة والرذيلة؛ ويالفطنة؛ والحماقةء وبالثراء والفقر؛ وبالسعادة 
والبؤس وبمواضيع أخرى من ذلك النوع؛ مصحوبة دوماً باتفعال واضح. 

المبدأ الثاني الذي سالاحظه هوء التزامنا بالقوانين العامة التي تملك 
تأثيراً جليلاً على الأفعال والفاهمة؛ 

كما تقبل التطبيق على الحواس عينها. فعندما تجد بالخبرة موضوعاً 
مصحوياً دوماً بآخرء فإِنّنا نطير تلقائياً إلى مفهوم الموضوع الثاني أينما ظهر 
الموضوع الأول رغم تغيره 4 الظروف الماديّة. ونشكّل فكرة عن الموضوع الثاني 
بكيفيّة حيويّة وقويّة, كما لو أننا استنتجنا وجوده بخلاصة فهمتا الأعظم ضبطاً 
وموثوقيّة. ولا شيء يمكنه أن يطلعنا على الحقيقة؛ ولا حتى حواستاء التي بدلا 
من أن تصحّح هذا الحكم المزيف» غالبا ما تسد به وتبدو كأنّها تشرّع أخطاءه. 

تقول الخلاصة التي اشتققتها من هذين المبدأين مقترنة يتأثير المقارنة 
المذكورة أعلاه. بشكل مقتضب وقاطع: يصحب كل موضوع انفعال يتتاسب ممه 
الموضوع العظيم مع انفعال عظيم» والموضوع الصغير مع انفعال صغير. لذلك 
يعني الموضوع العظيم اللاحق لموضوع صغير اتفعالاً عظيماً تالياً لانفعال صغير. 
إذن: الانفعال العظيم الذي يلحق انفعالاً صغيراً» يضبح أعظم ويثور لما وراء 
حدود نسّبه العاديّة. لكن يما آنه توجد درجة معينة من الانفعال تصاحب بشكل 
عام كل جزء من الموضوع؛ فَإنّنَا نتخيّل تلقائياً أن الموضوع يزداد بالمثل عندما 
يزداد الانفعال. ويحمل الأثر نظرنا إلى سببه بشكل معتاد. كما تحمل درجة 
معينة من الانفعال نظرنا إلى جزء معيّن من الموضوع. ولا نعتبر أن المقارنة قادرة 
على تغييّر الانفعال من دون تغيير آي شيء 4 الموضوع. إِنْ هؤلاء الملمين بالجزء 
الميتافيزيقي لعلم البصريات: والعارفين بطريقة تحويلنا لأحكام ونتائج الفاهمة 
إلى الحواس. سيفهمون بسهوئة هذه العملية كاملةًٌ[171]. 


صا ا 


لكن بتركنا هذا الاكتشاف الجديد عن الانطباع. الذي يصاحب سراً جميع 
الأفكارء يجب علينا على الأقلْ أن نجيز ذلك المبدأ؛ الذي نشا منه هذا الاكتشاف. 
والذي يقول: تبدو المواضيع أعظم أو اقل مما هي عليه بسبب المقارنة مع 
المواضييع يع الأخرى. ونحن نملك عدّة حالات عن هذا المبدأ؛ إذ من المستحيل علينا 
أن تر صبحته: لما اتی قد اشتققت أهواء الضغيتة والحسد من هذا ال ميدأ 

سنتلقىي. بصورة واضحة؛: غبطة أو كدراً؛ أعظم أو أقل؛ من التأمّل 
يشروطنا وظروقنا الخاصة؛ بما يتناسب مع ظهورها الأقل أو الأكثر حظأ أو 
تعاسةء الأمر الذي يتتاسب مع درجات الثراء والسلطة والجدارة والشهرة التي 
نظن أنّْ أنفسنا تملكها. الآن بما آنا نادراً ما نحكم على المواضيع من قيمتها 
الذاتيةء بل من تصوراتنا عنها الناجمة عن مقارنتها بمواضيع أخرىء هَإِنّ هذا 
يؤدي إلى أننا سنقوم بتقدير سعادتنا أو بؤسناء تبعاً للحصة الأقلّ أو الأكثر من 
السعادة أو البؤس التي نرقيها عند الآخرينء: ونشعر بالنتيجة بالألم أو باللدّة. 
فبؤس الآخر يزودنا بفكرة أكثر حيويّة عن سعادتناء مثلما تزودنا سعادته يفكرة 
أكثر حيوية عن بؤسنا. لذلك يولد السابق بهجة ويونّد اللاحق كدراً. 

إذن يثور # نفس المراقب هناء نوع من الشققة المعاكسة أو الإحساسات 
المناقضة؛ للشفقة والإحساسات التي يشعر بها الشخص موضوع تأمله. ونلاحظ 
بالمموم يذ كل أنواع اللقارتة: أن الوضوع يحملنا دانما على تلقيء » من موضوع آخر 
تتم مقارنته به إحساساً مناقضا للإحساس الناشى من الموضوع الآخر ذاته لدى 
معاينته من دون توسطات وبشكل مباشر. «الموضوع الصغير يُظهر الموضوع 
العظيم على أنه ما يزال أعظم. والموضوع العظيم يظهر الموضوع الصفير على انه 
أصغر. كما أن الشوه يولّد من ذاته كدراً. لكنه يحملنا على تلقي لدّة جديدة من 
خلال تعارضه مع موضوع يزداد جماله جمالاً بهذا التعارض» ومن جهة أخرى 
يحملنا الجمال الذي يولد من ذاته لذَّة على تلقي ألم جديد؛ من خلال التعارض 
مع أي شيء قبيح؛ يزيد ذلك التعارض من قبحه. لذلك ستكون الحالة ذاتها مع 
السعادة والبؤس. فا معاينة المباشرة لسعادة الآخر تعطينا دة بصورة تلقائيّة. 
ولذلك تولّد ألا عندما نقارنها بسعادتنا الخاصة. وألمه منظوراً 4 ذاته يكون مولا 
لناء لكنه يزيد من فكرتنا عن سعادتنا الخاصة ويعطينا ئذّة.[ ٠١۲‏ ] 


-ةلاا- 


ولن يظهر شعورنا بإحساس معاكس لسعادة وبؤس الآخرين ظهوراً غريباً. 
طاما ننا نجد أن المقارنة نفسها تمنحنا نوع من الضغينة على ذواتناء وتجعلنا 
نبتهج بالامناء ونغتم لملدّاتنا. وهكذا تكون صورة الألم الماضي طيّبة عندما نغتبط 
بوضعنا الحاضرء كذلك من جهة أخرى؛ تعطينا لدّاتنا الماضية كدراً عندما لا 
نتمتّع بشيء مكافيٌ لها الزمن الحاضر. وطاما أن المقارنة تبقى هي ذاتهاء 
عندما نتأمّل عواطف الآخرين مثلاً. فن الآثار التي ستصاجبها هي أيضاً ذاتها. 

بل يمكن للشخص أن يمد هذه الضغينة ضد نفسهء وحتى على حظه 
الحاضرء وأن يحملها بعيداً لدرجة أن يستجدي الكرب عمداً وأن يستزيد من 
آلامه وأحزانه. ويحدث هذا بعلتين. الأولى: عند إحباط وابتلاء صديق؛ أو 
شخص عزيز عليه. الثانية: لدى الشعور بأيْ ندامة على جريمة كان مذنباً ذيها. 
وكلتا هاتين الشهوتين الشاذتين بالشرٌ تنشآن من مبدأ المقارنة. مثلاً يشعر 
الشخص الذي غمس نفسه بك أي لدّة كانت بينما يرزح صديقه تحت الكرب. 
بكدر منعكس عن صديقه بإحساس أكبر بسبب المقارنة مع اللدّة الأصليّة التي 
يتمتّع بها بنفسه. وهذا التعارض يوجب ب2 الواقع أيضاً انتعاش اللذة الحاضرة. 
لكن بما أن المفترض هنا أن يكون الحزن هو الانقعال السائد» فكل إضافق تحال 
إلى ذلك الجانب وتبتلع فيه على الأقل من دون العمل على الوجدان المناقض. 
ويكون الحال نفسه مع تلك الأعمال التكفيريّة التي يوقعها الرجال قصاصاً 
بأنفسهم» من أجل آثامهم ونقائصهم الماضية. وعندما يتأمّل مجرم العقاب الذي 
يستحقه فَإِنّ فكرته تتضخم بالمقارنة مع غبطته ويسره الحاضران. اللتان 
تجبرانه بطريقة ما على استجداء الكدر, لكي يتجنب تعارضاً مزعجاً كهذا. 

وسوف يوضح هذا الاستدلال المنطقي أصل الحسد كما الضغينة بالمثل. 
فالفرق الوحيد بين هذه الأهواءء يتموضع 2 أن الحسد يستثار ببعض من متعة 
الآخر الحاضرة» التي تُنقص فكرتنا عن متعتنا الخاصّة من خلال المقارنة» بيئما 
الضفينة هي الرغبى غير المثارة بإيقاع الشرٌ بالآخر؛ لكي تحصد اللذة من 
خلال المقارثة. حيث تفوق المتعةء التي هي موضوع الحسدء متعتنا. إذ تظللنا 
الرضعة بشكل طبيعي؛ وتقدم لنا مقارنة كريهة. لكن حتى 2 حالة الدونيّة, فَإِننا 


-1¥o 


] 1١5 [ نظل على رغبتا بمسافة أعظم: لكي تظل الفكرة عن أنفسنا 2 ازدياد.‎ ٠ 
فمندما تنقص هذه المسافة, لا تصبح المقارنة بے صالحنا إلا قليلاء وبالمحصلة‎ 
تعطينا سروراً أقلء وحتى آله غير ممتع. من هتا تثور تلك الضروب من الحسد.‎ 
2 التي يشعر بها الرجالء عندما يدركون اقتراب مرؤوسيهم منهم أو لحاقهم بهم‎ 
مطاردة المجد أو السعادة. ويمكننا أن نرى 2 هذا الحسد آثار المقارنة مكررة‎ 
مرتين. فالرجل الذي يقارن نفسه بمرؤوسه» يتلّقى لذّة من المقارنةء وعندما‎ 
2 تنقص الدونيّة بارتقاء الرجل المرؤوس؛ إن ما كان ينبغي أن يكون نقصاناً‎ 
اللدّة فقط. يصير ألما حقيقياًء بمقارنة جديدة مع الشرط السابق.‎ 

ويعتبر من الأمور الجديرة بالملاحظةء ذلك الذي يتعلّق بالحسد» والذي 
يثور من تفوق الآخرينء حيث لا يتولّد من عدم التناسب بين ذواتنا والآخرين بل 
على العكس من قريتا لبعضنا. مثلً. لا يحمل الجندي العادي حسداً كبيراً 
للجنرال مثلما يحمل للرقيب أو للعريف. ولا يقابل كاتب رفيع الشان كتاباً 
مبتذلين وركيكي العبارة عموماً بغيرة عظيمة جداً. كما يفعل عندما يقابل مؤلفين 
يقاربونه قُرياً أكثر. ومن الممكن أن ين فعلاًء آنه كلّما ازداد عدم التناسب» 
توجب ازدياد الكدر من المقارنة. لكن من جهة أخرى نجد أنّ عدم التناسب الكبير 
يقطع العلاقة. وأنّه ما أن يحفظنا من مقارنة أنفسنا مع ما هو بعيد عناء أو 
يتقص آثار المقارنة. حيث يولد التشابه والتجاور على الدوام علاقات فكريّة. فإذا 
تدمرت هذه القيودء من ال مستحيل أن تبقى الفكرتان متصلتان طويلاًء أو أن 
تملكان أي تأثير على بعضهما؛ مهما أحضرت الحوادث الأخرى من ثائيات 
فكريّة. من دون رابطة أو كيفية واصلة تريطهما 2 المخيّلة. 

ولقد لاحظت لدى تأمل طبيعة الرجل الطموح. إحساس العظماء بسعادة 
مضاعفة ب السلطة من مقارنة وضعهم مع وضع عبيدهم» وامتلاك هذه المقارنة 
تأثيراً مضاعفاًء لأنّها تلقاتية: ومقدمة من قبل التابعين. فعندما لا تمر الواهمة 
بسهولة: عند المقارنة بين المواضيع: من موضوع لآخرء يتعطل عمل الذهن لدرجة 
كبيرة؛ وتبدأ الواهمة 2 تأمل الموضوع الثاني كما لو آنها على أعتاب جديدة. ولا 
يبدو الانطباع الذي يصاحب أي موضوع؛ أعظم 4 حالة إلحاقه بانطباع أقل من 
النوع نفسه؛ بل يتمايز هذان الانطباعان, ويولّدان آثارهما المتمايزة. من دون آي 

~1¥1- 


تواصل بين بعضهما يعضاً. [4؟١]‏ فنقص العلاقة الفكريّة يقطع العلاقة 
الانطباعيةء وبهذا الفصل تتم إعاقة تأثيرها وشفلها المتبادل. 

ونلاحظ حتى نثبت هذاء أن التقارب 4 درجة الجدارة ليس كافياً لوحده 
لإثارة الحسدء بل يجب رفده بعلاقات أخرى. فالشاعر غير قادر على حسد 
فياسوف ماء أو شاعر من نوع مختلف» من أمّة مختلفة أو من عمر مختلف. فكل 
هذه الفروق تعيق أو تضعف المقارنة: وبالمحصلة تضعف الاتفعال. 

وهذا آيضأ هو العلّة: # ظهور كل المواضيع عظيمة أو ضثيلة؛ لمجرد 
المقارتة مع تلك المواضيع التي من النوع نفسه. فالجبل لا يكر ولا يُصمّر 
الحصان يعيونناء لكن عندما يظهر حصان طوتدة1!1 فانديء مع حصان طواة؟ 
ويلزي”". مع بعضهما بعضاً؛ يظهر الأول أعظم؛ ويظهر الثاني أصغر مما لو 
ظهرا كلّ على حدة. 

ويمكننا أن نعلل بالمبد نفسه ملاحظة المؤرخين التي تقول: يختار آي فريق 
من المواطنين 4 الحرب الأهليّة: دائماً استنصار العدو الأجنبي تحت أي خطر 
كان آكثر من اختيارهم الخضوع لأمثالهم من المواطنين. وقد طبق جوسارديان 
Guiccardin‏ هذه الملاحظة يذ حروب إيطالياء حيثما الملاقات بين الولايات 
المختلفة؛ بقول صحيح: ليست شيئًاً آخر غير الاسم واللغة والتجاور. حتى إِنْ هذه . 
العلاقات. عندما تقترن بالرفعة. بجعلها المقارنة أكثر تلقائية. تجعلها بالمثل أكثر 
إيلاماً. وتدفع الرجال للبحث عن رفعة أخرى. لا تكون مصحوية بأيّة علاقة, 
لتملك بذلك تأثيراً على المخيلة قَلّما تشعر به. إذ يدرك الذهن بسرعة كبيرة 
منافعه ومضاره المتتوعة: ويجد أن وضعه سيكون أعظم كدراًء حيثما اقترنت 
الرضعة مع علاقات أخرى» لذلك يسعى وراء سكينته بأمكن ما يكون؛ بقطع هذه 
العلاقات وتحطيم تداعي الأفكار, الأمر الذي يجعل المقارنة أقل تلقائية وفاعلية. , 
وعندما لا يقدر على تحطيم التداعي يشعر برغبى أقوى 2 إزاحة الرضمة؛ وهذا 


)١(‏ يتمتع هيوم بروح الدعابة التي يشتهر بها الاسكتلنديون أبناء قومه لذلك يداعب هنا أجل 
قلندة وويلز المقاطمة الأنكليزية المعروفة. 
وت رسالة في الطبيعة م - ٠١‏ 


هو السبب 2 إغراط الرّحالة 4 مدائحهم للصينيين والفارسيين: 2 الوقت نفسه 
الذي ينضون فيه من شأن الأمم المجاورةء والتي تقف ريما على خطوة من 
التنافس مع بلدهم الأم. 

تمتبر هذه الأمثلة من التاريخ والخبرة العامة ثرة و عجيبة؛ بل إننا نجد 
أمثلة موازية 2 الفنون؛ ليست أقلّ قيمة منها. فإذا أنّف مبدع أطروحة ماء وكان 
أحد أبوابها جديا وعميقاًء والآخر خقيف الوزن [0؟١]‏ وهزلياًء فان الجميع 
سيستنكرون هذا المزيج الغريب وسيتهمونه بالتفريط # كلّ قوانين الفن والتقد. 
وقوانين الفن هذه مؤسسة على كيفيّات الطبيعة الإنسانيّة: وكيفيّة الطبيعة 
الإنسانيّة التي تستلزم ثباتاً 4 كل عمل هي التي تجعل الذهن عاجزأ عن المرور 
2 لحظة من اتقعال ومزاج إلى انفعال و مزاج مختلفين تماماً. إلا أن هذا لا 
يجعلنا نلوم السيد بريور”') 28105 N‏ لجمعه © مجلّد واحد مرییته مع سليمان 
الحكيم: رغم أنّ ذلك الشعر الجميل قد نجح نجاحاً كاملاً ب بث الحبور سے نقس 
شخص ماء كما بے بث الكآبة 4 صدر آخر. حتى إذا افترضنا أنّ قارتاً سوف 
يطارد هذين التركيبين من دون آي فاصلء فَإِنّه سيشعر بقليل من الصعوبة أو 
عدمها عندما تتغيّر الانفعالات. لماذاء إن لم يكن لاله يعتير هذين الإجراءين 
مختلفين بالكامل؛ وبهذا يقطع العلاقة الفكريةء ويقطع تقدم الوجدانيات؛ ويعيق 
الأول من التأثير أو التناقض مع الآخرة 

وإذا اتحدت رسوم هزلية وياسلة ب4 لوحة واحدة, فَإِنّها ستكون فظيعة, 
على الرغم من آنا نضع لوحتين من نمطين متعاكسين بے القاعة ذاتهاء وحتى 
أنّْنا نقرب بينهما من دون آي تحرج أو صعوية. 

باختصارء لا توجد أفكار قادرة على أن يؤثر بعضها ببعض» سواء أكان 
بالمقارنة آم بواسطة الانفمالات التي تولّدها بشكل منفصلء ما لم تتّحد مع 
بعضها بعضاً بعلاقة ماء تؤدي إلى انتقال سهل للأفكار, وبالمحصلة إلى انتقال 
للانفعالات أو للانطباعات المصاحبة للأفكار وتحتفظ بالانطباع الأول عند مرور 


(1) لم نوفق إلى ترجمة هذه الشخصية (المترجم ). 
AAS‏ 


المخيّلة إلى موضوع الانطباع الآخر. ويعتبر هذا المبدأ قَيّماً جدأً؛ لأنّه نظير المبدآ 
الذي كنا قد لاحظناه فيما يتعلّق بكلا القاهمة والهُويّة. آفترض أن موضوعين 
دما لي غير متصلين بأيّ علاقة من آي نوع. وافترض أنْ كلا من هذين 
الموضوعين يولد انقعالاً بصورة منفصلة؛ وأن هذين الانقعالين متتاقضان 
بذاتيهما. فَإِنْنا نجد من الخبرة أن نقص العلاقة بين المواضيع أو بين الأفكار 
يعيق التناقض الطبيمي بين الانفعالات: وان قطع انتقال الأفكار يزيح الوجدانيّات 
عن بعضها بعضاً؛ ويمنع تعاكسها. وتبقى الحالة نفسها مع المقارنةء ومن كلتا 
هاتين الظاهرتين يمكتنا أن نستنتج بشكل آمنء أنْ العلاقة بين الأفكار يجب أن 
تسبق انتقال الاتطباعات» طائا أن غيابها لوحده قادر على منعه. ]١١١[‏ وأن 
يفصل ما قد شفُل بعضها بعضاً تلقائياً. إذ عندما يزيل غياب موضوع أو كيفية 
أي اثر طبيعي أو عادي؛ يمكتنا أن نستنتج بشكل مؤكد أن حضوره يساهم 4 
إنتاج ذلك الأثر. 


-1¥4- 


الفصل التاسع 
اختلاط الخيرية والغخ لغضب مع الرأفة وا لضغينة 


وهكذا بذلتا جهدنا لتعليل الشفقة والضغينة. إذ يثور هذان الوجدانان 
كلاهما من المخيّلة؛ وفقاً للمبدأ الذي يضعان وفقه موضومهما۔ فعندما تتأمّل 
مخيلتنا عواطف الآخرين بشكل مباشر, وتلج فيها عميقا. فإنّها تُشعرنا بكلّ 
الانفعالات التي تستعرضها لكن بطريقة خاصّة من الحزن أو الأسف. ومن وجهة 
النظر المعاكسة: عندما تُقارن عواطف الآخرين بعواطفنا الخاصة؛ تشعر يإحساس 
معاكس مباشرة للإحساس الأصلي؛ بمعنى فرح من عَمّى الآخرين: وَغْمّى من 
فرحهم. لكن هذه هي الأسس الأولى فقط لوجدانيّات الشفقة والضفينة. وفيما 
بعد تختلط أهواء أخرى معها. حيث يوجد دوماً خليط من المحبّة أو الرّقة مع 
الشفقة؛ وخليط من البفضة أو الغضب مع الضفينة. لكن ما يجب الاعتراف به 
أن هذا الخليط سيبدو للوهلة الأولى متناقضاً مع نظامي. إذ طاما كانت الشفقة 
كدراً ناشئاً عن بؤس الآخرين, مثلما كانت الضغينة فرحاً ناشئاً عن بؤسهم أيضاء 
فان الشفقة ستولد تلقائياًء 4 كل الحالات الأخرى؛ بغضاً؛ وستولّد الضفينة 
محبّةًٌ. وأنا أسعى لرفع هذا التناقض وفقاً للطريقة التالية. 

لا تكفي علاقة واحدة لتوليد انتقال الأهواء؛ لذلك لا بن من علاقة 
مزدوجة انطباعيّة وفكريّة: من أجل إحداث هذا الأثر. إل آنا حتى نفهم كامل 
قوّة العلاقة المزدوجة. يجب أن نعتبر أن أياً من الإحساس الحاضر أو اللدّة أو 
الألم الآني وحده لا يحدد شخصية الهوى ايا كانء بل كامل نزعته أو ميله من 
البداية وحتى النهاية. ولا يتعلّق انطباع بآخر طقط عندما تكون أحاسيسهما 
متشابهة: مثلما كنأ قد افترضنا 4 كل الحالات السابقةء بل أيضاً عندما تتشابه 
وتتطابق اتجاهاتهما وبواعثهما. لكن لا يمكن لهذا أن يكون صحيحاً من ناحية 

1A1 


الزّهو والضعة: لأنها أحاسيس صرفة فقطء من دون آي اتجاه أو ميل للفعل. 
]١77[‏ لذئك سنبعحث عن أمثلة لهذه العلاقة الانطباعيّة الفريدة فقط 2 
وجدانيّات: مثل الوجداتيّات المصاحية للمحبّة والبفضة؛ بما هي متصاحبة مع 
رغبى أو شاهية معينة. 

تعتبر الخيريّة أو الشاهية المصاحبة للمحبّة. هي الرغبى بالسعادة 
للشخص المحبوب؛ والصدود عن بؤسه؛ ويمتبر الفضب أو الرغبى المصاحبة 
للبغضة, هو الرُغبى بالبؤس للشخص المكروه؛ والصدود عن سعادته. لذلك 
تكون الرغبى بالسعادة للآخر. والصدود عن بؤسه. مشابهتين للخيريّة ب حين 
تكون الرغيى ببؤسه والصدود عن سعادته مطايقتين للغضب. إذن تعتبر الشفقة 
هي الرغبى بالسعادة للآخر والصدود عن بؤسه؛ كما الضغينة هي الشاهية 
المماكسة. إذن الشفقة على علاقة بالخيريّة. ‏ حين الضغينة على علاقة 
بالغضب. ويما أثنا وجدنا للتو أنْ الخيريّة متصلة بالمحبّة, بواسطة كيفية أصلية 
وطبيعيّة: وأنٌّ الفضب متصل بالبفضة.ء تتصل آهواء الشفقة والضغينة بهذه 
السلسة مع المحبّة والبغضة. 

تأسست هذه الفرضيّة على خبرة وافية. فالرجل الذي اكتسب عزيمة على 
أداء عمل ما من آي دوافع كانت. ينتقل تلقائيّاً إلى آي دافع أو أي فكرة أخرى, 
يمكنها أن تقوي تلك العزيمة وتعطيها سلطة وتأثيراً على الذهن. ومن أجل أن 
نصمّم على آي شيءء نبحث عن دوافع تنحدر من المنفعةء و الشرف. ومن 
الواجب. بالتالي ما الغريب 2 اختلاط الشفقة والخيريّة. الضغينة والغضب 
ببعضها بعضاً كلياً. وهي الرغبات نفسها الناشئة من مبادئ مختلفة. لدرجة لا 
تكون معها قابلة للتمايزة إذ لا تترك الصلة بين الخيرية والمحبة. الغضب 
والبغضة مجالاً للصعوبة لأنّها أصليّة وبدثية. 

نقدر على إضافة تجرية أخرى إلى هذاء وهي: نشوء الخيرية والغضب: 
وبالمحصلة المحبة والبغضةء عندما تعتمد سعادتنا أو بؤسنا على سعادة أو بؤس 
شخص آخرء من دون آي علاقة أبعد من هذه. وأنا أعتقد أن هذه التجرية 
ستظهر فريدة بما يكفي لمنحنا العذر على توقفنا دقيقة لتآملها . 


-5مماك- 


افترض أن شخصين من نفس الحرفة يسعيان وراء وظيفة 2 البلدة. لا 
تقدر على استيعابهما معأء فمن الواضح أن نجاح الأول متناف بشكل كامل مع 
نجاح الآخر, وأن ما يصب 2 مصلحة أي متهما مناقض لمصلحة منافسهء وهكذا 
العكس بالعكس. افترض أيضاً أن تاجرين من التجار الكبارء رغم عيشهما ب 
أجزاء ]1١4[‏ مختلفة من العالم. يدخلان 2 شركة يتقاسمان الأرياح فيها مع 
بعضهماء حيث يصاحيهما الحظ نفسه بالضرورة: و حيث يصبح ريح أو خسارة 
أحدهما بصورة مباشرة ريحاً أو خسارة لشريكه. من ثم تتولد اليفضة #ي الحالة 
الأولى بصورة واضحة عن التناقض الدائم ب2 المصالح. بينما تثور المحبّة ا 
الحالة الثانية عن اتحادها. لذا دعونا نتديّرء ما هو المبدأ الذي يمكننا أن نعزو 
إليه هذه الأهواء. 

لا تثور هذه الأهواءد وهو أمر واضح ..: من علاقات الاتطباعات والأفكار 
المزدوجة: إذا أشرنا للإحساس الحاضر فقط. ونجد فيما يعلق بالحالة الأولى 
من المنافسةء على الرغم من أنْ لذّة وانتفاع المزاحم تسبّب بالضرورة ألمي 
وخسارتي؛ وحتى يتوازن هذاء فان أله و خسارته تسبب لدّتي وانتفاعي» وعلى 
فرض آنه غير ناجح فَإنّني أتلقى منه بواسطة هذا درجة عالية من الغبطة. 
وبالطريقة ذاتهاء نجاح الشريك يبهجني؛: لكن فشله عندكن يحزنتي بنسبة 
مكافئة, ومن السهل أن نتخيّل أن كفّة العاطفة الأخيرة ترجح 4 حالات عديدة. 
لكن سواء أكان حظ المنافس آم الشريك سيئأ آم جيداًء فَإئّني دائماً أبغض 
السابق وأحبْ اللاحق. 

ولا يمكن لمحبّة الشريك هذه أن تنطلق من علاقة أو صلة بينناء بنفس 
الكيفيةء التي حب بها أخي أو ابن بلدي. فا منافس يملك علاقة وثيقة بي مثلما 
يملك الشريك تقريباً. فكما تسبب لذّة الأخير لذتي؛ ويسبب ألمه المي» تسبب 
لذة السابق ألمي ويسبّب ألمه لذتي. إذن تبقى صلة العلّة والمعلول» هي نفسها ك 
كلتا الحالتينء وإذا امتلكت صلة العلّة بالمعلول 2 الحالة الأولىء علاقة إضافية 
بالتشابهء فَإِنُها تمتلك كذلك علاقة إضافيّة بالقاقض بط الحالة الأخرى, 
ويما أنْ علاقة القاقض من ضروب التشابه أيضاًء تصبح المسألة ‏ حالة 
التعادل المتوازن. : 

لوم 


نستطيع من ثم أن نقدم تفسيرأ وحيداً لهذه الظاهرة. مشتقاً من مبدأ 
الاتجاه الموازي المذكور أعلاه. فاهتمامنا بمصلحتا الذاتيّة يكسبنا لدَةٌ وألا بلدّة 
وآلم الشريك. تبعاً للطريقة نفسها التي نشعر بها من خلال التعاطف بإحساس 
مطابق للأحاسيس. التي تظهر عند أي شخص؛ حاضر معنا. ومن جهة أخرى. 
يحملنا الاهتمام نفسه بمصالحنا على الإحساس بألم من تلدّذ المنافس؛ ويلدّة من 
تألمه: وباختصار التناقض نفسه 2 العواطف؛ ينشأ من المقارنة والضفينة. نذلك 
طاما يمكن للاتجاه الموازي للوجدانيات, الذي ينطلق من الاهتمام بالمصلحة أن 
يثير الخيريّة أو الغضب. [ ١54‏ ] فلا عجب أن يملك الاتجاه الموازي نفسه. 
المشتق من التعاطف والمقارنة, الأثر نفسه. 

ونلاحظ بالعموم: استحالة فعل الخير بالآخرينء مهما يكن الدافع. من 
دون الشعور بيعض لمسات اللطف والنية الحسنة اتجاههم. كذلك الأضرارء التي 
نلحقها بالآخر لا تسبب البغضة لديه فقطء ہما آنه يعانيهاء بلّ حتى 4 ذواتنا. تم 
تعليل هذه الظواهر جزتياً 4 الواقع؛ بواسطة ميادئ أخرى. 

لكن يوجد هنا اعتراض على قدر من الأهمية,. سيكون من الضروري أن 
نفسره قبل أن نمضي قدماً. لقد بذلت جهدي لأثبت؛ أن القدرة والثراء: أو العوز 
والخسة؛ التي تثير المحبّة أو البغضة؛ من دون إنتاج أي لدّة أو كدر أصلي» تشقّلنا 
بواسطة إحساس ثانوي مشق من التعاطف مع ذلك الألم أو الغبطة. التي تثيرها 
4 الشخص, المالك لها. فمن التعاطف مع سروره تنشأ المحيّة. ومن التعاطف مع 
كدره تنشاً البغضة. نكنّه ناموس, ذلك الذي كنت قد أسسته للتقء وهو ضروري 
بشكل مطلق لتفسير ظواهر الشفقة والضغينة, الذي يقول: ليس الإحساس 
الحاضر أو اللدة أو الألم الآنيء الذي يحدد شخصية الهوىء أيَأُ كان؛ بل نزعته أو 
ميله العام من البداية وحتى النهاية. وتولّد الشفقة أو التعاطف مع الألم محبة 
بسبب هذه العلّة, وذلك لأنّها تجعلنا نهتم بحظوظ الآخرين: سواء أكانت جيدة أم 
سيئة: وتعطينا إحساساً ثانوياً مطابقاً للإحساس البدئيء الذي امتلكث به التأثير 
نفسه بالمحبة والخيرية. ومن حينها تقدّم هذه القاعدة نفعا 4 حالة واحدة 
غلماذا لا تسود 2 الكل وماذا لا يونّد التعاطف مع الكدر بشكل مطلق أي انضعال 
يجانب النيّة الطيبة واللطافة؟ هل يصبح فيلسوفاً من غير 


-4م14ك- 


متهجه 2 الاستدلال: وينتقل من مبداً إلى نقيضه» وفقاً للظاهرة الفريدة 
التي سيشرحها؟ 

لقد ذكرث سببين مختلفين. ينشاً بهما انتقال الأهواءء هما: الملاقة 
المزدوجة من الأقكار والانطباعات. والعلاقة المشابهة لهاء المماثلة 4 الميل 
والاتجاه لأي رغبتين» تثوران من مبادئ مختلفة. الآن أجزم. أله عندما يكون 
التماطف مع الكدر ضعيفاً؛ فإنه يولد البفضة أو الازدراء بواسطة السبب الأسبق» 
وعندما يكون التعاطف مع الكدر قوياً فإنه يولد محبة أو رقّة بواسطة السبب 
اللاحق. وهذا هو حل المشكلة المتقدمة الذكرء ]١١١[‏ والتي بدت ملّحة جداً؛ وهو 
مبدا مؤسّس على حجج واضحة جداً؛ أرغمتا على تأسيسهاء رغم أنّْها لم تكن 
ضرورية لتفسير أي ظاهرة. 

ومن المؤكد أنّ التعاطف غير محدود دوماً باللحظة الحاضرة: بل إننا غالبا 
ما نشعر من خلال التواصل بآلام ومسرات الآخرين. التي لم تكن بعد والتي 
تتوقعها بقوة المخيّلة ليس إلا. ففرضاً آثي رأيت شخصاً غير معروف لي بشكل 
كامل» 4 عرضة لخطر الدهس بحوافر الخيلء حينما كان نائماً ب4 الحقول؛ فَإِني 
ساهرع لعونه مباشرة: وبهذاء سأكون فاعلاً بميدأ التعاطف نقسه؛ الذي جعلني 
مهتماً بأحزان الغريب الحاضرة. وتعتبر الإشارة لهذا الأمر كافية بحن ذاتها. 
فالتعاطف لا يعدو أن يكون شيئاً آخر غير فكرة حيويّة مرتدة إلى انطباع؛ ومن 
الواضح: أنَّنا عند تأمّل الشرط المحتمل أو المرّجح مستقبلاً لأي شخص يمكننا 
أن نجه بمفهوم ذام لدرجة أن نجعله همتا الخاص؛ وبذلك نصير شاعرين بالام 
ولدّات لا تنتمى ي لأنفسنا . ولا تملك 2 هذه اللحظة الحاضرة أي وجود حقيقي. 

لكن مهما قدرنا على التطلع قُدماً للمستقيل غ تعاطفنا مع أي شخص 
فَإِنّ امتداد تعاطفنا يعتمد لدرجة كبيرة على إحساسنا بشرطه الحالي. ويعتبر 
جهد المخيّلة, بك تشكيل أفكار حيويّة حتى عن عواطف الآخرين الحاليّة جهداً 
كبيراً لدرجة أن نشعر بهذه العواطف ذاتهاء لكن من المحال أن نقدر على مد هذا 
التعاطف للمستقبل» من دون مساعدة أحد الظروف الحاضرةء الذي يسترعي 
انتباهنا بطريقة حيويّة. فعندما يملك البؤس الحاني لشخص ما تأثيراً كبيراً 

هلم ومس 


علي؛ مهما يكن فان حيويّة المفهوم ليست محصورة فقط بموضوعه المباشر؛ بل 
تتشر تأثيرها فوق كل الأفكار ذات الصلة؛ وتعطيني تصوراً حيويّاً عن كل ظروف 
ذلك الشخصء سواء أكانت ماضية؛ آم حاضرة؛ أم مستقبليةء محتملة؛ آم ممكنة, 
أم مؤكدة. وأهتم بها من خلال هذا التصور الحيوي؛ وأتقاسمهاء وأشعر بحركة 
تعاطفيّة ے2 صدري» مماثلة لما أتخيّله 4 صدره کائناً ما يكون. وإذا أنقصت 
حيوية المفهوم الأول فَإنّني أنقص حيويّة الأفكار ذات الصلةء إذ لا تقدر الأنابيب 
على أن تنقل من الماء أكثر مما يثور من النبع. ويهذا التنقيص أدمر المستقبل 
المأمول؛ والضروري لجعلي مهتماً بشكل كامل ‏ حظ شخص آخر. [1؟1] 
ويمكنني حينها الشعور بالانطباع الحالي. من دون المضي بتعاطفي أبعد من ذلك 
ومن دون أن أنقل أبداً قوة المفهوم الأول إلى أفكاري عن المواضيع ذات الصلة. 
فإذا كان بؤس الآخر, ما يُقَّدم لي بطريقته الواهنة, فإِنّْني أتلقاه بواسطة 
التواصل؛ وأتآثر بكلّ الانفعالات المتصلة به لكن بما أنّْني لست مهتماً كثيراً 
لدرجة أن أهمّ نفسي بحظه الجيّد. كما بحظه السيئ فَإنّني لا أشعر بالتعاطف 
الشاملء ولا بالاتفعالات المتصلة به. 

الآن من أجل معرقة ما الانفعالات المتعلّقة بهذه الأنواع المختلفة من 
التعاطف. يجب أن نعتبر أن الخيريّة لذّة أصلية تنشأ عن لذّة الشخص المحبوب: 
وان الألم استتناق لألمه. من حيث أن مطابقة الانطباعات تثير رغبة عاقبة للذته, 
وصدوداً عاقباً لألمه. ومن ثم لكي نجعل سير الاتفعال موازياً للخيريّة. من 
الضروري أن نشعر بهذه الانطباعات المزدوجة. المطابقة لانطياعات الشخص. 
الذي نتأمله. إذ لا يكفي أي واحد منهما بمفرده لذلك الفرض. فعندما نتعاطف 
مع انطباع واحد فقطء وليكن الانطباع المؤلم. يتصل هذا التعاطف بالغضب 
والبفضةء على أساس الكدر الذي ينقله لنا. لكن بما أنْ التعاطفء المحدود أو 
الشاملء يعتمد على قوة التعاطض الأول. فان هذا يؤدي للقول إن هوى المحبّة أو 
البغضة يعتمد على المبدأ نفسه. فالانطباع القويء عندما ينتقل: يعطي ميلا 
مزدوجاً للأهواءء التي تتصل بالخيريّة والمحبّة بواسطة التشابه © الاتجاه؛ مهما 
كان الانطباع الأول مؤلاً. اما الانطباع الضعيفء إذا کان مۇلاًء فإنه يتصل 
بالفضب والبفضة بواسطة التشابه بالإحساسات. لذلك تثور الخيريةء من درجة 


“A= 


عظيمة من البؤس: أو أي درجة متعاطفة معها بقوة؛ آمَا البغضة أو الازدراء فإنه 
يثور من درجة صغيرة؛ أو درجة متعاطفة معها بشكل ضعيف وهذا هو المبدأ 
الذي أنوي إثباته وتفسيره. 

لا نملك فقط استدلالنا المنطقي لنعول عليه من أجل هذا المبداء بل نملك 
الخبرة أيضاً. فدرجة معينة من العوز تونّد الازدراء» .2 حين تسيّب درجة أعلى 
منها الرآفة والنيّة الحسنة. وقد نستهين بقيمة الفلاح أو الخادم. لكن عندما 
يظهر بؤس المتسول ملا جدأ؛ آو يبدو مرسوماً بآلوان فاقعة جداًء فإِنّنا نتعاطف 
معه 2 احزانه؛ ونشعر 3 قلوبنا بلمسات واضحة من الشفقة والخيريّة. فالموضوع 
نفسه يسبب انفعالات متناقضة تبعاً لدرجاته المختلفة. ]۱١١[‏ لذلك يجب أن 
تعتمد الأهواءء تبعاً لفرضيتي على مبادئ تشتغل 2 تلك الدرجات المعيّنة. 
فازدياد التعاطف يملك بشكل واضح الأثر نفسه الذي يملكه ازدياد البؤس. 

يبدو البلد القاحل أو اليباب قبيحاً وبشعاً على الدوام؛ ويوحي لتا عموماً 
بازدراء ساكنيه. ويصدر هذا التشوه على كل حال؛ بدرجة كبيرة عن التعاطف مع 
الساكنين» كما لوحظ للتوء لكنه تعاطف من درجة ضعيفة: لا يصل أبعد من 
الإحساس المباشر الكريه. ب2 حين ينقل لنا منظر المدينة المحترقة عواطف خيرة. 
لأنّنا نلج هناك عميقاً 2 مصالح الساكنين البائسين. لدرجة أن نتمنى لهم 
الرخاء؛ بقدر ما نشعر بضيمهم. 

وعلى الرغم من أن قوة الانطباع تود الشفقة والخيريّة, إلا أنه من المؤكد 
أن تأثيره يتوقف إذا ما استمر طويلاً. وريما يكون هذا جديراً بملاحظتناء 
فعندما يكون الكدر صفيراً بذاته» أو بعيداً عناء فإِنْه لا يثير مخيلتناء ولا يقدر 
على الإيحاء بالاهتمام بالخير المحتمل أو المستقبلي: بصورة مكافئة للاهتمام 
بالشرٌ الحاضر والواقعي. وبتاءً على حصوله على قوة أعظم: نصبح مهتمين جداً 
باهتمامات الشخص: لدرجة نصبح فيها شاعرين بكلا حظيّه الجيد والسيئ, 
ويثور من ذلك التماطف التام الشفقة والخيرية. لكن سيكون من السهل علينا أن 
نتخيّلء آنه حيثما يهاجم الشرٌ الراهن بقوّة أكثر من القوة العاديّة. فَإنّه 
سيسترعي انتباهنا بشكل كامل» وسيعيق ذلك التعاطف المزودج:ء المذكور أعلاه. 

-1A¥- 


وهكذا نجد على الرغم من أنّ الجميع. والنساء خصوصاًء ذوو قابليّة لأن يرقوا 
لحال المجرمين. السائرين إلى المشنقة؛ وأن يتخيلوهم أشخاصاً وسيمين وحليقي 
الذقون على غير العادة. إلا أنْ المجرم. الذي يقَدّم لإعدام قاس بآلة مط الجسدء 
لا يشحر بهذه الانفعالات الرقيقة: بل يغلبه الرعب بطريقة مء ولا يملك وقت 
فراغ ليلطّف هذا الإحساس اليشع باي تعاطف معاكس. 

لكن الحالة التي توضح فرضيتي وضوحاً عظيماً؛ إِنّما هي الحالة التي 
نفرق فيها التعاطف المزدوج؛ بتغيير المواضيع. حتى 4 الدرجة المعتدلة للهوى. ذ 
القضية التي نجد فيهاء أن الشفقة: بدلا من توليد المحبة واللطف كالمعتاد؛ تثير 
الوجدان المناقض دوماً. عندما نراقب شخصاً ما 4 محنتهء فَإنّنا نتأثر بالشفقة 
والمحبّة: لكن مسيّب تلك المحنة [ ٠١١‏ ] يصبح موضوعاً ليغضنا الأعظم, والأكثر 
قرفا بما يتناسب مع درجة رأفتنا. الآن ما السبب الذي من أجله سيولّد هوى 
الشفقة نفسه المحبّة للشخص الذي يعاني من المصيبةء والبغضة للشخص الذي 
كان سبب المصيبةء ما لم يكن لأنّ المسبّب ‏ الحالة الأخيرة على علاقة فقط 
بالمصيبة؛ 4 حين أا لدى تأمّل الشخص الذي يعانيء نقلّب نظرنا على كلّ 
الجوانب ونتمتى له الرخاء على قدر إحساسنا بآحزانه؟ 

سأقول ملاحظة فقط قبل أن أترك المبحث الحالي: إن ظاهرة التعاطف 
المزدوج: وميلها للتسيّب بالمحبّة قد تساهم بج توليد اللطافةء التي نحملها تلقائياً 
لأقريائنا ومعارضنا. إذ يدخلنا التعود والقرابة عميقاً بذ عواطف الآخرين: ومهما 
يكن حسن الحظ الذي نفترض أنّه يصاحبهم. فَإنٌ المخيّلة تحضره آمامناء ليشتغل 
كما لو أنّه ملكنا أصلاً. فنبتهج يمسرّاتهم: ونفتم لأحزائهم: بقوة التعاطف ليس 
إلأ. فلا شيء ب2 صالحهم يكون حياديّاً بالنسبة إليناء وبما أن هذه المماظة ب 
العواطف: هي الصاحب الطبيعي للمحبّة, فإِنّها تولّد ذلك الأثر الوجداني سريعاً. 


ف الث @ټ 


~1 AA- 


الفصل العاشر 
الاحترام والازدراء 


يتبقى فقط تفسير أهواء الاحترام والازدراء. وصولاً إلى الوجدان العشقي: 
لكي نفهم كل الأهواء التي لها آي اختلاط بالمحبّة أو بالبغضة. لذا دعونا نيدأ 
بالاحترام والازدراء. 

لدى تأمّل ملكات الآخرين وذات أيديهم» فإمًا أن نشير إليها كما هي 
حقيقة ب4 ذواتهاء أو أن نعقد مقارنة بينها وبين ملكاتنا وذات أيديناء أو أن نجمع 
هذين المنهجبن ب التأمل. فتولد ملكات الآخرين الجيدة المحبّة بلا النظرة الأولى» 
وتوند الضعة 2 التظرة الثانية: وتونّد الاحترام للا النظرة الثائثة؛ باعتباره 
خليطا من هذين الانفعالين وتسبب ملكاتهم السيئة: تبعاً للطريقة نفسهاء إما 
البغضة: أو الزهوء أو الازدراء تبعأ للمعيار الذي نستعرضها فيه 

يوجد خليط من الرهو ب الازدراءء ومن الضعة ب الاحترام؛ وهو كما أظن 
أكثر وضوحاً. من أن يستلزم أي برهان خاص؛ ]۱۳٤[‏ بسبب مظهرهماء أو 
الشعور بهما ذاته. كما أن نشوء هذا الخليط من مقارنة مضمرة للشخص المحترم 
أو المحتقر مع ذواتناء ليس أقل وضوحاً. فالرجل نفسه قد يتسبب إما بالاحترام 
أو المحبّة. أو الازدراء من خلال شرطه ومواهبهء وتبعأ لاشخص الذي يتأمله 
أيضاً. من خلال وضعه الدوني؛ فإمًا أن يصبح ندا له أو أسمى منه. وبتفيير 
وجهة النظر, تتغير نسبته لأنفسنا بالكامل: رغم أنْ الموضوع يبقى على حاله 
الأمر الذي يتسيّب © تفيير الأهواءء لذلك تثور هذه الأهواء من مرافبتتا 
للتناسب. الذي ينشاً من المقارنة. 8 


-1۸۹- 


لقد لاحظت للتؤ أن الذهن يملك نزعة للزهو أقوى بكثير من نزعته 
للصفة: وقد سعيت لتعيين سبب هذه الظاهرةء من مبادئ الطبيعة الإنسانية. 
وسواء تم استيعاب استدلالاتي أو لاء فإِنّ هذه الظاهرة ليست موضع خصام: 
وهي تظهر # حالات عديدة. وهي السبب من ضمن آخريات 4 وجود نسبة 
أعظم بكثير من خليط الزّهو ج الازدراء؛ بالمقارنة مع نسبة الضعة 2 الاحترام: 
ولماذا نشعر بالرقي لدى رؤية شخص أدئى مناء أكثر من شعورنا بالخزي لحضور 
شخص يعلونا. إذ يملك الازدراء أو الأتفة صبغة قويّة جداً من الهو يعر 
وجودها ل أي انفعال آخر يمكن تمييزه؛ ا حين تُشكل ال محبّة لا التقدير أو الاحترام 
جزءاً معتبراً أكثر يكثير من الضعة. بحيث لا يتوانى هوى الغفرور عن الهيجان 
لأدنى إشارة بينما تستلزم محبّة الإنسانيّة باعثاً أقوى حتى تُعرب عن نقسه. 

لكن من المعقول أن نتساءل هناء لماذا يقع هذا الاختلاط © بعض الحالات 

فقطء ولا يظهر 4 جميع المناسبات. فكل هذه الأشياء التي تسبب المحيّة عندما 

تتموضع على شخص آخر, تصبح أسبايا لزّهرٌ عتدما قتقل إلى أنفستاء 
وبالحصلة يتوجب أن تكون أسباباً للانّضاع: كما للمحبة بالمثل» حينما تنتمي 
للآخرين وتقارن بالأشياء التي نملكها فقط. ويطريقة مماثلة يتوجب على ی 
ملكة أنتجت البغضة نتيجة لتأملها بشكل مباشرء أن تثير الزّهو من خلال المقارنة 
على الدوام» ويتوجب عليها أن تثير الازدراء والآنفة بواسطة خليط من أهواء 
البغضة والزُّهو. تكمن الصعوية. إذنء # السؤال لماذا تسبب آشياء» مهما تكن, 
محبةٌ أو بفضةٌ صرفة؛ ولا تنتج دائماً الأهواء المختلطة من الاحترام والازدراء. 

لقند افترضت على الدوام:؛ أن أهواء المحبّة والزّهوء والضمة والبغضة كذلك» 
متشابهة 4 احساساتهاء وأن الاثتين السابقنين طيّبان دائماء وان الاثنين اللاحقين 
أليمان. لكن على الرغم من أن هذا صحيح بصورة عموميّة: [4؟١]‏ شمن الملاحظه ان 
الطيبان: يملكان بعض الفروق: وحتى تناقضات تميّزهما عن بعضهما بعضاء كذلك 
الأليمان. إذ لا يوجد شيء ينشّط ويعظظم العقل بالزهو والغرورء والمحبّة والرّقة على 
نحو منكافئ؛ على الرغم من أنّهما وجدتا بالأحرى لاضعافه وتثبيطه» 4 الوقت 
نفسه- والفرق نفسه ملحوظ بين الانفعالات المكدارة. فالغضب واليغضة يمنحان قوة 

سيوك 


جديدة لأفكارنا وأطعالناء بينما الضعة والعار يثيّطان ويخمدان هممنا. لذا سيكون 
من الضروري تشكيل فكرة واضحة؛ عن كيفيّات الأمواء هذه. لكن دعونا نتذكر, 
أن الزّهو والبغضة ينشطان الروح: بينما المحبة والضعة يوهنانها. 

ينتج عن هذاء على الرغم من أن المطابقة بين المحيّة والبغضة بج 
استحسان أحاسيسهماء تحملهما دائماً على الإنطلاق من المواضيع نفسهاء أن 
التناقض الآخر هو العلّة: 4 إثارتهما بدرجات مختلفة تماماً. حيث يعتبر النبوغ 
والتعلم مواضيع لاذة وجليلة. وبواسطة كلا هذين الحالين: اللذة و الجلال. 
يتكيّفان مع الزّْهُو والغرورء لكنهما يملكان علاقة فقط؛ بالمحبّة من خلال لدّتهما. 
كذلك يُعتبّر التجاهل والسذاجة موضوعان بشعان ودنيئانء ويمنحانهماء البشاعة 
و الدناءة. بالطريقة نفسها صلة مزدوجة بالضعةء وصلة مفردة بالبغضة. لذلك 
يمكنناء أن نعتبر ما يلي مؤكداً: على الرغم من أنّْ الموضوع نفسه يولّد دائماً 
محبَةٌ وزهواً: اتضاعاً وبفضة؛ تبعاً لوضعيّاته المختلفة: إلا أنه هلما بونّد الاشين 
السابقين أو الاثنين اللاحقين بالنسبة نفسها 

ها هنا يجب أن نسعى خلف حل للمعضلة المذكورة أعلاهء لماذا يثير 
موضوع ماء محبة أو بغضةً صرفة؛ ولا يولد دائماً احتراماً أو ازدراء» بواسطة 
خليط مع الهو والضعة. لا توجد ملكة ب شخص آخر تثير الضعة من خلال 
المقارنة. ما لم تكن ستولّد الزّهو بتموضعها 2 ذواتناء والعكس بالعكس؛ لا يوجد 
موضوع يثير الهو من خلال المقارنة؛ ما لم يكن سيولنّد اتضاعاً بالاستعراض 
المباشر. وهذا واضح. فالمواضيع تولّد دائماً بالمقارنة إحساساً معاكساً عكساً 
مباشراً لإحساسها الأصليّ الأول. لذلك افترض أن موضوعا قد تمّ تقديمه: بحيث 
يكون مناسبا لتوليد المحبّه بشكل تام ومناسب بشكل ناقص لاخارة الزّهو فإنّ هذا 
الموضوع باتتمائه لشخص آخرء سيثير المحبّة إثارة مباشرة ولدرجة كبيرة: لكثه 
سيثير الضعة لدرجة صفيرة بواسطة المقارنةء ويالحصلة نادراً ما يُشعر يالهوى 
الأخير لذ الخليط» كما أنه لا يقدر على تحويل المحبّة إلى الاحترام. وهذا هو 
الحال مع الحلم؛ وطيبة الروح» والتيسيرء والكرم؛ والجمال؛ وملكات أخرى عديدة. 
]1١١[‏ إذ تملك هذه اكلكات أهليّة خاصة بها لتوئيد المحبّة عند الآخرين: لكنه 


,-191- 


ليس ميلاً عظیماً جداً حتى يثير الزّهوٌ 4 أنفسناء نظرأ إلى أن رؤيتهاء © حالة 
انتمائها لشخص آخرء تولّد محبَةٌ صافية: باستثناء خليط صغير من الضعة 
والاحترام. ومن السهل أن تمد الاستدلال نفسه إلى الأهواء المعاكسة. 

قبل أن نترك هذا المبحث: لن يكون تعليلنا لظاهرة مثيرة للفضول بشكل 
كبيرء 4 غير موضعه. آلا وهي: لماذا نُبقي من نستهين به بعيداً عنا بصورة عامّة, 
ولا نسمح لمن هم دوننا أن يقتريوا مناء حتى ب2 المكان والمكانة؟ لقد لوحظ للتوٌء 
أن كل أنواع الأفكار تقريباً متصاحبة بانفعال ماء حتى أفكار العدد والامتداد؛ وان 
الكثير الكثير مثل مواضيع كهذه تم تقديرها من خلال مجريات الحياةء وقدرتها 
على لفت انتباهنا. إذ لا يمكننا أن نستعرض رجلاً غنياً أو آخر فقيرأ بحياد 
كامل؛ بل سنشعر بيعض اللمسات الباهتة على الأقل» من الاحترام 2 الحالة 
السابقة, ومن الازدراء 4 الحالة اللاحقة. وهذان الانفعالان مناقضان ليعضهماء 
لكن لجعل هذا التناقض ملموساًء يجب أن تتصل ال مواضيع بعضها ببعض بطريقة 
ماء والاً فان الآثار الوجدانيّة ستفترق وتتمايز يشكل كامل» ولن تتلاقى أبداً. 
فالعلاقة تأخن مجراها حيثما يتجاور الأشخاص. وهذا سيب عام لانزعاجنا 
عند رؤيتنا لمواضيع غير متناسبة: كرجل غني وآخر فقيرء أو رجل تبيل وعتال 
.4 ذلك الموضع. 

وسيكون الرجل الأسمى أكثر إحساساً بهذا الكدرء المعروف لأي مراقب: 
وذلك لأنّ اقتراب الرجل ذي الرتبة الأقل يشار إليه كأمر من أمور سوء التربية. 
ولأنه يبيّن عدم شعوره بالتفاوت. وأنّه غير متأثر به باي طريقة. ویولد حس 
التفوق لدى شخص آخر. ميلاً عند كلّ الرجال لحفظ أنفسهم على مسافة منه 
ويفرض عليهم مضاعفة علامات الاحترام والتبجيل: عندما يُجبرون على 
الاقتراب مته وعندما لا يبدون ذلك السلوك, فَإِنّه يكون برهان على عدم 
شعورهم بسموه. ومن هنا ينشأ أيضأ. تسمية أي فرق عظيم بالدرجات ب4 أي 
كيفيّة كان؛ من قبل الأمثال العامة بالتباعد المؤسس على مبادئ المخيّلة الطبيميّة, 
مهما كانت التفاهة التي قد يظهر بها. لذلك تتصل أفكار التباعد والفرق ببعضها 
بعضاً. ]۱١۷[‏ كما تؤخن الأفكار المتّصلة بسرعة من بعضهاء وهذا هو بالعموم 
ينبوع الأمثالء كما سترى عتدما تسنح لنا الفرصة بذلك فيما بعد. 


-7- 


الفصل الحادي عشر 
العشقء أو الحب بين الجنسين 


لا يوجد هوى يستحق انتباهنا أكثر مما يستحقه الحبٌ الذي يثور بين 
الجنسين؛ من بين كل الانفعالات المرّكبة التي تنشأ من اختلاط المحبّة والبغضة 
مع وجدانيّات أخرىء وذلك لقوته وعنفه. مثله مثل مبادئ الفاسفة المثيرة للفضول, 
إذ يقدّم لنا حجّة غير قابلة للشك. ومن الجليّ أنْ هذا الأثر الوجداني 4 أعظم 
حالاته طبيعيّةٌ. مشتق من اقتران ثلاثة انطباعات أو أهواء مختلفة, وهي الإحساس 
اللا الناشي عن الجمالء والشاهية الجسديّة للإنجاب: واللطف النبيل أو النيّة 
الحسنة. ويمكن من الاستدلال السابق. تفسير كيفية اعتبار الجمال أصل اللطف. 
لكن السؤال يكون: كيف تثور الشاهية الجسدية بواسطة الجمال؟ 

تعتبر شاهية الإنجاب من النوع اللاذّ بصورة واضحة:؛ عتدما يتم حصرها 
بدرجة معينة؛ كما أنّها على صلات قويّة بكلّ الانفعالات الطيّبة. ويعتبر الفرح 
محرّض لهذه الرغبى كذلك الطرب والغرور واللطف والموسيقى والرقص والخمر 
والنديم الطيّب. بينما من جهة أخرى يعتبر الحزن مدمّر لهاء كذلك الاكتئاب 
والعوز والضعة. ويقهم من هذه الكيفيّة بسهولة لماذا يجب أن تكون شاهية 
الإنجاب متصلة بالإحساس بانجمال. 

لكن يوجد مبدأ آخر يساهم 2 الأثر نفسه. فقد لاحظت أن الاتجاه 
الموازي بين الرغبات يشكّل علاقة حقيقيّة؛ لا تقل عن الممائلة 4 أحاسيسهماء بذ 
توليد الصلة يما بينهما . وحتى نفهم بشكل کامل اء امتداد هذه العلاقة؛ يجب أن 
نعتبر أن آي ر رغبى رئيسة تصاحبها رغبات تحتية متصلة بهاء وإذا توازت 
الرغبات الأخرى مع الرغبات التحتيّة فإئُها بواسطة ذلك ستتصل بالرُغبى 

-14- رسالة في الطبيعة م - ١1"‏ 


الرئيسة. وهكذا يعتبر الجوع غالبا ميل الروح البدتي. 4 حين تعتبر الزغبى 
بتحصيل اللحم رغبة ثانوية. طالما أنها ضروريّة بشكل مطلق لإشباع تلك 
الشاهية. لذلك إذا نزع بنا موضوع ما بواسطة كيفيات متفرقة؛ مهما تكن, 
لتحصيل اللحم؛ ]1١8[‏ فإنه يزيد شاهيتنا بشكل تلقائيء بينما نجد على النقيض. 
أنْ الذي ينزع بنا نوضع مأكولاتنا على مسافة مناء مهما يكن؛ فهو مناقض للجوع, 
وينقص من نزوعنا له. فمن الواضح الآن أن الجمال يملك التآثير الأول, 4 حين 
يملك الشوه التأثير الثاني؛ وهذا هو السبب ب4 منح الجمال لنا شاهية قاطعة 
لمأكولاتناء واعتبار الشوه كافياً حتى يقرفنا عند رؤية الطبق الأكثر ابتذالاً. الذي 
اخترعه طباخ ب يوم ما. ويمكن تطبيق كلّ هذا بسهولة على شاهية الإنجاب. 

تثور من هاتين الملاقتين. أي: التشابه والرغبى الموازية. صلة قويّة بين 
الإحساس بالجمال والشاهية الجسديّة والخيريّة. حيث تصبح غير قابلة 
للانفصال» بوجه من الوجوه» وتجد من خلال الخبرة أنْ هذه الرابطة لا تبالي 
بأيها يتقدّم أولاً. طالما من المؤكد أن أي واحد منها سيكون مصحوباً بالآثار 
الوجدانيّة ذات الصلة. فالشخص المشتعل بالشاهية الجنسيةء يشعر على الأفلٌ 
بلطف مؤقت تجاه موضوع شاهيته؛ ويتوهّم ‏ الوقت نفسه أنّها آكثر جمالاً مما 
هي عليه عادة؛ كما يوجد العديد من الأشخاص الذين يبدؤون باستلطاف وتقدير 
فطنة وجدارة شخص ماء ويتقدمون من ذلك إلى الأهواء الأخرى. لكن الضرب 
الأكثر شيوعاً من الحب. إِنْما هو الذي يثور أولاً من الجمال» وقيما بعد ينشر 
نفسه على اللطف وعلى الشاهية الجسدية. وتعتبر شاهية الإنجاب واللطف أو 
التقدير بعيدتان جداً عن الاتحاد مع بعضهما بعضاً بصورة سهلة. وريما يكون 
اللطف أو التقدير الهوى الأكثر ملازمة للروح: ل حين قد تكون شاهية الإنجاب 
الأكثر سماجة وسوقية. ويتموضع حب الجمال بدقة 2 منتصف المساظة بينهماء 
ويقاسمهما طبيعتهماء من حيث أنْ منطلقهء هو مناسبته الفريدة لتوليدهما على 
حد سواء. 

هذا التمليل للحبٌّ ليس خاصاً بنظامي فقطء بل لا محيد عنه 2 أي 
فرضية. فالوجدانيّات الثلاثة التي تركب هذا الانقعال متمايزة بشكل واضج 
ولكل متها موضوعها المتميّز. لذلك من الواضح أنّها تود يعضها من خلال 

-194- 


علاقتها فقط. لكن العلاقة الانفعاليّة لا تكفى وحدها. بل من الضرورى با مثل, 
أن توعد علاقة قكريّة. فجمال أحد الأشخاص لا يوحي لنا آيداً بالحبٌ لشخص 
آخر. من ثم يشكل هذا برهاناً محسوساً للعلاقة الانطباعيّة الفكريّة المزدوجة. 
حيث يمكننا من حالة واحدة واضحة جداً كهذه: أن نحكم على البقية. 

ويمكن لهذا أن يفيد أيضأ من جهة أخرى ب إيضاح ما قد ألححت عليه 
فيما يتعأق باصل الزهو والضعة والمحبّة والبغضة. [ 174 ] لقد لاحظت على 
الرغم من اعتبار النفس موضوعاً للمجموعة الأولى من الانفعالات: 4 حين يعتبر 
شخصاً ما آخر موضوعاً للمجموعة الثانية. إلا أنْ هذه المواضيع لا يمكنها 
لوحدها أن تكون أسباب الانفعالات. حيث يملك كل منها علاقة بوجدانين 
متناقضين؛ بالتالي سيدمران بعضهما بعضأ من الدقيقة الأولى. إذن هذا هو 
وضع الذهن كما وصفته للتو. فهو يملك أعضاء معينه مناسبة لتوليد انقعال ما 
تلقائياً. وذلك الانفعالء عندما يتولّد. يدير الفكر تلقائياً إلى موضوع معين. لكن 
بما أن هذا لا يكفي لتوليد الانفعال؛ فمن الضروري آن يوجد هناك اتفعال آخر, 
يضع هذه المبادئ ‏ حالة الفعل؛ بواسطة علاقة انطباعية فكريّة مزدوجة؛ بحيث 
يمنحهما النبضة الأولى. وما يزال هذا الوضع أكثر وضوحاً ذيما يتعلّق بشاهية 
الإنجاب. فالجنس ليس موضوعاً للشهوة فقط؛ بل سبياً لها أيضأ. فنحن لا ندير 
نظرنا إليه فقطء عندما تنفعل بتلك الشاهية؛ بل إن التأمّل فيه يكفي لإثارة 
الشاهية. لكن يما أن هذا السبب يفقد قوته بذبذبة عظيمة جداً, فمن الضروري 
أن يتم إنعاشه بواسطة نبض جديد. ووجدنا أن ذلك الباعث يثور من جمال 
الشخص. الذي هو على علاقة مزدوجة بالانطباعات والأفكار. وطللما آن هذه 
العلاقة المزدوجة ضروريّة عندما يملك الأثر الوجداني سبباً متميّزاً. وموضوعاً 
على حد سواءء. فكم من المزيد يحتاج هذا الأثر الوجدانيء عندما يماك فقط 
موضوعاً متميزاً: من دون آي سبب يقدر على التحديد. 


9¢ | ¢ 


-1 4 - 


الفصل الثاني عشر 
المحبّة والبغضة عند الحيوانات 


للانتقال من أهواء المحبّة والبغضةء ومن خلطاتها وتراكيبهاء كما تبدو عند 
الإنسان إلى الوجدانيات ذاتهاء كما تعبّر عن ذاتها 4 البهائم؛ نلاحظ أن المحبّة 
والبغفضة ليستا فقط شائعتين عند الخليقة الحاسّة بكاملها؛ بل إن أسبابها 
كذلك» كما شرحت أعلاه؛ من طبيعة بسيطة جداً. حيث يمكن الافتراض بكل 
سهولة أنّها تشْل الحيوانات كذلك. فقوة التأمل أو الفراسة هنا غير لازمة. فكل 
شيء مسيّر بمبادئ وبواعث؛ ليست خاصة بالإنسان وحده» أو أي نوع من الحيوانات 
بمفرده. ومن الواضح أنْ خلاصة هذا القول 4 مصلحة النظام السابق. 

لا تملك المحبة عند الحيوانات شيئاً ما بمثابة موضوع لها حيواتات من 
النوع ذاته فقطء بل تمد أنفسها أبعد من ذلك؛ لتشمل تقريباً كل كائن عاقل ذي 
حساسية. ]١١[‏ فالكلب يحب الإنسان فطرياً علاوة على محبته لبتي نوع 
ويلاقي عادة رَجعاً لهذا الوجدان. 

ويما أن الحيوانات قليلة التأثر سواء أكان بلدّات أم بالام المخيلة. فَإِنّها 
تحكم على المواضيع فقط من خلال الخير أو الشرٌ المحسوس, الذي تولده تلك 
المواضيع. وبناءًٌ على ذلك تنظم وجدانيّاتها اتجاهها. بالمحصلةء ونجد أنّنا نولد 
محبتها أو بغضها من خلال المنافع أو الأضرار. فإذا قمنا بتغذية ورعاية أي 
حيوانء حصانا سريعاً على مشاعره: 4 حين إذا ضريناه وعاقيناه فَإنّنا لن تفشل 
أبداً لخ جر عداوته وحقده علينا. 

ولا تكون المحبة عند الدواب بسبب القرابة. كما هو الحال ب نوعناء وذلك 
لأنْ أفهامها ليست فاعلة لدرجة أن تتعمّب القرابات: باستثناء الحالات الواضحة 


-١ م‎ 


جداً. ففي يعض المناسبات من السهل أن نلاحظء أنّها تملك تأثيراً واضحاً 
عليها. وثولّد الخبرة التي تملك آثر القرابة نفسه المحبّة 4 الحيوانات على 
الدوام: ما للإنسان أو لبعضها بعضاً. وللعلّة ذاتها يعتبّر أي تشابه فيما بينها 
مصدراً للتاثر الوجداني. مثلاً. نجد أن الثور المقيّد 2 زريبة مع خيول: سينضم 
لصحبتها تلقائياً. لکته. إذا جاز لي القول بهذا .. سيتركها ليتمتّع بصحبة بني 
نوعه؛ إذا ترك له حق الاختيار بينهما. 

وتصدر مودة الوالدين لابنهما عن غريزة خاصة 4 الحيوانات: مثلما هي 
نوعنا. ومن الواضح أن التعاطفء أو التواصل بالأهواء لا يقع بين الحيوانات. 
بأقل مما هو عليه بين الرجال. فالخوف والغضب والشجاعة ووجدانيات أخرى 
تتواصل مراراً من حيوان إلى آخر. من دون معرفتها بذلك السببء الذي أنتج 
ذلك الهوى الأصلي. وبالمثل يتلقى الثَمَّى بواسطة التعاطف. ويولّد تقريياً كل 
العواقب نفسهاء ويثير الانفعالات نفسهاء كما هي بك نوعنا. فعويل ونواح كلب 
يولد اهتماماً ملحوظاً عند رفاقه. ومن الملاحظء استخدام جميع الحيوانات 
تقريياً 4 اللعب كما ف القثال العضو نفسهء وتقريباً النشاط نفسه. فالليث. 
والنمر» والقطة؛ تستخدم مخالبهاء والثور يستخدم قرنيه؛ والكلب يستخدم 
آسنانه» والحصان يستخدم حوافره. إلا أنّه يتوجب عليها رغم ذلك» أن تتجتب 
بعناية إيذاء أقرائها. حتى لولم تكن تخاف من إثارة حفيظته؛ وهذا برهان واضح 
على أن حواس البهائم تستجر من بعضهاء ألما ولدّة. 

لقد لاحظ ف عش و 
أكثر من انتعاشها عندما تطارد ألعابها منفصلة؛: ومن من الواضح أن هذا لا يمكن أن 
يصدر عن شيء إلآ التعاطف. ]١81[‏ كذلك من المعلوم جيداً عند الصيادين؛ أن 
هذا الأثر يتونّد بدرجة كبيرة وحتى بدرجة عظيمةء عندما يجتمع قطيعان 
غريبان عن بعضهما. لكن قد يكون ‏ شرح هذه الظاهرة مضيعة للوقت, إذا لم 
نختبر هذ ذواتنا شيئاً مماثلاً لها. ويعتيّر الحسد والضغينة انفعالان ملاحظان 
جداً عند الحيوانات. وهما أكثر شيوعاً من الشفقة: لأنّهما يحتاجان جهداً أقلّ 
من الفكر والمخيلة .]١17[‏ 


-1۹4- 


الباب الثالث 
الإرادة والأهواء المباشرة 


الفصل الأول: الحرية والضرورة 

الفصل الثاني: استطراد 4 المبحث نفسه 

الفصل الثالث: دوافع الارادة التافذة 

الفصل الرابع: أسباب الأهواء المنيفة 

الفصل الخامس, آثار التعود 

الفصل السادس: تأثير المخيلة على الأهواء 
الفصل السابع: التجاور والتباعد 2 المكان والزمان 
الفصل الثامن: استطراد 2 المبحث نفسه 

الفصل التاسع: الأهواء المباشرة 

الفصل العاشر: الفضول أو محبة الحقيقة 


98ت 


الفصل الأول 
الحرية والضرورة 


تُقدم الآن على تفسير الأهواء المباشرة؛ أو الانطباعات التي تثور مباشرة 
عن الخير أو الشرًء عن الألم أو اللدّة. ومن هذا النوع لدينا الرُغبى والصدودء 
القّمى والفرح: الرجاء والخوف. 

ومن بين كل الآثار المباشرة للألم واللدّة: لا شيء آكثر جدارة بالملاحظة من 
الإرادة» إذ يتوقف تفسير الأهواء على الفهم الكامل لطبيعتها وخصائصهاء على 
الرغم من أنّها غير مشمولة ضمنها؛ لذلك سنجعلها هنا موضوعاً لبحثنا. وأتمنى 
أن يكون ملوحظاأًء أثني لا أعني بالإرادة شيثاً آخر غير الاتطباع الداخلي الذي 
نعيه ونشعر به؛ عندما نثير عمداً أي حركة جديدة ف أجسادناء أو أي إدراك 
جديد ف أذهاننا وهذا الانطباع مثل سابقيه من الزهو والضعة: أو المحبة 
والبخضة؛ من المستحيل أن يعرف كما لا يحتاج لأيّ وصف آخر؛ وهذا هو السبب 
الذي سنقطع لأجله كل تلك التعريفات والتمييزات: التي أراد الفلاسفة أن 
يشوشوا بها هذا السؤال أكثر من توضيحه؛ وسوف يوضح الدخول 2 البحث 
بداية أنْ السؤال المتنازع عليه طويلاً والذي يتعلّق بالحرية والضرورة؛ يقع بصورة 
تلقائية عند معالجة الإرادة. 

تعتبر عمليات الأجسام الخارجية اضطرارية؛ ولا توجد 2 تحاور حركاتها, 
عند تجاذبها وتماسكها المتبادل: آي آثار عن الاستهتار أو الحرية: رهد ها برف 
بصحته عاميّاً. فالقدر الطلق يحدد حركة آي موضوع بدرجة واتجاه معيّنين, 
بحيث لا يقدر على الانفصال عن ذلك الخط الدقيق الذي يتحرك ضمنه» أكثر 
من قدرته على تحويل نفسه إلى ملاك أو روح أو أي جوهر آخر أكثر رقياً. لذلك 


~۹ 


ستتم الإشارة إلى أفعال المادة كأمثلة عن الأفعال الاضطراريّة؛ وكلّ من يوجدء 
سائراً من كانء ب هذا المجال على قدم المساواة مع المادة. سوف يعترف به على 
أنّه اضطراري. وحتى يمكننا أن نعرف فيما إذا كانت الحال كذلك مع أفعال 
الذهن: سنبدا بفحص المادة: وتأمّل ما الذي تأسسست عليه فكرة الضرورة ب 
عملياتهاء [vé]‏ ولاذا نستتتج أن السبب المتّزه عن الخطأ لجسم أو قعل ما إِنّما 
هو جسم أو فعل آخر. 

لقد لوحظ تواً؛ 4 غير مرّة واحدة؛ امكانيّة إكتشاف الصلة الأساسيّة بين 
المواضيع: لما بحواسنا أو بعقلناء وعدم قدرتنا على النفوذ عميقاً داخل ماهيّة 
وبنية الأجسام.: ما لم ندرك المبدأ الذي يعتمد عليه تأثيرها المتبادل. وهو 
اتحادها الراسخ ليس إلا الذي تعرقنا عليه. ومن هذا الاتحاد الراسخ تنشأ 
الضرورة. فالمواضيع إن لم تقترن مع بعضها البعض إقتراناً منتظماً ومطّرداً. لن 
نصل أبداً لأي فكرة عن العلّة والمعلول؛ وحتى بعد كل هذه الأمورء ليست الضرورة 
التي تدخل ب2 تلك الفكرة؛ شيئاً آخر غير حتيمّة مرور الذهن من الموضوع إلى ما 
يصحبه عادة من المواضيع؛ واستنتاج وجود الأول من وجود الآخر. من ثم؛ توجد 
هنا خاصتان» سوف نعتبرهما خاصتان أساسيتان للضرورة: وهما: الاتحاد الراسخ 
واستد لال الذهن؛ وحيثما ' نكتشفهما يجب أن تقر بالضرورة. وليست أفعال المادة 
اضطراريّة إلا بما هو مشق من هذين الظرفين. وهي غير مشئقة من التبصّرء 
مهما يكن 2 ماهية الأجسام التي نكتشف صلاتهاء لأنّ غياب هذه البصيرة: إذا 
بقي الاتحاد الراسخ والاستدلال. لن يزيح الضرورة؛ ولا بحال من الأحوال. 
فملاحظة الاتحاد تونّد الاستدلالء وسوف تعتبر هذه العلّة كافية: من أجل تأسيس 
الاستدلال: وصولاً إلى اضطراريّة هذه الأفمال. إذا أثبتنا وجود اتحاد راسخ 2 
أفمال الذهن. لکن يمكنني أن أمنح قوة أعظم لاستتاجيء و لهذا سأفحص هذه 
الخصائص كلاً على حداء وسأئبت أولاً من الخبرة أن أفعالنا تملك اتّحاداً راسخاً 
مع دوافعنا ومزاجتا وظروفنا؛ قبل أن أتأمل النتائج التي اشتققناها متها. 

وسيكون كاضياً التقاط فكرة عامة وطفيفة عن السثّن العام للشؤون 
الإنسانيّة من أجل هذه النهاية. إذ لا يوجد معيار نقيسها به؛ لا يؤكد هذا المبدا. 


لاه “ 


فعمل المبادئ الطبيعيّة المتسق والمتتظم نفسه يمكن مشاهدته؛ سواء أتأمّلنا التوع 
الانساني وفها لاختلافات الجنس: آم الأعمارء أم الحكومات: أم الظروفء أم مناهج 
التعليم فالأسباب المتشابهة ما تزال تنتج آثاراً متشابهة؛ وبالطريقة تفسها التي 
للفعل المتبادل بين عناصر وقوى الطبيعة. توجد أشجار مختلفة تنتج ے أوقات 
منتظمة ثماراً: ]١44[‏ ذات نكهات مختلفة عن بعضهاء وهذا الانتظام سوف يسلم 
به كمثال على الضرورة والسببيّة ب الأجسام الخارجية. لكن هل يختلف سلوك 
الجين() عن سلوك الشمبانياء اختلافاً أكثر انتظاماً من اختلاف عواطف وأفعال 
وأهواء الجتسين عن بعضهماء حيث يتميز الأول منهما بقواه وكمال نموه ويتميّز 
الآخر بكياسته ولطافته؟ 

هل تغيرات جسدنا من الطفولة إلى الكهولة أكثر انتظاماً وتحققاً من 
تغيرات أذهائتا وسلوكنا؟ وهل سيكون الرجل الذي يتوقع أنّ طفلاً ابن أريع 
سنوات سوف يزن ثلاثمائة باوند؛ أكثر سخافة من ذلك الرجل الذي سيبحث 
عند الطفل نفسه عن تفكير فلسفي أو عن فعل رزين ومدبر بشكل جيد8 

يجب أن نجيز يقيناًء أن تماسك أجزاء المادة ينشاً عن مبادئ ضرورية 
وفطريّة, مهما تكن الصعوبة التي نجدها © تفسيرهاء ومن أجل علّة مشابهة 
يجب أن نجيزء بأنّ المجتمع الإنساني مؤسس على مبادئ مماثلة, وعلّتنا بذ 
الحالة التالية أقوى حتى من عأتنا 2 الحالة السابقة؛ لأنْنا لا نلاحظ فقط»: 
سعي الرجال الدائم وراء المجتمع؛ بل نقدر أيضاً على تفسير المبادئ التي تتأسس 
عليها هذه النزعة الكونيّة. فهل اتحاد قطعتين مسطحتين من الرخام مع بعضهما 
القران؟ وهل سينشا أطفال هذا القران أكثر اتساقاًء مما لو أهتم الوالدان 
بسلامتهم ووقايتهم؟ وبعد أن يصلوا إلى سني الرشد 2 رعاية آبائهم. هل 
سيكون العناء المصاحب لانفصالهم أكثر تحققاً من تبصّر الآباء لهذا العناء. 
واهتمامهم لتجنبه من خلال اتّحاد وتحالف وثيقين9 


)١(‏ الجين و الشمبانيا من المشرويات الروحية. (المترجم) 
ات 





يختلف جلد عامل بالمياومةء وخلاياه. وعضلاته: وأعصابهء عتها عند رجل 
ذو حسب؛ كذلك هي عواطفه وأفعاله وآدابه. فآوضاع الحياة المختلفةء تؤثر على 
كامل البناء. داخلياً وخارجياًء وتنشاً هذه الأوضاع المختلفة بالضرورة؛ بسبب 
التناسق: من مبادئ الطبيعة الإنسانيّة الضروريّة والمتّسقة. إذ لا يستطيع الرجال 
العيش من دون مجتمحء ولا يمكنهم أن يكونوا لك مجتمع من دون حكومة. 
فالحكومة تُبرز الملكيّة وتضع رتب الرجال المختلفة. وينتج هذا الصناعة؛ والطرق. 
والمانيفاكتورة» ودعاوى القضاءء والحرب. والمعاهدات» والأحلاف. والأسفان, 
والترحال: والمدن؛ والأساطيل؛ والمواني؛ وكلُ الأفعال والمواضيع الأخرى.[ ]٠٤١‏ 
التي تسبّب تغاير كهذا: وتتضمّن 2 الوقت نفسه اتّساقاً 2 الحياة الإنسانيّة. 

يخبرنا المساطر العائد من بلد بعيدء أنه قد حَبر مناخ الشمال من على 
خط العرض الخامس مشر حيث تنضج كلّ الفواكه وتبلغ حدّ التمام 4 الشتاء, 
وتفسد ك الصيفء تبعاً للطريقة نفسها التي تنج فيها وتفسد 2 بريطانيا بك 
الفصول المناقضة: وسيجد أن بعض الرجال سخفاء لدرجة أن يصدقوه. وأنا 
أستطيع أن أتخيّل أنّ مسافراً سيلاقي بعض التصديق,؛ إذا أخيرنا عن أشخاص 
يتمتعون بالشخصيّة نفسها تمامأ التي يتمتّع بها الأشخاص 4 جمهورية 
آفلاطون"“ 0اذ[ من جهة.أو التي يتمتّم بها الأشخاص بك لوياثان 
هوز 110605 ۳45 ط1 من جهة أخرى. إذن يوجد سن عام طبيعي بذ 
الأفعال الانسانية؛ مثلما هو ب4 عمليات الشمس والناخ. كذلك أيضأء توجد 
سجايا فريدة بيأمم مختلفة وأشخاص معينين؛ وأخرى عام للنوع الإنساني. 
ومعرفة هذه السجايا مؤسّسة على ملاحظة الاتساق ب2 الأفعال» التي ترد منهم, 
وهذا الاتّساق يشكل ماهيّة الضرورة ذاتها. 


(1) أفلاطون .٤۲۷(‏ ۲۶۷ ق م) الفيلسوف اليوناني الكبير. يشرح ب كتابه المذكور نظريته 4 السياسة 
و كيف تكون المدينة امثلى؛ و يعتبر أول بحث يذ اليوتوييا أو المجتمعات الفاضلة. (الترجم) 
(؟) هوبز (1044- 1719/4) فيلسوف إنكليزي يشرح ب كتابه (لوياثان أو مادة و شكل وقدرة دولة 
كنسية ومدنية) نظريته 4 الدولة الحديثة و السياسة و الحكم. و اللوياثان غول توراتي , 
نوع من حوت ضخم يتكلم عنه سفر أيوب ؛ موضحاً أنه لا توجد قوة على الأرض يمكن أن 
تقارن به. يمائل هوبز بينه و بين الدولة الحديثة التي يعتبرها إنسان صنعي. (المترجم) 
f‏ ~~ 





ولا أقدر أن أتخيّل إلا طريقة واحدة فقط للتملّص من هذه الحجةء وهي 
إنكار ذلك الاتساق # الأفعال الإنسانية. الذي تتأسّس عليه تلك الحجّة. وطانا 
أن الأفعال تملك اتّحاداً وصلة راسخة مع حالة ومزاج الفاعلء فَإِنّنا حقيقة نجيز 
الأمر» مهما رفضنا بالكلمات أنْ نقر بصحة الضرورة. الآن ربما يجد البعض 
عدراً لإنكار هذا الاتحاد والصلة المنتظمتين. بالتساؤل ما هو الأكثر تقلَياً من 
الأفمال الإنسانيّة؟ وما هو الأكثر تفيّراً من رغبات الإنسان؟ وما هو المخلوق الذي 
ينحرف پأبعد ما يكون, ليس هقط عن جادة الصواب» بل أيضاً عن مزاجه وطيعه 
الخاص؟ إذ تكفي ساعة أو دقيقة ليتغير من طرف إلى آخرء وليهدم ما كلف 
إنشاؤه ألمأ وجهداً عظيمين. وتُعتبّر الضرورة مؤكدة ومنتظمة. ب حين نجد أنّ 
السلوك الإنساني غير منتظم وغير مؤكّد لذلك لا نشا الأول من الآخر. 

أجيب على هذاء إِنْنَا يجب أن ننطلق مي الحكم على أفعال الناس من المعايير 
نفسهاء التي نستخدمها عند تعليل ما يتعلّق بأفعال المواضيع الخارجيّة. فعتدما 
تقترن آي ظواهر بشكل ثابت وبلا تغيير مع بعضها البعض؛ تكتسب صلة قوية بذ 
المخيّلة, التي تمر من واحدة إلى أخرىء من دون أي شك أو تردد. لكن توجد 
درجات عديدة متدنيّة ]١45[‏ من الاحتمال والوضوح. تحت هذا الثبات والاستمرارء 
كما أن تجرية مناقضة واحدة مفردة لا تدمر كامل استنتاجنا. إذ يوازن الذهن 
التجارب المتناقضة ويستدل على الدرجة المتدنيّة من العالية؛ منطلقاً من تلك 
الدرجة الباقية من التأكيد أو الوضوح. وحتى عندما تتكافاً هذه التجارب المتناقضة 
بالكلية: لا نستبعد مفهوم العليّة والضرورة؛ بل على فرض أن التناقض العادي 
ينشأ من عمل أسباب مجهولة ومعاكسة: فإئنا نستئتج أن المصادفة أو الاستهتار 
تتوضع فقط 4 حكمنا ال مبني على أساس معرفتنا الناقصة؛ وليس ف الأشياء 
ذاتهاء فهي مُلزمة ‏ كل الآحوال بشكل متساوء على الرغم من أنّها لا تبدو ب2 
الظاهر راسخة أو مؤكدة بشكل متساو. ولا يمكن أن يوجد اتّحاد أكثر رسوخاً 
ويقيناً. من اتحاد بعض الأفعال مع بعض الدوافع والسجايا؛ وإذا كان الاتحاد 2 
حالات أخرى غير يقيني؛ فهو ليس أكثر مما يحدث ب عمليات الجسد. ولن 
يكون بمقدورنا استنتاج أي شيء من حالة شاذة. لا تتولّد من أخرى بشكل متساوي. 


سو لآب 


لا يملك الرجال المجانين حرية. وهذا ما يعترف بصحته + العموم. لكن 
إذا كنا سنحكم من خلال آفعالهم. سنجد أنّها تملك انتظاماً وثباتاً أقل مما تملكه 
أفعال الرجال الحكماءء وبالمحصلة بعيدة كثيراً عن الضرورة. لذلك نجد أنّ 
طريقتنا 4 التفكير بهذا الخصوصء غير ثابتة مطلقاًء لكنّها نتيجة طبيعيّة لهذه 
الأفكار المشوشة والمصطاحات المبهمة: التي نستخدمها بشكل شائع جدأ ذخ 
استدلالاتناء وخاصة ف الموضوع الحالي. 

يملك الأتحاد بين الدوافع والأفعال الثبات نفسهء الذي يملكه الاتّحاد بج 
أي عمليّة طبيعيّة: بالتالي إن تأثيره على الفاهمة آيضاً نفسه؛ ‏ إجبارنا على 
استنتاج وجود الأول من وجود الأخر وهذا ما يجب أن نبيّنه الآن. وإذا ظهر هذاء 
فلن يوجد ظرف معروف» يتدخل ب4 وصل وإنتاج أفعال المادةء لن يكون موجوداً 
ب عمليّات الذهن كلهاء وبالمحصلة لن نقدرء من دون سخافة صريحة: أن ننسب 
الضرورة للأول وترفضها عن الآخر. 

لا يوجد فيلسوف حكمه مثبّت بهذا النظام الخيالي عن الحرية؛ لا يعترف 
بقوة ابد الأخلاقيء ولا يعتمد عليه ب2 كل من التفكّر والممارسة؛ مثل اعتماده 
على أساس عقلاني. الآن» ليس المبدا الأخلاقي شيئاً آخر غير خلاصة تتعذق 
بأفعال الرجال» مشتقّة من التمعّن بدواهعهم» وأمزجتهم وأوضاعهم. ]١47[‏ لذا 
عندما نرى سجايا أو ملامح معيّنة موصوفة على الورق؛ نستنتج أن الأشخاص 
الذين أنتجوهاء سيؤكدون وقائع من مثل» موت قيصر7" 34و06: نجاح أغسطمر(" 
5 عنف نیرون :٤۲٥‏ وبتذكر عدة شهادات أخرى مرافقةء نستنتج ان 
هذه الوقائع قد وجدت حقيقة. ذات مرة. وأنْ عدداً كبيراً من الرجال لن يتآمروا 


(1) قيصر 144.2٠١(‏ ق م ) أنتخب ديكتاتوراً مدى الحياة على روماء و هو صاحب العبارة 
الشهيرة (حتى أنت يا بروتوس) الذي أشترك ‏ قتله غدراً مع أصدقاء آخرين. (المترجم) 
(۲) كايوس يوليوس أوغسطس (37 ق م ٠١‏ م) ابن قيصر بالتبني. اشترك 4 حكم الثلائة 
رجال۔ استولى على الحكم يعد اكسيوم.(المترجم) 
(؟) نيرون (۳۷۔ 4 م ) ابن كلوديس بالتبني. اتبع ‏ البدء نصائح معلمه الفيلسوف سيتكيا. 
اشتهر بفظائعه و متها إحراقه روما و قتله أمّه و أمرأته. (المترجم) 
0 


أبداً على خداعناء من دون أن تكون لهم آي مصلحة. خاصة أنّهم إذا حاولواء 
سيعرّضون أنفسهم لسخرية جميع معاصريهم: عندما يُثبت أنّ هذه الوقائع قريبة 
العهد ومعروفة عالمياً. ويجري النوع نفسه من الاستنتاج المنطقي # السياسة, 
والحرب. والتجارة: والاقتصاد. و2 حقيقة الأمر يخلط نفسه بالكامل # الحياة 
الإنساتيّة: التي من المستحيل عليها أن تتصرف أو أن توجد لدقيقة من دون أن 
تستمين به. فالأمير الذي يفرض ضراتب على رعاياه, يتوقّع امتثالهم. والقائد 
الذي يسوس جيشاً يبرهن على درجة معينة من الشجاعة. والتاجر يبحث عن 
الإخلاص وا مهارة عند عامله أو وكيله. والرجل الذي يعطي أوامره طلباً لعشائه. 
لا يشلك أبدأ 4 طاعة خَدّمه. باختصار؛ يُوظف القسم الأعظم من استنتاجاتا 
2 الأحكام المتعلّقة بأفعالنا الخاصة و أفعال الآخرين: لأنّه لا يوجد شيء أكثر 
أهميّة لنا منها. وآنا أزعم الآن, أن الرجلكائناً من يكون؛ الذي يعأٌل تبعأ لهذه 
الطريقة؛ يعتقد 4 قرارة نفسه فعلاً بأنّ أفعال الإرادة قشا عن الضرورة: وأنّه لا 
يعرف ماذا يعني عندما ينكرها. 

تعتبر جميع المواضيع: التي ندعو الأول منها علّة والآخر معلول؛ 2 ذواتها؛ 
متمايزة ومنفصلة عن بعضها بعضاً؛ مثل آي شيئين ‏ الطبيعة: كما آنا لا نقدر 
' أبداً. من خلال استعراضهما المنضبط بأعظم ما يكون؛ على استنتاج وجود الأول 
من وجود الآخر. نقدر أن نشكّل هذا الاستدلال فقطء من خلال الخبرة 
وملاحظة اتّحادهما الراسخ:» وبعد کل هذاء ليس الاستدلال شيئاً آخر غير آخثار 
التعود على المخيلة. وهنا يجب ألا نكتضي بالقول؛ أن شكرة العلّة والمعلول تثور عن 
المواضيع المتّحدة اتحاداً راسخاًء بل يجب أن نؤكد» أن هذه الفكرة هي نفسها تماما 
فكرة هذه ا مواضبيع؛ وأن صلة الضرورة ليست مكتشفة باستخلاص الفاهمة: بل 
إنّها إدراكاً حسياً من الذهن ليس إلأ. لذلك حيثما لاحظنا الاتحاد نفسه؛ وحيشا 
اشتفل الاتحاد بالطريقة ذاتها 2 الاعتقاد وائظن. فَإِنّنا نملك فكرة العلية 
والضرورة. على الرغم من اننا قد نتجنب استخدام هذه التمابير. ]١48[‏ ذتحرّك 
الجسم الأول # كل الحالات الماضيةء التي وقعت تحت ملاحظتتاء ناجم عن 
باعث الحركة 4 جسم آخر. ومن المستحيل على الذهن أن ينقذ إلى أبعد من 
ذلك. كما آنه يشكّل من هذا الاتّحاد الراسخ فكرة العلّة والمعلول: ويشعر بواسطة 


ءات 


تأثيرها بالضرورة. وبما أنّْ الثيات نفسه. والتأثير نفسه موجود فيما ندعوه دليلاً 
أخلاقياً. فإِنّي لا أطلب المزيد. فما يتبقى يستطيع فقط أن يكون ذزاعاً بالكلمات. 

وعندما نتأمّل؛ كيفية التصاق المبدأ الأخلاقي والطبيعي ببعضهماء كما 
يجب أن يكون. وتشكيلهما حلقة واحدة فقط. من الحجج التي بينهماء لن نتحرّج 
بالقولء أنهما من طبيعة واحدة. وأنّهما مشتقان من المبادئ نفسها. فالسجين 
الذي لا مال ولا مطمع عنده؛ يكتشف استحالة هروبه من عناد الحارس: مثلما 
يكتشفه من الجدران والقضبان المحاط بها؛ و كلّ محاولاته لنيل حريته يختار 
مفضلاً العمل على الحجر والحديد اللذان للأول. أكثر من العمل على الطبيعة 
الصلبة التي للآخر. والسجين نفسه عندما يساق إلى المشنقةء يتنبا بموته يقيناً 
من ثبات وإخلاص حراسه؛ مثلما يستخلصه من عمل الفأس أو الدولاب. ويسير 
ذهنه على طول سلسلة مؤكّدة من الأقكار: رفض الجنود القبول بهرويه. ثم فمل 
الجلآد. ثم انفصال الرأس والجسدء ثم النزيف. ثم حركات متشنجة: ثم الموت. 
تتصل هنا سلسلة من الأسباب الطبيعيّة والأفعال الإراديّة. لكن الذهن لا يشعر 
بالفرق فيما بينها لدى المرور من حلقه إلى أخرى؛ ولا هو اقل تصديقاً للحدث 
المستقيلي منه لو كان متصلاً بانطباعات الذاكرة والحواس الحالية بسلسلة من 
الأسباب الماتصقة مع بعضها بواسطة ما يسرنا أن نسميه ضرورة فيزياتيّة. كما 
يملك الاتحاد المختبر نفسه الأثر نفسه على الذهن, سواء أكانت المواضيع المتّحدة 
دوافع وإرادات وأفعال؛ آم ملامح وحركات. إذ يمكننا أن نغير أسماء الآشياءء لكن 
طبيعتها وشغلها على الفاهمة لا تتفير أبداً. 

وأتحدى عن ثقةء أنْ أحداً لن يسعى أبداً لنقض هذه الاستنتاجات بتفيير 
تعريفاتي بخلاف ما هي عليهء وتعيين معنى مختلف لمصطاحات العلّة والمعلول: 
والضرورة؛ والحرية. والمصادفة. فتبعاً لتعريفاتي: تشكل الضرورة قسماً أساسياً 
من السيبيّة: وبالحصلة من الحريةء فعندما نزيح الضرورة» نزيح أيضاً السببيّة: 
والأمر تفسه مع المصادفة. ]١55[‏ وكما يُظن عموماً أنّ المصادفة تتضمن تناقضاً 
داخليًاً؛ وأنّها على الأقلّ على تناقض مباشر مع الخبرة. توجد دائماً الحجج 
نفسها ضد الحريّة أو الإرادة الحرة. وإذا غيّر أحدهم التعاريف» فَإِنّي لن أقدر 
على الحضور لمجادلته. حتى أعرف المعنى الذي عينه تهذه المصطلحات. 

- 2 A- 


الفصل الثاني 
استطراد ف المبحث نفسه 


أعتقد أنه 4 استطاعتنا أن تحكم بأن الأسباب الثلاثة التالية تكمن وراء 
انتشار مذهب الحرية؛ مهما بدا سخيفاً بي معنى» وغامضاً بك معنى آخر. أولاً: 
بعد إنجازنا لأي فعلء على الرغم من اعتراضنا بِأنّنا كنا تحت تأثير وجهات نظر 
ودوافع بعينهاء يصعب علينا إقناع أنفسنا بأنّنَا كنا محكومين بالضرورة؛ ولذلك 
كان مستحيلاً علينا بالمطلق أن نتصرف بخلاف ذلك» إذ يبدو أن فكرة الضرورة 
تتضمن شيئاً من القوة والعنف. والإكراه. غير الشاعرين بها. ولا يقدر إلا 
البعض فقط على التمييز بين حرية الطواعية؛ كما دعى مدرسيًا(١)؛‏ وبين 
حرية الاستهتارء بين الحرية المعارضة للعنفء وتلك التي تعتي نتفي الضرورة 
والسيبيّة. ويعتبّر المعنى الأول المعنى الأكثر شيوعاً للكلمة. وقد أتجهت أفكارنا 
نحوه 2 غالب الأمر؛ و خلطته تقريباً مع المعنى الآخر بصورة عامّةءلأنه الضرب 
الوحيد من الحرية الذي يهمنا لنحافظ عليه. 

ثانياً: يوجد إحساس أو خبرة مزيّفة حتى عن حرية الاستهتار. يشار إليه 
كدليل على وجودها الحقيقي. إذ إن ضرورة أي فعل سواء أكان من أفمال المادة آم 
الذهن. ليست بشكل صحيح كيفيّة © الفاعل؛ بل آي کائن ذكي أو مفكّر, 
يتمعن 4 هذا الفعل؛ ويركّب هذه الضرورة من حتميّة استنتاج فكره وجودها من 
بعض المواضيع السابقةء بينما الحرية أو المصادفة؛ من جهة أخيرى. ليست شيئأ 
آخر غير نقص ب تلك الحتميّة. وانفلات معين؛ نشعر به لدی ال مرور آو عدمه من 
فكرة موضوع إلى فكرة موضوع آخر. ونلاحظ الآنء على الرغم من قلّة شعورنا 


)١(‏ يقصد ب الفلسقة السكولاتيّة. (المترجم) 
ات رسالة في الطبيعة م - ١4‏ 


عقد التأمّل بالأفعال الإنسانيّة بانفلات أو استهتار كهذاء أثّْنا نشعر غالبا عتد 
إنجاز الأفعال: ذاتهاء بشيء ما يشبه هذا الانفلات. ]١6١[‏ ويما أن المواضيع 
المتشابهة أو المتعالقه كلها تؤخذ بيسر من بعضهاء تم توظيف هذا الأمر كبرهان 
استنباطي أو حتى كبرهان حدسي على الحريّة الإنسانية. كما ننا نشعر بخضوع 
أفعالنا لإرادتنا 2 كل المناسبات» ونعتقد بشعورنا أنْ تلك الإرادة نفسها لا تخضع 
لشيء؛ لأا تفز للقيام بفعل ما عندما ننكر عليها ذلك ونشعر بتحركها السهل 
كل الاتجاهات. وتوليدها صورة عن نفسها حتى على ذلك الجانب. الذي لم 
تستقر عليه. ويمكن لهذه الصورة أو الحركة الباهتة. التي نقنع بها أنفسناء أن 
تكتمل لدرجة أن تصبح الشيء نفسه؛ ولأنّ ذلك سيتم إنكاره» نجد عند المحاولة 
التالية؛ أنه ممكن التحقيق. لكن كلّ هذه الجهود تذهب سدىء مهما تكن الأفعال 
التي ننجزها هوائية وغير منضبطةء كالرغبى برؤية حريتنا الدافع الوحيد 
لأفعالناء لا يمكننا أبداً أن نحرر أفعالنا من قيود الضرورة. يمكتنا الظن أنثْنا 
نشعر بالحرية ضمن ذواتناء لكن المراقب عموماً يستدل على أفعالتا من دوافعنا 
وسجاياناء وحيثما لا يقدر. فإِله يستخلصها بالعموم: وي قدرته ذلك إذا كان 
ملمًاً تماماً بكلٌ ظروف وضعنا ومزاجناء ومصادر طبعتا ومزاجنا السريّة. إذن. 
هذه هي ماهيّة الضرورة بذاتهاء تبعأ للمذهب السابق. 

وتنطلق من الدين العلّة الثالثة ب4 استقبال مذهب الحريّة ف العالم عموماً 
بصورة أفضلء من استقبال المذهب المعارض له؛ ققد اهتم الدين بهذا السؤال من 
غير داع أبداًء إذ لا يوجد منهج للتفكير آكثر شيوعاً, ولا أكثر استحقاقاً للوم» من 
المنهج المستخدم بك الجدالات الفلسفيّة: الذي يسعى لنقض أي فرضية بالتعلّل 
بعواقيها الخطرة على الدين والأخلاق. إذ يُعتبّر الرأي الذي يقودنا للوقوع 2 
الحماقات خاطثاً بشكل أكيدء لكنه ليس خاطئاً بصورة مؤكدة. بسيب عاقبته 
الخطرة. لذلك يجب منع مواضيع كهذه بالكليّة. لأنها لا تفيد شيئا ب2 اكتشاف 
الحقيقةء بل فقط 2 جعل الشخص المعارض شخصاً مكروهاً. هذا ما لاحظته 
بالعموم: ومن دون التظاهر بِأنّي انتفعت منه. أخضعت تفسي صراحةٌ لامتحان 
من هذا النوع؛ وتحديّت الخطر لأؤكد. أن مذهب الضرورة؛ تبعاً لتفسيري له, 
ليس عديم الأذى فقطء بل تافعاً للدين والأخلاق كذلك. 


0 


أعرف الضرورة بطريقتين. بما يتطابق مع شقي تعريف السببيّة: التي 
تؤلف قسماً رئيساً منها. ]٠١١[‏ إِمَّا من خلال الاتّحاد والاقتران الراسخين بين 
المواضيع المتشابهة, أو من خلال استدلال الذهن على الموضوع الثاني من الأول. 
وهكذا أجيز للضرورة عموماً ‏ كلا المعنّيّين الانتماء لإرادة الإنسانء على الرغم 
من أنه تم بصورة مضمرة 2 المدارس وعلى المناير و2 الحياة العامة ولم يدع 
أحد إنكار قدرتا على اشتقاق استدلالات تتعلّق بالأفعال الإنسانية؛ أو أن هذه 
الاستدلالات مؤسسة على الوحدة المجرية للأفمال المتشابهة مع الدوافم 
والظروف المتشابهة. الشيء الوحيد الذي يستطيع آي أحد أن يختلف عني فيه. 
ما رفض تسمية هذا بالضرورة ريماء لكن طاما أن المعنى مفهوم؛ آمل أن لا تؤدي 
الكلمة لأي ضررء أو الزعم بوجود شيء ما آخر 2 عمليّات المادة. الآن؛ سواء 
أكانت الحال كلك أم لم تكن؛ فهي ليست ذات عاقبة على الدين. مهما تكن 
عواقبها على الفاسفة الطبيعية. قد أكون مخطئا ب2 الإصرار على آنا لا نملك 
أي قكرة عن آي صلة أخرى 2 أفعال الجسد؛ وسأكون مسروراً إذا تلقيت المزيد 
من الإرشادات 4 هذا الاتجاه. لكنني متاكد, من أنّني لا أعزو شيئا إلى أفعال 
الذهنء إلا ما يجب السماح به عن طيب خاطر. لذلك لا تترك مجالاً لأحد. حتى 
يضع تركيباً مفسدأ على كلماتي؛ بالقول ببساطة: ني أنسب الضرورة للأفعال 
الإنسانية وأضعها بالسويّة ذاتها مع عمليّات المادة البليدة. غأنا لا أعزو للإرادة 
تلك الضرورة الفامضة؛ التي من المفروض أن نتموضع 2 المادة. بل أعزو للمادة 
تلك الكيفيّة المفهومة. التي سيسمح أو يجب أن يسمح لهاء حتى المذهب 
الأرثوذكسي الأكثر صرامة:؛ بالانتماء للإرادة سواء أسميتها ضرورة أم لم تفعل 
ذلك. ولذلك لا أغير شيئاً: ‏ الأنظمة الماضيةء بما يختص بالإرادة: بل فقنط يما 
يتعلّق بالمواضيع المادية. 

لن أذهب بعيداً 4 إصراري. على أنْ هذا النوع من الضرورة مهم جداً 
للدين والأخلاقء حيث سيخربان كلاهما من دونه بصورة تامّة؛ وان كلّ افتراض 
آخر مدمّر بالكليّة لكلا القوانين اللاهوتيّة والإنسانيّة. فمن المؤكد فعلاًء بما أ 
القوانين الانسانيّة جميعها مؤسّسة على الثواب والعقاب» وجوب امتلاك هذه 
الدوافع تأثيراً على الذهن» كميدأ آولي» وأن تول الأفعال الخيّرة وتمنع الأفعال 

وك 


الشريرة على حد سواء. ويمكننا أن نعطي لهذا التاثير أي اسم ذشاءء لكن بما أنّه 
متّجد عادة مع الفعل» فإ الحس العام يستوجب تسميته سبباًء والتطلع إليه 
كمثال عن تلك الضرورة التي سأينيها. [ 151 ] 

ويعتبر هذا الاستنتاج مكيناً على حدّ سواء؛ عندما يطبق على القوانين 
اللاهوتيّة. على اعتبار أن الإله هو المشرّع؛ ونه من يوقع العقاب ويمنح الثواب 
بقصد توليد الطاعة بالفرض الأول. لكنني أزعم أيضأ آنه حتى 4 حالة تصرفه 
خارج حدود قدرته القضائيّة. حيث يشار إليه كمنتقم من الجرائم. على أساس 
شناعتها وقبحها ليس إلأأ. استحالة فرضه العقوبات يما يتناسب مع العدل و 
المساواة الأخلاقيّة. قضلاً عن استحالة إمكانيّة ولوجه © أفكار أي كائن عاقل 
لإخضاعها عندما يتجاهل الصلة الضروريّة بين العلّة والمعلول 2 الأفعال 
الإنسانيّة. فالموضوع الثابت عالمياً للبغضة أو الغضب إِنّما هو شخص أو مخلوق 
مزود بفكر ووعي» وعندما تثير أي أعمال مؤذية أو إجراميّة ذلك الهوى. فإِنَّ ذلك 
يتم فقط من خلال علاقتها بذلك الشخص أو الصلة معه. لكن وفقأ لمذهب 
الحرية أو المصادفة, لا يمكن إحالة هذه الصلة إلى شيء: وليس الرجال مسؤولين 
عن هذه الأفمال. التي كانت عن سابق إصرار وتصميم. أكثر مما هم مسؤولون 
عن الأفعال غير المقصودة والعرضية. إذ لا تغرز الأفعال ذاتها 2 الشخص الذي 
ينجزهاء إذا كانت من طبيعة مؤقتة ومتلاشية؛ أو لا تنشأ عن علّة ما 2 سجاياه 
وطباعه؛ كما لا يمكنها أيضاً أن تعود عليه بالشرف إن كانت خيرة, ولا بالعار إن 
كانت شريرة. ويمكن للفعل نفسه أن يكون حقيقاً باللوم لتناقضه مع كل القوانين 
الأخلافية والدينية: لكن الشخص غير مسؤولٍ عنه» ويما أنّه لا يتشا عن شيء 
دائم وراسخ قيه. ولا يترك شيئاً من تلك الطبيعة خلفه. فمن المحال عليه أن 
يكون: على أساس ذلك. موضوعاً للعقاب أو الانتقام. لذلك وتبعاً لفرضية 
الحريّة. يكون الإنسان نقياً وطاهر الذيل؛ بعد أن يكون قد ارتكب أكثر الجرائم 
فظاعة. كما كان 2 اللحظة الأولى نيلاده. ولا تتورط شخصيته بأي حال من 
الأحوال ‏ أفعالة: طالما أنّْها غير مشتفّة منهاء ولا يمكن استغمال خُبث الأول 
كبرهان على فجور الآخر. إذن؛ يكتسب الشخص جدارةٌ أو نقاصةً من أفعاله. 
بناء على مبادئّ انضرورة فقطء مهما انحرف الرأي العام نحو النقيض. 

= 


ويناقض الرجال ذواتهم هناء فعلى الرغم من إصرارهم ك الفالب؛ على أن 
الضرورة تدمّر بالكامل أي جدارة أو نقاصة؛ سواء أكانت اتجاه النوع الإنساني 
أم اتجاه القوى العلياء فهم ما يزالون مستمرين # التفسير بناء على مبادئ 
الحتمية ذاتها ‏ كل أحكامهم المتعلّقة بهذه المسألة. [؟15١]‏ فلماذا لا يلام الرجال 
على أفعال شريرة أنجزوها عن جهل ولامبالاة: مهما تكن عواقيهاة إن لم يكن لأنْ 
أسباب هذه الأضال مؤقتة لا غيرء وتنتهي بهم وحدهم. ما العلّة 4 أن الرجال 
أقلّ ملامة على آفعال شريرة؛ طالما نهم يؤدونها بطيش وبلا سابق إصرارء منهم 
على آفعال تنشأ عن التفكّر والمداولة؟ إن لم يكن لأنّ الطبع الطائش, على الرغم 
من وجود السيب الراسخ ا الذهن. يشتغل فقط على فترات متقطعة ولا يُفسد 
الشخصيّة بكاملها. أيضأء تمسح الندامة أي جريمة كانت؛ لا سيّما إذا تصاحبت 
مع إصلاح واضح للحياة وآداب السلوك. فكيف يمكن لهذا أن يفسّر؟ إلا بالزعم 
أن تلك الأفعال التي تحيل الشخص مجرماء إنمًا هي براهين على وجود الأهواء 
أو المبادئ الإجرامية ‏ الذهن: وعندما يؤدي آي تفيير بج هذه المبادئء إلى 
توقفها عن أن تكون براهين صرفه. فإنها بالمثل تتوقف عن آن تكون إجراميّة. 
لكنها وفقاً لمذهب الحرية أو المصادفة ليست براهين صحيحة؛ وبالمحصلة لم تكن 
أبداً إجرامية. 

أعود هنا إلى خصمي: وأتمنى عليه أن يحرر نظامه الخاص من هذه 
النتائج الكريهة قبل أن يثهم بها الآخرين. أو إذا اختار بالأحرى. أن يتم فصل 
هذا السؤال بأدنّة عادلة أمام الفلاسفة. من أن يتم بخطاب حماسي أمام الناس» 
دعوه يعود لما سبق أن قدمته للبرهان أن الحريّة والمصادفة مترادفات: تتعلّق 
بطبيعة المبدأ والانتظام الأخلاقي للأفعال الانسانيّة. وبناء على مراجمة هذه 
الاستنتاجات. لا أقدر على الشك بالنصر الكامل؛ ولذلك بما أنَّنِي قد برهنت. 
أن أي فعل إرادي يملك سبباً خاصاً به» أمضي لشرح ما هي هذه الأسباب» 
وكيف تعمل. 


“TIT 


الفصل الثالث 


به » جو 


دوافع الإرادة التافذة 


لا يوجد شيء أكثر ألفة 2 الفلسفة ولا حتى ب4 الحياة العامة من التحدث 
عن المغالبة بين الهويّة والعقل لمنح الأوليّة للعقل؛ والزعم بأنّ الرجال فاضلون 
قدر مطابقة ذواتهم لإملآته فقط. ولقد هيل أن أي مخلوق مَمَكّر مجبر على تنظيم 
أفماله بالعقل؛ وإذا ما عارض أي دافع أو مبدأ آخر اتجاه إرشاده. يتوجب عليه 
مقاومته إلى أن يخضع بالكامل؛ أو على الأقل إلى أن يراعي المبدأ الأعلى[٤٠٠].‏ 
وييدو أن القسم الأعظم من الفلسفة الأخلاقيّة. القديمة والحديثة؛ موس على 
هذا المنهج من التفكير, بل توجد هناك مساحة تكفي وتزيد للحجج الميتافيزيقيّة. 
كما للخطب الشعبيةء آكثر مما يوجد للتفوق المزعوم للعقل على الهُويّه. فقد 
بالغوا كثيراً 2 عرض أصل العقل الخالد والمقدس والثابت على حالة واحدة أبداء 
حتى أقصى مزاياهء بل حين تم الإلحاف بشدة على أصل الهّويّة الخدّاع والأعمى 
وعديم الثبات. ومن أجل إظهار مغالطة هذه الفلسفة برمتهاء سأسعى لأبرهن 
أولاً: أن المقل وحده غير قادر أبداً على أن يكون دافماً لأي قعل من أفعال 
الإرادة, وثانياً: عدم قدرته إطلاقاً على معارضة الهوى تحت إدارة الإرادة. 

تستهلك الفاهمة ذاتها بطريقتين مختلفتين» حيث تحكم من خلال 
البرهان الاستنباطي"" أو الاحتمالي”"؛ بما يتعلّق بالعلاقات المجردة بين أفكارناء 
أو بالعلاقات بين تلك المواضيع التي تزودنا الخبرة: وفقط الخبرة: بمعلومات 


)١(‏ تتصف التجرية الاستنباطيّة أن نتائجها يقينيّة. (المترجم) 
(؟) الاحتمال صفة نتائج التجربة الاستقرائية. (المترجم) 
ه١1 a‏ 


عنها. وأعتقد أنّ الزعم بان النوع الأول من الاستدلال وحده سبباً لأي فعل على 
الإطلاق زعماً ضعيفاً. لأنّ دائرة اختصاصه الصحيحة. تقع 4 عالم الأفكار: ا 
حين تضعنا الإرادة 4 عالم الوقائم. وعلى هذا الأساس يبدو الاستتباط والعزيمة 
بعيدان بالكليّة عن بعضهما. فالرياضيات تفيد حقيقة ك كل العمليّات 
الميكانيكية, بينما يفيد علم الجبر تقربياً ب كل الفنون والمهنء لكن تأثيرها ليس 
من ذواتها بما هي كذلك. فا ميكانيكا فن تنظيم حركات الأجسام باتجاه نهاية أو 
غرض مخطط له وتكمن العلّة وراء توظيفنا الجبر بخ إصلاح نسب الأعداد؛ 2 
إمكانيّة اكتشافنا نسب تأثيرها وعملياتها. فلماذا يتو ق التاجرٌ لمعرفة المجموع 
الكنّي لحساباته مع أي شخصة E‏ إذا كان المجموع يملك 
الآثار نفسها ے تسديد دينهء ويالتالي الذهاب إلى السوق مع کل الأدوات اللازمة 
مع بعضها البعض. لذلك لا يؤثر الاستنتاج المجرّد أو الاستنباطي؛ على أي من 
أفعالنا. بل يوجّه حكمنا المتعّق بالعلّة والمعلول فقط. الأمر الذي يقودنا إلى عملية 
الفاهمة الثانية. 

نشعر بانفعال من الصدود أو التزوع؛ عتد رؤیتتا مناظر أليمة أو لاذة بے 
أي موضوع؛ ونُحمّل بالتالي على تجتب أو لس الموضوع الذي أزعجنا أو أفرحناء 
كما لا يهجع هذا الانفعال هناء بل يحملنا على تقليب نظرنا ل كل الجواتب, 
]٠٠١[‏ شاملين كل المواضيع ذات الصلة؛ أياً كانت: بموضوعه الأصلي بعلاقة العلّة 
وا معلول؛ ويُعتبّر هذا الأمر من الأمور البدهيّة. إذن يأخن الاستنتاج هنا مجراه 
لاكتشاف هذه العلاقة. وتبعاً لانحراف استنتاجناء تتغيّر أفعالنا بما يطابقه. لكن 
من الواضح 2 هذه الحالة؛ أن الباعث لا يثور من العقل؛ بل ينقاد به فقط. حيث 
يثور الصدود أو النزوع اتجاه أي موضوع من منظر الألم أو اللذة: ومن ثم تمد 
هذه الانفعالات نفسها إلى أسباب ونتائج ذلك الموضوع» كما تتبدى لنا بالتفكّر 
والخبرة. قمن غير الممكن أبداً أن نهتم لمعرفة أنّ بعض المواضيع أسباب ويعضها 
الآخر 0 إذا لم يكن هناك فرق بين كل من الأسباب والتتائج بالنسبة إلينا. 
وإذا لم تؤثر فينا تلك المواضيع بأنفسهاء لا يمكن لصلاتها أبداً أن تعطيها أي 
تأثيرء ومن الواضح عجز تلك المواضيع عن التأثير فنا بواسطة المقلء طاما أنه 
ليس شيئاً آخر غير اكتشاف هذه الصلة. 


1ك 


وأستدّل على أن الملكة المقليّة نفسها غير قادرة على إعاقة العزيمة أو 
المنازعة 4 تفضيل آي هوى أو انفعال؛ بما أن العقل عاجز بمفرده أبداً عن توليد 
آي فعل؛ أو إثارة العزيمة. وتعتبر هذه النتيجة مازمة. فمن المستحيل أن يقدر 
العقل على امتلاك الأثر اللاحق بإعاقة العزيمة. إلا بتحرير باعث باتجاه معاكس 
لاتفعالناء وذلك الباعث, إذا اشتفل منفرداًء سيكون قادراً على إنتاج العزيمة. فلا 
يمكن لشيء أن يعارض أو أن يثبّط انبعاث الانفعال؛ إلا ياعث مناقض, وإذا ما 
ثار هذا الباعث المتاقض من العقلء فَإِنْ الملّكة العقليّة الأخيرة ستملك تأثيراً 
أصليّاً على الإرادة؛ وستكون قادرة على أن تسبّب» كما أن تعوق أي فعل للعزيمة. 
لكن إذا لم يملك العقل آي تأثير آصلي؛ فمن المستحيل أن يقدر على الثبات ضد 
أيّ مبدأ يملك فاعلية قويّة كهذه؛ أو أن يضع الذهن 2 حالة ترشّب لدقيقة 
واحدة. وهكذا يظهر, أن المبدأ؛ الذي يقاوم هواناء لا يمكنه آن يطابق العقل؛ وهو 
يدعى كذلك بمعنى مستهجن فقط. ونحن لا نتكلّم بصورة مضبوطة وفلسفية. 
عندما نتكلّم عن المغالبة بين الهوية والعقل. فالعقل عبد للأهواء» ويجب أن يكون 
كذلك فقطء ولا يمكنه أبداً أن يدعي القيام باي مهمّة أخرى غير خدمة وطاعة 
الأهواء. ومثلما يظهر هذا الرأي خارقاً للعادةء بمعنى ماء لا يمكن لإثباته ببعض 
الاعتبارات الأخرى أن يكون مستهجناً. 

يُعتيّر الهوى وجود أصلي. أو إذا شئت» تعديل للوجود؛ ولا يحتوي على آي 
كيفية ]١51[‏ تتكلّم بلسان حال الآخرء تحيله بالتالي إلى نسخة عن آي وجود أو 
تعديل لأي وجود آخر. ظعندما أكون غاضباً. أكون 4 حيازة الهوى حقيقة: وليس 
ذلك الانفعال إحالة لأي موضوع آخرء أكثر مما يكون 2 حالة عطشي:؛ أو 
مرضيء أو ارتفاعي بخمسة أقدام للأعلى. لذلك من المحال أن تتم معارضة هذا 
الهوى: بالحقيقة والعقل؛ أو أن يكون مناقضاً لهما؛ لأنْ هذا التناقض يتركب من 
تنافر الأفكار: على اعتبار آنّها نسخ لتلك المواضيع التي تمثلّها. 

بداية لا يقدر شيء على مناقضة الحقيقة أو العقل؛ باستشاء من يملك 
مرجعيّة لهماء ويما أن أحكام فاهمتنا وحدها من تملك هذه المرجعيّة. بالتالي لن 
تناقض الأهواء العقل إلا قدر ما تكون مصحوبة بحكم أو رأي ماء وهذا ما سوف 

3 


يقع ب4 هذا الصدد. تبعاً لهذا المبدأ الواضح والطبيعي جداً؛ يمكن القول أن أي 
تأثر وجداني غير معقول؛ بمعنيين فقط. أولاً: عندما يتأسس هوى كالرجاء أو 
الخوف» العّمى أو الفرح؛ اليأس أو الأمان, على افتراض وجود مواضيع؛ غير 
موجودة حقيقة. ثانياً: عند اختيارنا واسطة غير وافية بالنهاية المختارة؛ وخداعتا 
لأتفسنا ب حكمنا على العلل والمعلولات. لدى استهلاك أي هوى 2 الفعل. 
وعندما لا يكون الهوى مؤسساً على افتراضات مزيفة: ولا الواسطة المختارة غير 
واغية بالنهاية. فن الفاهمة لا تقدر على تبريره ولا على إدانته. فليس مناقضاً 
للعقل أنّ أفضل دمار العالم بأسره على أن تَخْمَش إصبعي. وليس مناقضاً للعقل, 
بالنسبة إليء أن أختار دماري الكامل؛ لكي أمنع أقل كدر ممكن عن هندي أو 
شخص غير معروف لي بالكامل. ومن قليل التناقض مع العقل؛ أن أفضل الخير 
القليل المعروف لي على الخير الأعظم؛ وأن يكون لدي حماس شديد للسابق على 
اللاحق. حيث يمكن للخير الزهيد أن يولّد رغبة. بے ظروف معيتة, أعلى مما 
يثور من المتعة الأعظم والأكثر قيمةء ولا يوجد أي شيء خارق للمادة ب2 هذا 
الخصوصء أكثر مما يوجد 2 الميكانيكاء إذ نرى وزن باوند واحد يرطع مائة باوند 
من خلال الاستفادة من موضعه. باختصارء يجب أن يصاحب الهوى حكمٌ ما 
مزیف» حتى يكون غير معقول. وعندئت ليس الهوى بقول صحيح: غير معقول, 
بل الحكم. 

تعتبر العواقب واضحة؛ وطالما لا يمكن للهوى أبداً تحت آي معنىء أن يكون 
غير معقول؛ [1017] إلا عندما يؤسّس على فرضيّة مزيفة, أو عند اختيار واسطة 
غير وافية بالنهاية المختارة فمن المستحيل؛ للعقل والهوية أن يعارضا بعضهما 
بعضاً. أو أن يتنازعا على حكم الإرادة والأفعال. وك اللحظة التي نشعر فيها 
بزيف أي افتراض. أو بعدم كفاية أي واسطةء تخضع أهواؤنا لعقلنا من دون ن آي 
معارضة. فقد آرغب باي فاكهة على أن تكون ذات نكهة طيبة, لكن حالما تقنعنى 
بخطكي. تتوقف رغبتي. وقد أشاء القيام بأفعال معينة كوسائل للحصول على أي 
خير مستحب. لكن طالما أن مشيئتي لهذه الأفعال ثانويّة فقط؛ ومؤسسة على 
افتراض أنّها أسباب للأثر المستحب» فما إن أكتشف زيف الافتراض؛ حتى تصبح 
بلا فرق بالنسية إلي. 


-؟؟١م-‎ 


ومن الطبيعي بالنسبة إلى رجل؛ لا يفحص المواضيع بعين فلسفيّة صارمة, 
أن يتخيّل تساوي أفعال العقل هذه بصورة كليّة. إذ إِنّها لا تولّد إحساسات 
مختلفة. ولا هي متمايزة تمايزاً قريباً للشعور والإدراك الحسي. فالعقل على 
سبيل المثال, يفني نفسه من دون أن ينقل آي انفعال محسوس, وياستثناء الخطاب 
الأكثر جلالاً للفلسفة:؛ أو النكات الدقيقة والعابثة للمدرسيين. من النادر أيداً أن 
ينقل العقل آي إزعاج أو لذة. وينشأ من هنا الخلط بين أفعال الذهن التي تعمل 
بالهدوء والسكينة نفسهاء ايا كانت» وأفعال العقل» التي تحكم على الأشياء من 
أول نظرة أو ظهور- الآن من المؤكد وجود رغبات وميول معيّنة ساكنة؛ تود على 
الرغم من انها أهوام حقيقيّة: اتفعالاً صغيراً ب الذهن» وهي معروفة بأثارها أكثر 
من الشعور أو الإحساس المباشر يها وهذه الرغبات على نوعين؛ .١‏ إما غرائز 
معيّنة مغروسة أصلاً 4 طبيعتناء مثل الخيريّة والحفيظةء ومحبّة الحياة, 
واللطف بالأطفالء ۲. أو الشاهية العامة للخير, والصدود عن الشز, باعتبار ما 
هما ل ذاتيهما ليس إلأ. وعتدما يكون أي من هذه الأهواء ساكناً: ولا يسيب آي 
اضطراب ف الروح» ينسب بيسر كبير لتصميم العقل؛ ويتم الظنْ أنه ينشا من 
اللكة العقليّة نفسهاء التي يتم الحكم بهاء على حقيقة وزيف الأشياء. وتم 
الافتراض أن طبيعتها ومبادئها هي نفسهاء لأن احساساتها ليست مختلفة 
اختلافا واضحا. 

يوجد بالإضافة لهذه الأهواء الساكنة؛ التي تحدد الإرادة غالباًء انفعالات 
عنيفة من النوع ذاته؛ تملك بلمثل تآثيراً عظيماً على تلك الْلّكة العقليّة. [154] 
فعندما أتلقى أي أذيّة من شخص آخرء أشعر غالبا بهوى عنيف من الاستياء, 
يجعلني أرغب بعقابه والتسبب بالشرٌ له بالاستقلال عن كل اعتبارات اللدّة 
والمنفعة. بما هي لي. وعندما أُهدّد مباشرةٌ باي مرض ممض؛ تثور مخاوك, 
وتوجساتي» وصدودي إلى درجة كبيرة؛ وتولّد انقعالاً محسوساً. 

يتوضع خطأ الميتافزيقيين العام .ب نسب إدارة الإرادة بالكامل إلى أحد 
هذه المبادئ» وافتراض أن الآخر لا يملك أي تآثير. فغالباً ما يتصرف الرجال 
بشكل متعمّد ضد مصلحتهم؛ لأنْ السبب يكمن # أن مرأى الخير الأعظم 

“۱۹ - 


احتمالاً لا يؤثر فيهم دائماً. كذلك غالباً ما يقاوم الرجال مفعول الهوى العنيف ب 
الموالاة لمصالحهم وتخطيطاتهم. ولذلك ليس الكدر الحالي هو من يوجههم 
بمفرده. 4# العموم يمكننا أن نلاحظء أن كلا هذين المبدأين يشفلان الإرادة, 
وعندما يتناقضان, يشثْل الإرادة؛ المبدأ الذي يهيمن تبعاً للسمة العامة آو لطبع 
الشخص الحالي. وما ندعوه بقوة العقل؛ يتضمن هيمنة الأهواء الساكنة على 
العنيفة. على الرغم من أنّنا نلاحظ بسهولة؛: عدم وجود رجل ممتلك لهنم 
الفضيلة بثبات قويء بحيث لا يذعن أبداً. تحت أي ظرفء لتوسلات الهوى 
والرغبى. وتنشاً من هذا التغييرات 2 المزاج الصعوية الأعظم 4 البت بما يتعلّق 
بأفعال وقرارات الرجالء حيث يوجد تناقض بين الدوافع والأهواء. 


ىلآ 


الفصل الرايع 
أسباب الأهواء العنيفة 


لا يوجد ب4 الفاسفة موضوع للتأمل أكثر جمالاً من تأمّل الأسباب والنتائج 
المختلفة تلأهواء الساكنة والعنيفة. ومن الواضح أنْ الأهواء لا تؤثر على الإرادة 
بما يتناسب مع شدتهاء أو مع الاضطراب الذي تحدثه 2 المزاج» بل على 
النقيض؛ إذا صار الهوى: المبدأ الناظم للفعل لمرّة واحدة, والنزوع الغالب للروج 
لن يعود بإمكانه توليد أي هياج محسوس بصورة عامّة. فتكرار العادة وزخمها 
الخاص يجعلان أي شيء خاضعاً لهاء فتوجّه الأفمال والسلوك من دون ذلك 
الاعتراض والانفعال اللذان يصحبان بتلقائية كبيرة كل عصفة مؤقتة من الهوى. 
لذلك يجب أن نفرّق بين الأهواء الساكتة والضعيفةء وبين الأهواء العنيفة والقويّة. 
[105] لكن على الرغم من هذاء من المؤكد أنَّنا عندما نريد أن نتحكم برجل ماء 
لندفعه للقيام باي فمل؛ فإِنْ السياسة المفضلة عموماً هناء هي العمل على 
الأهواء العنيفة أكثر من الساكنةء كما يُفضل أن نجذبه من نزوعه الخاص أكثر 
من أن نأخذه مما يُدعى سوفياً عقله. كما يتوجب علينا أن نضع الموضوع ب 
حالات مخصوصة: تصلح لزيادة عنف الهوى. لأنّنا نلاحظء اعتماد جميع الأهواء 
على حالة الموضوع» وقدرة أي تغير 2 هذه الخصوصيّة على تغيير الأهواء 
الساكنة والعنيفة إلى بعضها بعضاً. وكلا هذين النوعين من الأهواء يقتفي آثر 
الخير. ويتجنب الشرء وكلاهما يتزايدان أو يتناقصان بزيادة أو نقصان الخير أو 
الشرٌ. ويتوضع الفرق بينهما 2 هذا الأمر فالخير نفسه؛ عندما يكون قريياً: 
يسبب هوی عنيفاً. بينما عندما يكون بعيدأ یولد هوی ساكناً فقط. وسنفحص 
هذا المبحث هنا حتى العمق لأنّه ينتمي بشكل صحيح للتساؤل الحالي المتعلّق 

-- 


بالإرادة. وسوف نتآمّل بعضأ من ظروف وحالات المواضيع التي تجعل الهوى 
.ساكناً أو عنيفاً. 
يرتد أي انفعال إلى الهوى الذي يصاحبه بصورة سهلة؛ على الرغم من 
اختلاف طبيعتهما اختلافاً أصلياًء حدً التناقض» الأمر الذي يعتير خاصيّة 
مميّزة للطبيعة الانسانيّة. ومن الصحيح أيضاًء لكي نصنع وحدة تامّة بين 
الأهواء. من المستلزم دائماً علاقة ازدواجيةء انطباعيّة وفكرية. حيث لا تكفى 
علاقة أحادية لذلك الغرض. لكن على الرغم من أن هذا قد أثبت بخبرة لا شك 
فيها؛ يتوجب أن نفهمه ضمن حدوده الحقّة وأن نشير إلى أن العلاقة المزدوجة, 
مستلزمة فقط لجعل الهوى الأول مولّداً لهوى آخر. لكن عتدما يتونّد هويّان 
. بأسباب منفصلة توأء ويحضران كلاهما © الذهن: فَإِنّهما يختلطان ويتحدان 
بسرعةء على الرغم من أنّهما لا يملكان إلا علاقة واحدة. وأحياناً من دون أي 
علاقة. إذ يبتلع الهوى الفالب الهوى المتدني؛ ويرده إلى نفسه هو. فالأرواح إذا 
أثيرت لمرّة: تقيّل اتجاهها التغيير بصورة سهلة. ومن الطبيعي أن نتخيّل حينها أن 
هذا التغيير يأتي من الوجدان السائد. فالصلة بين الأهواء أكثر قرياً ب نواحي 
,عديدة منها بين آي هوى وحالة استهتار. 
ل وعندما يقع شخص ما 2 الحب بشهيّة. تعتبر أخطاء ونزوات خليلته 
الصغيرة: وغْيْرتها ومشاكساتهاء حتى 4 وضعيّة الجماع؛ مهما تكن مزعجة وعلى 
علاقة بالغضب والبغضة؛ ذات وجود يعطي قوة إضافية للهوى السائد. ]1٠١[‏ 
كذلك توجد خدعة شائعة بين السياسيينء عندما يريدون التأثير على شخص ما 
لدرجة كبيرةء بأمر من أمور الواقع ينوون أن يعلموه به أولاً لإثارة قضوله 
يؤخرون بقدر ما هو ممكن إرضاء هذا الفضولء وبذتك يثيرون حيرته وضجره 
إلى الحدّ الأقصى؛ قبل أن يمنحوه تبصراً كاملاً بالمسألة. فهم يعرفون أنّ قضوله 
سيطوح به إلى الهوى الذي يخططون لإثارته. وسيساعد الموضوع 2 تآثيره على 
الذهن. مثلاً يُلهم الجندي المتقدّم إلى المعركة تلقائيّاً بالشجاعة والثقة بالنفس: 
عندما يفكّر بأصدقائه وزملائه الجنودء ويُرجم بالخوف والرعب» عندما يتأمّل 
عدوه. لذلك يقري الاتفعال الجديدء الناشيّ عن الحالة السابقةء الشجاعة 
تلقائياً. 2 حين يقوّي الانفعال نفسه الناشئ عن الحالة اللاحقة. الخوف 
- 


بواسطة العلاقة الفكرية. وتحويل الاتفعال الدوني إلى الانفعال الغالب. من ثم 
يكون الأمر كذلك 2 النظام العسكري. فاتّساق ورونق عاداتناء وانتظام أشكالنا 
وحركاتناء مع كل أبّهة وعظمة الحرب» تشجعنا وتحالفناء بينما ترجمنا المواضيع 
نفسها عند العدو بالرعب» رغم أنّها جميلة وبديعة بذواتها. 

يتحول الهويان. مهما يكونا مستقلين . تلقائيّاً إلى بعضهما بعضاً؛ إذا 
حضرا ‏ الوقت نفسه؛ وعندما يتموضع الخير والشرٌ 2 حالة كهذه؛ يسببان 
فيها انفعالاً خاصاًء بالإضافة للهوى المباشر من الرُغبى أو الصدود يكتسب 
الهوى الأخير قوة وعنفاً جديدين. 

ويحدث هذاء عندما يثير آي موضوع أهواء متناقضة؛ من ضمن حالات 
أخرى. فمن الملاحظ أن تعاكس الأهواء يسبب بشكل عام انفعالاً جديداً 2 
الأرواح» وينتج اضطراباً أكثر. مما يفعل اتفاق آي وجدانين ذوي قوة متساوية. 
ويتحول هذا الانفعال الجديد بسهولة إلى الهوى الغالب» ويزداد عتفه؛ إلى ما 
وراء الحنّ الذي كان سيصل إليه إذا لم تقابله معارضة. من ثم نرغب تلقائياً بما 
هو ممنوع, ونتلذذ بأداء أفعال معينة: لأنّها محرمة ليس إلآ. وفَلّما يقدر مفهوم 
الواجب على إخضاع الأهواء عندما تتعارض؛ وعندما يُقصر عن تلك المهمّة: فَإنّه 
يقوبها بالأحرى, بتوليد التعارض مع دوافعنا ومبادئنا. 

وينتج الأثر نفسه سواء أثار التعاكس من دوافع داخلية أم من عوائق 
خارجية. فالهوى يكتسب عموماً قوة وعنفاً جديداً ب2 كلتا الحالتين. [ ٠١١‏ ] 
فالجهود التي يقوم بها الذهن لتذليل العوائق؛ تثير الأرواح وتحرّك الهوى. 

ويملك الشك التأثير نفسه الذي للتعاكس. فتهييج الفكر والالتفافات 
السريعة التي يقوم بها من فكرة إلى آخرى» وتغاير الأهواء. التي يتبع بعضها 


بعضاً؛ وفقاً للأفكار المختلفة. كلّ هذا يولد هياجاً ب4 الذهنء وينقله بذاته إلى 
الهوى القالب. 


الأهواء. سوى أنّه يزيل ذلك الشك. الذى يقويّها. فعندما يُترّك الذهن لنفسه, 


حرفت 


يذبل مباشرة. ولكي يحافظ على حماسه. يجب أن يرف كل دقيقة بدفقة جديدة 
من الهوى. ويملك اليأس للسيب نفسه؛ تأثيراً مماتلاً. على الرغم من أنه 
مناقض للأمن. 

لا شيء ينعش أي وجدان إنعاشاً قوياء وهذا من الأمور المؤكدة ., أكثر من 
إخفاء جزء ما من موضوعه بإلقائه ع ظل؛ من نوع ما حيث يترك بعض العمل 
للمخيّلة. 4 انلوقت نفسه الذي يظهر فيه كافياً ليستهوينا لصالح الموضوع. 
فعلاوة على أن ذلك الغموض مصحوب دوماً بالشك: يستفرٌ الجهد الذي تقوم به 
الواهمة حتى تكمل الفكرة, الأرواح ويعطي الهوى قوة إضافية. 

ويوتّد اليأس والأمان الأثر نفسه؛ على الرغم من أنُهما مناقضان ليعضهماء 
لذا من الملاحظ أنْ الغياب يملك آثار متتاقضة. و9 الظروف المختلفة إما أن يزيد 
أو آن ينقص وجدانيّاتًا. لقد لاحظ دوق روشلييه(؟ la Rochefoucault‏ عل DUC‏ 
بحق أن الفياب يدمّر الأهواء الضعيفة. لكنّه يزيد من شدة الأهواء القويّة. مثل 
الريح التي تخمد شمعة, لكنها تعنّف النار. فمن الطبيعي أن يُضعف الغياب 
الطويل فكرتتاء وأن ينقص الهوى. لكن حيثما تكون الفكرة قويّة وحيوية جداً 
لدرجة تقدر أن تدعم فيها نفسهاء يزيد الكدر الناشيّ عن الغياب» الهوى ويعطيه 


فوة وعنفاً جديدين. 
07 5 
(1) لم نوفق إلى ترجمة هذه الشخصية (المترجم ) . 


ZINES 


الفصل الخامس 
آثار التعود 


لكن لا شيء يملك تأثيراً 2 تكبير أهوائنا وتقليلها على حدً سواء, 
وتحويل اللذة إلى الألم: والألم إلى اللذةء أكثر من التعود والتكرار. إذ يملك 
التعوّد أثرين أصليّين على الذهنء 2 تأمين التيسير [157] لإنجاز أي فعل أو 
أَفَهّمةَ أي موضوع؛ وفيما بعد تأمين الميل أو التزوع تجاهه. ومن هذا يمكننا أن 
نعلل كل آثاره الأخرى مهما تكن خارقة للطبيعة. 

عندما تضع الروح نفسها تحت التصرف عند إنجاز آي فعل؛ أو أفهمة أي 
موضوع» وهي غير معتادة على أي منهماء فإِنّها تجد انعداماً 4 مرونة الملكات, 
وصعوبة ب تحرّك الأرواح © اتجاهها الجديد. وتُعتيّر هذه الصعوية مصدراً 
للتعجب والدهشة:؛ ولكل الانفعالات التي تثور من شيء جديد» لأنّها تثير الأرواح» 
كما تعتبر هذه الصعوبة طيّبة جداً 4 ذاتهاء مثل جميع الأشياء التي تنعش الذهن 
إلى درجة معتدلة. لكن على الرغم من أن الدهشة طيّبة ‏ ذاتها, إلا نها لا تزيد 
من وجدانيّاتنا الطيبة فقطه بل أيضاً من وجدانيّاتنا المؤلة؛ لأنّها تضع الأرواح ب 
حالة هياج؛ تبعاً للمبدأ السابق: إن كل انفعال يسبق أو يصاحب هوى: يتحول إليه 
بسهولة. من ثم يصبح أي شيء ذا تأثير عظيم إذا كان جديداًء ويعطينا لَه أو ألا 
أكثر مماء بقول سديد ., لديه بالأصل. وعندما يعود الشيء الجديد إلينا بصورة 
متكررة. تضمحل البدعة. وتهمد الأهواء؛ وينتهي اندفاع الأرواح» حينئذ يمكن لنا 
استعراض المواضيع بسكينة أعظم من ذي قبل. 

يولد التكرار التيسير على درجات. وهذا بدوره ميدآ آخر من مبادئ الذهن 
الإنساني على قدر كبير من القوة. ومصدر ثابت للدّةء إذا لم يتعدى التيسير إلى 


هآ رسالة قي الطبيعة م - ٠١‏ 


ما وراء درجة محددة. ومن الملاحظ هنا أن اللدة. التي تثور عن تيسير معتدلء لا 
تملك الميل نفسه. الذي تملكه اللذة الناجمة عن الشيء الجديد؛ . تكبير 
الوجدانيّات المؤكة كما الطيّبة. إن لذّة التيسير لا تتألف من اضطراب الأرواح: 
بقدر ما تتألف من حركتها المنتظمّة: التي ستكون 2 بعض الأحيان قويّة جداً 
لدرجة أن تحول الألم إلى للذة؛ وتعطينا نكهة طيّبة مع مرور الوقت لما كان لا 
البدء خشناً وكريهاً. : 

كذلك مثلما يحول التيسير الألم إلى للّة: غالبا ما يحول اللدّة إلى ألم 
عندما يكون كبيراً جدأً. كما يقدر على جمل أفعال الذهن باهتة وواهنةء لدرجة 
لا تعود قادرة على دعمه أو نفعه. و الواقع. فَلّما تصبح المواضيع كريهة بالتعود. 
ما لم تكن هذه المواضيع مصحوية تلقائياً بانقعال أو وجدان ماء تم تدميرم 
بالتكرار المتردّد. إذ يمكن للمرء أن يتأمّل الغيوم. والسماوات. والأشجار, 
والحجارة. ]۱٦۲[‏ مهما تكررت تكرارا ترددياً» من دون الشعور أبداً بأي قرف. 
لكن عندما يصيح الجنس اللطيفء أو الموسيقى أو النديم الجيد. أو أي شيء. 
طبياً بصورة تلقائيةء من دون فرق؛ فإنّه يود بسهولة الأثر الوجداني المعاكس. 

لكن التعود لا يسهل فقط إنجاز آي فعل. بل بالمثل يؤمّن النزوع والميل 
نحوه؛ إذا لم يكن كريهاً بالكليّة. أو عاجزاً عن أن يكون موضوعاً لنزوع ما. وهذه 
هي العلّة 2 تقوية التعود لكل العادات الفاعلة وإضعاف العادات المتفعلةء وفقأ 
لملاحظة لفيلسوف سالف رفيع الشأن. فالتيسير يقطع قوة العادات المنفعلة, 
بجعل حركة الأرواح باهتة وواهنة. لكن © حالة الفاعليّة. تدعم الأرواح ذواتها 
بشكل كاف» ويعطيها ميل الذهن قوة جديدة: ويعطفها بقوة أكثر اتجاه الفعل. 


Ne 


الفصل السادس 
تاثير المخيّلة على الأهواء 


تملك المخيّلة والوجدانيّات اتحاداً قوياً ببعضهما بعضاً بصورة ملحوظة؛ إذ 
لا يمكن لشيء أن يؤثر على السابق؛ وأن يكون محايداً بالنسبة إلى اللاحق 
بصورة كلية. وحيثما تحرز أفكارنا عن الخير أو الشر حيوية جديدة؛ تصبح 
الأهواء أكثر عنفاًء كما تصبح مجارية للمخيّلة ب2 كل تغايراتها. ولن أحدد فيما 
إذا كان هذا ينطلق من المبدأ الذي ذكر أعلا أن أي انفعال مصاحب يتحول 
بسهولة إلى الغالب. فمن الكا2 لهد الحالي: امتلاكنا أمظة عديدة تثبت وجود 
هذا التأثير. الذي للمخيلة على الأهواء. 

تؤثر فينا أي لدّة معروفة لنا ؛ أكثر من آي لدّة أخرى نقرٌ أنّها أكثر رفعة, 
لدو حيث نقدر على تشكيل فكرة محدادة ومخصوصة 
عن الأولى؛ بينما نفهم الأخرى تحت التصور العام للدّة. فمن المؤكد آنه كلما 
ازدادت آي من أفكارنا عموميّة وعالميّةٌ: كلّما نقص تأثيرها على المخيّلة. وعلى 
الرغم من أنّ الفكرة العامة ليست شيئاً آخر غير فكرة خاصة تم تأمّلها من موقع 
معين, إلا أنها أكثر غموضاً بصورة عموميّة؛ وذلك لعدم تثبيث أو تحديد فكرة 
خاصة أبدأً. مَثلّنا بها فكرة عامّة. إلا واستّبدلت يأفكار خاصّة [1] أخرى 
بصورة سهلة؛ تفيد ب التمثيل على حد سواء. 

توجد حادثة مشهورة 2 التاريخ الإغريقي تفيد غرضنا الحالي. فقد أخبر 
تيموستولس!' وع1هماكنمرعط1 أهل أثيناء أنه قد شكّل خطة ستكون ذات نفع 
كبير للشعب» لكن يستحيل عليه إطلاعهم عليها دون فشل تنفيذهاءإذ إنْ نجاحها 


)١(‏ تيموستولس نحو 11١  570(‏ ق م ) من مشاهير القادة اليونان هزم الأسطول الفارسي ك 
معركة سلامين عام ( 8٠١‏ 1ق م) . مات منفياً . (المترجم) 
YY‏ 


يعتمد بالكليّة على السريّة التي يجب أن تمد بها.لكن أهل أثينا بدلاً من منحه 
سَلظة كاقلة للتصرف جما يزاء مناسيا: أمروه أن يوضل مخظظة إلى ازمنيصيي (© 
65 نعف الذي يملكون ثقة تامّة بفطنته وعقدوا العزم على الخضوع لرأيه 
بإعماء. وكانت خطة تيموستولس تقضي بإشعال التار سراً بك أسطول الحكومات 
اليونانيّة الذي كان قد احتشد 2 ميناء مجاورء وبتدميره دقعة واحدة ينال 
الأثينيون السلطنة على البحر من دون منازع. لكن ارسيتدس 5065قنف عاد 
إلى المحفل» وأخبرهم أن لا شيء أكثر نفعاً من خطة تيموستولس 0165اكتسعط1 ؛ 
لكن لا شيء أكثر ظلماً منها 2 الوقت نفسه: الأمر الذي حدا بالناس لرفض 
المشروع بالإجماع. 

يُعجب مورخ سالف ذو شهرة واسعة بهذه الحادثة من التاريخ القديم. 
كإحدى أكثر الحوادث ندرة التي يمكن رؤيتها ‏ مكان ماء يقول: "إن الذين قرروا 
أن المنفعة لا يجب أن تسود أبدأ على العدل هناء ليسوا فلاسقةء يَُسهل عليهم فز 
مدارسهم إنشاء أجمل ال مواعظ وأكشر القواعد جلالاً ب الأخلاقء إلا أن اهتمام 
الناس كافة ‏ الاقتراح الذي هدم لهم. هو الذي تأمّل الاقتراح من حيث أهميته 
للخير العام. والذي رفضه رغم ذلك بالإجماع؛ ومن دون ترددء لأنّه مناقض للعدل 
ليس إلآ". من جهتي لا أرى شيئاً خارق للطبيعة فيما سلف ذكره عن الأثينيين. 
كما آنْ العلل نقسها التي جعلت تأسيس هذه المواعظ الجليلة سهلاً جداً على 
الفلاسفةء تميل جزئياً لإنقاص جدارة سلوك هؤلاء الناس. إذ لا يوازن الفلاسفة 
أبدأ بين النفع والاستقامة؛ لأنْ قراراتهم عامّة ولأنّ أهوائهم ومخيّلاتهم لا تهتم 
آبداً بالمواضيع. وعلى الرغم من أن الأفضليّة 2 الحالة الحاضرة كانت مباشرة 
للأثينيين» إلا أنها عرفت تحت التصور العام للمنفعة, من دون أن تفهم بواسطة 
آي قكرة خاصة بهم وحدهم» لذلك امتلكت تأثيرأ أقل اعتباراً على مخيّلاتهم: 
]١75[‏ وإغواءً هَل عنفاًء مما لو كانوا على دراية بكلّ ملابساتهاء وال فمن 


. ق م ) قائد و سياسي أثيني اشترك 4 ممركتي سلامين و بلاتيا‎ ٤1۸ 540 ( ارسيتدس‎ )١( 
لقب بالصديق لنزاهته و تفانيه ل سبيل الوطن. (المترجم)‎ 
لم نوفق إلى ترجمة هذه الشخصية. ( المترجم)‎ . MONS.rolin . (۲) 
SEAS 


الصعب أن نفهم كيف أن الناس كافّة ظالمون وعنيفون كما هم الرجال عامّة؛ ومع 
ذلك تمسكوا بالعدل بالإجماع: ورقضوا أي منفعة قيمة. 

يعمل آي اغتباط تمتّعنا به مؤخراً. وما تزال الذاكرة نقيّة وقريبة العهد بهء 
على الإرادة بشدّة أكشر. من اغتباط آخر اضمحلّت آثاره واندرست تقريباً. من 
أين ينشأ هذاء إن لم يكن لأن الذاكرة 4 الحالة الأولى تساعد الواهمةء وتعطي 
مفاهيمها قوة وحيوية إضافيّة؟ إذ تمنح صورة اللدّة الماضية إذا كانت قويّة وعنيفة, 
كيفيات القوة والعنف هذه لفكرة اللدّة 2 الزمان المقبل؛ المتصلة بها بعلاقة التشابه. 

وتثير اللدّة المناسبة لأسلوب الحياةء الذي نرتبط بهء رغباتنا وشهواتنا 
آكثر: مما تفعل لدّة أخرى غريبة عنه. وتجد هذه الظاهرة تفسيرها بالمبداً نفسه. 

ولا يقدر شيء على تشريب الذهن أي هوى؛ أكثر من حُسن البيان الذي 
يمثّل المواضيع بأكثر ألوانها حيوية وقوة. إذ ربما نعرف ا دواخاناء أن هذا الموضوع 
قَيْم وأنْ الآخر ممقوت. لكن حتى يثير الخطيب المخيّلة ويعطي القوة لهذه 
الأفكار. ئن تملك إلا تأثيراً ضعيفاً سواء أكان على الإرادة أم على الوجدانيّات. 

لكن حُسن البيان ليس ضرورياً على الدوام. شرأي الآخر العاري لاسيّما 
عندما يطبق بقوة الموى. سيؤدي لامتلاك فكرة الخير أو الشرٌ تأثيراً عليناء 
وتلك الفكرة كانت ستتبن بالكليّة لولا ذلك. وينشاً هذا من ميدأ التعاطف أو 
التواصل؛ والتعاطف كما لاحظت توأ ليس شيئاً آخر غير تحويل الفكرة إلى 
انطباع بقوة المخيلة. 

ومن الجدير بالملاحظة: أنّْ الأهواء الحيوية تصاحب عموماً مخيّلة حيويّة, 
وي هذا المجال؛ كما بے مجالات أخرى؛ تعتمد وة الهوى على مزاج الشخص» 
مثلما هي على طبيعة وحال الموضوع بالقدر نفسه. 

ولقد لاحظت للتوّ أن الاعتقاد ليس شيئأ آخر غير فكرة حيويّة متعلقة 
باتطباع حاضر. وهذه الحيويّة ظرف ضروري لإثارة كلّ آهوائناء الساكنة كما 
لعنيفة. حيث لا تملك قصص المخيّلة المجردة أي نفوذ معتبر على آي منهما. 
]١17[‏ فمن الضعف الكبير أن نتخن من الذهن معقلاً؛ أو أن نتصاحب بالانفعال. 


-979- 


الفصل السابع 
التجاور والتباعد في الزمان والمكان 


توجد علّة بسيطة وراء توجب أفهمة أي شيء مجاور لناء سواء أكان ذلك 
المكان آم ب2 الزمان. بحيويّة وقوّة خاصة بهء كما وراء تفوقه على آي موضوع 
آخر. بے تأثيره على المخيلة. إذ تحضرنا أنفسنا بصورة صميميّةء وأي كان ذلك 
الذي يتعلّق بالنفس فَإنّه سيشاركها تلك الكيفيّة. لكن عندما يتم إبعاد الموضوع 
بعيداً جد يفقد مزية علاقته, لماذا؟ لأنّه : تزايد بعدهء تتزايد فكرته ضعفاً 
وغموضاً الأمر الذي يتطلب ريما فحصاً أكثر خصوصية. 

لا تستطيع المخيلة أيدأً أن تنسى إشارات الزمان والمكان بالكامل؛ التي 
نوجد فيهاء بل إِنّها تستقبل إعلانات متكررة عنها من الأهواء والحواسء والتي 
مهما أدارت انتباهها إلى مواضيع بعيدة وخارجيّة؛ تبقى مضطرة كل نحظة لتأمّل 
الإشارات الحاضرة. ومن الملاحظ أيضاً: لدى أقيّمة هذه المواضيع: التي نشير 
إليها كمواضييع واقعيّة وذات وجودء آنا نأخذها ے ترتييها وأحوالها الصحيحة: 
ولا نقفز أبداً من موضوع لآخرء يبعد عنهاء من دون أن نتأمّلء على الأقل بطريقة 
مستعجلة: كلّ هذه المواضيع يع التي تفصل بينهما. لذلك عندما نتأمل أي موضوع 
بعيداً عن أنفستاء لا نضطر فقط للوصول إليه. آولاً بالمرور عبر المكان المتوسّط 
بين ذواتقا وبين الموضوع. بل نضطر أيضاً لاستئناف تقدمنا كلّ دقيقة؛ لأا 
نستدعي كل دقيقة أنفسنا وحالنا الحاضر إلى التأمئل. وندرك بسهولة أنّ هذا 
الانقطاع سوف يضعف الفكرة بقطع عمل الذهن. ويميق تركيز و استمرار الأفهمة: 
مثلما تكون عندما نتأمُل موضوعاً أكثر قرياً. فكلّما قلت الخطوات التي تقوم بها 


]د 


للوصول إلى الموضوع؛ وازدادت نعومة الطريق؛ هَل إحساسنا بانخفاض الحيويّة, 
لكنه يبقى ملحوظاأً بقليل أو بكثير بما يتناسب مع درجات التباعد والصعوية. 

سنتامل هنا إذن نوعين من المواضيع؛ المجاورة والبعيدة» حيث تقارب 
السابقة. الانطباع 2 قوته وحيويته بواسطة علاقاتها مع أنقسناء [ ١53‏ ] بك 
حين تظهر اللاحقة باهتة وأكثر نقصاًء بسبب اتقطاع طريقة أفهمتنا لها. وهذا 
هو تأثيرها على المخيّلة. وإذا كان تفسيري صحيحاًء يجب أن تملكا تأثيرأ على 
الإرادة والأهواء بما يتناسب معهما. فالمواضيع المجاورة يجب أن تملك تأثيراً 
أعلى درجة من تأثير المواضيع البعيدة والنائية. وبناء على ذلك نجد بج الحياة 
العامة أن الرجال يهتمون على الخصوص بالمواضيع. غير البعيدة جدأ ب المكان 
ولا ب2 الزمان. متمتعين بالمواضيع الحاضرة. و تاركين ما هو بعيد لضربات 
المصادفة والحظ. فإذا تكلّمت إلى رجل عما سيكون ظرفه بعد ثلاثين سنة 
اعتبارأ من الآنء لن يلتفت إليك. بينما إذا تحدثت عما سيحدث غداً؛ فسوف 
يميرك انتباهه. إذ يهمنا تحطم مرآة عندما يكون 4 البیت» أكثر من احتراق بيت. 
عندما يكون ذلك خارج القطر بعيداً بعدة مئات من المدن الحليفة. 

وعلاوة على ذلك؛ على الرغم من أن التباعد ب4 كلّ من الزمان والمكان ذو 
أثر كبير على المخيّلة؛ وبواسطة ذلك على الإرادة والأهواء, إلا أن عواقب الانزياح 
ك المكان أقلٌ من عواقب الانزياح ب4 الزمان. إذ إن عشرين سنة ليست بالتأكيد 
سوى تباعد صغير بے الزمان: بالمقارنة مع ما التاريخ عليهء وحتى مع ما قد يكون 
من الذكريات عند بعض الناس؛ وحتى إِنِّي أشك قيما إذا كان التباعد بألف 
مدينة حليفة قادراً على إضعاف أفكارنا ضعفاً ملحوظاً أو أن ينقص أهوائنا؛ أو 
حتى بأعظم تباعد # المكان يمكن لهذا الكوكب أن يستوعبه.. إذ سيخبرك تاجر 
من غرب الهند أنه ليس عديم الاكتراث بما يحدث 2 جامايكاء رغم قلّة الحوادث 
التي امتدت نتائجها بعيدأ ب4 المستقبل: حتى يخشى الحوادث البعيدة جداً. 

يتموضع سبب هذه الظاهرة بوضوح 2 اختلاف خاصيّات الزمان والمكان. 
إذ يمكن لأي شخص أن يلاحظ بسهولة أنّ المكان أو الامتدادء من دون أن 
يستفيث بال ميتافيزيقيا ٠‏ يتركب من عدد من الأجزاء المتعايشة والمعروضة بترتيب 
معين. ذات قدرة على الحضور أمام البصر أو الشعور ب2 الوقت نفسه. ب حين 

-- 


أنّ الزمان أو التوالي على النقيضء فعلى الرغم من آنه يتركب بالمثل من أجزاء: 
إلا أنه أبدأ لا يقدم لنا أكثر من جزء واحد ب4 كل مرة؛ وليس ممكناً لأي جزأين 
منه أن يوجدا معاً. وتملك كيفيّات هذه المواضيع تأثيراً على المخيلة يتناسب مع 
كل منها. إذ تقبل أجزاء الامتداد الاتحاد أمام الحواس قبولاً شديداًء وتكتسب 
على أساس ذلك الاتحاد 4 الواهمة؛ ويما أنْ ظهور جزء واحد لا يستبعد ظهور 
جره خو يشير اتتفال أو مرون الفكى عب الأجراء التجاورة بواشظة ذلك الكل 
نعومة وسهولة. ومن جهة أخرى نجد أن التنافر بين أجزاء الزمان ب وجودها 
الحقيقي يفصلها 2 المخيلة. [114] الأمر الذي يزيد على تلك اللّكة العقليّة من 
صعوية تمصب أثر أي متوالية أو سلسلة طويلة من الأحداث. إذ سيظهر كل جزء 
منفرداً ووحيداً؛ ولا يستطيع أن يمتلك مدخلاً نظامياً إلى الواهمة من دون أن 
يُبعد ما يفترض أن يكون جزآه السابق مباشرة. وبهذا يسبب أي تباعد 4 الزمان 
انقطاع © الفكر أعظم مما يسببه تباعد مساو ب4 المكانء وبالنتيجة يضعف 
الفكرة بصورة كبيرة, والأهواء بالمحصلة كونها تعتّمد بدرجة كبيرة على المخيّلةء 
وفقاً لنظامي. 

توجد ظاهرة أخرى من طبيعة مشابهة للظاهرة السابقةء أي: النتائج 
الفُضلى للتباعد 2 المستقبل على نتائج التباعد نفسه بذ الماضي. ويجد هذا 
الاختلاف تفسيره من جهة الإرادة بسهولة. بما أنّه لا يمكن لفعل من أفعالنا أن 
يغير الماضيء فليس غريياً أن يعجز عن تحديد الإرادة أبداً. لكن من جهة الأهواء 
مايزال السؤال على حاله؛ وعلى الأرجح يستحق الفحص. 

نملك بالإضافة لنزعة التقدم تدريجياً عبر إشارات اكان والزمان, 
خصيصة أخرى 4 منهج تفكيرناء تتضافر معها لتوليد هذه الظاهرة. إذ نتتبع 
دائماً التوالي الزماني 2 ترتيب أفكارناء ونمرٌ من التأمل باي موضوع إلى 
الموضوع الذي يأتي بعده مباشرة؛ بسهولة أكبر من المرور إلى الموضوع الذي 
مضى قبله. ونتعلّم هذاء من ضمن أشياء آخرى. من النظام الملحوظ دوماً ب 
الروايات التاريخيّة. إذ لا يقدر شيء غير الضرورة المطلقة على إجبار المؤرخ على 
كسر نظام الزمان؛ ومنح الأسبقيّة 2 روايته لحدث هو ب4 واقع الأمر لاحق 
لحدث آخر. 


0 


ولن يطبق هذا بسهولة على السؤال الذي بين أيديناء إذا تأملنا ما قد 
لاحظته سابقاً. أن الحال الحاضر للشخص هو دائماً الحال الحاضر للمخيّلة, 
وأنّنا ننطلق من هناك إلى مفهوم أي موضوع بعيد. وعندما يكون الموضوع ب 
الزمن الماضء فإِنْ تقدّم الفكر 2 المرور إليه من الزمان الحاضر مناقض 
للطبيعة؛ مثل المسير من نقطة زمنيّة إلى تلك النقطة السالقة؛ ومن تلك إلى 
نقطة أخرى سالفة: بالتعارض مع المجرى الطبيعي للمتوالية. من جهة أخرى, 
عندما ندير تفكيرنا إلى موضوع 2 المستقبل؛ يجري وهمنا على طول التيار 
الزمني» ويصل إلى الموضوع بواسطة ترتيب ببدو طبيعياً على نحو عظيم؛ بالمرور 
دوماً من نقطة زمنية أولى [119] إلى نقطة لاحقة لها مباشرة. يُسعف هذا 
التقدّم السهل للأفكار المخيّلةء ويحملها على أذهمة موضوعها 4 ضوء أقوى 
وأكثر تماماًء منه عندما تُعاق على نحو مستمر 2 مرورناء ونجبر على مغالبة 
الصمويات الناشكة عن نزعة الواهمة الطبيعية. لذلك تملك درجة صغيرة من 
التباعد 2 الماضي تأثيراً أعظم. ب4 قطع و إضعاف الأفهمة . من درجة آكبر 2 
التباعد 2 المستقبل. ويشتق من هذا التأثير الذي لها على المخيلة. تأثيرها على 
الإرادة والأهواء. 

يوجد سبب آخرء يساهم مع الأول 4 الأثر نفسه. وينطلق من خاصية 
الواهمة نفسهاء التي نضطر بواسطتها إلى تعقّب متوالية الزمان بواسطة متوالية 
مشابهة من الأفكار. وعندما نتأمل انطلاقاً من الحالة الحاضرة نقطتين من 
الزمان متساويتين # البعد 2 المستقبل و2 الماضيء فمن الواضح أنْء علاقتهما 
بالحاضر متساوية تقريبأء إذا كان التأمل بشكل مجرد. لأن المستقيل سيكون ج 
وقت ما حاضراًء مثلما كان الماضي حاضراً ذات مرة. لذلك إذا استطعناء أن نزيح 
خاصية المخيلة هذه مسافة متساوية 2 الماضي وف المستقبل. فَإِنّها ستملك 
تأثيراً مشابهاً. ولیس هذا صحيحا فحسب» عندما تبقى الواهمة تة 
وتستعرض المستقبل والماضي من الحالة الحاضرة؛ بل أيضاً عندما تغيّر حالها 
وتضعنا 3 فترات مختلفة من الزمان. فمن الجهة الأولى. لدى افتراض آنا 
موجودون 2 نقطة من الزمان قاصلين بين الحال الحاضر وموضوع المستقبل, 


-15- 


نجد أنْ موضوع المستقبل يقترب مناء والماضي يتراجع ويصبح أكثر بعداًء لذا من 
جهة أخرى؛ لدى افتراض أنّنا موجودون 4 نقطة من الزمان فاصلين بين. 
الحاضر وال ماضيء هان الماضي يقترب إليناء ويصبح المستقبل أكثر بعداً. لكن 
بسبب خاصيّة المخيلة المذكورة أعلاه. نختار بالأحرى أن نت تقكيرنا على نقطة 
الزمان الفاصلة بين الحاضر والمستقبل. أكثر من أن نثيّته على نقطة الزمان 
الفاصلة بين الحاضر والماضي. إِذّنا نتقدّم أكثر مما نتخلّف بوجودناء ونتّبع ما 
يبدو متوالية زمانيّة طبيعيّة. منطلقين من الماضي إلى الحاضر. ومن الحاضر إلى 
المستقبل. لذلك لا يملك تباعدان متساويان ج الماضي والمستقبل» الأثرٌ نفسه 
على المخيّلة: وذلك لأنّنا نعتبر الأول ازدياداً مستمراً. والآخر نقصاتاً مستمراً. 
]1١[‏ وتحسب الواهمة سلفاً مجرى الأشياء. وتستعرض الموضوع ‏ ذلك 
الشرط؛ الذي يميل إليه؛ فضلاً عن ذلك الشرط, الذي يشار إليه بالحاضر. 


<< © 


“Fo 


الفصل الثامن 
استطراد في المبحث نفسه 


نكون هكذا قد فسرنا ثلاث ظواهر. بدت مهمّة للغاية. لماذا يضعف 
التباعد الأَهْهّمّة والهوى؟ ولاذا يملك التباعد الزماني تأثيراً آعظم من تأثير 
التباعد المكاني؟ ولماذا يملك التباعد 2 الزمان الماضي تأثيرأ أعظم من التباعد 
2 زمان المستقبل5 اما الآن فيجب أن نتأمّل ثلائة ظواهرء تبدو يطريقة ما 
مقلوب هذه الظواهر. لماذا يزيد التباعد الكبير من تبجيلنا و إعجابنا بالموضوع؟ 
وماذا يزيد التباعد الزماني إعجابنا أكثر مما يزيده التباعد تفسه 2 المكان؟ 
وأكثر إذا كان ب2 الزمان الماضي منه إذا كان 2 زمان المستقبل؟ وسوف تبرر 
طرافة الموضوع كما أرجو إطالتي الكلام عنه لبعض الوقت. 

عند البدء بالظاهرة الأولى: لماذا يزيد التباعد الكبير من تبجيلنا وإعجابنا 
بالموضوع؟ من الواضح أنْ مجرد النظر والتمعن بأي عظمةء سواء أكانت متوالية 
أم ممتدة يوسسع الروح ويعطيها بهجة ولدّة محسوسة: فتُسَبّر كل المواضيع مثل 
السهل الفسيح والمحيط والأبديّة والمتوالية من عدة عصور مواضيع مسليةء وتفوق 
آي شيء لا يتصاحب جماله» مهما كان. مع عظمة تناسبه. الآن عندما يتم 
ستحضار موضوع بعيد جداً إلى المخيلة؛ نتأمّل تلقائياً التباعد الفاصل؛ فنتلقى 
الغبطة المألوفةء لحصولنا بواسطة ذلك على بعض العظمة والجلالة. لكن عندما 
تمر الواهمة بسهولة من فكرة إلى أخرى متعلّقة بهاء وتنقل إلى الثانية كل الأهواء 
المشارة بواسطة الأولى. فَإِنٌ الإعجاب الموجّه إلى التباعد» ينتشر تلقائيًاً فوق 
الموضوع البعيد. ونجد على ذلك, أنه ليس من الضروري أن يكون الموضوع بعيداً 
نّا فملياً. لكي يشر إعجابناء بل يكفي. إذا استطاع بواسطة تداعي الأفكار 


اسلا 


الطبيمي .. أن ينقل فكرنا إلى تباعد عظيم» مهما يكن. إذ ستحسب الرحالة 
لعظيم؛ شخصاً خارقاً على الرغم من وجوده معنا ب4 الفرظة نفسهاء كذلك 
سنقدر الميداليّة الإغريقيّة داكماً على أنّها تحفة قيّمة رغم وجودها 4 خزانتنا. 
هنا. ينقل الموضوع فكرنا إلى التباعد؛ بواسطة انتقال طبيعي: بينما الإعجاب 
الذي يثور عن ذلك التباعد. [17/1] يقفل عاتداً إلى الموضوع: بواسطة انتقال 

يملك التباعد 2 الزمان تأثيراً أكثر تميزأ من تأثير التباعد 4 المكان. على 
الرغم من أنْ آي تباعد عظيم يولّد إعجاباً بالموضوع البعيد. فالتماثيل النصفيّة 
والنقوش القديمة ذات قيمة أكثر بكثير من الطاولات اليابانيّة. ولا داع لذكر 
الإغريقية والروماتيّة. فمن المؤكد أنّنا نشير بإجلال للكلدانيين والمصريين 
القدماء. أعظم مما نشير للصينيين والفارسيين المعاصرين: ونبذل جهوداً لا 
جدوى منها لتوضيح تاريخء أو تعيين أوقات حوادث الكلدانيين والمصريين: أكثر 
مما سيكلّفنا القيام برحلة نحو الصينيين والفارسيين؛ الذين نعلم يقيناً 
شخصيتهم وتمليمهم وحكومتهم. وسوف أضطر للاستطراد 4 الكلام؛ من أجل 
شرح هذه الظاهرة. 

يملك أي تحد» لا يثبطنا ولا يرهبنا بصورة كليّة تأثيراً معاكسا بالأحرى, 
الأمرالذى يعتبركيقيّة مميزة جدأً ب4 الطبيمة الإنسانيّة؛ إذ يُلهمنا بأبّهة 
وشمم أكثر من طبيعيين. فعند تجميع قواتا للتغلب على التحديء ننشّط الروح؛ 
ونعطيها سمواً لن تتعرف عليه أبداً بغير هذا. حيث تجعلنا المطاوعة غير شاعرين 
يقوانا؛ التي تحولها إلى قوى عديمة التفع: 2 حبن يوقظها التحدي ويستخدمها. 

ويعتبر. العكس أيضاً صحيحاًء فالتحدي لا يوسع الروح فقط؛ بل إن الروح 
عندما تمتائ بالشجاعة والشمم» تنشد التحدي بطريقة ما. 

Spumantemque Dary pecora inter inertia votis ! 


Optat aprum, aut fulyum descendere monte leonem” 


)١(‏ النص من اللغة اللاتينية و لم أوفق إلى ترجمته. (المترجم) 
-۳A-‏ 





ويعتبر ذلك الذي يدعم ويشقل الأهواء طيبأء مهما يكن وعلى النقيض. 
يصبح ذلك الذي يضعفها ويوهنها ممقوتاً عندناء مهما يكن. وبما أن التحدي 
يملك التآثير الأول 2 حين يملك التيسير التأتير الثاني فلا عجب أن يرغب 
الذهن بالسالفة. 4 أوضاع معيّنة: ويعرض عن اللاحقة. 

وتملك هذه المبادئ تاثيراً على المخيّلة مثلما تملكه على الهويّة. وحتى نقتنع 
بهذا نحتاج فقط لتأمل تأثير الأعالي والأعماق على تلك اللّكة. فأي ارتفاع 
عظيم © المكان يوصل نوعاً من الزَّهُوٌ أو الروعة إلى المخيلة ويعطي سمواً 
مزعوماً قوق هؤلاء الذين يتموضعون 2 الأسفلء والعكس بالعكس. فال مخيّلة 
الرائعة والقويّة تنقل فكرة الارتقاء والسمو. ومن هنا إِنّما ينشاء ريطنا فكرة 
الخير ]١77[‏ بطريقة ما أيَاُ كانت مع فكرة العلّىو وريطنا فكرة الشرٌ مع فكرة 
لانخفاض. إذ يقترض أن تكون السماء ب4 الأعلى: والجحيم 4 الأسقل. كما 
يدعى الوسواس النبيل بالملاك الرائع والراقي- Atque Udam Spernit Humum‏ 

Penna‏ ienteع۴u‏ وعلى النقيض ينمط التصور التافه والسوقي الانحطاط أو 
الخمئة من دون فرق. ويُدعى القلاح ارتقاءً؛ وتُدعى النائبة سقوطاً. ويشترط أن 
يتريع الملوك والأمراء على قمّة المصالح الإنسانية. بينما قيل إِنّْ الفلأحين 
والعاملين بالمياومة 2 أدنى المواضع. ولا تعتبر هذه المناهج بك التفكير والتمبير 
عن أنفسنا ذات عواقب قليلة الأهمية. كما يظن للوهلة الأولى. 

ينضح للحس العام كما للفلسفةء عدم وجود فرق طبيعي أو جوهري بين 
الارتفاع والاتخفاض, وآنْ هذا الفرق ينشاً فقط عن جاذبيّة المادة, التي تولّد 
حركة من الأول إلى الآخر. فالاتجاه نفسه الذي يُدعى © هذا الجزء من الكوكب 
ارتقاء: يسمّى هبوطاً 2 الموضع المقابل لنا على الطرف الآخر من الكوكب؛ الأمر 
الذي لا ينشأ عن شيء آخر سوى ميل الأجسام المتناقض. الآن. من المؤكد أن ميل 
لأجسام التي تشتغل شغلاً متواصلاً على أحاسيسناء يولد بالتعود ميلاً مشابهاً 
الواهمة؛ وذلك يكون عندما نتأمل أي موضوع ذو موقع مرتفع. حيث تعطينا 


)١(‏ النص من اللغة اللاتينية و لم اوضق إلى ترجمته. (المترجم) 
-۳4- 


فكرة وزنه نزوعاً لنقله من المكان الذي يتوضنع فيه إلى المكان الذي تحته مباشرة, 
وهكذا دواليك حتى نصل إلى الأرض التي تُوقف الجسم ومخيّلتنا على حد سواء. 
ولسبب مشابه نشعر بصعوبة © الارثقاء؛ ولا نمر من الدوني إلى ما يتموضع 
فوقه من دون نوع من اللأي. كما لو أن أفكارنا قد اكتسبت نوعاً من الجاذبيّة من 
مواضيعها. وكبرهان على هذاء آلا نجد أن التيسير الذي درس بقدر كبير ب 
الموسيقى والشعر, يُدعى وقعة أو إيقاع التناغم أو الدورء وأنْ فكرة التيسير 
توصل فكرة السقوطء بالطريقة ذاتها التي يولّد السقوط فيها التيسيرة 

لذلك طالما أن المخيّلة 4 الجريان من الأسفل إلى الأعلى؛ تجد تحديأ من 
كيفيّاتها ومبادئها الداخليّة؛ وطال ما أن الروح عندما ترتقي بالفرح والشجاعة, 
تنشد بطريقة ما التحديء وترمي نفسها بهمّة 2 أي موقع من مواقع التفكير أو 
الفعل؛ حيث تلتقي شجاعتها بالمادة لتغذيها وتوظفهاء مما يؤدي إلى قيام أي 
شيء: ينشئّط [177] وينعش الروح سواء أكان ذلك بدغدغة الأهواء أم المخيلة. 
بنقل هذا الميل للارتقاء تلقاتيّاً إلى الواهمة؛ ويجبرها على السير بعكس تيار 
أفكارها وتصوراتها الطبيعية. يناسب هذا التقدم الطّموح من ا مخيّلة مزاج الذهن 
الحاليء وبدلاً من أن تخمد الصعوية همته ونشاطه؛ تملك تأثيراً مناقضاً بتأبيده 
وزيادته. ولهذا السبب تقترن الفضيلة والعبقريّة والسلطة والثراء بالعلو والرضعة. 
مثلما يتحد الفقر والمبودية والجهالة مع السقوط والستفالة. وإذا كان الحال معنا 
كما يمكّله ميلتون" 3/1110 مشابهاً تحال الملائكة. من السقوط مشؤوم بالنسبة 
إليهاء والتي لا تقدر على الانحدار من دون مكابدة وإرغهام؛ فَإِنْ ترتيب الأشياء 
هذا سوف ينقاب كليّة, وسيظهر من حينها أن طبيعة الارتقاء والسقوط بذاتها 
مشتقة من الصعوبة والنزوع؛ وبالمحصلة كل أثر من آثارهما ينشا عن ذلك الأصل. 

ينطبق كل هذا بسهولة على السؤال الحالي؛ لماذا يولد التباعد الكبير 2 
الزمان إجلالاً للمواضيع البعيدة أعظم مما يونّده تباعد ممائل 2 المكان؛ لإنّ 
المخيلة تتحرك بصعوية 2 المرور من حصة زمنيّة إلى أخرى؛ أكبر متها ذ 


(1) لم نوق إلى ترجمة هذه الشخصية . (المترجم ) 
f‏ 


الانتقال عبر أجزاء المكان؛ وذلك لأنْ المكان أو الامتداد يبدو لأحاسيسنا متحداًء 
بينما يبدو الزمان أو المتوالية دائماً مكسراً ومقسّماأ. وعندما تقترن هذه الصعوية 
مع تباعد صغير فَإِنّها تقاطع وتضعف الواهمة؛ لكنّها تملك تأثيراً مناقضا بذ 
الإنزياح العظيم. فالذهن المرتقي بجسامة موضوعه. يزداد ارتقاء بصعوية 
الأفهمة؛ ولأنّه مكره على استتئناف جهوده © الانتقال من جزء إلى آخر ك 
الزمان؛ 2 كلّ لحظة. يشعر بمزاج أكثر جلالاً وشدة. ب4 الانتقال عبر أجزاء 
المكانء حيث تسيل الأفكار على طول الخط بسهولة ويسر. 4 هذا المزاجء تمنحنا 
المخيّلة المارّة, كالمعتاد. من تآمّل التباعد إلى منظر المواضيع البعيدة. جلالاً 
يتناسب ممهاء وهذه هي العلّة 4 اعتبار كل آثار أهل الأزمنة القديمة نفيسة جداً 
2 أعينناء وظهورها أكثر قيمة مما يحضر حتى من أقاصي أجزاء العالم. 

كما لاحظت أن الظاهرة الثالثة ستكون إثباتاً كاملاً للقول: لا يملك كل 
إنزياح 2 الزمان تأثيرأ 2 توليد الجلال والتبجيل. فنحن لا نقدر على تخيل أن 
ذريتنا سوف [ 174 ] يبذوتاء أو أن يعادلوا أجدادنا. وهذه الظاهرة هي الأكثر 
تميّزاًء لأنْ أي تباعد 4 المستقبل لا يضعف أفكارنا بالقدر نفسه لتباعد مماثل 
© الماضي. ورغم أن الانزياح 4 الماضيء عندما يكون عظيماًء يزيد من أهواثنا 
إلى أبعد مما يزيدها انزياح مشابه 4 المستقبل؛ إلا أنّ انزياحاً صغيراً يملك 
تأثيراً أعظم ‏ إنقاصها. 

نتموضع ب4 طريقتنا العامة 4 التفكير ب4 نوع من الموقف المتوسط بين 
الماضي والمستقبل» وتجد مخيلتنا نوعاً من الصعوية 2 الجريان على طول 
السابقء ويسراً ‏ تتيع مجرى الأخيرء وبالمثل تنقل الصعوية مفهوم الارتقاء وينقل 
التيسير المفهوم النقيض. من هنا نتخيل أن أجدادناء بوجه من الوجوهء أرقع درجة 
مثاء وان ذريتنا أحط درجة. ولا تصل مخيلتنا إلى الأول من دون جهد, 2 حين 
تصل بسهولة إلى الآخر, حيث يضعف الجهد الإدراك؛ عندما يكون التباعد 
صغيرأًء لكنّه يوسع وينمش المخيلة؛ عندما يتصاحب مع موضوع مناسب. ومن 
جهة أخرى» يساعد اليسر الواهمة عند الانزياح الصغيرء لكنه يقلع عن ذلك 
عندما يتأمل أي مسافة كبيرة. 


4 رسالة في الطبيعة م - ١‏ 


ولن يكون مستهجناً. قبل أن نترك هذا الموضوع عن الإرادة؛ أن نلخّص بك 
بضع كلمات» كل ما قيل بخصوصهاء لكي نضعه كله بدقة أكبر أمام عيني القارئ. 
ما نفهمه عموماً بالهوى؛ إنّما هو انفعال محسوس وعنيف 2 الذهن: عندما 
يحضر أي شر أو خيرء أو آي موضوع» يكون مناسباً بالتشكيل الأصلي ذلّكاتتاء 
لإثارة الشاهية. وتعتي بالعقل وجدانيّات من النوع السابق نفسه:؛ لكثها تشتغل 
بهدوء أكبر, ولا تسبب اضطراباً 2 المزاج» الأمر الذي يقودنا رويداً رويداً إلى 
الحكم عليها بصورة خاطئةء ويحملنا على الإشارة إليها كنتائج كَلّكاتنا الفكريّة 
ليس إلاً. وتتنوع آثار وأسباب هذه الأهواء العنيفة والساكنة على حد سواء بصورة 
كبيرةء وتعتمد بدرجة كبيرة على المزاج والطبع الخاصان بكل إنسان بصورة 
غرديّة. وبقول عام تملك الأهواء العنيفة تأثيراً قوياً على الإرادة أكبر من 
الساكنة؛ على الرغم من أثّنا نجد غالباً أن الأهواء الساكنةء عندما تؤيد بالتفكير 
وتؤازر بالعزيمة» من الممكن أن تسيطر على الأهواء العنيفة حتى 4 حركاتها 
الأكثر شدة. وما يثير الشك 2 هذا الأمر برمته. هو أنّ الهوى الساكن يمكن أن 
يتغير بسهولة إلى هوى عنيف: إما بتفير 4 المزاج أو بتغير 4 ظروف وآحوال 
الموضوعء [170] كما يحدث مثلاً عند اقتراض القوة من أي هوى مصاحبء 
بالتموّد أو بإثارة المخيّلة. وبناء على هذا الصراع بين الهويّة والعقلء كما يُدعى, 
تتتوع الحياة الإنسانيةء ويصير الرجال أكثر اختلافاً ليس عن بعضهم فقطء بل 
أيضاً عن ذواتهم باختلاف الأوقات. ولا تستطيع الفلسفة أن تفسئر إلا القليل من 
حوادث هذه الحرب؛ أي الأكثر عظمة وتأثيراً فقط, لذلك ستترك كل الأحداث 
الصغيرة والثورات الأكثر دقّة, بما أنّها تعتمد على سفاسف المبادئ الدقيقة التي 
لا تدركها. 


“e~ 


الفصل التاسع 
الأهوا اء المباشر: - 


نلاحظ بصورة سهلة. أن الأهواء المباشرة وغير المياشرة كلتاهماء 
ۆمان على الألم واللذة, وأنْ توليد اثر , وجداني من آي نوع؛ يستلزم حضور 

بعض الخير أو الشرٌ فقط. ويناءً على إزاحة الألم واللذةء تقع مباشرة إزاحة 
للمحبّة والبغضة: الزّْهُو والضعةء الرغبى والصدود؛ وإزاحة لمعظم انطياعاتنا 
الثانويّة أو التأمليّة. 

وتعتبر الانطباعات التي تنشا عن الخير والشرٌ نشوءاً تلقاتيّاًء مع القليل 
من التجهيز, أهواءاً مباشرة مثل الرغبى والصدودء القَمّى والفرح؛ الرجاء 
والخوف. وصولاً إلى العزم. إذ يجنح الذهن بواسطة غريزة أصليّة إلى توحيد 
ذاته مع الخير وتجنب الشرء على الرغم من إدراكه لهما كأفكار ليس إلا 
واعترافه بوقوع وجودهما ب4 فترة من الزمان المقبلء أيأ كانت. 

لکن على فرض وجود انطباع مباشر لاذ أو أليم: ينطلق من موضوع يتعلّق 
بأنفسنا أو بالآخرين؛ فإِنْ هذا لا يمنع النزوع أو الصدودء مع الانفعالات العاقبة. 
لكنه يثير بالتضافر مع مبادئ معينة قابعة # الذهن الإنساني الاتطباعات 
الجديدة من الزّهوٌ أو الضعة: المحبّة أو البفضة. ويبقى ذلك النزوع الذي يوحدنا 
مع الموضوع أو يفصلنا عنه مستمراً 2 العمل لكن مع الاقتران بالأهواء غير 
المباشرة, التي تثور من علاقة مزدوجة انطباعية وفكرية. 

وتعطي هذه الأهواء غير المباشرة بدورها قوة إضافية للأهواء المباشرة: 
وتزيد من رغبتنا أو صدودنا عن الموضوع. على اعتبار أنّها طيبة أو مزعجة دوماً. 
إذ يولد طقم من الملابس الجميلة لذة من جماله. وهذه اللدّة تونّد الأهواء 


E 


المباشرة أو انطباعات الرغبى والعزم. [17] أيضأء عندما يتم التمعن بهذه 
الثياب: بما هي منتمية لأنفسناء فَإِنْ العلاقة المزدوجة تنقل لنا عاطفة الزّهئء 
وهو هوى غير مباشرء واللدّة التي تصاحب ذلك الهوى» ترجع إلى الوجدانيّات 
المباشرة؛ وتعطي قوة جديدة لرغبتنا أو لعزمناء فرحنا أو رجاثنا. 

ويونّد الخير فرحا عندما يكون محققاً أو مرجحاً. ويثير الشر غم أو 
حزناً عندما يكون 4 الحال نفسه. وإذا كان الخير أو الشرٌ مُلتبساء طإنه يثير 
الخوف أو الرجاء» تبعأ لدرجات الشك على هذا الجانب أو على الآخر. 

وتثور الرُعَيى عن الخير بما هو خير بسيطء ويُشتق الصدود من الشر. 
كما تعبر الارادة عن تفسهاء عتدما يصاحب أي فعل من أفعال العقل أو المجسدء» 
الخير أو غياب الشر. 

وتثور الأهواء المباشرة بصورة متكررة من باعث أو غريزة فطريّة: لا يمكن 
تعليلها بشكل دقيق بالاضافة للخير والشنٌ أو بكلمات أخرى الألم واللذة ولدينا 
من هذا النوع. الرّغبى ك إيقاع العقاب بأعدائناء والرغبى .© السعادة 
لأصدقائناء والجوع؛ والشاهية الجنسيّة؛ وقليل من الشاهيات الجسديّة الأخرى. 
وتولّد هذه الأهواءء بقول صحيح .. الخير والشرء ولا تتطلق منهاء مثل 
الوجدانيّات الأخرى. 

ولا يبدو أنْ آياً من الوجدانيات المباشرة يستحق انتباهنا المخصوص, 
باستشاء الرجاء والخوف» اللذان سنسعى هنا لتفسيرهماء فمن الواضح؛ أن 
الحدث نفسه؛ الذي يولد بتحققه المثبت القَمّى أو الفرح يثير دوماً الخوف أو 
الرجاء؛ عندما يكون مرجحاً ومشكوكاً فيه فقط. لذلك لكي نفهم لماذا يصنع هذا 
الظرف غرقاً كبيراً كهذاء يجب أن نتأمل ما قد قدمته للتو ب الكتاب السابق 
والذي يتعلّق بطبيعة الاحتمال. 

ينجم الاحتمال من تعارض الحظوظ أو الأسباب المتغايرة» حيث لا يُسمح 
للذهن من خلالها آن يثبت على أي من الجهتينء بل يتتقل بلا انقطاع من جهة إلى 
أخرى؛ فيجبر ب اللحظة الأولى على اعتبار الموضوع موجوداًء وذ لحظة أخرى 
يقرر النقيض. إذ تتذيذب المخيّلة أو الفاهمة: سمها ما شثت» بين الأشكار 


RES 


المتعارضة: وعلى الرغم من أن إمكانية إدارتها إلى الجانب الأول غالبة أكثر من 
إدارتها إلى الجانب الآخر. إلا أنه من المستحيل عليهاء بعببب التعارض بين 
الأسباب والحظوظء أن تستقر على أي منهما. حيث تسود الحجج المؤيدة 
والحجج المعارضة للتساؤل بالتناوبءوالذهن الذي يستعرض الموضوع 4 ضوء 
مبادكه المتعارضةء[۱۷۷] يجد تناقضاً كبيراً يدمّر بالكليّة جميع الآراء اليقينيّة 
المعترف بها. 

افترض من ثم أن الموضوع: الذي نشك بواقعيّته, موضوع للرغبى أو 
للصدود؛ فمن الواضح» أن الذهن سيشعر بانطباع مؤقت من الفرح أو الحزن. 
تبعاً للجانب الذي يدير إليه نفسه؛ الأول أو الآخر. ما الموضوع الذي نرغب 
بوجوده. فإِنّه يمنحنا اغتباطاً. عندما نتأمّل الأسباب التي ولّدته ويثير للعلّة 
نفسها غم أو إزعاجاً بالتأمّل المعاكس؛ لذلك مثلما تنقسم الفاهمة 4 كل 
الأسئلة المرجّحَة بين إشارات النظر المتناقضة, تنقسم الوجدانيّاتء بالطريقة 
نفسهاء بين الاتفعالات المتعاكسة. 

الآن إذا تأمّلنا الذهن الإنسانيء من جهة الهويّة. سنجد آنّ طبيعته ليست 
من طبيعة الآلة الموسيقية المزماريّة التي تفقد الصوت: 4 سيرها وفق النوتات, 
مباشرة بعد أن يتوقف التنفس. لكنه بالأحرى يشبه آلة موسيقية وتريّة. حيث 
يستبقي الاهتزازء بعد كل طرقة؛ بعض الصوت الذي يندثر تدريجياً وعلى 
درجات صغيرة. وتعتبر المخيّلة رشيقة وسريعة بصورة حادة: ب4 حين تعتبر 
الهويّة بطيئة ومتململة؛ ولهذه العلّة: عندما يحضر أي موضوعء قادر على توفير 
تشكيلة من الأفكار للمخيلة: وأخرى من الانقعالات للهويّة: لن توند كل طرقة 
إشارة انفعائليّة منفصلة ومتميزة:؛ على الرغم من أن الواهمة قد تغيّر أفكارها 
بسرمة كبيرة» بل سيبقى الاتفعال الأول دائما مختلطاً ومركباً مع الآخر. 
ويهيمن هوى الفرح أو الأسى ‏ التركيبة تبعاً لما يجنح الاحتمال إليه. خيراً أم 
شرا لأنّ طبيعة الاحتمال تعني إلقاء عدد كبير من الأفكار أو الحظوظ على 
الجانب الأول؛ أو تكرار الهوى الأول وهو الشيء نفسه. لمدد كبير من المرّات؛ أو 
درجة عالية من ذلك الهوى: الذي تجمعث فيه الأهواء المشدّتة. ويعني ذلك 

ها 


بكلمات أخرىء أن العَمّى والفرح بتشابكهما بعضهما ببعضء بواسطة أفكار المخيّلة 
المتناقضة: يولد ان ياتّحادهما أهواء الرجاء والخوف 

ينطلق 2 هذا الصدد تساؤل فضولي جداً يتعلّق بتضاد الأهواء» وهو مدار 
بحشا الحالي. فمن الظاهر للعيان. عند حضور مواضيع الأهواء المتضادة بك 
الوقت نفسه؛ بجانب زيادة الهوى المهيمن (الذي تم تفسيره للتوٌء والذي يثور 
عموماً عند هرّها آو [ ۱۷۸ ] صدمها لأول مرة). يحدث أحياناً وقوع كلا الهويّين 
على التوالي» وعلى فترات زمنية قصيرةء وأحياناً يدمّران بعضهما بعضاًء ولا يقع 
أي منهماء وأحياناً يبقيان متحدين 2 الذهن. لذلك نتساءل باي حجة يمكننا أن 
نفسّر هذه التشكيلات؟ وما المبدأ العام الذي يمكتنا إرجاعها إليه؟ 

وتقع الأهواء المتضادة بالتناوب: عندما تثور من مواضيع مختلفة كليّة؛ لأن 
نقص العلاقة الفكريّة يفصل الانطباعات عن بعضها بعضأء ويعيق تعارضها. لذا 
عندما يُكرّب رجل بخسارة دعوى قضائيةء ويسعد لولادة ابن ته نجد أن الدهن 
المنتقل من الموضوع البديع إلى القاجع: بالرشاقة القادرة على إتجاز هذه الحركة 
أياً كانت؛ يلطّف سراً الوجدان الأول بالآخر؛ ويبقى بينهما 2 حالة من الحياديّة. 

ويتم بلوغ ذلك الموقف الساكن بسرعة أكبر. عندما يكون الحدث نفسه من 
طبيعة مختلطةء ويحتوي ‏ ظروفه المختلفة على شيء ما مناوئ وآخر مسعد. 
لاله بي تلك الحالة. يصبح كلا الهوييّن المختلطين مع بعضهما بعضاً بواسطة 
العلاقة. مدمّرين لبعضهما بعضاًء ومن ثم يتركان الذهن © سكينة تامّة. 

لكن على فرض. 4 المقام الثالث. أن الموضوع ليس مركباً من الخير والشرٌء 
بل تم تامله كموضوع محتمل أو غير محتمل» مهما تكن الدرجة: أعتقد 2 تلك 
الحالة؛ أن الهويين المتناقضين سيحضران كلاهما 2 الروح 2 الوقت نفسه: 
ويدلاً من تدمير وتعديل بعضهما بعضأًء سوف يتعايشان مع بعضهماء ويولّدان 
انطباعاً أو أثراً وجدانياً ثالثاً بواسطة اتّحادهما. إذ لا تقدر الأهواء المتضادة 
على تدمير بعضها بعضاًء إلا عندما تتصادم حركاتها المتضادة بصورة دقيقة 
وتتعاكس ب اتجاههاء وبك الإحساس الذي تولّده. ويعتمد هذا التصادم المستقيم 
على العلاقات الفكرية التي اشتقّت الأهواء منهاء ٠‏ وهو محكمء ٠‏ بكثير أو بقليل: 
تبعأ أدرجات العلاقة. وي حالة الاحتمال تترابط الحظوظ المتضادة إلى درجة 


-545- 


أنّهاء تُحدد ما يتعأق بوجود أو لا وجود الموضوع ذاته. لكن هذه العلاقة بعيدة عن 
أن تكون مُحكمة: طالا أن بعض الحظوظ تتوضّع علي جانب الوجود؛ والأخريات 
على جانب اللاوجود. إذ إِنَّها مواضيع متناقضة بجملتها. ومن المستحيل برؤية 
ثابتة واحدة أن تستعرض الحظوظ المتعارضة: والحوادث التي تعتمد عليهاء بل 
من الضروريء [ 175 ] أن تسير المخيلة بالتناوب من الأول إلى الآخر. فكل فكرة 
المخيّلة تود هواها الخاص: الذي ينحط على درجات؛ ويتبع باهتزاز محسوس 
بعد الطرقة. ويحفظ عدم التكاذؤ بين الأفكار الأهواء من التصادم على خط 
مستقيم؛ إذا جاز التعبير. حتى أن علاقتها تكفي لتخلط انقمالاتها الباهتة. وتبعاً 
لهذه الطريقة يثور الرجاء والخوف من اختلاف خليط الأهواء المتعارضة بين 
القَمّى والفرح: ومن اتحادهم واقترانهم الناقص. 

وبناءً على كل ما سبق يلف أحد الهويين المتضادين الآخر بالتناوب: 
عندما يتشآن عن مواضيع مختلفة: ويدمّر أحدهما الآخر بصورة متبادلة. عندما 
ينطلقان من أجزاء مختلفة من الموضوع نفسه: ويتعايشان: ويتخالط أحدهما 
بالآخر, عندما يتم اشتقاقهما من الاحتمالات أو الحظوظ المتضادة وغير 
المتناظرة. التي يعتمد عليها موضوع أي منهما. ويّرى تأثير العلاقات الفكريّة 
بوضوح 2 هذا الأمر برمته. فإذا كانت مواضيع الأهواء المتناقضة مختلفة 
بالكامل؛ فَإِنْ الأهواء تشبه شرابان متعاكسان 4# زجاجتين مختلفتين: حيث لا 
يملكان أي تأثير على بعضهما بعضاً. وإذا اتصلت المواضيع بشكل حميمي. فإِن 
الأهواء تشبه مادة قلوية وأخرى حمضية؛ ما إن تختلطان حتى يدمّران بعضهما 
بعضاً. وإذا كانت العلاقة أكثر نقصأء وتتألّف من الأفكار المتناقضة عن الموضوع 
نفسه» تشبه الأهواء الزيت والخلء اللذين لا يتحدان ولا يندمجان بشكل تام 
مهما اختلطا. 

وسنكون أكثر فاأكثر اختصاراً 4 براهينتاء طاما أن الفرضيّات المتملّقة 
بالرجاء والخوف تحمل برهانها دائماً معها. فقلّة من الحجج القويّة أفضل من 

تثور أهواء الخوف والرجاء عندما تتساوى الحظوظ على كلا الجانبين. 
ويستحيل اكتشاف تفوق جانب على آخر. و2 هذا الوضع لن تكون الأهواء 4 

¥ 


أقوى حالاتها؛ لأنّ الذهن عندها لا يملك إلا أساساً ضعيفاً ليعتمد عليه بل 
سيقذف بإهمال © أعظم شك ممكن. أضف درجة عالية من الاحتمال إلى 
جانب المُمّى. ترى حالاً ذلك الهوى ينشر ذاته على تلك التركيبة؛ ويصبغها 
بالخوف. وإذا زدت الاحتمال» وبواسطة ذلك زدت القَمّىء ساد الخوف أيضاً 
وأيضاًء إلى أن يصير 4 النهاية دون إحساس, مثلما يتناقص الفرح بتواصل إلى 
الحزن النقي. ويعد أن تكون قد أوصلته إلى هذا الموقف. أنقص الحزنء وفقاً 
للطريقة نفسها التي زدته بها بإنقاص الاحتمال على ذلك الجانب؛ [ 18١‏ ] 
وسترى أن الانفعال يتوضح كل دقيقة. حتى يتحول بطريقة غير محسوسة إلى 
الرجاءء الذي يسير ثانيةء تبعأ للطريقة ذاتهاء على درجات بطيئةء إلى الفرح 
مثلما زدت ذلك الجزء من التركيية بواسطة زيادة الاحتمال. أليست هذه براهين 
واضحة على أن أهواء الخوف والرجاء اختلاطات من القَّمّى والفرح» عندما تجد 
أن أي منهما يتفشى قليلاً أو كثيراً بما يتناسب مع رفعك أو انتقاصك لكميته. 
الآمر الذي يشبه البرهان؛ 2 علم البصريات؛ على أن الشماع الشمسي المتلون 
المازٌ من خلال موشورء إثما هو تركيب لشعاعین آخرين؟ آنا متأكد أنه لا الفلسفة 
الطبيعيّة ولا الأخلاقيّة تعترف ببراهين أقوى من هذه. 

ينقسم الاحتمال إلى نوعين. إمّا عندما يكون الموضوع بذاته ملتبساً ضعلا 
ويتحدد بالمصادفة. أو عتدما يكون الموضوع على الرغم من تحققه تو ملتبساً 
بالنسبة إلى مكلكتنا الحاكمة, التي تجد العديد من البراهين على كلّ جانب من 
التساؤل. ويسبب كلا هذين النوعين من الاحتمالات الخوف والرجاءء اللذين 
يمكنهما أن ينجما فقط عن تلك الخاصيةء التي يتفقان فيهاء ألا وهي الالتباس 
والتقلب التي يطلقانها على المخيلةء بواسطة التضاد بين الأفكارء الأمر المشترك 

يولّد الخير أو الشرّ المحتمل الرجاء أو الخوف بشكل عام؛ لأنّ الاحتمال 
يسبب تلقائياًء خليطاً مشابهاً ومَلتَّبساً من الهوى. لأنّه منهج متغاير ومتقلقل بذ 
استعراض الموضوع. لكن يمكننا أن نلاحظ أن أهواء الخؤف والرجاء ستثورء 
أينما تم إنتاج هذا الخليط من أسباب أخرى. حتى لو لم يكن هناك احتمالء 
الأمر الذي يجب أن نجيز له ليكون برهاناً على الفرضيّة الحاليّة. 


= A= 


ويوتد الشرّ الذي يدرك يالك كامر محتمل الوقوع؛ الخوف 2# بعض 
الأوقات بصورة فعليّة: خاصة إذا كان عظيماً جدأ. إذ لا يمكن للمرء أن يفكر 
بآلام وأوجاع مفرطة من دون الارتعاش» حتى لو كان 2 أصغر احتمال ممكن 
لخطر معاناتها. حيث تعوض عظمة الشرّ عن صفر الاحتمالء هذا من جهة 
ومن جهة أخرى نجد أن الإحساس متوتّب على نحو متساو كما لو أن الشر 
أكثر احتمالاً. وتملك نظرة واحدة أو لمحة على السابق؛ الأثر نفسه لعدة لمحات 
على الأخير. 

لكن الشرور التي تسبب الخوف. ليست الشرور المحتملة الحدوث فقط؛ بل 
تسببه حتى بعض الشرور المستحيلة, مثلاً عندما نرتجف على شفير الهاوية؛ على 
الرغم من علمنا آنا 4 أمان تام وأننا نحتفظ بها 2 قائمة اختياراتنا فيما إذا 
كنا سنتقدم خطوة أبعد. حيث ينشأ هذا عن الحضور المباشر للش الذي يؤر 
على المخيّلة بالطريقة ذاتها فيما لو كان محققاً. [141] لكنه يتقأّص مباشرة عند 
تصادمه مع التأمل ‏ أمننا الخاص؛ ويسبّب النوع نفسه من الهوىء مثلما تتولّد 
عن تضاد الحظوظ أهواء متضادة. 

تملك الشرور المحققّة. أحياناً التأثير نفسه 4 توليد الخوفء مثل الشرور 
المحتملة أو المستحيلة. لذا يرتجف الرجل المحبوس ك سجن قوي محروس بشكل 
جيد من دون أدنى وسيلة للفراره عند فكرة التعذيب بخلع المفاصلء التي حكم 
عليه بها. ويحدث هذا فقط عندما يكون الشرّ المحقق مريع و هائل؛ فهي الحالة 
التي يرفضها الذهن برعب رفضاً مستمراًء بينما تضغط هي باستمرار على 
الفكر. فالشرٌ راسخ هناك وموطّد: ‏ حين يعجز الذهن عن أن يطيق التركيز 
عليه. حيث يثير التقلّب والالتباس هناك الهوى بكثير من مظاهر الخوف نفسه. 

لا يثور الخوف أو الرجاءء عن الخير أو الشرٌ الملتبسين؛ من حيث وجودهما 
فقط؛ بل أيضاً من حيث نوعهما. هَبّ أن أحدهم علم من شخص. لا يمكنه الشك 
بمصداقيته. أن واحداً من أولاده قد قل فجاة فمن الواضح أنّ الهوى الذي 
سوف يسببه هذا الحدث, لن يستقر 2 غمى صرفة؛ حتى يحصل على معلومات 
مؤكّدة. بفقدان واحد من أبنائه فعلاً. فهنا يوجد شرّ محققء لكنْ نوعه غير 
محقق: وبالنتيجة نجد أن الخوف الذي نشعر به 2 هذه المناسبة يكون بلا أي 


-44- رسالة في الطبيعة م = ٠۷‏ 


صبفة من الفرح: ويثور من تقلّب الواهمة بين مواضيعها ليس إلا. وعلى الرغم 
من أن كلا جانبي السؤال يونّدان هنا الهوى نفسه. إلا أن ذلك الهوى لا يمكنه 
ألا ستقرار بعد؛ بل سيتلقى من المخيلة حركة مهتزة غير ثابتةء شبيهة به سببها 
كما 4 إحساسهاء باختلاط وتضارب القَمّى والفرح. 
يمكتنا انطلاقاً من هذه المبادئ تفسير ظاهرة 4# الأهواء: تبدو للوهلة 
الأولى خارقة للطبيعة؛ ألا وهي قبول الدهشة التغير إلى الخوف. كذلك خوفنا 
من أي شيء غير متوقّم. إذ تقول الخلاصة الأكثر وضوحاً لهذه الظاهرة: أنّ 
الطبيعة الإنسانية بالعموم هيابة؛ طالما أنّنا نستنتج مباشرة لدى الظهور المفاجنٌ 
لآي موضوع آنه موضوع شرير. ومن دون الانتظار حتى نفحص طبيعته: فيما إذا 
كانت جيدة أو سيئة, ترانا نتأثر أولاً بالخوف. أقول: هذه هي الخلاصة الأكثر 
وضوحاً؛ لكننا سنجدء بناء على فحص أوب 2 أنْ الظاهرة ستتعلل بخلاف ذلك. إذ 
تثير مفاجأة وغرابة المظهر تلقائياً هيجاناً 4 الذهن. مثل آي شيء لسنا 
مستعدين له ولا معتادين عليه. [165] ويونّد هذا الهيجان أيضاً بصورة.تلقائيّة 
محبّة المعرفة أو الفضول, الذي يصبح مزعجاً؛ لشدة عنفه الناجمة عن باعث 
الموضوع المفاجئ والقوي؛ ومشابهاً ‏ تقآبه والتباسه للإحساس بالخوف أو 
بالأهواء الناشئة عن اختلاط القَمّى والفرح. وترّد صورة الخوف هذه تلقائيّاً إلى 
الشيء ذاته؛ وتعطينا فهماً حقيقياً للشرء إذ يشكّل الذهن على الدوام أحكامه من 
مزاجه الحاضر أكثر مما يشكلّها من طبيعة مواضيعه. 
لذلك تملك كل أنواع الالتباس صلة قويّة بالخوف. حتى لو لم تسبب أي 
0 بين الأهواءء من خلال تعارض الأفكار والتأمّلات التي تقدمها لنا. إذ 
سيشعر الشخص الذي ترك صديقه المريض بجزع بناء على ذلك أكثر مما لو 
TOT‏ الرغم من أله قد لا يكون عاجزاً عن تقديم المساعدة له فقط, 
بل بالمثل عاجزاً عن الحكم على حالة مرضه. 4 هذه الحالة على الرغم من أن 
الموضوع الرئيس للهوى؛ ألا وهو حياة أو موت صديقه. ملتيس له 4 حالة 
حضوره وغيايه على حد سواء. إلا آله توجد آلاف الملابسات الصغيرة عن وضع 
وظرف صديقه. يبت العلم بها الفكرةء ويمنع ذلك التقلّب والالتياس: وهما حليفا 
الخوف الوثيقان. ويُعتبّر الالتباس حليفاً قريباً من الرجاء مثلما هو من الخوف, 


شاع وات 


من منظور واحد ب2 حقيقة الأمر. طالما أنه يكون جزءاً أساسا ‏ تركيبة الهوى 
السابق: لكن العلّة ب عدم إتحرافه لذلك الجانب» هي كون الائتباس مزعجاً 
بمغردهء ويملك علاقة انتطباعيّة بالأهواء المزعجة. 
وهكذا يزيد التباسنا باي ظرف زهيد يتعلّق بشخص ماء من مخاوفنا من 
موته أو تضرره. وقد لاحظ هوراس 10۸4٣۴‏ هذه الظاهرة. 
Ut assidens implumibus pullus avis‏ 
Serpentium allapsus timet,‏ 
Magis relictis, non, ut adist, auxili‏ 
Latura plus presentibus‏ 
لكي أمضي قدماً بهذا الميدأ عن صلة الخوف بالالتباسء وآلاحظ أن أي 
شك يولد ذلك الهوى على الرغم من عدم تقديمه لنا آي شيء على آي صعيد؛ إلا 
ما هو جيّد ومرغوب فيه. إذ تذهب العذراء ليلة دُخلتها إلى الفراش ملأى بالمخاوف 
والظنون ]۱۸١[‏ على الرغم من عدم توفّمها إلا اللدّة بأرفع أنواعهاء وما فد تاقت 
إليه طويلاً. لكن جدّة وعَظمة الحدث؛ واختلاط الرغبات والأشراح تريك الذهن 
بشدة حتى لا يعرف على آي هوی يثبّت نفسه؛ ولا من آین يثور اضطراب وعدم 
استقرار الأرواح؛ المزعج لدرجة ماء والذي ينحط تلقائيّاً نحو الخوف. 
لذلك نجد أن الذي يتسبب باختلاط أو تقلّب الأهواء.مهما يكن؛ مع 
الإزعاج باي درجة كانت يولد الخوف دائمأء أو على الأقل هوى شبيه به لدرجة 
لقد ألزمت نفسي هنا بفحص الرجاء والخوف 2 أكثر حالاتهما بساطة 
وتلقائيّةٌ. دون التمعن 2 كل التغايرات التي قد يستوعبانها من اختلاط الأفكار 
والتأمّلات المختلفة. فالإرهاب والذعر والدهشة والقلق وأهواء أخرى من ذلك 


)١(‏ هوراس (4.10 ق م ) شاعر لاتيني من أدياء العصر الذهبي صديق اغسطس وفرجيليوس. 
.له "فن الشعر" و "الهجائيات" و "الرسائل": والنص الموجود أعلاه من شعره بائلفة 
اللاتينية وللأسف لم أوفق إلى ترجمته . (المترجم) 

۴ ° 1_ 


النوع» ليست إلا ضروباً ودرجات مختلفة من الخوف. إذ من السهل أن نتخيّل 
كيف يقير الوضع المختلف للموضوع أو اللفتة المختلفة من الفكرء حتى الإحساس 
بالهوى. ويفسر هذا بالعموم كلّ التقسيمات الخاصّة بالوجدانيّات الأخرى. مثلما 
هو حال الخوف. فامحبّة تُظهر نفسها بمظهر اللطافة والصداقة والألفة 
والتقدير والنيّة الحسنة ومظاهر أخرى عديدةء هي 2 العمق الوجدانيات تفسها 
وتنشاً من الأسياب نفسهاء على الرغم من وجود تفاير بسيط» ليس من الضروري 
إعطاء أي تفسير مخصوص عنه. ولهذا السيب الزمت نفسي على طول الخط 
بالهوى الرئيس. 

ويعتبر الاهتمام بتجنب الإسهاب, هو نفسه سبب تنازلي عن تفسير الإرادة 
والأهواء المباشرةء كما تتبدى عند الحيوانات. طاما لا يوجد شيء أكثر وضوحاً. 
من أنّها من الطييعة نفسهاء ومن أنْها تستثار بالأسباب نفسهاء الخاصة 
بالمخلوقات الإنسانيّة. وقد تركت هذا لملاحظة القارئّ الخاصةء متمنياً عليه 
بالوقت نفسه أن يتأمّل القوّة الإضافيّة التي يهيها هذا التأمّل تلنظام الحالي. 


لانت 


الفصل العاشر 
الفضول أو محبّة الحقيقة 


أظن آنا لم نغفل أبدأًء لدى استعرا ضنا لأجزاء عديدة ومختلفة جداً من 
أجزاء الذهن الإنسانيء وتفسيرنا للعديد من الأهواءء أن نأخذ بعين الاعتبارءلرة 
على الأقل. أنّ محبّة الحقيقة. [184] كانت المصدر الأول لكل استقصاءاتاء 
لذلك سأكون مصيباًء قبل ترك هذا الموضوع: بإطلاق بعض التأملات 4 ذلك 
الهوى وإظهار أصله 2 الطبيعة الإنسانيّة. فهو وجدان من نوع غريب» سيكون من 
المحال معالجته تحت أي من هذه العناوين؛ التي تفحصيناهاء من دون خطر 
الإبهام والارتباك. 

تعتبر الحقيقة على توعين: فهي مؤلفة إمَا من اكتشاف تناسبات الأشكار: 
من حيث هي كذلكء أو من مطابقة أشكارنا عن المواضيع مع الوجود الفعلي لهذه 
المواضيع. ومن المؤكد أن الضرب الأسبق من الحقيقة؛ غير مرغوب فيه بما هو 
حقيقة ليس إلا ولا بما هو خلاصة خلاصاتناء التي تعطي اللدة لوحدها. لأن 
هذه الخلاصات صحيحة على حدّ سواءء عندما نكتشف تساوي جسمين بواسطة 
زوج من اليوصلات: أو عندما نتعلّمه من خلال الاستتباط الرياضي؛ وعلى الرغم 
من أن البراهين 4 الحالة الأولى استنباطيّة. و2 الحالة الأخرى محسوسة فقط» 
إلا أن الذهنء بقول عام: يرضى بتكا كء التاكيد 2 الحالة الأولى مع التأكيد ب 
الحالة الثانية. وك العملية الحسابيةء حيث كل من الحقيقة واليقين من الطبيعة 
نفسها؛ كما هو الحال 2 معظم العمليات الجبرية العويصة, لا يعد بقيمة اللدّة 
كشراًء إن لم تنتكس بالأحرى إلى الألم. الأمر الذي يبرهن بوضوح أن الاغتياط 
الذي نلقاه أحياناً عب اكتشاف الحقيقة؛ لا ينشأ عنهاء بما هي كذلك فقطء بل 
بما هي مزودة بكيفيات معيتة لا غير. 

ا 


وتعتبر العبقريّة والذكاء الموظفة #4 اختراع واكتشاف الحقيقة: الظرف 
الأول والأعظم قيمة وضرورة لجعلها طيّبة. فما هو بدهي وبسيط لا يكون قيماً 
آبدأء وحتى ما هو صعب بذاته. إذا توصانا إلى معرقته من دون صعوية؛ ومن دون 
أي جهد من الفكر أو ملّكة الحكم. لا ينال إل اهتماماً قليلاً. ومع محبتنا لتعقب 
البراهين الرياضيّة, لا نلق إلا القليل من التسلية من الشخص. الذي لا يُعلمتا 
أكثر من تناسبات الخطوط والزوايا. على الرغم من ننا وضعتا ثقتتا الكاملة بط 
کل من حكمه ومصداقيته. ضفي هذه الحالة يكفي امتلاك آذان صاغية لم 
الحقيقة. ولا نضطر آبداً إلى تركيز انتباهنا أو على إجهاد عبقريتناء التي تعتبر 
الأعظم لذّة وطيبةء من بين كل استعمالات الذهن الأخرى. 

إل أنّي أشك فيما إذا كان استعمال العبقرية كافياً بمفرده لإمتاعنا على 
نحو ذو قيمة؛ على الرغم ]١80[‏ من أنَّها المصدر الرئكيس لتلك الفبطة التي 
نلقاها ب العلوم. فالحقيقة التي نكتشفها يجب أن تكون على شيء من الأهميّة. 
إذ من السهل أن تتكاثر مشاكل علم الجبر إلى اللانهاية؛ وأن لا تكون هناك نهاية 
من آي نوع # اكتشاف تناسبات القطاعات المخروطية؛ ورغم قلّة الرياضيين 
الذين يشعرون باللدّة 2 هذه الأبحاث. إلا أنّنا نراهم يحولون انتباههم إلى ما هو 
أكثر فائدة وأهمية. لذلك السؤال الآن. ما الطريقة التي تشغلّنا بها المنفعة 
والأهميّةة تنشأ الصعوبة 2 هذه الخصوص من هنا فصاعداًء فقد استهلك 
العديد من الفلاسفة وقتهم؛ ودمّروا صحتهم. وبددوا ثرواتهم. © البحث عن 
حقائق كهذه. قدّروا أنها هامّة ومفيدة للعالم. على الرغم من أن سلوكهم وسيرتهم 
الكاملة؛ قد أظهرت أنهم لا يساهمون 2 أي نصيب ك الروح العامة ولا يهتمون 
بمصالح النوع الإنساني. فإذا اقتنعوا أن اكتشافاتهم ليست ذات عاقبة. فَإِنّهم 
سيفقدون كل تلدّذهم بدراساتهم بصورة كاملة؛ ويكون ذلك على الرغم من عدم 
اكتراثهم بتلك التتائج, الأمر الذي يبدو متناقضاً. 

يجب أن نقرٌ لإزالة هذا التناقضء بوجود رغيات وميول معينة؛ لا تمضي 
أبعد من المخيّلة, وأنها ظلال وصور باهتة للأهواء آكثر منها وجدانيّات حقيقيّة. 
لذلك على فرض أنّ رجلاً يقوم باستعراض تحصينات مدينة ماء ويتأمّل قواها 
ومزاياهاء الطبيعية والمكتسبة؛ ويلاحظ تراكيب وحيل الأبراج. والأسوار. والخنادق. 


جه*#- 


وأعمال عسكرية أخرى, فمن الواضع. آنه سيلاقي لذّة وغبطة ملائمين؛ يما أن 
كلا من هؤلاء مُحدّدٌ لبلوغ نهايته. وكلاً بنسبته. وبما أنْ هذه اللدّة تثور من المنفعة, 
وليس من شكل المواضيع» فلن تكون إلا تعاطفاً مع السكانء الذين وظفوا كل هذا 
الفن من أجل حمايتهم: على الرغم من احتمال؛ أن لا يحمل قلب هذا الشخصء 
كفريب أو كمدوء آي رقّة من أجلهم؛ أو حتى أن يتفكّر ببغضهم. 

وقد يكون الاعتراض على حقء بأنّ هذا التعاطف البعيد: خفيف جدأ حتى 
يكون أساساً للهوىء وأنّ الاجتهاد والمثابرة الكبيرين جداً» الملحوظين عادة عند 
الفلاسفة؛ لا يمكن اشتقاقهما أبداً من أصل وضيع كهذا. لكني أعود هنا إلى ما 
قد أشرت إليه تو بان لدَّة الدراسة تركب من عمل الذهن على الخصوصء ومن 
استعمال العبقريّة والفاهمة ج اكتشاف أو إدراك آي حقيقة. ]١81[‏ وإذا كانت 
أهميّة الحقيقة ضروريّة لإكمال اللدّة, فهذا ليس على أساس أنها إضافة قيمة: 
تجلب لنا المتعة من تلقاء ذاتهاء بل فقط لأنْها لازمة. بدرجة ماء لتثبيت انتباهنا. 
وعندما تكون 4 حالة إهمال وغفلة: لا يملك فمل الفاهمة نفسه تأثيراً عليناء 
ولا يقدر على نقل أي حصة من تلك الغبطة؛ التي تثور منهء عندما نكون ب 
مزاج آخر. 

وتلزم بالمثل درجة من النجاح 2 بلوغ النهاية: أو 4 اكتشاف الحقيقة التي 
نفحصها إلى جانب فعل الذهن» الأساس الرئيس للدّة. وعلى هذا الصعيد 
سأدلي بملاحظة عامّة. تفيد 4 مواضع عديدة: ألا وهيء عندما يتعقّب الذهن 
آي نهاية وهو هوَيّانء رغم أن ذلك الهوى ليس مشتقاً أصلاً من النهاية. بل من 
الفعل والتعّقب ليس إلا فإثنا نكتسب من مجرى الوجداتيّات الطبيمي اهتماماً 
بالنهاية نفسهاء ونتكدر عندما نقابل أي إخفاق 2 تعقبنا إِيّاها. وينشأ هذا عن 
العلاقة والاتجاه الموازي بين الهوييّن المذكورين أعلاه. 

ولتوضيح كل هذا عن طريق حالة مشابهة ألاحظ آنه لا يمكن أن يوجد 
هويّان يشبهان بعضهما بعضاً؛ أكثر من أهواء الصيد والفلسفة: مهما يكن 
التفاوت الذي قد يظهر للوهلة الأولى بينهما. فمن الواضح. أن لدّة الصيد نتركّب 
من فعل الذهن والجسدء والحركة: والانتباه؛ والصعوبةء والتشكك. ومن الواضح 


-هوه؟- 


كذلك؛ أنّ هذه الأفعال يجب أن تصحب بفكرة المنفعة. لكي تحظن باي تأثير 
علينا. فالرجل العظيم الثروةء والكثير البعد عن البخلء على الرغم من شعوره 
بلذة اصطياد الحجل والديكة البرية. لا يشعر باي غبطة ب4 اصطياد الغريان 
والعقعاق؛ وذلك لاعتباره أنّْ الأول شيء ملائم لمائدة الطهام؛ بينما الآخر غير 
نافع بالكليّة. وهنا من المؤكد. أن الفائدة أو الأهمية بذاتهاء لا تسبب أي هوى 
حقيقي» بل تطلب فقط لدعم المخيّلة؛ والشخص ذاته؛ الذي يتنازل عن ريح أعظم 
بعشر مرات بك أي موضوع آخر؛ يسره إحضار نصف دزينة من الدجاج البري أو 
الزقزاق للمنزل. بعد إنفاقه عدة ساعات 2 مطاردتها. ولجعل المضاهاة بين 
الصيد والفلسفة أكثر تماما نلاحظ على الرغم من أن نهاية فعلنا 2 كلا 
الحالين محتقرة # ذاتهاء [ ۱۸۷ ] إلا آنا نكتسب .4 حميّة القعل اهتماماً كبيراً 
بهذه النهاية؛ حيث نتكدر كثيراً عند آي إخفاق: ونأسف عندما نقوت لعبتناء أو 
عندما نخطىء 4 استنتاجاتنا. 

وإذا أردتا شبيهاً آخر لهذه الوجدانيّات: يمكننا أن نتأمل هوی القماں 
الذي يقدّم لدّة تقوم على مبادئ الصيد والفاسفة تفسها. فقد لوحظ أن لذدّة 
القمار لا تثور من الفائدة وحدهاء طلما ن العديد يتخلون عن ربح محقق من 
أجل هذه التسلية؛ ولا هي مشتقة من المقامرة وحدهاء طللما أن الأشخاص 
أنفسهم لا يتمتعون» عندما يلعبون من دون مقابل: بل شا عن كلا هذين السبيين 
المتحدين على الرغم من أنّهما لا يملكان أي تأثير کل على حدة. فهنا كما ہے 
مستحضرات كيميائيّة معينة, حيث ينتج مزيج سائلين صافيين وشفافين: سائلاً 
ثائكاً غبشاً وملوناً. 

يشثّل الاهتمام الذي نكنّه لأي لعبة: انتباهنا الذي لا نتمتّع من دونه سواء 
أكان 4 تلك اللعبة؛ أم 4 آي فعل آخر. وإذا انشغل انتباهنا رة فإِنّ الصعوية 
والتنوع: والانقلايات المفاجئة للحظء تهمنا بصورة متزايدة؛ ويثور اغتباطنا من 
ذلك الاهتمام. فالحياة الإنسانية تمثيليّة مضجرة: والرجال عمومأ ذوو طبائع 
كسولة جداً: إذ إن الذي يسليهم: يعطيهم أساساً لذّة محسوسة: حتى لو كان هوی 
ممزوجاً بألم. ويزداد الالتذاذ هنا من خلال طبيعة المواضيع؛ التي لكونها 
عقلانيّة, وذات مجال ضئيل: تشرع 2 الالتذاذ بسهولةء وتطيب للمخيلة. 


- 0 - 


وتمتد النظرية ذاتها التي تعلّل محبّة الحقيقة 2 الرياضيّات والجبر إلى 
الأخلاق والسياسة والفلسفة الطبيعية ودراسات أخرىء. لا نتأمّل فيها علاقات 
الأفكار المجرّدة: بل وجودها وصلاتها الفمايّة. لكن يوجد إلى جاتب محبّة العلم 
التي تُظهر نفسها ب العلوم فضول مغروس 2 الطبيعة الاتساتيّة: وهو هوى 
شتق مشتق من ميدأ مختلف بامرّة عن مبدأ محبّة العلم. إذ لبعض الأشخاص رغبى لا 
تشبع لمعرفة أفعال وظروف جيرانهم اليومية: على الرغم من عدم اهتمامهم بهم 
على الاطلاق؛ واعتمادهم بالكامل على الآخرين من أجل المعلومات؛ ضفي حالة 
كهذه لا يوجد مكان للدراسة أو للمثابرة. لذا دعونا نبحث عن علّة هذه الظاهرة. 
تم البرهان على نطاق واسع؛ أن الاعتقاد يؤثر 4 إحياء وتوطيد أي طكرة 
ك المخيلة. [184] ومنع كل أنواع التردد والالتباس فيهاء ب4 الوقت نفسه. وكلا 
هَّذين الظرفين مفيد. إذ أنّنا نثير اهتمام الواهمة من خلال حيويّة الفكرةء ونولّد, 
على الرغم من أنّه بدرجة أقل؛ اللدّة نفسها؛ التي تثور من هوى معتدل. وبما أن 
حيويّة الفكرة تمنح لدّة, فان يقينها المتحقق يمنع الشكه بتثبيت فكرة واحدة بعينها 
4 الذهنء وحفظه من التردّد 2 الاختيار بين مواضيعها. ويعتبر التفير المفاجئ 
والعنيف مزعجاً لناء مهما تكن المواضيع حياديّة بذواتهاء إذ إِنّ تغايرها يسبب 
الإزعاج؛ ويعتبر هذا الامو بدوره كيفيّة ب4 الطبيعة الإنسانيّة: بادية للعيان ب 
الكثير من المناسيات: ومشتركة بين الذهن والجسد. ويما أن طبيعة الشك ذاتها 
تسبب تغيراً 4 الفكر؛ وتتقلنا فجأة من فكرة لأخرى؛ فمن الواجب بالتالي أن 
تكون سببا للأئم. ويقع هذا الألم أساسأء عندما تثير منقعة الحادث اهتمامنا 
فيه. أو علاقته أو عظمته وجدته. ولن نتمكن من معرفة كل المسائل التي لدينا 
فضول عنها بے الواقع؛ كما آنا لن تثير فضولنا إلا بقدر ما تثير اهتمامنا. فإذا 
استرعت انتباهنا فكرة ما بقوة كبيرة وأثارت اهتمامتنا بشدة: كان ذلك كافياً حتى 
تزعجنا بتلونها وتقلبها. فمندما يصل غريب ماء إلى أية بلدة: لا يكترث بالمرة: 
لمعرفة تاريخ ومغامرات السكانء لكن ما إن يألفهم أكثر, ويعيش بينهم وقتاً أكير, 
حتى يكتسب الفضول نفسه الذي لأبناء البلدة. وعندما تقرأ تاريخ أمّة ماء نملك 
رغبى مستعرة 4 استيضاح آي شك أو مشكلة تحدث فيهاء لكننا نصبح غير 
عابئين بابحاث كهذه: عندما تكون أفكار هذه الأحداث مندرسة لدرجة كبيرة [149]. 


000-16 


قائمة بالمصادر والمراجع 


-١‏ ذيل الأمائي والثوادر: أبي علي اسماعيل ين القاسم القالي البغداديء طاء 
ج؟: بیروت» دار الكتب العلمية. 19957 

۲ - أساس البلاغة جار الله أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري؛ بيروت. 
دار الفكر. 1594 م. 

٣‏ -- التعريفات» علي بن محمد بن علي الجرجاني» تحقيق إبراهيم الابياريء 
مدينة 5 أكتوبردار البيان للتراث: (دت). 

-٤‏ الكليّات, لأبي البقاء أيوب بن موسى الكفوي. دمشق؛ منشورات وزارة الثقافة 
و الإرشاد القومي السوري 1541م. 

۵- لسان العربء ابن منظور. بيروت؛ دار صادرء (د ت). 

- الفروق ف اللغة, أبو هلال العسكري؛ طه؛ تحقيق لجنة أحياء التراث العربي 
ك دار الآفاق الجديدة؛ بيروت, دار الآفاق الجديدة 19/1م. ١‏ 

۷- القاموس العصري» الياس انطون الياس؛ وادوار الياس» ط ١٠ء‏ إنكليزي 
عربي:المطيعة العصرية؛ ۱۹1۸ م. 

۸- القاموس المحيط. لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي بيروت. دار 
الفکر. 1959م. 

4- المعجم الشامل خصطلحات الفلسفة: عبد المنعم الحفنيء ط ۴ القاهرة. مكتبة 
مدبولي» ۰ م 

-٠‏ معجم علم التفس. لماخر عاقل؛ إنكليزي . فرنسي ‏ عرييء بيروت: دار 
العلم للملايين:511ام. 

-04- 


-١١‏ معجم مصطلحات علم النفس. منير وهبة الخازن: (د م ) دار النشر 
للجامعيين: (د ت ). 

-١‏ المفني الكبيرء لحسن سعيد الكرميء إنكليزي ‏ عربي؛ بيروت. مكتبة لبنان. 
اقذام. 

۳“ أويزرمان: ت» و آخرون: موجز تاريخ الفلسفة؛ ترجمة توفيق إبراهيم سلوم: 
ط٣‏ ج ۱ء (د م( دار الجماهير العريية ومكتبة ميسلونء مم 

4- خلیل» حامد» مشكلات فلسفيّة. ط۲ دمشق» مطبعة جامعة دمشق؛ ۱۹۹۵م. 

6- ديكارت» رينيه: انفعالات التضس» ترجمة جورج زيتاتي» بيروت: دار المنتخب 
العرييء 515وام. 

1 کرم يوسف. تاريخ الفلسفة الحديثة: بيروت؛ دار القلم؛ ) دا ت . 

۷- لويس» جون» مدخل إلى الفلسفة؛ ط؛. ترجمة أنور عبد الملك. بيروت: دار 


الحقيقة, 340ام. 
LONGMAN, DICTIONARY OF CONTEMPORARY -١‏ 
ENGLISH, ENGLISH - ENGLISH, LIBRAIRIE DU LIBAN,‏ 


BEIRUT, 1984. 


۳ - 


فهرس المحتويات 





أولاً: جدوى البحث 
ثانياً: الظاهرة الإنسانية إقطاعياً . 
ثالث : الظاهرة الإنسانية برجوازياً Nea‏ 
رابعاً: الفلسقة الأمبيرية VSS‏ 
خامساً: نقد المنهج الأمبيري .. 
سادساً:اللاادرية عند هيوم .. 
سابعاً: عرض تحليلي للكتاب .. 
ثامناً: دراسة نقدية للكتاب 











ثانيا: ترحجمتي والمصطلح 


أولاً: ترجمتي . 








القتسم الثاني: الأهوا اع شم eba‏ وموم ل عد لعا داه وا و و RESEDA‏ 
الباب الأول: الزهو و الضعة ممه اط ووو ووه ده 46143 4 11و 1 1 
الفصل الأول: تقسيم المبحث [1[1[1[1[1[1[ز[1[1[1 [ز[ [ |[ Vee‏ 
الفصل الثاتي: الهو والضعة؛ موضوعاتهما وأمنبايهما OS‏ 


-- 





الفصل الثالث: من أين تشتق هذه المواضيع والأسياب . 
الفصل الرابع: علاقات الانطباعات والأفكار 0 
الفصل الخامس: تآثير هذه العلاقات على الزهو والاتضاع . 
الفصل السادس: حدود هذا النظام 1 2111111 






الفصل السابع: الرذيلة و القضيلة 1 
الفصل الثامن: الجمال والشوه E EC)‏ 
الفصل التاسع: المصالح والمعاسر الخارجيّة e‏ 
الفصل العاشر؛ الملكية والثروة 111111110111010 
الفصل الحادي عشر؛ محبة حسن السمعة e‏ 
الفصل الثاتي عشر: الهو والضعة عند الحيوانات AS‏ 


الباب الثاني: المحبّة والضعة بت ا E aA‏ 
الفصل الأول: مواضيع وأسباب المحبة والبغضة E‏ 
الفصل الثاني: تجارب تؤكد هذا النظام 5ه *#ظ5 
القصل الثالث: مشاكل محلولة موك 1 اه و لاه ل OE‏ 
الفصل الرابع: علاقات المحبّة es‏ 
الفصل الخامس: تقديرنا للثروة والسطوة eS‏ 
الفصل السادس: الخيرية والغضب RA‏ 
الفصل السابع؛ الرافة 1 1 1 331311160000101 
الفصل الثامن: الضفينة والحسد ا 
الفصل التاسع: اختلاط الخيرية و الفضب مع الرأفة والضفينة .. 
الفصل العاشر: الاحترام والازدراء aa ae‏ 
الفصل الحادي عشر: العشق ء أو الحب بين الجتسين as‏ 
الفصل الثاني عشر: المحيّة والبغضة عند الحيواتات 5100 





-- 





الباب الثالث : الأرادة والأهواء المباشرة 1111111111 
الفصل الأول: الحرية والضرورة ٠٠‏ 
الفصل الثاني: استطراد ب4 المبحث نقسه *ش*ظ1ظ1 
الفصل الثالث: دوافع الإرادة النافذة eases‏ 
الفصل الرابع: أسباب الأهواء المتيفة 2111101101018 
الفصل الخامس: آثار التعود SRR‏ 
الفصل السادس: نفوذ المخيلة على الأهواء a‏ 
الفصل السابع: التجاور والتباعد 4 المكان والزمان N‏ 
الفصل الثامن: استطراد .ف المبحث نفسه E‏ 
الفصل التاسع: الأهواء المباشرة EE‏ 
الفصل العاشر: الفضول أو محيّة الحقيقة . 


SAS Ras قائمة بالصادروالمراجع‎ 


- ۳ 





الطبعة الأول / ۲٠٠۸‏ 








2 [09090 


PupLIpUEX]V LIU LOGIE] Ks 2